شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
لنتحدّث عن الجنس... في بيروت

لنتحدّث عن الجنس... في بيروت

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 17 ديسمبر 201812:41 م

"كيف يُمارسون الجنس؟... هل يُمارسون الجنسَ أصلاً؟ لا بد أنهم يمارسون الجنسَ بولادة هؤلاء الأطفال في المُخيمات"، تتساءلُ صحافية "سي إن إن"، كريستيان أمانبور، داخل "التواليت" أثناء سماعِها تقريراً إذاعياً عن اللاجئين السوريين في الأردن، بعد 27 سنةً من تغطيتها فظائعَ الحروب. "لماذا لم أكتشف ذلك العالم بعد؟"، تُضيف إلى تساؤلاتها، قبل أن تبدأ رحلتَها من طوكيو إلى دلهي وصولاً إلى مدينة الحُب والحرب، بيروت، المدينة العربية الوحيدة التي قصدتها في جولتها،

في سلسلة حلقات "Christiane Amanpour: Sex & Love Around the World"، التي أنتجتها "Zero Point Zero Production Inc"، وعرضتها شبكة "نيتفليكس"، لتدخل بأسئلتها غُرفَ نوم الفتيات في مُحاولةٍ منها معرفةَ أسرار حياتهن الجنسية، في ظل مُجتمعٍ أبوي يُحلل للرجل ما يُحرمه للمرأة، مُجتمعٌ يخافُ مُناقشةَ الجنس، لكنه يعشقه، ويُمارسه، رغم أنه لا يعرف أين ومتى قد تسقط القُنبلة التالية وتهزّ العاصمة. ولم يكن أمراً مُستهجناً أن تكون جُمانة حداد، الشاعرة والكاتبة والصحافية اللبنانية، والناشطة في مجال حقوق المرأة، أولَ من قابلتها أمانبور في بيروت لتُحدِثها عن الجنس هُناك. فهي التي لا ترى "عيباً" في امرأة "شهوانية" تُحب الجنسَ، بل تُهنئها كونها حيّةً، وصادقةً، وطبيعية، وليست جثة، وليست مُعقدة، تُدرك أن جسدَها ملكها، وأن لها حقَّ التمتع به كما تشاء، لافتةً إلى أن التحرر الجنسي يعني أن يملك المرء فعلياً القرارَ في ما يتعلق بجسده/ها.


تحدثتْ لأمانبور عن "ازدواجية الشخصية" التي يتمتع بها "العرب" لإسعاد المُجتمع، قائلةً بكُل صراحة: كُل عربي مُنافقٌ، وإن لم يكن مُنافقاً، فيدفع ثمن "عدم نفاقه" غالياً - في مُجتمع جلّادٍ يُصبح فيه المرءُ منبوذاً ومرفوضاً لصدقه وصراحة مشاعره - لذلك يختار العديدُ "النفاقَ"، مما يعني وضع ذلك القناع، والتستر وراءَه، ومن ثم فعل كُل ما تحتاجه النفس البشرية لإشباع رغباتها "سراً"، "تلك هي ثمرةُ قيمنا وتقاليدنا. هذه هي نتيجةُ رياء المُجتمع ونفاق الأنظمة وقمع الأديان البطريركية"، تقول حداد، كاشفةً لصحافية "سي إن إن" أن الكلمةَ الأكثر بحثاً على "جوجل" هي "الجنس"، وأن الجميعَ يبحث عنه، ويُحاول مُشاهدته على موقع "يوبورن"، "فقط لأنه من المُحرمات"، بحسب قولها.


ولمُحاربة الكبت الجنسي، ونشر الثقافة الجنسية المعدومة في المناهج الدراسية والتربوية، أسست حداد عام 2008 مجلةَ "جسد" المعنية بالأدب الجنسي وعلومه وفنونه، مجلةٌ لا تشبه أُخرى عربية، تتصدر أغلفتَها عناوينُ فرعية من قبيل: "سأعلّم النساء المضاجعة، قالت ليندا"، "أنا مثلي إذاً أنا غير موجود"، و"في مديح العادة السرّية". "الجميعُ اشتراها ولكن لم يعترف أحدٌ بذلك"، قالت حداد لأمانبور.

"صدْري والشي التاني"

زارت كريستيان أمانبور خلال جولتها في بيروت، طبيبةَ الأمراض النسائية، المختصةَ بعلم الجنس، الدكتورة كارولين عثمان، وقبل أن تتحدث إليها، نقلت حواراً دار بينها وبين فتاة مُقبلة على الزواج تُدعى "جولي"... فتاةٌ تبدو عشرينية، تجلس مُرتبكةً أمام المختصة لتتلقى ما يُمكن أن ينفعها "ليلة دُخلتها".
  • شو المعلومات اللي بتعرفيها عن العلاقة الزوجية؟
  • ولا شي.
  • عندك فكرة عن المناطق الحميمة عند الست؟ المناطق اللي بينعملا excitement (إثارة) خلال العلاقة الجنسية؟
  • أكتر منطقتين هنن صدري والشي التاني.
  • اللي هو؟
  • (ضحكة خجولة)
تخاف جولي من "فضّ غشاء بكارتها مع زوجها"، بحسب ما قالته المُختصة لأمانبور، موضحةً لها أن الثقافاتِ العربيةَ "تهتم كثيراً" بغشاء البكارة، فيكون من الصعب أن تفقدَه الفتاة بليلة واحدة. لكن ما قالته المُختصة يتعارضُ مع حقيقة أنها تستقبل "بكثرة" فتياتٍ يردن "إصلاح عذريتهن"، مُبررةً ذلك بأن المُجتمعَ يجبر الفتاةَ على أن تكون عذراء قبل الزواج. وتعتبر الدكتورة كارولين عثمان أنها لا تُساعد هؤلاء الفتيات على "الكذب على شركائهن"، لكنها تقول لأمانبور موضحةً: "حينما تتعرفين على مُجتمعنا، ستعلمين أنه شديدٌ للغاية مع مثل هؤلاء الفتيات".
"الحب والجنس حول العالم" سلسلةُ حلقاتٍ لصحافية "سي إن إن" كريستيان أمانبور، كان لها محطةٌ في بيروت، لتدخل بأسئلتها غُرفَ نوم الفتيات في مُحاولةٍ منها معرفةَ أسرار حياتهن الجنسية.
يبدأ كتاب "الروض العاطر في نزهة الخاطر" بنشوةٍ جنسية بين رجل وامرأة "باسم الرب"، كتبه الشيخ النفزاوي، أحدُ الأئمة المسلمين... "الكتاب يجعل الوجه يحمر خجلاً" تقول جمانة حداد.
تقول جمانة حداد لصحافية "سي إن إن" أن الكلمةَ الأكثر بحثاً على "جوجل" هي "الجنس"، وأن الجميعَ يبحث عنه، ويُحاول مُشاهدته على موقع "يوبورن"، "فقط لأنه من المُحرمات".
كُل عربي مُنافقٌ، وإن لم يكن مُنافقاً، فيدفع ثمن ذلك غالياً... ولذلك يختار العديدُ "النفاقَ"، مما يعني وضع ذلك القناع، والتستر وراءَه، ومن ثم فعل كُل ما تحتاجه النفس البشرية لإشباع رغباتها "سراً".

ثقافة جنسية حاضرة مُنذ 6 قرون

وفيما تقصد بعضُ الفتيات الدكتورةَ عثمان في القرن الـ 21 من أجل اكتساب ثقافةٍ جنسية، سُمح للصحافية أمانبور بدخول مكتبةِ أنطوان أبي هيلا وزوجته ريتا، التي تضم كتباً نادرةً، منها "الروض العاطر في نزهة الخاطر"، والذي يعود إلى القرن الـ 15.

يبدأ الكتاب بنشوةٍ جنسية بين رجل وامرأة "باسم الرب"، بحسب قول أبي هيلا، لافتاً إلى أنه رُبما يكون أولَ كتابٍ في عالم الأدب العالمي، كتبه الشيخ النفزاوي، أحدُ الأئمة المسلمين، مُقدماً مجموعةَ وصايا للرجل والمرأة في كيفية إرضاء الطرف الآخر جنسياً، وبشكل مُتساوي. يبدأ بـ "الحمد للّه الذي جعل اللّذة الكبرى في فروج النّساء وجعلها للنّساء في إيور الرّجال فلا يرتاح الفرج ولا يهدأ ولا يقر له قرار إلاّ إذا دخله الإير"...

كتابٌ أشبه بدليلٍ جنسي، يتألف من 21 فصلاً أو باباً منه: المحمود من الرجال، والمحمود من النساء، والمكروه فيهما، وكيفية الجماع، وأسباب شهوته. تقول جمانة حداد إنه يجعل "الوجهَ يحمر خجلاً"، لكن ما الذي كان يجعله مقبولاً آنذاك فيما تُمنع منعاً باتاً كتبٌ مُشابهةٌ له اليوم؟ ببساطة تُجيب حداد: "لاكتساب الأديان مساحةٌ أكبر في حياة البشر"، موضحةً أن المُجتمعاتِ العربية لم تجد سوى الدين لمواساتها، بعدما اكتشفت فشلَ حكوماتها.

أمانبور: لنتحدث عن الجنس

مُقابلاتُ أمانبور التي تمحورت حول "الحب والجنس في بيروت" شملت مجتمعَ المثليين ومزدوجي الميول والمتحولين جنسياً (LGBT) الذين كشفوا لها عن صعوبة التلذذ بقُبلةٍ في الشارع، أو أثناء الجلوس داخلَ السيارة، لأن ببساطة، "سيقترب رجلُ شرطة ويسأل: من الفتاة بينكما؟ من التي يتم مُضاجعتها؟".

وتحدثت كُلٌّ من ديما وسنين وشادن وزينب ورامي عن الـ Egg Test أو اختبار البيضة، الذي يعتبرونه مُهيناً و"بربرياً"، وهو اختبارٌ يتم اعتمادُه لتحديد ما إن كان الرجل، "الضحية"، مثلي الجنس أم لا، من خلال إدخال جسم معدني شبيهٍ بالبيضة إلى مؤخرته… آليةٌ وصفتها منظمةُ "هيومان رايتس ووتش" عام 2012 بأنها "معاملةٌ مهينةٌ ومذلة"، تعد انتهاكاً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. الخوفُ يرافقهم دائماً، تقول ديما، وهُنا نعود إلى ما قالته جمانة حداد: كُلُّ عربي مُنافقٌ، وإن لم يكن مُنافقاً، فيدفع ثمنَ "عدم نفاقه" غالياً...  تماماً كما تدفعُ الثمنَ ديما وأصدقاؤها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard