منعت السلطات في المغرب، في 14 كانون الأول/ ديسمبر، ندوة حقوقية كانت منتظراً أن تناقش واقع حقوق الإنسان في البلاد، بمناسبة الذكرى الـ71 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو ما اعتبره ناشطون "منعاً تعسّفياً ينتهك حرية التعبير".
وأغلقت السلطات في مدينة الدار البيضاء فضاء عمومياً حجزته الهيئات المنظمة للندوة قبل أن تتفاجأ الأخيرة "بإغلاق أبوابه بأسلاك حديدية"، ما منعها من عقد الفعالية، وكل ذلك بدون تبرير "رغم استيفاء جميع الإجراءات القانونية، والحصول على الترخيص من قِبل السلطات"، حسب بيان للهيئة الديمقراطية لحقوق الإنسان.
واستنكرت الهيئة المذكورة ومعها الفيدرالية المغربية لحقوق الإنسان منع ندوتهما، والتي كانت تحمل عنوان "واقع حقوق الإنسان بالمغرب... إلى أين؟"، واعتبراه "إجهازاً على الحق في التجمع وحرية التعبير"، وحملتا المسؤولية للسلطات المحلية في مدينة الدار البيضاء.
وأكد مدير المُركّب الثقافي الذي كان سيحتضن الندوة عدم علمه بإغلاق الفضاء، حسب المصدر ذاته. والمركّبات الثقافية هي مؤسسات عمومية تابعة للدولة وتضم فضاءات مفتوحة أمام جمعيات المجتمع المدني والمنظمات لتنظيم الندوات وإقامة الفعاليات.
وقال الرئيس السابق للعصبة المغربية لحقوق الإنسان محمد الزهاري لرصيف22 إن منع الندوة الحقوقية "تعسفي وغير قانوني"، واعتبره حلقة جديدة في ما يشهده المغرب من "ردة وتراجع في حقوق الإنسان"، خاصة في ما يتعلق بالحق في التجمع، وتمكين الجمعيات من التواصل مع المواطنين في القضايا الحقوقية.
ومما أثار الاستغراب، حسب الزهاري، هو "مغادرة الإدارة للمركب وإغلاقه بالأسلاك وكأن الأمر يتعلق بفضاء غير عمومي"، مشيراً إلى أن "أمر إغلاق الفضاء في وجه الحقوقيين صدر عن السلطة المحلية"، ومعبّراً عن أسفه لهذا الحدث الذي "يؤكد استمرار التجاوزات الحقوقية في المغرب".
ويذكر أن محمد الزهاري كان من بين الشخصيات الحقوقية المشاركة في الندوة الممنوعة، بجانب كل من الأكاديمي خالد البكاري، والناشط سعيد بوزردة.
المنع... إجابة عن سؤال الندوة
وعبّر البكاري عن استيائه من المنع في تدوينة على فيسبوك، قال فيها: "المضحك المبكي أنهم لم يكتفوا بالمنع رغم أن المنظمين استوفوا جميع الإجراءات القانونية، بل أحكموا أيضاً إغلاق باب المُركب وإغلاقه بالسلك".
بينما اعتبر القيادي في جماعة العدل والإحسان حسن بناجح، المنع "جواباً كافياً عن السؤال الذي طرحه عنوان الندوة الحقوقية (واقع حقوق الإنسان بالمغرب إلى أين؟)".
وكتب الناشط الإعلامي عبد الرحمن فرح: "هذه الندوة التي انتظرناها لنتبادل وجهات النظر مع المحاضرين ومع الحضور الكريم تم منعها للأسف الشديد".
وأضاف مشيراً إلى لجنة النموذج التنموي التي أعلنها الملك محمد السادس قبل أيام: "يحدثوننا عن التنمية... عن أي تنمية تتحدثون إن كنتم مستعدون لإغلاق المركب بكامله لمجرد أن هناك أناس يريدون تجاذب أطراف الحديث في قاعة عمومية بعد أخذ الترخيص. عن أية تنمية تتحدثون وأنتم لا تريدون سماع غير أصواتكم؟".
وكان الملك المغربي قد عيّن في 12 كانون الأول/ ديسمبر، أعضاء "لجنة النموذج التنموي"، وهم سياسيون ورجال أعمال متنوعي الاختصاصات. ومن شأن هذه اللجنة تحديد نقاط الضعف التي تعاني منها الدولة وبناء نموذج تنموي خاص للبلاد، بالاستفادة من التجارب الأجنبية، وتقديم تقرير بهذا الشأن قبل 7 أشهر.
حقوق الإنسان في المغرب... صورة قاتمة
وكانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قد أصدرت في الـ10 من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، تقريراً عكس صورة قاتمةً للوضع الحقوقي في المغرب عام 2019، وقالت إن المدافعين عن حقوق الإنسان يتعرضون للتضييق، والتشهير، والمتابعات القضائية الانتقامية، وللمسّ بحرياتهم وحقوقهم.
منع ندوة حقوقية برغم الترخيص لها من قبل السلطات المغربية في مدينة الدار البيضاء... والرئيس السابق للعصبة المغربية لحقوق الإنسان: هذا ينضاف إلى ما يشهده المغرب من ردّة وتراجع في حقوق الإنسان
بعد منع ندوة حقوقية برغم الترخيص لها من قبل السلطات المغربية في مدينة الدار البيضاء، ناشطون: "يحدثوننا عن التنمية... عن أي تنمية تتحدثون؟"
وأضافت الجمعية في التقرير الصادر بالتزامن مع الذكرى الـ71 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أن "حرية تأسيس الجمعيات، وحرية التجمع والتظاهر السلمي، وحرية التعبير وحرية الصحافة تواجه اعتداءات متواترة وحصاراً ممنهجاً".
ولفتت المنظمة الحقوقية إلى عدد من انتهاكات حقوق الإنسان، منها ما تعلق بـ"القمع والاعتقال السياسي، والاعتداء على الحق في الحياة، والتعذيب والمعاملات القاسية التي تحطّ من الكرامة، والاختفاء القسري، والمنع العنيف للتظاهرات السلمية".
ومن الانتهاكات التي ذكرتها الجمعية عدم الكشف عن مصير المختطفين، والوفيات الناتجة عن التعذيب أو الإهمال في مراكز الاعتقال والسجن أو في المستشفيات، أو عن طريق إطلاق قوات الأمن الرصاص من دون احترام المعايير الدولية ذات الصلة.
ومن الانتهاكات أيضاً ما ارتبط بحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، وحرية المعتقد والضمير والوجدان، والحريات الفردية، بالإضافة إلى أوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان، وأوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والنقابية، والحق في الصحة والسكن.
أما من أبرز مظاهر الانتهاكات في عام 2019، حسب حقوقيّين، فكان تأييد محكمة الاستئناف في الدار البيضاء الحكم بـ20 سنة سجناً نافذاً بحق قائد حراك الريف ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق وآخرين.
وتراوحت الأحكام بحق باقي المعتقلين بين سنة و15 سنة سجناً، بتهم ارتبط بعضها بـ"المشاركة في تظاهرات غير مرخصة"، فيما كان البعض الآخر ثقيلاً مثل "المسّ بأمن الدولة".
كما رفعت المحكمة ذاتها الحكم الابتدائي على الصحافي توفيق بوعشرين، مؤسس جريدة "أخبار اليوم" المغربية، من 12 سنة إلى 15 بتهم "أخلاقية" في محاكمة، علّق عليها بوعشرين قائلاً: "لقد حرمت من كل ما يثبت براءتي، واعتقلت تعسّفياً، وتوبع جزء من دفاعي، كما تمت متابعة النساء اللواتي برأنني، ومُنعت عنّي بيانات الاتصالات التي تثبت مكاني"، مضيفاً: "إنها قضية حرية الرأي وحرية الصحافة التي ضحى جيل كامل من أجلها".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 3 أيامtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع