كشف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في تقرير إلى مجلس الأمن، في 5 آب/أغسطس، أن تنظيم داعش الإرهابي يمتلك ثروة تصل إلى 300 مليون دولار، على الرغم من انهيار "تنظيم الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا.
وورد في التقرير الذي يتحدث عن "التهديد" الذي لا يزال يشكله التنظيم أن انخفاض وتيرة الهجمات التي يشنها "قد يكون مؤقتاً".
وأوضح أنه مع عدم وجود مطالب مالية للسيطرة على أراض وسكان، يعتقد أن التنظيم قادر على توجيه هذه الأموال لدعم "أعمال إرهابية" داخل العراق وسوريا وفي الخارج عن طريق خدمات، بينها الشركات غير الرسمية لتحويل الأموال.
ولفت إلى أن التنظيم "يشجع على زيادة الاكتفاء الذاتي المالي" من خلال شبكة من المؤيدين والجماعات التابعة له في أماكن أخرى منتشرة في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا.
"لغز" ثروة داعش
في عام 2014، سيطر داعش على مساحات واسعة من سوريا والعراق. ومع صعود التنظيم، بدأ الحديث عن "ميزانية ضخمة" تدعمه مصدرها النفط وزراعة القمح والقطن، فضلاً عن بيع العديد من القطع الأثرية المنهوبة من المتاحف والمناطق الأثرية.
لاحقاً، اتهم التنظيم بالاتجار بالبشر وبالمخدرات وبيع السلاح وفرض الجبايات لتمويل نفسه مع محاولات التضييق على تمويلات أنصاره الخارجية.
ونهاية العام 2017، أعلنت الحكومة العراقية هزيمة التنظيم عسكرياً. وفي آذار/مارس الماضي، خسر داعش آخر جزء مهم من الأراضي التي كانت خاضعة لسيطرته، قرية الباغوز السورية، لكن الحديث عن مصير ثروات التنظيم والأموال والممتلكات التي نهبها لم يتوقف.
اتهامات للتحالف الدولي
برز هذا النقاش بشكل خاص في شباط/فبراير الماضي، عندما تحدث مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن عن قيام طائرات مروحية تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بنقل صناديق من منطقة الباغوز، معرباً عن شكه في أنها تحوي "أجزاء من أطنان الذهب أو عشرات ملايين الدولارات الموجودة ضمن جيب التنظيم"، نافياً بشكل قاطع أنها تحتوي على أسلحة التنظيم التي تسلم لقوات سوريا الديمقراطية.
وشدد مدير المرصد على أن "الصناديق تحوي مالاً أو ذهباً" وأن "التنظيم كانت بحوزته عشرات الأطنان من الذهب، التي لم تأتِ من البنوك المنهوبة وتجارة النفط فحسب، بل أتى بعضها من بيع الآثار السورية والعراقية، في الأسواق التركية على مرأى المخابرات التركية. التنظيم كان يعمل على تدمير الآثار الوهمية ويبيع الآثار الأصلية"، موجهاً التساؤل للتحالف الدولي "عن مكان وجود الأموال العراقية والسورية التي نهبها التنظيم من أبناء الشعبين، وعما إذا كانت أطنان الذهب ستعود إلى الشعبين السوري والعراقي، أو سيستولي عليها التحالف بذريعة أنها تكلفة محاربة الإرهاب".
وحذر عبد الرحمن من أن يكون "نحو 40 طناً من الذهب صيداً ثميناً للتحالف الأمريكي وقوات سوريا الديموقراطية (قسد) بعد السيطرة على آخر جيوب داعش".
وفي 23 شباط/فبراير الماضي، نقل موقع "باسنيوز" الكردي عما أسماه "مصدر مقرب" للوحدات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة أن "عشرات الأطنان من الذهب الذي كان بحوزة داعش في جيبه الأخير بمنطقة الباغوز في ريف دير الزور باتت بيد الأمريكان".
وأضاف: "حوالى 50 طناً من ذهب داعش نقلها الأمريكيون إلى بلادهم عبر قواعدهم في كوباني غرب كردستان، في حين أبقوا كمية قليلة من الذهب للوحدات"، من دون توضيح "نصيب" الوحدات الكردية من هذا الذهب.
تقرير للأمم المتحدة يشير إلى أن تنظيم داعش لا يزال يمتلك ثروة تصل إلى 300 مليون دولار، على الرغم من انهيار ما يعرف بـ"الخلافة الإسلامية" في العراق وسوريا، لكن لغز "مصير" هذه الثروة لم يُحل يوماً
برغم مرور نحو العامين على هزيمة داعش، يشكل العراق فرقاً بحثية لتحديد مصير أمواله وثرواته التي نهبها التنطيم، وفي الأثناء تكشف الأمم المتحدة عن "حجم ثروة" التنظيم
العراق يبحث عن أمواله
ونهاية تموز/يوليو الماضي، تساءل موقع "بغداد اليوم" العراقي عن مصير "الأموال الطائلة وكميات الذهب التي نهبها التنظيم من الدوائر والمصارف العراقية".
وأوضح على لسان عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي كريم عليوي أن "داعش منذ هزيمته وفرار أغلب عناصره من العراق ترك خلفه كنزاً من الوثائق التي كشفت عن عناصره وقياديه وحجم الأموال التي كانت في خزائنه"، مشيراً إلى "عدم معرفة مصير 500 مليون دولار نهبها لدى اجتياح نينوي (شمال البلاد)".
في الأثناء، أكد الباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية والجماعات المتطرفة هشام الهاشمي، للموقع، أنه "يعتقد بأن التنظيم نجح في تهريب 700 مليون دولار من مناطق الصراع (العراق وسوريا وليبيا) إلى دول يزدهر فيها غسل الأموال".
ورجح الهاشمي امتلاك بقايا التنظيم في الداخل (العراق) بين 600 و 650 مليون دولار، مقابل تمكن الاستخبارات الدولية والعراقية من استرداد 285 مليون دولار فحسب.
واستبعد المحلل المختص "العثور على أطنان ذهب دفنها التنظيم في الصحراء"، استناداً إلى عدم وجود سبائك ذهب في البنوك العراقية المنهوبة.
وأشار النائب البرلماني السابق عن نينوي عبد الرحمن اللويزي إلى فقدان الكثير من أموال داعش إثر قصف مواقعه أو تهريبها إلى تركيا".
وكان نائب قائد العمليات والاستخبارات في التحالف الدولي بيتر غريستن، قد أعلن في نهاية العام 2017 تدمير أوراق مالية للتنظيم في سوريا والعراق بقيمة 800 مليون دولار. وفي أيلول/سبتمبر عام 2018، أكدت مصادر عراقية العثور على قرابة 10 ملايين دولار تحت أطنان الركام والأنقاض في جامعة الموصل.
وفيما أوضح اللويزي أن "هناك شركات، بعضها بريطانية، تعرض خدماتها على الحكومة العراقية في الكشف عن أموال التنظيم. وتمتلك أدلة على مكان هذه الأموال"، أكد عضو مجلس محافظة الأنبار طه عبد الغني "تشكيل فرق بحثية للكشف عن الأموال التي نهبها التنظيم من العراق".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...