"في اليوم العشرين نحرق الإطارات المطّاطية ليلاً، وفي الحادي والعشرين نرقص الدبكة من العاشرة صباحاً حتى العاشرة مساءً"، هكذا وصف شريف، أحد سكان محافظة الحسكة السورية، احتفالات عيد النوروز، ضاحكاً.
ويحتفل أكراد سوريا بعيد النوروز (يعني بالفارسية: اليوم الجديد) في 21 آذار / مارس من كلّ عام برغم تغيّر طبيعة هذا الاحتفال خلال العقود المنصرمة.
لكنّ الاحتفالات هذه السنة لن تكون بحجم سابقاتها، إذ حظرت السلطات المحلية التجمعات الكبيرة، ونهت عن السفر بين المدن، وأغلقت المطاعم والمقاهي والحدائق العامة، حرصاً على عدم انتشار فيروس كورونا في المنطقة.
الرئيس المشترك لهيئة الثقافة والفنّ في إقليم الجزيرة، إلياس إبراهيم سيدو، قال لرصيف22: "لطالما أصرّ الأكراد على الاحتفال بعيد النوروز، نظراً لأهميته الكبيرة، حتى عندما خضعوا لمضايقات النظام السوري قبل تشكيل الإدارة الذاتية".
ستكلّم راما وزوجها أقاربهما وأصدقاءهما هاتفياً، وربما يستقبلان أهل زوجها، "بعد أن يخلعوا أحذيتهم قبل الدخول ويغسلوا أيديهم فوراً،" قالت ممازحة
والإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها هي بمثابة حكومة أمر واقع إقليمية. وبرغم أن في جوهر الإدارة أحزاباً كردية، فإنها تصنّف نفسها كياناً غير قومي، لها رئيسان مشتركان، إمرأة كردية ورجل عربي، كما هو الحال في جميع المستويات الإدارية.
النوروز في زمن كورونا
درءاً لانتشار فيروس كورونا، أصدرت الإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها قراراً قضى بحظر التجوّل في مناطق سيطرتها بدءاً من 23 آذار / مارس.
ويسبق منع التجوّل، بحسب قرار الإدارة، منعٌ للحركة والانتقال "ما بين الإدارات الذاتية والمدنية وبين المدن الرئيسية داخل كل إدارة بدءاً من السبت".
"أعتقد أن هذا القرار جاء ليمنع الناس من مغادرة المدن إلى المناطق التي يعتادون التجمع فيها في كلّ سنة، احتفالاً بعيد النوروز"، قال شريف.
وأضاف: "خلال العامين الماضيين، فرغت المدن من سكّانها تقريباً إذ خرج عدد من العائلات للاحتفال في مناطق أخرى… أعتقد أنّه قرار جيد، سيُلزم الناس بالاحتفال على نطاق أضيق هذا العام، وهو ما يجب أن يحدث".
شريف، تحدث من مدينة القامشلي، الملاصقة للحدود التركية، والتي يزورها ليقضي العيد مع أقربائه، قال: "برغم الوضع، خرجت قبل قليل ورأيت إطارات مشتعلة ومظاهر احتفالية في الشوارع، لكن على نطاق أضيق من احتفالات السنوات الماضية".
"في اليوم العشرين نحرق الإطارات المطّاطية ليلاً، وفي الحادي والعشرين نرقص الدبكة من العاشرة صباحاً حتى العاشرة مساءً،" هكذا وصف شريف، أحد سكان محافظة الحسكة السورية، احتفالات عيد النوروز
وحرقُ الإطارات المطاطية هو من ممارسات بعض المحتفلين بعيد النوروز في سوريا، إحياءً لطقس إشعال النار المرتبط بتقاليد العيد. قال شريف: "هذا الفعل يتسبب بتلويث البيئة ويعارضه الكثيرون. استعاضت مدينة عامودا عن ذلك العام الماضي بإشعال الشموع على أطراف الطرق".
"نحن مضطرون لأخذ احتياطاتنا هذا العام"، قال سيدو. وأضاف: "ليس الاحتفال ممنوعاً، إنما تشير توصياتنا إلى إمكان أن يحتفل كل شخصٍ مع عائلته في حارتهم وأمام بيوتهم مثلاً… الناس مستاؤون من المرض، لكنّهم سيحتفلون برغم ذلك".
متحدثاً عن الأعوام الماضية، قال: "كنا نقيم في المدن مسارح تحيي فيها فرق فنية احتفالات العيد، أما هذه السنة، فستكون الاحتفالات على مستوى صغير".
قلق صحّي
راما، معلمة في مدرسة ابتدائية بمحافظة الحسكة، لن تخرج من المنزل هي وعائلتها أبداً. قالت: "سنتناول الغداء معاً ونحتفل بالعيد… ولكننا لن نخرج كما اعتدنا كل سنة للاحتفال مع الناس… أخشى على أولادي وأعتقد أن التجمعات أسهل فرصة لانتشار العدوى".
ستكلّم راما وزوجها أقاربهما وأصدقاءهما هاتفياً، وربما يستقبلان أهل زوجها، "بعد أن يخلعوا أحذيتهم قبل الدخول ويغسلوا أيديهم فوراً"، قالت ممازحة.
"العام الماضي، احتفل ولداي لأول مرة بعيد النيروز"، قالت راما عن ابنها ذي الخمسة أعوام وابنتها ذات الثلاثة أعوام. وأضافت: "ألبسناهما الزيّ التقليديّ ورقصا الدبكة مع الناس واستمتعا كثيراً… مع الأسف، لن نحتفل هكذا هذا العام".
عامل في منظمة صحيّة دولية قال إنّ إجراءات الإدارة الذاتية في محلّها، وإنه يشجع قرار حظر التجوّل "برغم أنّه كان من الأفضل أن يتّخذوه قبل الآن".
"بعد تقييم وضع المشافي في الحسكة والقامشلي ومدن أخرى من إقليم الجزيرة، أستطيع القول إن المراكز الصحية في المنطقة ليست مؤهلة لانتشار جائحة فيروس كورونا فيها"، قال العامل الصحي الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه لا يملك تصريحاً بالتحدث إلى الإعلام.
وأضاف: "هناك ضعف في الموارد، والقدرة على استيعاب الحالات، بالإضافة إلى أن ثمة مستشفيات تخضع لسيطرة النظام السوري، وأخرى تخضع لسيطرة الإدارة الذاتية، وهذا ما يعقّد الأمور".
وختم العامل الصحي: "نعتقد بعدم وجود حالات في شمال سوريا وشرقها حتّى اللحظة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...