شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
حوار مع صنع الله إبراهيم: عن السياسة والدين والموسيقى وكرة القدم

حوار مع صنع الله إبراهيم: عن السياسة والدين والموسيقى وكرة القدم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 18 مايو 201706:05 م
عام 2003، رفض الأديب صنع الله إبراهيم جائزة ملتقى القاهرة للإبداع الروائي العربي التي تمنحها الحكومة المصرية، لأن الحكومة تقمع شعبها وتحمي الفساد وتسمح لسفير دولة إسرائيل التي تمارس القتل والاغتصاب بالبقاء في القاهرة. الروائي المعروف على الساحة الأدبية قبل ذلك بفعل انتشار أعماله في الدول العربية، سجن في نهاية الستينيات من القرن الماضي لأكثر من خمس سنوات، في سياق حملة شنها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ضد اليسار. imagesimages بدأت أعماله من قصص قصيرة وروايات قبل الثمانينيات وأتت شديدة التشابك مع التاريخ السياسي المصري والعربي. وفي رمضان 2013، عرض مسلسل تلفزيوني يستند إلى روايته "ذات". في حوار مع رصيف22، اعتبر صاحب "بيروت بيروت" أن العنصريين لا يمكن أن ينتجوا أدباً، وقال إن الصراع بين السعودية وإيران يصب في صالح الأعداء بالدرجة الأولى، وإن اختيار فترة توثيق بالنسبة للثورات العربية أمر مستحيل. وبعيداً عن كل هذه القضايا "الكبرى"، تحدث عن عشقه للموسيقى الكلاسيكية، وعن كرة القدم وكيف كان يستبعده "الكابتن" من الفريق بكل قساوة لضعف بنيانه الجسدي واستخدامه نظارات طبية.

_MG_7844_MG_7844

  • بعد مرور أكثر من 35 عاماً على صدور رواية "اللجنة"، كيف ترى استمرار معاناة شعوب العالم الثالث مع النظام العالمي؟

الصورة تبعث على التشاؤم. يمكن أن نقبل اندماجات النظام العالمي بشرط ألا يجور على مصالح الشعوب ومستوى معيشتها. ولكن الوضع الحالي يشهد تحكم مجموعة من الاحتكارات والأغنياء في مصائر البشرية وهذا غير مقبول. وبالمناسبة، اليوم الثلاثاء يبدأ تصوير "اللجنة" كفيلم سينمائي من إخراج رامي عبد الجبار.
  • ما توقعك للحلقة المقبلة في سيناريو أمريكا للسيطرة على بترول الشرق الأوسط؟

أمريكا لن تكتفي بالبترول، لأن الهيمنة المطلقة هي هدفها.
  • لصالح مَن سينتهي الصراع بين السعودية وإيران؟

هذا الصراع أساساً ليس في صالح الشعبين، وأرى أنه يصب في صالح الأعداء بالدرجة الأولى. ومهما كانت النتيجة لن تكون في مصلحة الأمة.

  • كيف ترى خلاص سوريا؟

موضوع سوريا محير للغاية، وأرى أنها أصبحت بفضل عناد (الرئيس السوري بشار) الأسد مسرحاً لاقتتال القوى العالمية والعربية، والآن أنظر إلى هذا البلد ولا أجد إلا حروباً قاسية خلّفت دماراً مفزعاً وبشعاً. ليته ينصرف بهدوء.

  • رواية "اللجنة" تجاوزت تفاصيل البطل وسخرت من سياسة الانفتاح في عهد السادات، لما لم نرَ أي أعمال جديدة تنتقد النظام؟

مهمة الكاتب ليست انتقاد النظام وحسب.

  • في "العمامة" سرد تاريخي موثق لحقبة الثورة الفرنسية، برأيك أي فترة هي الأكثر ملاءمة لتوثيق الثورات العربية؟

تقصد الحملة الفرنسية على مصر والشام. هذا سؤال جميل. الغريب أن اختيار فترة بالنسبة للثروات العربية أمر مستحيل. فكل لحظة في حياة العرب مشحونة بدراما الأحداث والأطماع الأجنبية والقصور الذاتي.

  • لماذا لم تتحقق الديمقراطية حتى الآن في مصر؟

لأن عقوداً طويلة من القمع قتلت الحياة السياسية والنشاط الجماهيري، وفي البداية لم تعِ الجماهير قدر حرمانها من هذا النشاط والحيوية بسبب المكاسب الاجتماعية والاقتصادية التي حصلت عليها في زمن عبد الناصر.
دردشة مع أحد أهم الأدباء في العالم العربي اليوم... موسيقى، كرة القدم، وبعض القضايا الكبرى
لصالح مَن سينتهي الصراع بين السعودية وإيران؟ هذا السؤال وأسئلة أخرى يجيب عنها الأديب صنع الله ابراهيم
  • هل تصلح العلمانية للتطبيق فى مجتمعاتنا؟

طبعاً مثلما صلحت في مجتمعات أخرى عديدة تقدمت وسبقتنا بمراحل مهولة، ولم لا؟ وماذا يفرقنا عن أي مجتمع بشري آخر؟

  • لماذا تتوارى المعارضة في مصر وهل هناك معارضة في أي بلد عربي؟

تواري المعارضة في مصر كان ممنهجاً، بداية من قمع النشطاء وابتكار أحزاب غريبة واختراق الأحزاب القديمة ثم السيطرة على وسائل الإعلام والقضاء والبرلمان والنشاط الاقتصادي. بشكل عام تم تفريغ الحياة السياسية تماماً عقاباً لمَن ثاروا على الرئيس الأسبق حسني مبارك.

  • هل يحسب محمد البرادعي على المعارضة فى مصر؟

كنت أعتقد ذلك، لكن الموضوع انتهى، وعلى العموم لا أظن أن للرجل مستقبلاً قيادياً بسبب وجوده بعيداً عن الساحة السياسية، منذ أن ترك المشهد السياسي المصري واستقال من منصبة وذهب إلى بروكسل.

  • بطل "أمريكانلي" عاش تجربة اقتلاع ثقافي مؤلمة، من وجهة نظرك من أين تنبع ثقافة عدم قبول الآخر واضطهاد الأقباط في مصر؟

مهما وضعت من قوانين يظل الأمر مرتبطاً بثقافة الجموع أي التعليم والإعلام. لكن إلغاء خانة الديانة في الأوراق الشخصية أمر أساسي.

  • هل يجدي الخيار العسكري في مواجهة قوى التطرف عربياً؟

نظرة السلطة نظرة أمنية عسكرية. كل شيء حولنا يمكن حله بالأوامر وبالحبس، ولا مجال عند السلطة لفتح مساحات حرة للفكر والحوار.

وأرى أن تحقيق مطالب الشعب تجفف منابع الإرهاب، لكن سنعاني من هذه الأعمال الإرهابية بعض الوقت، وحدّتها تخف تدريجياً، وعلينا أن نتقبل الأمر.

الطريقة المثلى لمكافحة التطرف والإرهاب تتمثل في تحقيق العدالة الاجتماعية، فالشعب لا بد أن يشعر بمكسب حقوقي قوي ناتج عن الحركة الثورية، وأن تنتهي مشاكله الرئيسية في الصحة والتعليم ورغيف الخبز بارتفاع مستواه المعيشي.

  • طرحت في رواية "وردة" حكايات عن الثورات العربية الاشتراكية. برأيك ما آليات إعادة الحيوية إلى الحياة السياسية الثقافية العربية؟

إعادة الحيوية إلى الحياة السياسية والمجتمعية، ومنح حق التظاهر والتجمع والتنظيم، ليصبح حقاً أصيلاً للبشر، وإتاحة حرية التفكير والتعبير والابتكار والتجديد، والاعتراف بثقافة الاعتراض والتظاهر، كل هذه الشروط مجتمعة هي أساس أي تأهيل ثقافي سياسي صحيح.

  • الفكر الديني والتراث جزء مما تشغل تفكيرك به. كيف الطريق إلى تنقية الأحاديث النبوية في ظل تعنت المؤسسات الدينية؟

هناك شبه اجماع على وجود الكثير من الأحاديث المدسوسة وغير الصحيحة ويتم نسبها إلى السنة النبوية، وأرى أن العدد الهائل نفسه منها غير منطقي، وقديماً اتهم عمر بن الخطاب أبو هريرة باختلاق بعضها وهدده بالترحيل إلى اليمن، بلده الأصلي.

وأظن أن ثمة مقاومة شرسة تحاول إجهاض عملية تجديد الخطاب الديني من جانب فئات عديدة ومختلفة، وعلى رأسها السلطة نفسها، لأن أفراد ومؤسسات كثيرة تتعيش وتستفيد من وجود المفاهيم المغلوطة عن الدين.

  • يقولون إن الأزهر يدرّس المذهب الوهابي ويعد بيئة حاضنة للإرهاب. ما رأيك؟

الأزهر بطبيعته مؤسسة محافظة، لكن تسلل النفوذ السعودي الوهابي إليه أيام الشيخ عبد الحليم محمود، وأصبح له ركائز قوية في المؤسسة، ومناهج التدريس في الأزهر أكبر دليل على ذلك.

كما أصبح لهذه الركائز نفوذ قوي للغاية، ونجد مناهج الأزهر الآن تحتضن كل الاتجاهات الرجعية في البلاد، وتشجع الاضطهاد الطائفي سواء ضد الشيعة أو الأقباط.

لا توجد لدينا فتنة طائفية، لكن اسميها اضطهاداً منظماً من قبل المؤسسات الحاكمة ضد فئات عديدة من الشعب وبدرجات متفاوتة وأبرزها المرأة، والنوبيين، والأقباط، وأبناء "الزبالين" وغيرهم.

  • هل توافق على ترجمة الأدب الإسرائيلي؟

إذا وُجد. ووقتها يصبح السؤال: هل يمكن للعنصريين أن ينتجوا أدباً؟ والإجابة لا. الأدب العالمي غني جداً، لكن من الصعب ملاحقة كل تجلياته، وفي النهاية أضطر إلى صرف النظر عن كل ما هو عنصري ومتخلف.

  • ماذا عن محاولاتك كتابة عمل أدبي عن الجنس؟

أعمل الآن على رواية تدور حول اليوم الأخير في حياة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وعندما أنتهي منها سألتفت إلى هذه الرواية.

وأحاول وأطمح إلى تناول واقعي لهذا الموضوع الحيوي لبناء عمل روائي على أساس علمي بعيداً عن الرومانسية أو البورنو، ومنذ فترة كتبت صفحات قليلة، لكن أحاول بناء الفكرة من جديد للوصل إلى عالم من الجمال الساحر.

  • هل يمكن تصنيف روايتك "التلصص" باعتبارها سيرة ذاتية لك؟

"التلصص" لم تكن سيرة ذاتية لي، ولكن تحمل بعض الجوانب والتفاصيل من حياتي. وأي كاتب يستخدم تجاربه في الحياة داخل نطاق العمل الإبداعي بشكل مباشر أو غير مباشر، لذا فالسيرة الذاتية لا بد أن يسبقها اعتراف من الكاتب نفسه.

  • لماذا دائما تبتعد عن التجمعات الثقافية وترى أن لا دور حيوي لوزارة الثقافة؟

الشق الأول من السؤال مرتبط بطبيعتي التي تميل إلى العزلة. وبالعكس أنا ممن يؤمنون بأهمية وزارة الثقافة ودورها لكن ذلك يتوقف على المناخ العام.

  • بعيداً عن كل هذه الصراعات، ماذا عن كرة القدم والموسيقى في حياة صنع الله إبراهيم؟

في طفولتي كنت أعشق كرة القدم، لكن استخدامي لنظارة طبية مبكراً، فضلاً عن ضعف بنياني الجسدي كان يدفع الكباتن إلى استبعادي من فرقهم. وأنا عاشق للموسيقي الكلاسيكية.

  • تتشابك أعمالك مع تاريخ مصر السياسي. كيف تصنف هذه الحقبة مقارنة بالأنظمة السابقة؟

بين أفراد الشعب زادت معاناة الغالبية، بينما تضاعف ثراء الأقلية المتخمة، وهذا الأساس. وكل المشاكل التي تسببت بها الأنظمة السابقة يتم حلها الآن على حساب المواطن الفقير، فضلاً عن مطالبته بأن يتحمل هو وأولاده وأحفاده ضريبة الفساد والنهب بدعوى الوطنية، ونرى أيضاً إتمام التصالح مع النهابين واللصوص.

أرى أن فرصة تعديل المسار فاتت، ويبدو أن الرئيس مُصرّ على اتباع النهج الذي لا يستجيب إلى مطالب الشعب ولا يحقق مصالحه ويبتعد تماماً عن الانحياز إلى الفقراء. ولا يخفى على أحد أنه حتى الآن، مجمل سياسات (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي تصب في مصلحة فئة محدودة من الشعب، بالإضافة إلى الشركات الأجنبية العملاقة.

السلطة أيضاً تواصل السير في الركاب الأجنبي والتخلي عن ثوابت القضايا الوطنية الأصيلة. انظر إلى التخلي عن جزيرتي "تيران وصنافير" المعمدتين بدماء شهداء المصريين، والاستسلام لشروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والتي ترهن بلادنا لأجيال مقبلة.

  • هل ترى أن الخلاص يأتي مع الحكم المدني؟

قطعاً نعم. ويجب أن تتاح لمصر فرصة الخلاص من الدائرة المغلقة، وأن تتمتع البلاد بحكم مدني يستند إلى الثوابت الوطنية، ويعمل على فتح المجال لدولة عصرية بحق.

كلنا نعرف أن ثورتا يناير ويونيو كان لهما دور كبير في إيقاظ كافة أشواق المصريين للحصول على حياة حرة وكريمة، والآن انظر ماذا تحقق بعد ذلك. سوف نجد أن رموز حكم (حسني) مبارك عادوا مجدداً إلى الصدارة، فضلاً عن الانتقام من الثوار، فقتلوا وعذبوا وسجنوا واضطهدوا.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image