شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
عندما يُصبح

عندما يُصبح "الجسد" الأعلى مشاهدةً… "أنا هيك"!

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الخميس 27 سبتمبر 201812:28 م

لطالما عُرف العمل التلفزيوني بأنه الأكثر صعوبة بين منصات الإعلام كافة، لما يتطلبه من حرفية عالية وكاريزما ودقة وسرعة بديهة والتقاطاً فطناً للفكرة، وعجن كل ذلك لإنتاج محتوى متكامل قادر على شدّ الجمهور.

تضاعف التحدي الإعلامي في الآونة الأخيرة مع تكاثر البرامج التلفزيونية التي استنفدت حصتها من الأفكار، فتكرر ضيوفها وتشابه محتواها. وتزامن كل ذلك مع ارتفاع سقف متطلبات المشاهد الذي صار أكثر إلماماً بالمنتوج الإعلامي العالمي. وفي خضم احتداد المنافسة الإعلامية، تربع "الجسد" على عرش المواضيع الإعلامية الأكثر دسامة ولفتاً للانتباه، فالحديث بشأنه لا يتوقف.

"عُري"، "تعري"، "إيحاءات جنسية"، جميعها تندرج تحت لغة الجسد، يلجأ إليها منتجو البرامج لتحقيق نسب مشاهدة عالية، لكن لغة الجسد تلك قد لا ينقاد إليها المشاهد بالضرورة "لتثقيف نفسه" بل ليرى "ما آخرة الموضوع؟".

تستضيف هذه البرامج ضيفها بهدف "تسليط الضوء على قصته أو على ظاهرة معينة" حسب قولهم، ليتبين في آخر الحلقة أنه وقع ضحية المجتمع أولاً، مهما بدت القصة التي أتت به إلى "الاستديو" مهمة ولافتة وإنسانية، كما أنه قد يقع ضحية القائمين على البرنامج أيضاً، والذين "غالباً" ما تكون غايتهم استغلال الضيف لتحقيق نسب مشاهدة عالية.

"أنا هيك"

- "ليه بتحب تتعرى؟ بتشلح تيابك (ملابسك) ليه؟"

- "اشتغلت على جسمي 20 سنة، ليه ما بدي بينه (أظهره)".

حوارٌ دار بين الإعلامي اللبناني نيشان وضيفه إيلي الزير، الراقص المتعري أو الـ stripper، في الحلقة الأولى من البرنامج الاجتماعي "أنا هيك" التي عُرضت ليلة الأربعاء على شاشة "الجديد".

لطالما عوّدنا نيشان على حوارات "فنية" دسمة مع ألمع نجوم الوطن العربي، لكنه هذه المرّة، قلب الموازين مُسلطاً الضوء على الأقليات التي تحدّت "عُقد" المجتمع وتجاوزت المحرّمات وكسرت القيود التي فرضت عليها. 

"بحترم رأيه…لكن" هكذا بدأت الحلقة التي كان ضحيتها "إيلي الزير"، والتي لم تشهد "احتراماً" لرأيه، متعرضاً لهجوم غير مبرر لمجرد ممارسته رقصاً لا يرى فيه "كفراً".

"لو كان ابني، بحكيله ما تخليني أشوفك لأنه عار على البشرية"، يقول أحد الحضور (سمير قسطنطين)، بينما هاجمته أخرى تدعى أميمة حجازي "لو إيلي ابني، كان عرفت ربّيه من جديد"، مُدافعاً عن نفسه قائلاً "منّي بلا مربى أبداً".

لم يُعرض إيلي ابن "البترون" اللبنانية هوايته شفاهياً في الحلقة، بل رقص "عارياً" مرتين على الهواء، الأولى وحده، والثانية بمشاركة فتاة.

/

رُبما يصف البعض ما "نقلته" شاشة "الجديد"، بالخادش للحياء العام، لما تضمنته الرقصتان من إيحاءات جنسية، يعترف إيلي بها، مبرراً بأن الإباحية جزء من الترفيه.

بعد عرض إيلي الثاني، أُتيح للجمهور الحاضر التعليق، فقالت لطيفة (18 سنة): "اللي بتعمله شي كتير رخيص. وهاد جوع شهرة. ما لقيت شي تعمله لتنشهر فتعريت.. بعتذر منك نيشان ما فيني أكمل الحلقة وهو موجود"، ليتساءل إيلي "لماذا انتظرت حتى نهاية العرض لكي تغادر"؟

"حدا بلفلك 100 دولار وبحطهم بالبوكسر؟" تساءل نيشان الذي كسر القيود الاجتماعية هو الآخر تماماً كما كسرها ضيفه الـ stripper، ليخلق ببرنامجة الجديد حالة "بلبلة" متعمدة.
وسط تلك المنافسات الشرسة، يتربع "الجسد" على عرش المواضيع الإعلامية الأكثر دسامة ولفتاً للانتباه، بسبب الحديث الذي لا ينتهِ حوله، والذي "لا يمل".

متصالحاً مع نفسه

يعترف إيلي (الحاصل على بكالوريوس في التمويل، والذي يعمل مدرب رياضة) بأنه "يتلذذ بإثارة من حوله"، كاشفاً أنه يحيي حفلات توديع العزوبية (bachelorette parties) في لبنان ويتقاضى 500 دولار مقابل عرض مدته 15 دقيقة.

"حدا بلفلك 100 دولار وبحطهم بالبوكسر؟" تساءل نيشان الذي كسر القيود الاجتماعية هو الآخر، وكسر بأسئلته اللاذعة بل الصادمة كذلك "المحرمات" تماماً مجارياً ضيفه، ليخلق ببرنامجة الجديد حالة "بلبلة" متعمدة.

وفي غمرة التعليقات التي يمكننا وصفها بالجارحة، والقاسية كذلك، أتى تعليق والده إدمون الزير داعماً له قائلاً إنه لا يرى "المعيب" في ما يفعله ابنه لأنه محب لهذا الفن، مؤكداً أنه عندما يرى تصرفاً خاطئاً من جانب إيلي، سيكون أول من يصوّبه.

السؤال الذي وُجه لإيلي "إن كان يرقص بعري لكسب الشهرة" كان كافياً لنتساءل بدورنا كمشاهدين: ما بين نيشان وإيلي، من كان يريد حقاً كسب الشهرة بعد حلقة أمس؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard