باستثناء جزر قليلة منتشرة هنا وهناك في العالم العربي، لا يشعر المواطن بكثير من الرفاهية في أغلب الدول العربية. ولا نجد دولة عربية واحدة ضمن الدول الثلاثين الأولى على القائمة العالمية لمؤشر الرفاهية، بحسب تقرير التنمية البشرية لسنة 2016، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العالم العربي.
الرفاهية هي في عداد المؤشرات التكميلية التي تعتمدها الأمم المتحدة سنوياً، إلى جانب مؤشرات أساسية أخرى كالصحة والتعليم والبيئة والأمن والمساواة الاجتماعية، في تحديد اتجاهات التنمية البشرية عالمياً، وخاصة في تقاريرها الدولية والإقليمية في شأن التنمية.
وينقسم هذا المؤشر إلى ثلاثة أقسام: قسم أول يتعلق بالشعور بالرفاهية لدى الأفراد، ويؤخذ فيه بعين الاعتبار التعليم، الرعاية الصحية، المعيشة، الوظيفة، الأمان وحرية الخيار. أما القسم ثان، فيتعلق بالشعور بالرفاهية حيال المجتمع المحلي ويشمل ثلاثة متغيرات هي: سوق العمل المحلية، والثقة في الآخر والمجتمع المحلي. والقسم الثالث والأخير يتعلق بالشعور حيال الحكومة.
أين العرب على خارطة الرفاهية العالمية؟
تحتل قطر المركز الحادي والثلاثين عالمياً والأول عربياً في المؤشر التكميلي للشعور بالرفاهية، بحسب تقرير التنمية البشرية لسنة 2016، تليها المملكة العربية السعودية في المركز 34 عالمياً ثم الإمارات في المركز 40 عالمياً، فالبحرين في المرتبة 44 عالمياً ثم الكويت في المرتبة 46 عالمياً والخامسة عربياً. ونجحت هذه الدول الخليجية الخمس في حجز مكان لها ضمن الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة جداً. في المجموعة الثانية ذات التنمية المرتفعة، تأتي ليبيا في المركز 55 عالمياً والسادس عربياً، على الرغم من الحرب التي تمزقها منذ العام 2011. وذلك لأن تقارير التنمية الصادرة عن الأمم المتحدة تستعين في قياس مؤشر الشعور بالرفاهية ببيانات تمتد على خمس سنوات، أي تم اعتماد بعض البيانات ما قبل الحرب في ليبيا. تليها عُمان في المركز 56 عالمياً ثم لبنان في المركز 65 عالمياً والثامن عربياً فالأردن ثم تونس والجزائر.القطريون الأكثر شعوراً بالرفاهية، على عكس السودانيين وسكان جيبوتي، بحسب مؤشر الرفاهية في العالم العربي
لا نجد دولة عربية واحدة ضمن الدول الثلاثين الأولى على القائمة العالمية لمؤشر الرفاهيةوفي مجموعة الدول ذات التنمية المتوسطة، تحتل فلسطين المركز 107 على مستوى العالم تليها مصر في المركز 110 عالمياً ثم سوريا في المركز 118، فالعراق والمغرب. وفي ذيل القائمة، خمس دول عربية في مراكز متأخرة جداً في مستويات الشعور بالرفاهية لدى مواطنيها، وكالعادة تبقى الصومال خارج القائمة لغياب البيانات.
نسبية الشعور بالرفاهية
وفقاً للبيانات المنشورة، فإن الأفراد في الإمارات هم الأكثر شعوراً بالرفاهية في المنطقة العربية إذ يبلغ معدل الشعور بالرضا تجاه الحياة لديهم 7.2 من عشرة. تليها عُمان في المركز الثاني بــ6.9 من عشرة ثم قطر بـ6.7 فالسعودية ثم الكويت. وتحتل سورية المركز الأخير عربياً في مؤشر الشعور بالرضا تجاه الحياة، وهو أمر طبيعي بسبب الحرب التي تطحن البلاد منذ نحو خمس سنوات. واللافت أن دولاً أخرى تشقها الحروب لكنها تحتفظ بمعدل عالٍ نسبياً للشعور بالرفاهية لدى الأفراد كليبيا مثلاً، التي تأتي في المركز السادس عربياً بمعدل 5.8 من عشرة، وذلك قبل البحرين وتونس ولبنان والمغرب والجزائر ومصر. واللافت أيضاً في البيانات التي نشرتها المنظمة الأممية في تقريرها التنموي، غياب مؤشرات الثقة في الحكومة لدى العديد من الدول العربية التي نجدها في مجموعة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة جداً، ونعني أساساً دول مجلس التعاون الخليجي. ففي القسم الثالث ضمن قياس مؤشر الرفاهية تغيب تماماً الأرقام حول ثقة المواطنين تجاه حكومات بلادهم بالنسبة لدول كالمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين وعُمان والكويت وليبيا وسورية. وإن كان الوضع في ليبيا وسوريا يمكن تفسيره بالتمزق السياسي والإداري الذي يعيشه البلدان، وبالتالي الانقسام حول شرعية الحكومة، فإن الأمر لدى بقية الدول الخليجية لا يُفسر إلا في إطار طبيعة النظم السياسية الحاكمة هناك والتي تضع الكثير من الحواجز أمام حرية التعبير والمعارضة السياسية. وعليه، يمتنع الكثير من المواطنين والمقيمين هناك من الإفصاح عن موقفهم تجاه الحكومة. وغياب الأرقام في هذا النطاق يضعف من قيمة النتائج ويجعلها نسبية.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...