شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
لماذا يشعر بعض الأطفال بالذعر عند الجلوس في حضن

لماذا يشعر بعض الأطفال بالذعر عند الجلوس في حضن "سانتا كلوز"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 26 ديسمبر 201805:55 م

برغم خدَيْه الورديين، ضحكاته العالية والهدايا الكثيرة التي يحملها، فإن الأطفال لا يقعون جميعاً في حبّ بابا نويل. من سنةٍ إلى أخرى ينتظر الأولاد بفارغ الصبر قدوم "سانتا كلوز" لكي يوزع عليهم كيساً كبيراً مليئاً بالهدايا والألعاب، إلا أن مجرد سماع قهقهات هذا الرجل السمين المسنّ قد يبث الذعر في قلوب الصغار ويجعلهم يغرقون في موجة بكاءٍ لا تنتهي إلا بعد رحيله. هذه الظاهرة التي يختبرها معظم الصغار تعرف بـSantaphobia أي الخشية من "بابا نويل" نتيجة الشكوك العميقة حول هذه الشخصية الغامضة. من اللحية البيضاء وصولاً إلى الزيّ الأحمر والقفازين، ما هي الأسباب الكامنة وراء ذعر بعض الأطفال من "سانتا كلوز"؟ وكيف يمكن مساعدة الطفل على التّغلب على مشاعر الخوف والقلق؟

شخصية مجهولة

بالنسبة إلى البالغين قد يبدو "بابا نويل" رمزاً لا يتجزأ من عيد الميلاد مع أجواء الفرح والسحر التي يضيفها على هذه الليلة المجيدة، إلا أن بعض الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين سنتين و7 سنوات يجدون في هذه الشخصية مصدراً للذعر والقلق: فالبعض يخاف من لحيته البيضاء، فيما البعض الآخر يخشى قفازتين أو زيّه الأحمر، هذا ويذعر بعض الأطفال لمجرد سماع قهقهاته ورنين الجرس في يده، أما "الأدرينالين" فيبلغ أعلى مستوياته حين يطلب الأهل من الأولاد الاقتراب من هذا الرجل العجوز والجلوس في حضنه لأخذ صورةٍ معه.

via GIPHY

تؤكد المستشارة لدى موقع Parenting Place "أغنيس سيغلي" أن مشاعر الخوف والقلق عند لقاء "بابا نويل" تبدو مألوفة لدى الكثير من الأطفال، مشيرةً إلى أنه ينبغي فهم هذه الظاهرة من منظور الطفل:"يمكن للأطفال، خاصة أولئك الذين لم يتجاوزوا بعد الخامسة من عمرهم أن يكونوا خائفين عند مقابلة بابا نويل لأسبابٍ عديدةٍ"، شارحةً أن الصغار يختبرون العالم من خلال حواسهم "لذا فإن المواجهة الحقيقية مع شخصيةٍ يعتقدون أنها غامضة قد لا تتوافق مع الفكرة والصورة التي رسموهما حول هذه الشخصية".

يختبر الصغار العالم من خلال حواسهم "لذا فإن المواجهة الحقيقية مع شخصيةٍ يعتقدون أنها غامضة قد لا تتوافق مع الفكرة والصورة التي رسموهما حول هذه الشخصية".
إذا كان هناك الكثير من الضغوط التي تمارس على الطفل ليكون صالحاً من أجل الحصول على الهدية، فإن كل الآمال والعاطفة لديه قد تولد الشعور بالقلق من عدم شعوره بأنه كان طفلاً جيداً بما فيه الكفاية، مما يجعل التجربة مرهقة".
وتعتبر "سيغلي" أن هناك بعض المسؤولية التي تقع على عاتق الأهل لجهة استخدام "بابا نويل" كوسيلةٍ للضغط على أطفالهم وتهديدهم بحرمانهم من الهدايا في حال لم يحسنوا التصرف:" إذا كان هناك الكثير من الضغوط التي تمارس على الطفل ليكون صالحاً من أجل الحصول على الهدية، فإن كل الآمال والعاطفة لديه قد تولد الشعور بالقلق من عدم شعوره بأنه كان طفلاً جيداً بما فيه الكفاية، مما يجعل التجربة مرهقة". وفي سياقٍ متصل، تشرح عالمة النفس "ستيفاني لاي" أن الملابس الحمراء والساطعة لـ"سانتا كلوز" بالإضافة إلى الضغوط التي تمارس على الطفل ليكون صالحاً، هذه كلها أمور تساهم في جعل التجربة مخيفة، مشيرةً إلى أن الخوف من بابا نويل أشبه بالخوف من المهرّجين، أما السبب فيعود بشكلٍ أساسي إلى الزيّ وإلى عملية إخفاء الوجه مما يصعب على الطفل رؤية الملامح الحقيقية لهذه الشخصية الغريبة.

خوف مرضي أم ذكاء عاطفي؟

أمام حالة الذعر من شخصية "بابا نويل" قد يسأل البعض عمّا إذا كان الشعور بالخوف أمراً طبيعياً لدى الأطفال أم أنه يدل على اضطرابٍ نفسيٍّ معيّنٍ؟ في الواقع إن هذا النوع من السلوك هو طبيعي وشائع بين الأطفال، وفق ما تؤكده الأخصائية الاجتماعية "مرسيديس ساموديو" بالقول:"يقوم الاطفال بتطوير إحساسهم بالواقع خلال الفترة التي يبدأ فيها كثير من الأهل بتعريضهم لفكرة سانتا كلوز، مما يعني أنه في حين أن الطفل يكون متحمساً لإمكانية وجود شخصية تجلب له الألعاب المطلوبة، يصبح في الوقت نفسه قلقاً لقدرة هذه الشخصية على رؤية كل تصرفاته ومحاسبته عليها".

via GIPHY

من هنا تعتقد "ساموديو" أن خوف الأطفال من "بابا نويل" ناجم عن نظرتهم الخاصة لهذه الشخصية التي تعلم بكل شيء وتحكم عليهم وعلى تصرفاتهم:" هذا الافتقار إلى السيطرة يصعب على الأطفال فهمه، خاصة أنهم لم يطوروا بعد فهم المفاهيم المجردة مثل موضع السيطرة والفرق بين الواقع والخيال"، وتؤكد "مرسيديس" أن هذا النوع من السلوك يأتي من "الهالة" التي يزرعها الأهل في رؤوس صغارهم:"يخلق الكبار كل  الغرابة حول هذه الشخصية- الرنة، إمكانية التجول في العالم في ليلةٍ واحدةٍ، وجود سانتا كلوز في كل مكان- ومن ثم يعمدون إلى إخبار الأطفال بأنهم لا يستطيعون رؤيته، مما يخلق هالة أشبه بالفاكهة المحرمة حول سانتا". واللافت أن خوف الأطفال من شخصية "بابا نويل" يعتبر مؤشراً جيداً لنمو الطفل لكونه يدلّ على أن هذا الأخير قد نجح في خلق خوفٍ طبيعي من الغرباء، بحسب ما تشير إليه المعالجة "ماندي سيفانغ" بالقول:"في العادة نرفع العلم الأحمر عندما يركض الأطفال نحو الغرباء ويقتربون منهم من أجل الشعور بالراحة، فهذا يدلّ على أن الأمور لا تسير على ما يرام بالنسبة لهؤلاء الصغار"، في حين أن الخوف من "سانتا كلوز" هو دليل على أن الطفل قد بدأ بالتمييز بين الأحباء والغرباء من خلال تطوير الشعور بالقلق تجاه الشخص الغريب Stranger Anxiety ويتمثل بالمؤشرات التالية: -الاعتراضات اللفظية من خلال البكاء بصوتٍ عالٍ. -الركض والاختباء وراء الأهل. -مدّ اليدين طلباً للنجدة. مع العلم أن مدة وحدّة القلق من الشخص الغريب، وهنا هو "بابا نويل"، تختلف من طفلٍ إلى آخر، وتعتمد بشكلٍ خاص على الحالة المزاجية الخاصة بكل طفل.

توطيد العلاقة مع سانتا

هناك بعض الخطوات التي يمكن القيام بها من أجل مساعدة الطفل على تقبّل وجود بابا نويل والتغلب على الشعور بالخوف من أجل الاستمتاع بالعيد وأجواء الفرح: via GIPHY

-الاستعداد النفسي: قبل موسم الأعياد يجب تحضير الطفل نفسياً وجعله يتحمس لرؤية بابا نويل وذلك من خلال مشاهدة الأفلام وقراءة الكتب التي تتحدث عن هذه الشخصية بطريقةٍ إيجابيةٍ. -التّحلي بالصبر: يجب مساعدة الطفل على أن يشعر بالراحة حين يكون بالقرب من بابا نويل وعدم حمايته أكثر من اللازم، لأن ذلك من شأنه أن يمنعه من مواجهة مخاوفه والتغلب عليها، وفي هذا الصدد يقترح الدكتور "ستيفن غاربر"، مؤسس معهد السلوك في أتلانتا، أن يقف الأهل مع طفلهم عن بعد ومشاهدة الأطفال الآخرين وهم يقتربون من سانتا، لأن ذلك من شأنه أن يشجع الطفل على الاقتراب بدوره من "سانتا كلوز" دون خوف. -احترام مخاوف الطفل: لعلّ أسوأ ما يمكن القيام به هو إجبار الطفل على الجلوس في حضن "بابا نويل" من أجل إلتقاط صورة معه:" من المحتمل ألا ينتهي الأمر بصورةٍ مخيّبةٍ للآمال، بل قد يتسبب ذلك ببعض الأذى النفسي"، وفق ما يؤكده "أندرو أديسمان"، رئيس قسم طب الأطفال التنموي والسلوكي في مركز ستيفن وألكسندرا كوهين، إذ يشدد على ضرورة احترام رغبات الطفل وعدم التقليل من أهمية مخاوفه أو التهديد بحرمانه من الهدية في حال رفض الاقتراب من "سانتا كلوز".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard