قالت صحيفة بوليتيكو الأمريكية السياسية اليومية، في 12 أيلول/سبتمبر، إن واشنطن خلصت خلال العامين الأخيرين إلى أن إسرائيل كانت "على الأرجح" وراء وضع أجهزة تنصت على الهواتف المحمولة عثر عليها بالقرب من البيت الأبيض وفي مواقع حساسة أخرى بالعاصمة الأمريكية خلال رئاسة دونالد ترامب.
وأوردت الصحيفة هذه الأنباء في تقرير "حصري" استندت فيه إلى شهادات بضعة مسؤولين أميركيين كبار سابقين مطلعين على الأمر، ولم تكشف عن هوياتهم.
وشددت "بوليتيكو" على أن إدارة ترامب، خلافاً للمتبع في غالبية المناسبات الأخرى التي جرى فيها اكتشاف حوادث تجسس أجنبي على الأراضي الأمريكية، لم توبخ الحكومة الإسرائيلية، ولم تكن هناك تبعات لسلوكها، نقلاً عن أحد مصادر الصحيفة.
ترامب المستهدف
وتحاكي أجهزة التجسس على الهواتف الخلوية التي عثر عليها وتعرف باسم "StingRays"، الأبراج الخلوية العادية لخداع الهواتف المحمولة لمنحها مواقعها والبيانات الشخصية التي تخزنها.
ورجح أحد المسؤولين السابقين أن هذه الأجهزة كانت تستهدف التجسس على الرئيس ترامب، وكبار مساعديه وأقرب المقربين منه، مشيراً إلى أنه ليس واضحاً ما إذا كانت المحاولات الإسرائيلية نجحت أم لا.
لكن الصحيفة تؤكد أن ترامب معروف بالتراخي في الامتثال لبروتوكولات أمن البيت الأبيض، وكانت قد ذكرت في أيار/مايو من العام 2018، أنه يستخدم في كثير من الأحيان هاتفاً محمولاً غير مضمون بما فيه الكفاية للتواصل مع الأصدقاء والمقربين.
وفي تشرين الأول/أكتوبر من العام نفسه، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن "الجواسيس الصينيين يستمعون في كثير من الأحيان" إلى مكالمات ترامب عبر الهاتف المحمول. لكن ترامب انتقد ما قالته الصحيفة آنذاك ووصفها بالقصة غير الصحيحة.
تحقيق يشير إلى العملاء الإسرائيليين
وأثناء الاختبارات الأمنية للحكومة الفيدرالية، اكتشف المسؤولون في وزارة الأمن الداخلي أدلة على وجود أجهزة المراقبة في جميع أنحاء العاصمة الأمريكية، لكن من دون أن يتمكنوا من نسبها إلى كيانات محددة.
وبعد التحليل الشرعي المفصل، رجح مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) والوكالات الأخرى العاملة على القضية أن العملاء الإسرائيليين وضعوا الأجهزة، بحسب ما يؤكد المسؤولون السابقون الذين خدم العديد منهم في مناصب عليا في المخابرات والأمن القومي.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول استخباراتي بارز سابق قوله: "كان من الواضح أن الإسرائيليين مسؤولون".
إنكار إسرائيلي وصمت أمريكي رسمي
في الموازاة، أنكر المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية في واشنطن، إلعاد ستروماير، أن تكون إسرائيل وضعت أجهزة التجسس قائلاً "هذه الإدعاءات هراء تام. إسرائيل لا تجري عمليات تجسس في الولايات المتحدة، هذه الفترة".
في حين قال مسؤول كبير في إدارة ترامب إن الإدارة "لا تعلق على الأمور المتصلة بالأمن أو المخابرات". ورفض مكتب التحقيقات الفيدرالي التعليق أيضاً، ولم يرد قسم الأمن الداخلي والمخابرات على طلبات التعليق.
غير أن "بوليتيكو" شددت على أن مصادرها، من المسؤولين السابقين، تتمتع بخبرة عميقة في التعامل مع مسائل الاستخبارات، وأنها تسخر من الادعاء الإسرائيلي، الإنكار المبدئي المعتاد منهم.
تقرير أمريكي يقول إن واشنطن خلصت إلى أن إسرائيل كانت على الأرجح وراء زرع أجهزة تجسس دقيقة بالقرب من البيت الأبيض وحول العاصمة واشنطن خلال فترة رئاسة ترامب
تجسس إسرائيلي على البيت الأبيض استهدف ترامب والمقربين منه بشكل خاص، لكن الحكومة الإسرائيلية لم تُوبخ ولم تتم مساءلتها حول هذا الفعل، بحسب "بوليتيكو" الأمريكية
لا محاسبة لإسرائيل
وقال أحد مسؤولي الاستخبارات البارزين السابقين "كان رد الفعل مختلفاً تماماً. مع الإدارة الحالية، هناك مجموعة مختلفة من الحسابات في ما يتعلق بمعالجة هذا"، منتقداً الكيفية التي تعاملت بها الإدارة مع هذه المسألة.
كما أشار إلى الفرق الواضح في ردة فعلها عما كانت تفعله الإدارات الأمريكية السابقة، والتي كانت تصدر على الأقل توبيخاً دبلوماسياً رسمياً ضد الحكومة الأجنبية تدين فيه تصرفاتها.
ثم أردف: "لست على علم بأي مساءلة (للحكومة الإسرائيلية) على الإطلاق".
وقال مسؤول استخباراتي سابق كبير لبوليتيكو "الإسرائيليون عدوانيون جداً" في عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية، مستطرداً "إنهم ملتفون حول حماية أمن إسرائيل ويفعلون كل ما يشعرون أنه يتعين عليهم لتحقيق هذا الهدف".
ولفتت الصحيفة إلى أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية تتمتع بسمعة مريبة بين الخبراء في هذا المجال، موضحةً أنها ترتكب أخطاء في بعض الأحيان، في إشارة ربما إلى التمكن من كشف أثرها هذه المرة.
وخلصت الصحيفة إلى أن ما سبق يفسر كيف تكون إسرائيل مشتبهاً فيها في التجسس على الإدارة الأمريكية على الرغم من أن ترامب تربطه علاقة وطيدة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حتى أنه اتخذ العديد من الخطوات السياسية لمصلحة الحكومة الإسرائيلية، منها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والخروج من الاتفاق النووي الإيراني واستهداف إيران بالعقوبات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...