فرضت عدة دول حظر تجول جزئي يضاف إلى حالة العزل التي أعلنتها في ظلّ استمرار انتشار فيروس كورونا واقتراب عدد المصابين به من مليون شخص حول العالم.
معظم الدول التي تشهد عدداً كبيراً من الإصابات بالفيروس، مثل فرنسا، تكتفي باستخدام أسلوب العزل الإلزامي (lockdown) فقط، ما يعني إغلاق كافة الجامعات والمدارس ودور العبادة والمقاهي والمطاعم والمسارح ودور السينما والنوادي الرياضية وغيرها من الأماكن غير الأساسية للحياة اليومية، والسماح للمواطنين للخروج فقط للضرورة، مع برهان على ضرورة الخروج، تحت طائلة الغرامة.
في منطقتنا، فرضت دول مثل سوريا ولبنان والعراق والأردن واليمن والإمارات والسعودية وليبيا حظر تجول جزئي، بالإضافة إلى تلك الإجراءات، ما دفع الكثيرين للاعتراض أو الاحاجاج على ذلك.
ووصف كثيرون هذه السياسة بأنها غير فعالة وذهب البعض إلى اعتبارها أكثر ضرراً من عدمها.
"لم اصطف بحياتي في طابور للدخول إلى المتجر سابقاً"، تقول يارا، طالبة ماجستير في جامعة حلب. "الآن، وبسبب حظر التجوّل، هناك طوابير جديدة تضاف إلى تلك القديمة، أمام الأفران ودوائر الدولة مثلاً، وهي في كل مكان".
وتضيف: "أعتقد أنه لو استمرينا في التعامل بشكل طبيعي كما في السابق، لكانت فرص انتقال العدوى بين الناس أقل بكثير".
مع الانتشار الواسع للمعلومات التي تفيد بأن فيروس كورونا أشدّ إيذاء لمن تخطّى 60 عاماً من العمر، أغضبت الكثيرين من السوريين صورٌ لمتقاعدين اصطفوا في طوابير طويلة لتقاضي رواتبهم
"لا يوجد حظر تجوّل في أي من دول أوروبا الغربية، رغم أن عدد الإصابات فيها أكثر بكثير من دول الشرق الأوسط، لأن ضرره أكبر من جدواه"، يقول لرصيف22 طبيب سوري مقيم في محافظة طرطوس.
ويضيف: "بدلاً من أن يوزّع الناس رحلاتهم إلى المتاجر على مدار 24 ساعة، يوزعونها الآن على 12 ساعة، ما يعني أن ضعف عدد الناس سيتجمّع في فترة السماح بالتجوّل، وتنشأ عن ذلك طوابير وازدحام وبيئة أنسب لانتقال العدوى".
في الحقيقة، فإن واقع الأمر هو أن الدول التي فرضت حالة حجر صحي تفرض أيضاً إجراءات أخرى للتخفيف من حركة الناس في الأماكن العامة وفي المتاجر. ففي فرنسا، يُمنع الخروج بدون أن يحمل الخارج ورقة يسحبها من موقع وزارة الداخلية ويكتب عليها سبب خروجه، وفي إيطاليا، جرى تقييد حق خروج المواطن من منزله، مثل أنه يحق له التوجه إلى السوبرماركت مرة واحدة أسبوعياً، ويُنظَّم ذلك أيضاً عبر أوراق تُسحب من موقع وزارة الداخلية، ويمكن لعناصر الشرطة المنتشرين التحقق منها. وهذه الإجراءات تضمن عدم حصول اكتظاظ في الأماكن العامة والمتاجر.
وتفرض الحكومة السورية منع تجوّل من السادسة مساءً حتى السادسة صباحاً، ومنعاً للتنقل بين المحافظات السورية من الساعة الثانية بعد الظهر إلى الساعة السادسة صباحاً، ما أدى بحسب بعض السكان إلى ازدياد الضغط خلال ساعات النهار عما كان عليه في الظروف الطبيعية أو قبل فرض حظر التجول.
"حتى لو فرضوا منع التجول على الجميع، أين فرض قواعد التباعد الاجتماعي في الشارع؟ وضمان مسافة آمنة بين الناس في الطوابير وداخل المحلات؟"
ومع الانتشار الواسع للمعلومات التي تفيد بأن فيروس كورونا أشدّ إيذاء لمَن تخطّى 60 عاماً من العمر، أغضبت الكثير من السوريين صورٌ لمتقاعدين اصطفوا في طوابير طويلة لتقاضي رواتبهم.
ووصف وزير الاقتصاد السوري السابق نضال الشعار المشهد بأنه "معيب ومشين ويرقى لأن يكون جريمة"، مخاطباً بسخط رئيس الوزراء السوري عماد خميس ووزير المالية مأمون حمدان، طالباً منهما صرف رواتب ثلاثة أشهر سلفاً للمتقاعدين.
وتفرض سوريا منع التجول بصرامة، إذ أعلنت وزارة الداخلية توقيف 345 شخصاً في يوم واحد لمخالفتهم القرار، وأحالتهم إلى القضاء المختص.
"حتى لو فرضوا منع التجول على الجميع، أين فرض قواعد التباعد الاجتماعي في الشارع؟ وضمان مسافة آمنة بين الناس في الطوابير وداخل المحلات؟" تتساءل يارا، وتقول: "أجزم بأن العودة إلى العزل فقط دونما منع تجول سيخفض الإصابات، وأعتقد أن حتى العودة إلى الحياة الطبيعية سيكون أنجع من منع التجول، رغم عدم تأييدي لذلك".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 4 أيامtester.whitebeard@gmail.com