شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
تونس:

تونس: "السترات الحمراء" في السفارة الأمريكية...والزرقاء في الطريق

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 20 ديسمبر 201804:11 م
هو الحراك الفتي الذي فور مولده أثار السجال لا بسبب "جرأته" كما ظن المراقبون في البداية بل بسبب تناقض تصريحات القائمين عليه. "السترات الحمراء"، حراك وليد رأى النور في تونس قبل أسبوع فقط تماهياً مع حراك "السترات الصفراء" في فرنسا، إلا أن التصريحات الأخيرة الصادرة عن مؤسسيه أثارت السجال واستدعت التشكيك. أبرز هذه الادعاءات تصريح أحد قياديي حراك السترات الحمراء بأن مقابلته السفير الأمريكي بتونس تمت بطلب من السفير، وهو ما نفته السفارة لاحقاً، نافية كذلك أنه التقى السفير بل الصحيح أنه التقى المستشار السياسي بالسفارة. كما صرح أحد قيادي الحراك بالرغبة بإسقاط الحكومة، في وقت ظهر فيه حراك منافس تحت مسمى "السترات الزرقاء" يقوض مطالب الحراك الأول. وأعلنت مجموعة من الناشطين في تونس، قبل نحو أسبوع، إطلاق حراك "السترات الحمراء"، كحركة احتجاجية سلمية تهدف أساساً إلى مطالبة الحكومة بتوفير مواطن شغل للمعطلين عن العمل و"تحسين الأوضاع الاقتصادية” بحسب ما أعلنه منظمو الحراك. وأوضح الناشطون أن السبب في قيام الحراك هو "فشل الحكومة والفساد وغلاء المعيشة و البطالة و سوء الإدارة والهيمنة على مفاصل الدولة"، وأن مطالبهم (22 بنداً) تتمحور حول المطالب الاقتصادية والاجتماعية. وظهر الحراك التونسي متأثراً بـ"السترات الصفراء" الذي بدأت احتجاجاته في فرنسا منذ 17 نوفمبر الماضي، ونجح تحقيق جملة من المطالب أبرزها تراجع الحكومة عن زيادات الضرائب على الوقود وتعريفة الكهرباء والغاز، مع وعود بتحسينات اجتماعية واقتصادية عديدة، ما جعل الحراك ملهماً للعديد من الشعوب في هولندا وبلجيكا والأرجنتين، وعربياً ظهر حراك "أصفر" في البصرة بالعراق فيما تحرصت السلطات في مصر على منع بيع السترات السفراء خشية العدوى.

تصريح وتكذيب وتراجع

يوم الثلاثاء 18 ديسمبر/كانون الأول، ذكر نجيب الدزيري منسق عام حملة "السترات الحمراء" لصحيفة "الشارع المغاربي"، أنه التقى دانيال روبنشتاين، سفير الولايات المتحدة في تونس، في لقاء استمر ساعة ونصف، وأوضح أنهما ناقشا خلال اللقاء الوضع العام بالبلاد، وتحفظ وقتها عن الحديث عن "تقييم السفير للوضع بتونس". الدزيري قال بوضوح للصحيفة إن "السفير الأمريكي هو من طلب اللقاء"، ونفى أن يكون اللقاء "استقواءً بالخارج"، مشدداً على أن " السترات الحمراء تمثل الشعب ولا يمكن اعتبار لقائه بالسفير استقواءً بالأجنبي". وكذبت السفارة الأمريكية في تونس، الأربعاء، ما قاله الدزيري، وأكد فليب أسيس، المتحدث الإعلامي للسفارة، لنفس الصحيفة التي نشرت التصريحات، أن منسق حملة "السترات الحمراء" زار السفارة بالفعل وبطلب منه وليس من السفارة، لكن لم يلتق بالسفير بل بالمستشار السياسي. وعقب التكذيب، تراجع نجيب الدزيري عن تصريحه وقال في مداخلة على إذاعة "جوهرة أف أم"، إنه اجتمع مع المستشار السياسي بالسفارة بالفعل، وبطلب منه بسبب ما وصفه بـ "الضغوطات التي تتعرض لها الحركة والاستهداف المباشر لهم، وليس بغرض تمويل الحملة". وأشار المنسق في الوقت نفسه إلى تعرض "السترات الحمراء" إلى حملة تشويه داخل تونس، مجدداً تأكيده بأن حراكهم سلمي ومطالبه تقتصر على تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.

إسقاط الحكومة!

وبمناسبة الذكرى الثامنة لانطلاق شرارة الثورة التونسية، 17 ديسمبر 2010، أجرت صحيفة "المصري اليوم" المصرية حواراً مع أحد مؤسسي "السترات الحمراء" والمتحدث باسمها، بحسب الصحيفة، رياض جراد، أعلن فيه استهداف الحكومة لقيادي الحراك على حد تعبيره كاشفاً الرغبة بإسقاط الحكومة. جراد قال للصحيفة إن "من ضمن المطالب التي تبنتها الحملة تغيير النظام السياسي ليصبح رئاسياً، بدلاً من النظام المختلط، حتى يستطيع رئيس الجمهورية أداء عمله، ومحاسبة رجال الأعمال المتهربين من الضرائب". ويعد هذا تغييراً في مطالب الحركة المعلن عنها في تونس والتي شددت مراراً على أنها "اجتماعية اقتصادية فقط". وعن نشاط الحملة قال جراد: "هناك فعاليات على أرض الواقع في عدد من المدن التونسية وتم التفاعل معها، وأبرزها في سيدي بوزيد التي انطلقت منها الثورة، وهناك مؤتمرات يومية للتعريف بأهداف الحملة". وأضاف: "الحكومة أصيبت بالذعر خوفاً من التحرك الشبابي النشط، وتم اعتقال أحد الشباب المشرفين على الحملة وهو برهان العجلاني، في محاولة يائسة من أعداء الشعب لإرباك شباب تونس الذين يحلمون بالتغيير الحقيقي" وفق ما نقلته الصحيفة على لسانه. ونقلت الصحيفة عن محدثها قوله إن صفحة الحراك في فيسبوك تتعرض لعمليات قرصنة "من أجل مواجهة الحراك الذي بات منتشراً في الشارع ويحظى بالدعم المعنوي" على حد تعبيره، وأضاف: "تلقينا اتصالاً هاتفياً من المستشار السياسي للرئيس السبسي، نور الدين بن تيشة، نقل لنا خلاله رسالة من الرئيس مفادها (ثقتنا كبيرة في الشباب التونسي وتونس أمانة في رقابكم)" واصفاً السبسي بأنه "الضامن الوحيد للاستقرار في تونس". الصحيفة المصرية، المصري اليوم، حرصت في الحوار على توجيه جراد إلى صياغة انتقاد مباشر لحركة النهضة (إخوان) واعتبارها سبب التدهور في الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد، وذكرت على لسان جراد العديد من الانتقادات كقوله: "احتجاجاتنا على تردى الأوضاع وزيادة حالات الفقر، لن تتوقف، بل ستصل إلى إسقاط حكومة يوسف الشاهد الذي تحالف مع حركة "النهضة"، التي استحوذت على الحكم، وانقلبت على الرئيس السبسي" حسبما ذكرت الصحيفة. وجماعة الإخوان المسلمين "محظورة" في مصر، وتلقي السلطات باللائمة عليها في كثير من الأحداث الإرهابية، وتعتبر "المصري اليوم" موالية للنظام وتتبنى وجهة النظر ذاتها.

تعليقاً على حراك "السترات الحمراء"، قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية عمالية في البلاد، نور الدين الطبوبي، أن "السترات الحقيقية للشعب التونسي ليست حمراء ولا صفراء بل هم الشغالون والنقابيون".

"السترات الزرقاء" تنافس

وتحت مسمى "السترات الزرقاء"، دشن ناشطون تونسيون حملةً موازية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الاثنين، مؤكدين رفضهم "دعوات الفوضى والاحتجاج"، على حد تعبيرهم، رداً منهم على دعوات "السترات الحمراء" إلى التظاهر ضد الحكومة والأحزاب المكونة لها. وقالت الحملة عبر حساباتها: " أسسنا هذه الصفحة نكاية في صفحات (البدلة الحمراء)، فمن أراد التغيير عليه بالعمل، تعطيل السير العادي لدواليب الدولة والانقطاع عن العمل لا يؤدي إلا للخراب ". وأوضح بعض القائمين عليها أن حملتهم لا علاقة لها بالحكومة أو أي مؤسسات رسمية، ووصفوها بأنها " بادرة شبابية مستقلة خالية من أي نفس حزبي". وقال أحدهم للجزيرة: " إحساسنا بدقة المرحلة وخطورة بعض الحملات المشبوهة الداعية للنزول للشوارع وتعطيل سير العمل ومؤسسات الدولة دفعنا لإنشاء حراك توعوي عبر الشبكات الاجتماعية لتوعية الشارع وتعديل الكفة". وتعليقاً على حراك "السترات الحمراء"، قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية عمالية في البلاد، نور الدين الطبوبي، أن "السترات الحقيقية للشعب التونسي ليست حمراء ولا صفراء بل هم الشغالون والنقابيون"، وشدد على أن "الأهمية ليست في اندلاع الاحتجاجات، وإنما في القدرة على تأطيرها وتمكنها من تعديل بوصلة تونس". ووصف نائبه سامي الطاهري، السترات الحمراء والزرقاء، بقوله: " هذه الحملات المشبوهة والمدعومة من أطراف سياسية تشوه بشكل كبير جوهر الحراك الاجتماعي والمطالب النبيلة التي طالما رفعها الشعب منذ اندلاع الثورة". وتشهد تونس التي تعاني ظروفاً اقتصادية صعبة رغم الانتقال السلمي للسلطة في 2011، تصعيد العديد من الفئات احتجاجاتهم ضد الحكومة من أجل تحسين ظروف المعيشة ورفع الحد الأدنى للأجور مثل المعلمون والمحامون بخلاف الاحتجاجات التي يقودها الاتحاد العام للشغل.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard