شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
بعد الحكم بسجن الريسوني… نشطاء يسألون عن تجارة الجنس والبيدوفيليا في المغرب

بعد الحكم بسجن الريسوني… نشطاء يسألون عن تجارة الجنس والبيدوفيليا في المغرب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 1 أكتوبر 201901:46 م

وسط ذهول المتابعين من الحقوقيين وأهالي المعتقلين، حكمت المحكمة الابتدائية بالرباط، مساء 30 أيلول/سبتمبر، على الصحافية المغربية هاجر الريسوني وخطيبها السوداني بالسجن عاماً مع غرامة مالية قدرها 500 درهم (833 دولاراً أمريكياً) لكل منهما.

والريسوني (28 عاماً) متهمة  بحسب القضاء المغربي بممارسة الجنس خارج الزواج مع خطيبها الأكاديمي والناشط الحقوقي السوداني رفعت الأمين، وبالإجهاض غير القانوني بمساعدة طبيبها محمد جمال بلقزيز الذي حكم عليه بالسجن عامين مع الغرامة المالية نفسها، بالإضافة إلى منعه من مزاولة مهنة الطّبّ سنتين بدءاً من تاريخ الإفراج عنه.

آخر كلمات الريسوني 

وعلى الرغم من نفي الريسوني التهم الموجهة إليها، والتأكيد أنها تزوجت من خطيبها في مراسم دينية وبعلم الأهل وكانا بصدد إشهار الزواج قبل القبض عليهما في 31 آب/أغسطس الماضي، أسست المحكمة حكمها على تهم "ممارسة الإجهاض بشكل اعتيادي، وقبول الإجهاض من طرف الغير، والمشاركة في ذلك، والفساد".
وكانت آخر كلمات هيئة المحكمة قبل النطق بالحكم أنها تعرضت "للظلم والتشهير" وألقت باللوم على النيابة المغربية التي "خرجت ببلاغ ضدي وأدانتني، وتمنيت لو أنها خرجت ببلاغ تدين التشهير بي في وسائل الإعلام وترفضه"، مبينةً أنه كان على النيابة العامة أن تتضامن معها كامرأة، وتقول كفى تشهير، وتحث وسائل الإعلام على انتظار الحكم.
وبينما انهمرت دموع أهل المدانين وزملائهم، رفع آخرون "علامة التّضامن" ليتجاوب معها خطيب الريسوني بابتسامة عريضة وردت عليها هي برفع "علامة السّلام" قُبَيلَ دخول الحافلة التي ستنقلها إلى سجن "العرجات" في إحدى ضواحي الرباط، فيما أشار الطبيب المتهم بإجهاضها بـ"قبضة النّصر".

"حكم جائر وانتقامي"

ومنذ اعتقال الريسوني وبداية محاكمتها التي استغرقت 4 جلسات حظيت بمتابعة حقوقية دولية ومحلية واسعة، لكن يرجح نشطاء ومنظمات أن القضية "مجرد تصفية حسابات سياسية" لأن الريسوني تعمل في صحيفة أخبار اليوم المستقلة التي تنتقد الدولة وسبق لهاجر أن نشرت تحقيقات في قضايا فساد. كما أنها ابنة شقيق زعيم سابق بحركة التوحيد والإصلاح، الجماعة الإسلامية المتصلة بحزب العدالة والتنمية الذي يقود التحالف الحاكم في البلاد حالياً.
وفور النطق بالحكم، قال عم آخر للريسوني هو رئيس تحرير "أخبار اليوم"، سليمان الريسوني، إن رأياً عاماً واسعاً دولياً ووطَنياً دان اعتقال هاجر واعتبره "اعتقَالاً انتقامياً، واعتقالاً لوضع حدٍّ لصحافية تنتمي إلى أسرة تحريرية وعائلة أصبحت تُزعِجُ السّلطات التي لم تعد تخفي هذا الأمر (انزعاجها)، عندما تتحرّش وتُشَهِّرُ بعائلتها قبل أن تُشَهِّرَ بها، وهو ما صار واضحاً".
وأشار سليمان إلى أنه توقع "أن تكون المحكمة أعقل وأحكم وأرحم مما رأينا، وأن تأخذ في الاعتبار المرافعات التي تمّت في الجلسة الأخيرة وفكّكت سندات الاعتقال وأسسه”. 
واعتبر أن الحكم "يسيء إلى سمعة المغرب" وأن "السلطات المغربية لم يعد يهمها أن يقال عنها إنها تعبث وتتعسف بحقوق الإنسان”. 
وقال الكاتب العام للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ابن عم هاجر، يوسف الريسوني، إن "هذا الحكم غير منتظر بعدما تقدّم به المحامون من مرافعات دحضت طروحات النيابة العامة. هو حكم أقلّ ما يمكن أن يقال بشأنه إنّه جانب الصّواب، وحكم جائر وظالم وانتقامي".
محامي الريسوني، عبد المولى الماروري، قال إن الحكم "خارج التّوقّعات"، لأن هيئة دفاعها توقعت البراءة استناداً إلى أن "جميع المعطيات كانت تؤكّد براءة هاجر" ملمحاً إلى أن "الحكمَ القضائي يَفترض وجود إجهاض في حين توجد أدلّة علمية على عدم وجود حتى الحمل. كما أنّ هناك مدوّنة الأسرة، التي تُنزِلُ الخطبة منزلة الزّواج في حالة وجود حمل".


منظمة العفو الدولية رأت أن الحكم "صفعة شديدة لحقوق المرأة"، وطالبت السلطات المغربية بـ"إلغاء إدانتها والأمر بإطلاق سراحها فوراً دون قيد أو شرط، وجميع المتهمين الآخرين في هذه القضية".
أما المدير العام للعفو الدولية بالمغرب محمد السكتاوي، فقد دعا، في منشور عبر صفحته على فيسبوك، إلى "مواصلة الحملة الدولية للمطالبة بإطلاق سراح الصحافية ومن معها، على الرغم من الأحكام التي قضت بها المحكمة الابتدائية بمدينة الرباط".
القيادي الإسلامي المغربي ورئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران قال لصحيفة أخبار اليوم إنه لم يكن يتوقع هذا الحكم الذي وصفه بـ"القاسي والمؤلم جداً"، مشيراً إلى أنه "غير مرتاح لمنطوق الحكم. وقعه كان كبيراً وغير منتظر".
محكمة مغربية تقضي بسجن الصحافية هاجر الريسوني وخطيبها السوداني عاماً بتهمتي "الفساد والإجهاض غير القانوني"... نشطاء مغاربة يعلنون الحداد عبر فيسبوك ومنظمات حقوقية تندد به
دفاع الصحافية المغربية هاجر الريسوني يصف الحكم بسجنها عاماً بتهمة الإجهاض وإقامة علاقة "غير شرعية" بأنه "خارج التوقعات"، وعمها يؤكد أنه "عمل انتقامي لوضع حدٍّ لصحافية تنتمي إلى أسرة تحريرية وعائلة أصبحت تُزعِجُ السّلطات"


أما الكاتبة والناشطة المغربية الفرنسية ليلى السليماني فقالت: "كمواطنة (مغربية) وناشطة معنية بحق المرأة في التصرف في جسدها وفي دولة ديمقراطية، أشعر بحزن شديد لها (لهاجر) ولزوجها وللفريق الطبي الذي أدين".
وأضافت: "أنا أيضاً حزينة لأجل المغرب وعائلات المتهمين لأنني أعرف كم قد يكون هذا محطماً للأرواح".
وأكدت السليماني أن "الريسوني حُكم عليها بالسجن لسبب غير عادل، يتعلق بجسدها وبالعلاقة الحميمة. في العادة، يبدو لي أنه إذا كان هناك شيء واحد لدى الإنسان الحق في التخلص منه، فهو جسده"، لافتةً إلى أن هذا الحكم يعطي "رسالة مروعة للغاية" للشباب ولنحو 800 مغربية تجري عملية إجهاض يومياً في البلاد، معربةً عن خوفها من أن تصبح تلك العمليات التي تجرى بشكل غير رسمي "أكثر خطورة وانتشاراً".
وكانت السليماني قد أطلقت عريضة بالفرنسية "ضد شرطة الأخلاق وللمطالبة بإضفاء الشرعية على الإجهاض"، وقعها 490 مغربياً ومغربية، ونشرت على صفحة جريدة لوموند الفرنسية في 23 أيلول/سبتمبر بالتزامن مع انعقاد الجلسة الرابعة لمحاكمة الريسوني. 

حداد شعبي على فيسبوك

وعبر فيسبوك، المنصة الاجتماعية الأكثر انتشاراً في المغرب، أعرب العديد من النشطاء المغاربة عن غضبهم من الحكم ووصفوه بـ"العار" بتداول وسم الحرية لهاجر مع تغيير صور حساباتهم الشخصية إلى اللون الأسود تعبيراً عن الحداد والحزن.
وفيما أكد بعض هؤلاء أن الحكم "غير مقبول"، تساءل آخرون عن سبب سرعة القضاء في هذه القضية في حين أن جرائم البيدوفيليا والاتجار بالجنس منتشرة في البلاد ولا تجد من يواجهها.
وبالتزامن مع محاكمة هاجر، واستباقاً لتصويت البرلمان المغربي على مشروع القانون الجنائي، نظمت فدرالية رابطة حقوق النساء المغربية حملة تحت شعار "باركا (يكفي) من محاكم التفتيش... بغيت (أريد) قانون يحمي حريتي وحقوقي" بهدف إسقاط الفصول المجرّمة للحريات الفردية من القانون الجنائي.
وفي ندوة في إطار الحملة، مساء 30 أيلول/سبتمبر الماضي، وصفت المحامية المغربية فتيحة فتيحة شتاتو تجريم نصوص القانون الجنائي للحريات الفردية بـ"العنف التشريعي"، مؤكدةً أن "الممارسة بيّنت أنّ القانون الجنائي قاصر وعاجز عن احتواء العديد من الممارسات التي تجري يومياً في المغرب، مثل الإجهاض، برغم وجود فصول في القانون الجنائي تجرّمه".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image