شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
زين العابدين بن علي... مسيرة مليئة بالجدل قبل وبعد خلعه

زين العابدين بن علي... مسيرة مليئة بالجدل قبل وبعد خلعه

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 19 سبتمبر 201909:17 م

عن عمر ناهز الـ83 عاماً، توفي الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، في 19 أيلول/ سبتمبر، في منفاه الاختياري في السعودية التي فرّ إليها في كانون الثاني/ يناير 2011، عقب احتجاجات شعبية أطاحت به من الحكم.

محامي أسرة الرئيس التونسي الأسبق أعلن خبر وفاته في أحد مستشفيات جدة التي أدخل إليها في 12 أيلول/ سبتمبر بعد تدهور حالته الصحية، وكان يعاني من "أمراض متعددة".

حكم بن علي 

ولد بن علي، في 3 أيلول/ سبتمبر 1936 في مدينة حمام سوسة الساحلية، وسط شرق البلاد، وشغل منصب رئيس الجمهورية التونسية منذ 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 1987 حتى 14 كانون الثاني/ يناير 2011، وكان الرئيس الثاني لتونس بعد استقلالها عن فرنسا عام 1956، عقب الحبيب بورقيبة.

قبل ذلك، شغل بن علي منصب رئيس الوزراء في تشرين الثاني/ أكتوبر 1987، قبل أن يتولى الرئاسة بعد شهرٍ واحدٍ إثر انقلاب غير دموي. آنذاك، أعلن بن علي أن الرئيس بورقيبة عاجز صحياً عن تولي الرئاسة.

واصطلح على وصف ما قام به الرئيس المخلوع بـ"الانقلاب الطبي"، فيما اعتبره هو في مقابلة تلفزيونية عام 1988 "عملية إنقاذ وطني"، مشيراً إلى أن "الرئيس (بورقيبة) كان مريضاً ومحيطه كان صاحب تأثير سيئ".

ورغم أنه حكم تونس بقبضة من حديد طيلة 23 عاماً، أعيد انتخابه بالأغلبية في جميع الانتخابات الرئاسية التي جرت في عهده، وكان آخرها في 25 تشرين الثاني/ أكتوبر 2009.

وكان قد أجرى تعديلاً على الدستور التونسي يضمن بقاءه لفترتين إضافيتين عقب استفتاء أجري في أيار/ مايو عام 2002، بعدما كان مقرراً أن ينتهي عهده عام 2004.

فساد مالي وسياسي

يرى نشطاء سياسيون ومنظمات حقوقية محلية أن حكم بن علي كان استبدادياً وغلب عليه قمع الحريات والتنكيل بالمعارضين.

أما الفساد المالي فقصة أخرى. بينما عانت تونس اقتصادياً كثيراً في ظل حكمه، كشف البنك المركزي التونسي، بعد نحو شهر من هروبه، أن قيمة الأموال التي عثر عليها في قصره في ضاحية قرطاج فاقت الـ41 مليون دينار (36 مليون دولار أمريكي).

وبثّ التلفزيون العمومي آنذاك مشاهد العثور على ملايين الدولارات واليوروهات وأحجار الألماس الثمينة في مخابئ سرية في أحد قصوره، وهو ما أثار الشكوك حول حيازة الرئيس المخلوع على أموال ضخمة في بنوك أجنبية.

وعُثر كذلك في قبو قصر الرئاسة أيضاً على ألف زوج من الأحذية الفاخرة وأكثر من 1500 قطعة مجوهرات تمتلكها زوجته ليلى الطرابلسي، بحسب تقرير "اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد".

وأعلنت الخارجية السويسرية عن تجميد ما يقدر بـ60 مليون دولار لبن علي وحاشيته في تلك الفترة.
وقدّرت منظمة "الشفافية العالمية" ثروة أسرة بن علي بـ13 مليار دولار، منها 5 مليارات دولار تعود له وحده.

مثير للجدل حتى بعد العزل

لم يتوارَ بن علي عن الأنظار بعد احتمائه بالسعودية عام 2011، رغم التزامه الصمت في مراعاة ما يبدو أنه شروط سعودية لاستضافته. وكانت الرياض قد أكدت أن الرئيس المخلوع لن يسمح له بممارسة أي نشاط سياسي من داخلها.

وورد أول تصريح له بعد وصوله إلى السعودية في بيان لمحاميه، في حزيران/ يونيو 2011، استنكر فيه محاكمته الغيابية في تونس، نافياً بشكل قاطع التهم الموجهة إليه.

وبعد محاكمته غيابياً، قضت محكمة تونسية عليه غيابياً بالسجن لمدة 35 عاماً في تهم تتراوح بين الفساد المالي والتعذيب.

وفي وقت لاحق، حكمت محكمة عسكرية بسجنه 20 عاماً بتهم التحريض على قتل 339 من المتظاهرين الذين قضوا خلال ثورة 2011، والنهب.

"انقلاب طبي"، حكم بقبضة من حديد، فرار، تهم بالفساد والقتل، وأخيراً وفاة في "المنفى"… زين العابدين بن علي يرحل بعد مسيرة طويلة مثيرة للجدل

ولكن الرياض رفضت تسليم الرئيس التونسي الأسبق إلى تونس رغم صدور مُذكرة توقيف دولية بحقه.

وعاود بن علي الظهور أثناء عقد قران ابنته نسرين على مغني الراب التونسي "كادوريم" في كانون الثاني/ يناير الماضي.

وكان القيادي السابق في حركة النهضة ورئيس جمعية "بريق الحقوقية" صابر الحمروني قد أثار الجدل حول بن علي في حزيران/ يونيو 2018، حين تحدث عن "سوء الحالة المادية" للرئيس المخلوع، مشدداً على أنه "يرغب في العودة إلى تونس والمثول أمام القضاء، والخضوع لمحاكمة في القضايا المُتهم بها".

وكثيراً ما تبنّت شخصيات عامة أو أحزاب تونسية دعوات للسماح بعودة بن علي إلى البلاد بداعي وضعه الصحي الذي تدهور منذ فراره إلى السعودية، وكانت هذه الدعوات تثير نقاشاً حاداً بين معارض بقوة ومؤيد لدواع إنسانية.

وقبل نحو أربعة أشهر، نشر محاميه، منير بن صالحة، ما قال إنها رسالة من بن علي جاء فيها: "تواترت في المدة الأخيرة عديد التصريحات داخل تونس تداولت اسمي ووضعي الصحي، وإني إذ آليت على نفسي منذ دفعت لمغادرة بلدي أن أتمنى لتونس العزيزة وشعبها أماناً واستقراراً ونماءً، فإني أرفض رفضاً تاماً أن يتحول شخصي إلى موضوع للتوظيف والاستثمار السياسي. أشكر كل التونسيات والتونسيين الذين تلقيت منهم آلاف رسائل الحب والتقدير"، قبل أن يختم بقوله "تأكدوا إني عائد بحول الله".

وتأتي وفاة بن علي قبل أيامٍ من الانتخابات التشريعية التونسية المقررة في 6 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وقبل دورة ثانية مرتقبة للانتخابات الرئاسية.

وخلال حملته الرئاسية الانتخابية الخاسرة، منح رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، "ضوءاً أخضر" لعودة بن علي إلى البلاد للدفن "لأسباب إنسانية" بحال كانت صحته متدهورة.

وليس مؤكداً بعد إذا ما كان الجثمان سيعاد إلى تونس أم سيدفن في السعودية "بناءً على وصية له"، حسبما ذكرت مواقع محلية وعربية. ولكن محاميه أشار إلى أنه سيوارى الثرى في السعودية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image