شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
ماذا تعرفون عن أدبيات

ماذا تعرفون عن أدبيات "المجلس"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 26 يوليو 201607:06 م
حين دُعيت إلى حضور مجلس نسائي في دبي، لا بد لي من الاعتراف بأنني توترت، وشعرت بالارتباك. فهذه أول مرة أحضر مجلساً، وصراحة لا أعرف كيف أتصرف وماذا ألبس. من باب المنطق السليم، ارتديت ملابس محتشمة، وتوجّهت إلى بيت مضيفتي، التي ساهمت ابتسامتها العريضة بتبديد بعض من توتري. في الواقع، هذه السيدة الإماراتية، تلتقي مساء كل يوم خميس في مجلسها الواسع المجاور لمنزلها الكبير، مع بناتها وزوجات أبنائها وأولادهم، لتبادل آخر الأخبار وتمضية الوقت حتى ساعة متأخرة من الليل. متى تدخل المجلس، الذي هو عبارة عن صالون كبير يعج بالأرائك الذهبية والمزخرفة وسجادات عملاقة، لا بد أن تخلع حذاءك، وتمضي للجلوس. تتجمع النساء في مجموعات لتبادل أطراف الحديث، الذي يدور أحياناً عن الأولاد والعائلة والأزواج، أو حتى اقتراحات حول تصاميم ديكور لبيت إحداهن التي تعيد هندسته. وبين الحديث والآخر، تحضر عاملة المنزل لتقديم القهوة التقليدية أو الشاي. وبين الحين والحين تطل مجدداً مع مختلف أنواع الحلويات، لنعود ونجلس في غرفة الطعام المجاورة لتناول العشاء (لا مهرب منه!)، مع أطباق إماراتية وعربية بامتياز. لا تكون زيارة المجلس مكتملة إلا مع المبخرة والعود. ويا لحرجي متى طلبت مني أن أحمل المبخرة من دون أن أعرف ما العمل. فضحكت ربة المنزل وحملت المبخرة بالقرب من شعري، وبدأت تقوم بحركات لتدخل الرائحة إلى خصله قائلة: "نقدمّ العود لزوارنا في بداية أو نهاية الزيارة كعربون محبة واحترام". مغمورة برائحة العود المصنوع يدوياً، عدت إلى منزلي حاملة تجربة عن تقليد ما زال رائجاً في المجتمع الإماراتي، وفي العديد من مجتمعاتنا العربية، ومبتسمة لأنني في المرة المقبلة لن أشعر بالحيرة والارتباك حين أدعى مجدداً إلى مجلس لأنني أعرف الآن أدبياته.
كل ما تحتاجون معرفته عن الديوانيات في دول الخليج...
ولكن، لنعد قليلاً إلى الوراء، ما هو المجلس؟ المجلس أو الديوانية هو غرفة استقبال الضيوف (لا سيما الرجال) في البيوت العربية التقليدية، ويكون غالباً منفصلاً ومجاوراً للمنزل الرئيسي. ولا بد من الإشارة إلى أن المجلس يكون عادة للرجال أو النساء، إلا أنه شاعت في بعض الأماكن أن توجد غرفة تطل عليه بواسطة مشربيات تستخدم كمجلس للنساء، لا سيما عندما تستدعي الحاجة للحديث إليهن عند الخطبة أو الزواج. وكانت المدن الإسلامية اشتهرت بمجالس العلم، التي تُعقد فيها الندوات الثقافية والعلمية وتحديداً في بغداد ودمشق والقاهرة. ومنذ عقود، يملك كل منزل في منطقة الخليج بشكل عام، مجلساً يستقبل رب العائلة ضيوفه فيه للحديث عن الأمور الحياتية اليومية والمواضيع الدينية وذكريات الماضي. أما في الإمارات، فيعتبر المجلس أحد التقاليد المترسخة في الثقافة الوطنية، فكان في الماضي عبارة عن خيمة يجتمع فيها الناس للضيافة، قبل بدء المفاوضات أو مكان عقد اجتماعات الأعمال لتجارة الحرير. فنجد مجالس سياسية وأخرى اجتماعية تهدف فقط لجمع الأصدقاء والأهل. وقد يلتقي هؤلاء في المجلس، لتبادل الأحاديث والأخبار، في حين أننا نجد أيضاً مجالس سياسية يتبادل خلالها المجتمعون الأفكار ويجدون الحلول. وعلى الرغم من النمو الاقتصادي والعولمة، ما زال تصميم المجلس مماثلاً مع بعض الإضافات العصرية التي تعكس الدمج بين العالمين العربي والغربي. ففي السابق، كان المجلس الإماراتي عبارة عن خيمة للقاءات الاجتماعية ليتحوّل إلى غرفة أرضيتها مغطاة بسعف النخيل. سعف النخيل استبدلت مع السنوات بالسجاد المصنوع يدوياً من صوف الجمل أو الماعز أو الأغنام، لتضاف إليها الوسادات العربية التقليدية والدوشق (أي الفراش)، للجلوس بكل راحة لساعات طويلة. وحتى لو أن هذا النوع من الجلسات ما زال رائجاً في بعض المناطق الإماراتية، فإن معظم المجالس استُبدلت فيها الدوشق بالأرائك. أما في ما يتعلق بالمأكولات، فلا شك أن التمر دائماً متوفر إلى جانب الحلوى الإماراتية كـ"البلاليط". وهو طبق مكوّن من الشعيرية والزبيب والبهارات كالهيل والزعفران، و"اللقيمات"، وهي عبارة عن فطائر حلوة يتم تحضيرها من عجينة الدقيق ثم تقلى بالسمن وتنقع بعصير التمر إضافة إلى القهوة والشاي. ما زال جوهر المجلس على حاله مع مرور السنوات، لكن خطوات دبي نحو المدينة الذكية انعكست أيضاً على تأسيس مجلس ذكي ومبتكر. مجلس بن راشد الذكي الذي يريد أن يكون منصة تواصل لطرح الأفكار المبتكرة، مجلس مفتوح أمام الجميع للمساهمة في تعزيز ريادة دبي في مختلف المجالات.

كيف تحسن التصرف إذاً في المجلس؟

  1. إذا كنت امرأة، ارتدي الملابس المحتشمة والواسعة التي تغطي الكتفين واليدين والساقين.
  2. لا تستغربي إذا انفصلت عن زوجك، فلا يسمح الاختلاط بين الجنسين.
  3. لا تترددي في تقبيل الحاضرات عوضاً عن المصافحة.
  4. لا بد من الوقوف عند وصول أي ضيف جديد.
  5. إذا كنت تحضر المجلس للتحدث عن الأعمال، انتظر تناول الطعام أولاً.
  6. من المعتاد أن تقبل الطعام والشراب بيدك اليمنى.
  7. لا تأكل بيدك اليسرى فذلك يعتبر غير صحي.
  8. تجنب إظهار باطن قدميك، ولا تُشر بقدمك إلى أحد لأن الأمر يعتبر إهانة.
  9. تجنب أن تضع رجلاً فوق رجل… فهذا تصرف غير مهذب!
  10. لا تشر بإصبعك بل استخدم كل يدك.
عندما يسكب أحدهم لك القهوة، لا يملأ عادة الفنجان كلياً. فإذا قمت بهز الفنجان الفارغ من جانب إلى آخر بين إبهامك والسبابة، فهذا يعني أنك لا تريد المزيد. إن لم تقم بهذه الحركة، فسيملأون فنجانك تلقائياً. هذه بعض النصائح التي قد تفيدك متى دعيت في المستقبل إلى أحد المجالس. يبقى أن الأهم من كل ذلك، هو رسم ابتسامة عريضة على وجهك. وحتى لو ارتكبت أي هفوة، الجميع سيسامحك بل سيشرح لك التصرف الأصح، ففي النهاية، هدف المجلس هو المسامرة والرفقة الحلوة وتمضية الوقت الجميل!

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard