يسألونك عن حمص. هي المناخ المعتدل والموقع المتوسط والمدينة التاريخية وروح الفكاهة. فيها حزام السيدة مريم العذراء وقبر خالد بن الوليد. ومن رحمها ولدت جوليا دومنا، إمبراطورة روما الحمصية، وستيف جوبز مخترع أجهزة آبل التي بين أيديكم الآن.
لقّبها معارضو نظام الحكم في سوريا "بعاصمة الثورة" ولها رمزيتها لكونها أول مدينة يعتصم أهلها في إحدى ساحاتها. فيما يراها مؤيدو الحكم دليلاً على قدرة الدولة على سحق الحاضنات الشعبية للحراك الثوري وبسط سلطتها فيها.
في المحصلة، يتغنى كلا الطرفين بمدينته قائلاً: "حمص العدية. بك سباع (أسود) وخالد سيف الله بسيفه حاميكي".
ولكن حمص أقدم من 2011. يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد بحوالي ألفي عام. تقع في وسط سوريا، وتربط بين مناطقها المختلفة ويمر فيها المسافر من دمشق إلى حلب ومن دير الزور إلى اللاذقية. وهي عاصمة محافظة حمص التي تشترك بحدودها مع ثلاث دول، وتمتد من البادية شرقاً حتى جبال لبنان غرباً.
[post_quotes/]تاريخ هذه المدينة كالسواقي، يصعد في عصور ثم يهبط في عصور أخرى. وقد مرت في حياة حمص الحديثة لحظات جعلتها محط أنظار العالم بعد ربيع 2011. لكن الإعلام لم يعطِ وجوه المدينة المختلفة حقها، فكان التركيز على الحرب وآثارها.
خصصنا هذا الملف لنقترب من المعالم الخفية لهذه المدينة المثيرة للاهتمام. سنقترب من حياة سكانها اليومية، وسنقرأ عن التغيير الديموغرافي الذي تشهده. ثم سنعود لماضيها لنتعرف على أشهر شخصياتها وإرثها. سنكتب عن كريش وديك الجن والكبة الحمصية ومكتبة أورنينيا وخميس المشايخ ويوم الأربعاء. وسنعرف سر تسميتها بمدينة المجاديب!
لم تظهر السباع التي يتغنى بها أهل المدينة للدفاع عنها ولم يحمِها سيف خالد بن الوليد في السنوات الأخيرة. لكن روح الفكاهة لم تغب عن أهلها. فآخر نكاتهم نكتة تقول إنه حينما اقترح أهل المدينة جعل حمص عاصمة سوريا بعدما لقبت بعاصمة الثورة، تساءل حمصي من الحاضرين: "يعني هلأ إذا صارت حمص عاصمة سوريا بيصيرو الحماصني شوام؟" قاصداً بالشام مدينة دمشق.