شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
مدينة وادان الموريتانية... ميناء الصحراء وواديان للعلم والتمور

مدينة وادان الموريتانية... ميناء الصحراء وواديان للعلم والتمور

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 13 ديسمبر 202105:58 م

في أقاصي هضبة آدرار في شمال موريتانيا، تصارع مدينة وادان التاريخية من أجل البقاء، إذ هي اليوم مكان مهمّش، بعد أن كانت مركزاً مشعّاً في الصحراء، قبل قرون.

تبعد وادان أكثر من 600 كيلومترٍ عن العاصمة نواكشوط؛ مركز موريتانيا الحديثة شديدة المركزية، وعلى بعد نحو 220 كيلومتراً شمال مدينة أطار، عاصمة ولاية آدرار، وما زالت تحفظ آثار مجدٍ قديم.

ما هي حكاية وادان؟

تنوعت تأويلات اسمها، ومدلولاته، ومعناه، إذ قال الشيخ سيدي محمد ولد الشيخ سيد المختار الكنتي، في كتابه "الرسالة الغلاوية"، إن كلمة وادان هي تحريف لكلمة لنوالان "البربرية"، التي تعني الملاذ الآمن للحيوانات البرية.

وهو ما أخذ به أيضاً الشيخ سيديَّ بابا، في كتابه "إمارتي إدوعيش ومشظوف"، وسار معهما ولد أنبوجة، وأكد الرأي نفسه، في كتابه "فتح الرب"، مع تبديل لنوالان بلفظة نواران.

إلا أن الطالب أحمد ولد أطوير الجنة، قال في كتابه "تاريخ ولد أطوير الجنة"، نقلاً عن الشيخ سيدي عبد الله ولد الحاج إبراهيم، إن معنى هذه الكلمة هو واديان: "وادي علم، ووادي تمر".

بدأ اسم وادان يظهر في كتابات المستكشفين البرتغاليين، منذ منتصف الخامس عشر ميلادي، باعتبارها أهم حاضرة تجارية غرب الصحراء للعلم والتجارة، إلا أنها اليوم تحوّلت إلى ما يشبه الأطلال

ويقول الدكتور محمد الأمين ولد الكتاب، في كتابه "وادان إحدى أقدم حواضر بلاد شنقيط": "الواقع الذي لا مراء فيه، هو أن المدينة تُدعى اليوم وادان، وأنها قد عُرفت بهذا الاسم، على الأقل منذ القرن الخامس عشر (...)، كما أنه لا جدال في أن كلمة وادان هي تبسيط لكلمة واديان التي هي مثنى كلمة وادٍ العربية".

ويتحدث في الكتاب نفسه، عن المدينة وحالها وحال ناسها وآثارها وحكايتها وقصصها التي انطلقت منها، وكانت مسرحاً لها، لتُكتب وتعاش فصولها في كل بقاع الصحراء الكبرى، قائلاً: "يلاحظ زائر مدينة وادان الحالية، أن أطلال المدينة القديمة تحتلّ السفح الجنوبي لتلّةٍ وعرة وشديدة الانحدار، تطلّ على واحة نخيل في وادٍ يمتدّ بتعرّجٍ من الشرق إلى الغرب. وتوجد على ضفاف ذلك الوادي نتوءات وربى ما زالت تشهد بعضها على بقايا قرى عتيقة عفا عليها الزمن".

وفي ضواحي المدينة، يمكن للزائر أن يقف على مواقع للرسوم الصخرية، تُعدّ مواقع "البيظ" و"الغلاوية" و"أكويك" و"أكرديل" و"أسبيل"، أهمها، ويقول ولد الكتاب: "قد يعثر المتجوّل في القاع (الرگ)، ذي الحجارة الكثيرة، والممتد في جنوب المدينة، على معدّات حجرية مثل رؤوس سهام، وأدوات لطحن الحبوب، وآلات أخرى بدائية متنوعة. وثمة مواقع أخرى في شمال المدينة، يمكن العثور فيها على أدوات حجرية أكثر دقةً، وأحذق صنعاً".


ويشير إلى قدم الرسومات الصخرية، ويقول: "ثمة رسومات صخرية أخرى يرجع عهدها إلى ألفي سنة قبل الميلاد، تمثّل مشاهد لصيد المها والنعام، وأخرى تمثّل الجِمال (موقع الغلاوية). وهذه الرسومات إنما تدلّ على أنه في أواخر العصر الحجري الجديد (نيوليتيك)، أي أواخر الألفية الأولى قبل الميلاد، كانت تقيم في محيط موقع وادان الحالي أقوام يزاولون تربية الإبل، ويمارسون قنص أنواع الحيوانات البرّية الصحراوية".

ويؤكد قائلاً: "إذا تفرَّس الزائر في سحنات مختلف سكان المدينة، فإنه -لا محالة- سيدرك أنهم ينحدرون من أعراق مختلفة، وأنهم ينتمون إلى أصولٍ شتى".

زارها المستكشفون الأوروبيون، وكانت محطةً مهمةً في تجارة القوافل العابرة للصحراء إلى غرب إفريقيا، لكنها اليوم ذكرى لمجدٍ تليد. "وادان" مدينة وادِيَي العلم والتمور

ويضيف: "الواقع أننا لا نعرف إلا النزر القليل عن الأقوام الذين كانوا يقطنون في الفضاء المحيط بالموقع الحالي لمدينة وادان، خلال العصر الحجري الأول، إلا أنه يبدو، حسب بعض المسوحات الأنتربومترية التي تم القيام بها هنا وهناك، أن هذه الأقوام ربما كانت تنتمي إلى العرق الأسود، من دون أن يكون بالإمكان الجزم في ذلك، بشكلٍ لا يرقى إليه الشك".

كل ما سبق، يخبرنا بأن المدينة وفضاءها كانا عامرين منذ القدم، وتنوّع سكانهما، وتعددت قصصهم التي شكلت تاريخها العريق، وهي المدينة المتميزة بنمط عمارتها الفريد المازج بين الحجز والطين في تناغمٍ ملهم وبديع. أما تأسيس المدينة الحالية، حسب روايات التأسيس الشفهية، فيعود إلى منتصف القرن السادس الهجري (الثاني عشر ميلادياً)، على أنقاض تجمّعات سكنية.


صورة للسفارة الأمريكية (موظفة في زيارة إلى وادان)

وكان ذلك على يد أربعة حجّاج، قدموا إلى موقع ودان الحالي. وحسب الرواية الشفهية، وصل ثلاثة منهم أولاً، وهم: الحاج عثمان، والحاج علي، والحاج يعقوب، والتحق بهم رابع هو الحاج الصائم، وأقاموا مسجداً، وبنوا دورهم لتتأسس بذلك نواة المدينة، التي تشكلت من ذريتهم، بالإضافة إلى ذرية الأقوام المنحدرين من القرى المحاذية. ويؤكد الدكتور أحمد مولود أيده الهلال، في كتابه "مدن موريتانيا العتيقة، قصور ولاته وودان وتيشيت وشنقيط"، قائلاً: "تتكون وادان تاريخياً من تجمعات سكنية عدة، لا يُعرف حولها كثير من المعلومات، وفيها أطلال ثلاثة، منها ضمن محيط الحاضرة، ترقبيات وتامكونه وتفتل، وتشكل هذه القرى النواة التي تأسست عليها وادان".

ذكر المدينة من قبل الأوروبيين

لفتت المدينة انتباه المستكشفين الأوروبيين، وكانوا أصحاب السبق في الحديث عنها في كتاباتهم، إذ كان ذكرهم لها سابقاً على نظرائهم العرب، ويقول أحمد مولود أيده الهلال: "لم يرد ذكر وادان ضمن المصادر العربية، فابن بطوطة الذي زار ولاته، منتصف القرن الرابع عشر ميلادي، لم يشِر إلى وادان، وكان علينا انتظار المصادر الأوروبية للوقوف على أول ذكرٍ لوادان ضمن وثيقة خلّفها أحد تجار جنوى (الإيطالية)، ويُدعى أنطونيو مالفانت، إثر زيارته لتوات سنة 1447، وقد أشار إليها هذا المؤلف باسم "Oaden" أودن، وذكر أن الحاضرة تقع نحو الشمال حيث يتدفق ملح تغازة باتجاه المغرب...!".

وأكد قائلاً: "قد بدأ اسم وادان يظهر في كتابات المستكشفين البرتغاليين، منذ منتصف القرن التاسع الهجري (الخامس عشر ميلادياً)، باعتبارها أهم حاضرة تجارية غرب الصحراء، وهكذا تلاحقت الإشارات إلى وادان على التوالي مع آزيرار الذي ذكر أن "Oadem" أودم، يكاد يكون المكان الوحيد في المنطقة الذي تحيط به أسوار. أما المستكشف الإيطالي لحساب البرتغاليين، كاداموستو، الذي زار المنطقة بين1455-1456 م، فقد ذكرها باسم هودن "Hoden"، مشيراً إلى أنها تقع على مسيرة ستة أيام من الشاطئ لراكب الإبل، واصفاً إياها بالملجأ لمن سمّاهم بالعرب، كما ذكر أنها نقطة عبور للقوافل القادمة من تمبكتو (مالي حالياً)، المتجهة إلى المغرب الأقصى. أما المستكشف البرتغالي فالانتين فيرنانديز، الذي زار المنطقة، ما بين 1507-1506م، فقد وصف أودن بكونها أهم حواضر آدرار على الإطلاق".

الوجود البرتغالي في وادان

كانت مدينة وادان لافتةً للانتباه، وجاذبةً للناس من شتى الأنحاء، وأدرك البرتغاليون أهميتها في فضائها الصحراوي، لحجم التبادل التجاري الذي يجري فيها، ولمكانتها في عالم تجارة القوافل الصحراوية، فقرروا سنة 1487، إقامة مؤسسة تجارية بجوار وادان. وتخبر الرواية الشعبية بأن مقرّها هو المكان المعروف اليوم باسم آكويدير، الواقع على بعد 22 كيلومتراً شمال المدينة، وكان البرتغاليون يمارسون التجارة من خلال تلك الشركة، ويبيعون للسكان وتجار القوافل الذين يعبرون المدينة، البضائع المتنوعة، ويشترون من وادان ريش النعام والتمور والجلود والوبر، وغير ذلك، إلّا أن هذه المؤسسة لم تعمّر طويلاً، بسبب رفض السكان المحليين لوجود البرتغاليين بينهم، ويقول عالم الاجتماع البروفسور عبد الودود ولد الشيخ، في رسالة الدكتوراه التي عنوانها "البداوة والإسلام والسلطة السياسية في مجتمع البيظان خلال فترة ما قبل الاستعمار: "إننا نجهل تحت أية ظروف تم وضع حدٍّ لهذا الوجود البرتغالي في وادان، وفي أي تاريخ على وجه التحديد انتهت النشاطات التجارية لهذه المؤسسة التي أقامها البرتغاليون في مدينة إدو الحاج".

الملح وتجارة القوافل

كان الملح من أهم الثروات بالنسبة إلى القبائل الصحراوية في مجالها الكبير، ويشير أبو حامد الغرناطي إلى أن: "القوافل كانت تحمل حجارة الملح إلى بلاد السودان، فإذا وصلوا إلى غانة (مملكة غانا)، باعوا الملح وزناً يعادَل بالذهب، وبادل الإنسان الصحراوي الملح بما يحتاج إليه من سلع أساسية وكمالية".

ويعتقد جان دوفيس، أن تجارة الملح في هذه المنطقة، قد طوّرت الجغرافيا الاقتصادية لإفريقيا، من خلال ربطها المسالك بمناجم الملح الصحراوي التي غدت مع المسلك الغربي محطاتٍ أساسية على طريق القوافل، واستطاعت وادان أن تتحول إلى ميناءٍ صحراوي تتمّ عبره عمليات مقايضة الملح بالذهب والحبوب.

تحتوي مدينة وادان الموريتانية على أماكن أثرية، ومخطوطات نفيسة تصارع من أجل البقاء. فالمدينة المشهورة بشارع "الأربعين عالماً"، تريد اليوم أن تعيش نهضةً تعيد إليها مجدها 

ويقول الدكتور محمد الأمين ولد الكتاب، في كتابه "وادان إحدى أقدم حواضر بلاد شنقيط"، إن وادان تحولت "خلال ردحٍ غير قصيرٍ من الزمن، إلى محطة تلتقي فيها القوافل التجارية القادمة من الشمال، والمحمّلة بالملح المقتلع من كدية الجل، وبالتمور والشعير والقمح والتوابل والمعادن والأقمشة والعطور المتجهة صوب المراكز الجنوبية، وبالخصوص إلى تشيت وولاته وتينبكتو. تلتقي هذه القوافل بتلك القادمة من الجنوب، والتي تحمل الذهب والحبوب والعاج والجلد والقماش المصبوغ بالنيلة الذي أدخل منه الإنكليز كمياتٍ كبيرةً إلى البلاد اعتباراً من القرن السادس عشر؛ والذي أضحى بعد ذلك بقرنين، اللباس المفضّل عند "البيظان"، إلى درجة أن البعض صار يسميهم "الرجال الزرق".

ويضيف: "إن الموقع الجغرافي لمدينة وادان، وقربها من معدن الملح لكدية الجل، جعلا منها نقطة عبورٍ مهمة للقوافل التجارية، ومركز تبادل مورود؛ مما أثار انتباه كلٍّ من البرتغاليين والمغاربة".

ويؤكد: "إبّان الحملات العسكرية التي نظّمها الملوك السعديون محمد الشيخ وأحمد المنصور الذهبي، على وجه الخصوص، ضد إمبراطورية الصونغاي بين 1544 و1584، ثم 1591، مرّت الجيوش المغربية في كل هذه الغزوات في مدينة وادان، لكن دون أن تمكث فيها".


ويضيف: "كتب الرحالة الإسباني مارمول، الذي كان ضمن الحملة الأخيرة: ‘وأثناء مكوثنا في هذه المدينة المسلمة في وادان، بصحبة الشريف الذي كان يسعى إلى مهاجمة الزنوج، مستعيناً بالعرب، وبغيرهم من سكان الصحراء الآخرين، علمنا بأن ملك البرتغال (جون الثاني) قد أبرم اتفاقيةً تجاريةً مع شيخ المدينة (وادان)، يمكن بموجبها الذهاب إلى آرگين الواقعة على بعد 70 فرسخاً من ناحية الغرب، وذلك قصد التبادل التجاري’.

ويشير ولد الكتاب، في كتابه، إلى أن الجيوش المغربية لم تحاول احتلال المدينة، ولا الاستيلاء على مقالع الملح فيها، ويضيف: "بقيت هذه المقالع بأيدي قبيلة كنتة الودانية".

وحسب ولد الكتاب: "قدّر النقيب الفرنسي فينسان، الذي زار تلك المقالع سنة 1860، كمية الملح المستخرَجة منها، بعشرين ألف حمل بعيرٍ، أي ما يناهز أربعة آلاف طن سنوياً. ولقد استمرّ تصدير ملح كدية الحل، نحو المنطقة السودانية (غرب إفريقيا)، إلى غاية العقود الأخيرة من القرن العشرين، وذلك بواقع 50 إلى 60 ألف صفيحةٍ في السنة".

ويقول ولد أيده الهلال: "تمكّنت قبيلة كنتة، من استثمار نفوذها الروحي في ربط وادان بشبكةٍ تجاريةٍ تمتد من الصحراء الغربية إلى ضفاف نهر النيجر، وعززت نوافذها من خلال تحكّمها في استغلال منجم ملح الجل(...) وتحكّمها جزئياً بمنجم ملح تاودني".

خفوت البريق

بعد خمسة قرون من الازدهار، بين القرنين الرابع عشر والتاسع عشر، كانت خلالها وادان قطباً اقتصادياً، ومدينةً علميةً مزدهرة، بدأت رحلتها نحن التدهور والاضمحلال، وكانت من أسباب ذلك، الصراعات الأهلية، وتقلّب الأوضاع الاقتصادية، إذ تقلّصت أهمية ما كانت تعتمد عليه المدينة من أنماطٍ تجارية، وارتفاع أهمية الجنوب الموريتاني، مع تنامي اهتمام الأوروبيين بالصمغ العربي، وتراجع التجارة الصحراوية المعتمدة على القوافل، والتقلّبات المناخية، والجفاف، وهو ما حدث مع غيرها من مدن موريتانيا القديمة، إذ هجرها أهلها، واليوم يحلم أبناؤها بمحاولة إنعاشها، وضخّ الروح فيها، وهي اليوم مقاطعة يناهز عدد سكّانها أربعة آلاف نسمة، وتعتمد على قطف التمور بشكلٍ موسمي، والزارعة المحلية، والسياحة، ويشكو سكّانها من ضعف الخدمات، وسوئها، من تعليمٍ وصحةٍ ونقصٍ في المياه والكهرباء، وكذلك غلاء الأسعار، وشحّ الفرص الاقتصادية، وهي إحدى المدن الموريتانية المصنَّفة تراثاً بشرياً من طرف اليونيسكو، لذلك يجب الحفاظ عليها، وإعادة تأهيلها، خاصةً لما تحتوي عليه من أماكن أثرية، ومخطوطات نفيسة تصارع من أجل البقاء. فالمدينة المشهورة بشارع "الأربعين عالماً"، الذي يمتدّ ما بين المسجد العتيق الأول، والمسجد العتيق الثاني، وبئرها المحصّنة منذ القدم، ذات الخريطة المحجوبة عن العموم، لحماية المدينة من العطش، وبطش الأعداء، وحصونها الفريدة، وأزقّتها التي تحكي قصة المدينة بكل حبور.


وفي حديث إلى رصيف22، قال الأستاذ الجامعي المتخصص في الفكر الإسلامي، محمد المهدي ولد محمد البشير: "مثّلت مدينة وادان جزءاً من الذاكرة الشعبية لكثيرين من المتحدّرين منها، أفراداً ومجموعات، بما في ذلك من انقطعوا عنها منذ فترة، فهذه المدينة جزء من السرديات المؤسِسة لتاريخ بعض المجموعات الموريتانية، ومن ثم فهي ليست مجرد مدينةٍ، بل هوية يرمز الانتماء إليها إلى الأصالة والعراقة والتجذّر التاريخي، والإنسان الصحراوي مسكون بسرديات أجداده، فالتعلّق بمدينة وادان، وأخواتها، هو جزء من التعلّق بالجذور التاريخية، والسرديات المكوّنة للمخيال الشعبي، وهو من جهةٍ أخرى تعبير عن فشل المدن الحديثة في صهر سكّانها في بوتقة نظامٍ اجتماعي لا يقوم على ذاكرة المجموعات، وسردياتها المحلية".

ويؤكد على أن "لدى سكّان وادان، والمتحدّرين منها، علاقة روحية ووجدانية خاصة بمقبرة المدينة التي يرقد فيها أجدادهم، وبالمدينة القديمة التي ما زالت تحتضن ممتلكات هؤلاء الأجداد".

وأشار إلى أن "مستقبل المدينة مرتبط بانتعاش السياحة، ومضاعفة الجهد في التركيز على زراعة الخضروات، وتسويقها وطنياً، وتطوير إنتاج التمور في المدينة، وإنشاء محمية الريشات، لجلب مزيدٍ من السيّاح، وربط المدينة عبر طريق معبّدة، ببقية مدن الولاية".

وخلص إلى القول: "صحيح أن المدينة قد ازدهرت، وتوسّع العمران فيها، وتطوّر، وكثرت فيها المساجد، والمدارس، واستثمر فيها أبناؤها والمنحدرون منها تاريخياً، بما يشبه المعجزة، مقارنةً بما كانت عليه قبل 30 سنة، لكن هذا يحتاج إلى وجود عوامل موضوعية لتثبيت السكان بشكلٍ دائم". 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image