شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
تريدون الشهرة لأطفالكم؟ هم يدفعون الثمن

تريدون الشهرة لأطفالكم؟ هم يدفعون الثمن

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 9 فبراير 201710:08 ص
لا شك أن الشهرة أمر شاق يتكبده النجوم. فعليهم الاهتمام بمظهرهم دائماً والانتباه إلى تصرفاتهم وردود الأفعال أمام الكاميرات والناس. عدا ما تفرضه من ضغوط تتعلق بالمعجبين والتكاليف المادية وصعوبة ممارسة أنشطة بسيطة وحياة طبيعية. فما بالك إذا ألقت الشهرة بثقلها هذا على من لم يكتمل نضجه ومن لا يحتمل وطأتها؟ ماذا يحدث للأطفال المشاهير، وما هو أثرها على عفويتهم ونفسيتهم؟ وما الثمن الذي يدفعونه نتيجة مشاركتهم في برامج النجوم؟ يبحث رصيف22 في هذا الموضوع وتأثير الشهرة المبكرة على الأطفال.

شهرة الأطفال، ما لها وما عليها

تقول الدكتور هبة العيسوي، أستاذة الطب النفسي في كلية الطب في جامعة عين شمس والعضو في الجمعية الأميركية للطب النفسي، لرصيف22، إن لشهرة الأطفال جانباً إيجابياً يتمثل في لحظات السعادة والشعور بالتميز والتفوق التي يعيشها الطفل عند تسليط الضوء عليه. يزيد ذلك مع اهتمام الزملاء والأهل في محيط العائلة حيث يتحول لمحور الحديث والأحداث. ولعل برامج المواهب وخاصة The Voice Kids أبرز النماذج لذلك. إلا أن الأثر السلبي لها يتخطى ذلك كثيراً. "وضع الطفل تحت المراقبة وخاصة عند وجود تنافس أمر مضر على المستوى النفسي سواء فاز أو خسر. فحجم الضغط والتوتر الذي يحيطه يفوق قدرة جهازه العصبي على التحمل". تقول العيسوي. 311667311667

ياسمينا: لم أشعر بطفولتي لكن الشهرة نعمة

حققت ياسمين علواني شهرتها في العالم العربي عندما التحقت ببرنامج  Arabs Got Talent في الموسم الثالث وهي في السادسة عشر. نالت استحسان المحكمين وملايين المشاهدين، حتى حصلت على المركز الثاني في نهاية المسابقة التي تتضمن مواهب عدة. رحلتها نحو الأضواء بدأت قبل ذلك. فقد كانت أصغر فتاة معتمدة لدى فرقة الموسيقى العربية وهي بعمر الثانية عشرة.
"كثيراً ما أشعر بالقلق والتوتر خوفاً من رد فعل الجمهور"... كيف يتعامل الأطفال مع ضغط الشهرة؟
وضع الطفل تحت المراقبة والمنافسة يجعله عرضة للاكتئاب وهو الخاسر الأكبر حتى لو كسب المنافسة
تواصل رصيف22 مع علواني عبر المتحدث الإعلامي باسمها أحمد السقا، فهي لم تعد الطفلة ياسمينا بل أصبحت نجمة. -4-4 "أنا أرى الشهرة نعمة من ربنا وفخورة بالجمهور المحترم الذي يسعدني باهتمامه ومتابعة أخباري وحضور حفلاتي"، تقول علواني. وتستطرد: "أعترف أن مرحلة الطفولة انتهت ولم أشعر بها لانشغالي بالغناء والمسابقات والعمل على تجهيز نفسي وصوتي لمرحلة الغناء الاحترافي، ولكني لا أرى الأمر سيئاً على الإطلاق. فهذا ما اخترته". فقدان متعة النضج التدريجي بين مراحل الطفولة المبكرة والمراهقة الأولية والمراهقة والشباب يجعل الشخص أكثر عرضة للإكتئاب برأي العيسوي. بالطبع هذا لا يعني عدم تنمية المواهب منذ الصغر، لكن تعريضهم لمنافسات واسعة ليس صحياً، ويكفيهم "المنافسات المحلية على مستوى المدرسة".

الأطفال المشاهير... يخسرون ولو ربحوا

بالنسبة لعلواني، ما يغضبها في الشهرة هو تدخلات الكثيرين في حياتها الشخصية وتعليقاتهم السلبية على ملابسها مثلاً، بالإضافة لانتشار الكثير من التصريحات الكاذبة على لسانها. "كثيراً ما أشعر بالقلق والتوتر خوفاً من رد فعل الجمهور إلا أن كل هذا يختفي بتشجيعهم واندماجهم مع ما أقدم عليه"، تستطرد علواني.

السيسي: شهرة فوق طاقة النجم الصغير

أبهر الطفل أحمد السيسي الملايين خلال مشاركته في الموسم الأول من برنامج The Voice Kids لصغر سنه، 8 سنوات فقط، ولحضوره اللافت وصوته الجميل، لكن الصدفة التي دفعته للاشتراك بالبرنامج لم تتح له ولأسرته معرفة تبعات تلك الشهرة ومسؤولياتها. ورغم أن السيسي أكد لرصيف22 أنه سعيد بجو الشهرة من اهتمام الزملاء وتدافع الناس لالتقاط الصور له، وكذلك الحفلات التي يحييها، فقد بدا غير مدرك لسؤالنا بشأن تأثير الشهرة عليه، فهو يرى أن "المدرسة كلها باتت تعرفني والجميع أصحابي".
أما منى السيسي، والدة أحمد، فهي أكثر إدراكاً لما يحدث وتقول "أحزن عليه كثيراً بسبب تجمع الجمهور حوله في كل مكان، وهذا ما يمنعه من اللعب في النادي أو الاستمتاع بأي نزهة معنا، وطالما طلب العودة للمنزل لغضبه من ذلك. لكنه سرعان ما يتذكر نصيحة الفنان تامر حسني بألا يظهر ما بداخله أمام الجمهور مهما كان تعبه". وقد اضطرت الأسرة لنقل نجمهم الصغير من مدرسته بعد البرنامج بسبب استغلال غير مقصود له من خلال إجراء المقابلات الصحافية معه داخل الفصل وإبعاده عن دراسته وغضب مدرسيه منه لعدم انتظامه في المواد المختلفة وانشغاله بتدريبات الموسيقى، فضلاً عن عدم قدرته على الاستمتاع بفترة "الفسحة" لتجمع زملائه حوله بغرض الغناء لهم.حتى أن تدافعهم أوقعه ذات مرة وكاد يصاب بجروح. "نعلم سعادتهم به وكم دعموه أثناء مشاركته بالمسابقة لكن الأمر أصبح فوق طاقته فهو لا يزال طفلاً، وهذا ما لم يدركوه"، تضيف السيسي.

استغلال الأطفال حقيقة

وعن تأثير الشهرة على العائلة تقول والدة السيسي : "أشعر أن أحمد نضج مبكراً جداً وأصبح يتحمل مسؤولية كبيرة، إلا أننا نحيطه دائماً بالاهتمام ونسعى للتخفيف عنه، نمنحه فرصاً للعب ونأتيه بالهدايا التي يرغب بها، كما أن همنا الأول مستقبله الدراسي". لا يسير كل الأهالي على نهج عائلة السيسي، فالبعض يقوم باستغلال أبنائهم وتعريضهم لضغوطات تشق على سنهم الصغير. ينهكونهم بالحفلات والظهور الإعلامي، فلا يجدون وقتاً للنوم بين التدريبات والمناسبات. الأمر الذي يدفع ثمنه الأطفال في المستقبل.
ولعل حياة النجم مايكل جاكسون خير دليل على ذلك. فقد أمضى عمره يحاول تعويض طفولة لم يعشها بسبب ضغوطات العمل والتدريب والشهرة التي فرضها عليه وعلى إخوته والده في مراحل مبكرة، ليحقق للفرقة التي أسستها العائلة شهرة واسعة.

شهرة سلبية وإيجابية

تقول هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع السياسي بجامعة الزقازيق أن هناك نوعين من الشهرة للأطفال: شهرة إيجابية كمسابقات الغناء والتمثيل والرياضة والتفوق العلمي، ولها سلبيات عديدة منها تضخم صورة الذات لدى الطفل والشعور بالعظمة والغرور والأهمية. تحتاج هذه الشهرة لتعامل ذكي من الأسرة والمحيطين بالطفل لتفادي تلك الآثار والاكتفاء بآثارها الإيجابية المتمثلة في النضج وتحمل المسؤولية والإبداع من الصغر. أما الشهرة السلبية فهي الأسوأ تأثيرًا على الطفل، وخصوصاً على أولئك الذين يتعرضون لحوادث وكوارث ويستغلهم الإعلام ويشهر بهم بل يبتزهم تحت إدعاء استعادة حقوقهم، والهدف الحقيقي من هذا كله هو تحقيق مشاهدات أعلى، وتعد تلك الشهرة عاملاً مدمراً لأولئك الصغار، وخاصة ضحايا جرائم الاغتصاب أو مجازر الحروب. وترفض زكريا القول إن الشهرة تقتل براءة الأطفال مؤكدة أن مصطلح "براءة الأطفال" مجرد خرافة أوهمنا أنفسنا بها لنضعف أطفالنا ونصمهم بالسذاجة والجهل. وهذا لم يعد ممكناً في مجتمع منفتح وقاسٍ كالذي نعيشه. فنحن نعرضهم بذلك للاستغلال. وتقترح أن تحل توعية الطفل محل البراءة، فإذا تعرف على جسده والمخاطر التي قد تعترضه فلن يكون من السهل إبتزازه أو الإضرار به والاعتداء عليه، وبالتالي فالطفل الواعي لا خوف عليه من الشهرة وتبعاتها.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard