شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
عن الظنّ بأن الحبّ سيظلّ بوهج وطمأنينة بداياته

عن الظنّ بأن الحبّ سيظلّ بوهج وطمأنينة بداياته

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الاثنين 19 نوفمبر 201803:52 م
نظن دائمًا أن علاقة الحب التي اشتعلت منذ فترة بسيطة في غرفة حياتنا ستظلّ بنفس الوهج والطمأنينة حتى النهاية؛ النهاية التي يفهمها دماغ العاشق أو العاشقة هي الموت، متغاضين تمامًا عن تقلبات الحياة ومفاجآت القدر، والاضطرابات التي تباغت مزاج القلب وتؤثر على مجريات الغد.
لكنّ السؤال الذي يحتاجُ إجابةً واضحةً هو: كيف للعشقِ أن يصيرَ نظاماً؟!
مخيفة هي الأسئلة التي تُلحُّ على العاشق مثل عقربِ الساعة في ليلٍ ساكت: هل سأظل معجبة به؟ هل نصلح للعيش معًا ضمن ما يُسمى أسرةً؟ أين ستغيب مساحة الشوق التي كانت جزءًا أصيلاً من علاقتنا على مدى ثلاث سنوات؟ هل سنمارس علاقتنا الحميمة يوميًا بعدما كنا نبرع فيها عند لقائنا كل شهرين؟ هل سأكتب الشعر وأواظب على السير بشكل جيّد حتى أحقق ما أسميه مشروعي الأدبي؟ ومع أنني لا أملكُ إجابةً عما طرحته من أسئلة، وربما من الأفضل أن تظل أسئلة مفتوحة على الاحتمالات ليظل الحب هاجساً دائماً. لكنّ السؤال الذي يحتاجُ إجابةً واضحةً هو: كيف للعشقِ أن يصيرَ نظاماً؟! ثمة أسبابٌ لانهيار منظومة العشق، سمعناها في بعض المرات وربما عايشناها كتجارب شخصية جعلتنا ندركُ أن الشراكة هي بحثٌ عن الأمان، وهو الذي نضعه في الكفة المقابلة للثبات وقلة المخاوف اللذين تحافظ عليهما الوحدة، تتجلى صورة هذا الميزان في المرحلة التي  ينتقل فيها العاشقان من علاقة الحب الثنائية الفردية، التي يمارس كل منهما نفسه الوحدة المستقلة على حدة إلى العلاقة الزوجية التي يتماهيان فيها لمرحلةٍ يشعران بها، أن واحدهما سُلب نفسه دفعة واحدة ومن دون أن يدرك، بهذا تكون العلاقة قد انتقلت من مرحلة ما يحب الشريك وما ترغب فيه الحبيبة إلى مرحلة الهمّ الواحد، والرغبة الواحدة، والحلم الواحد الذي يظنان أنه سيحافظ على العلاقة. عايشت علاقتي العاطفية بثقة وطمأنينة عالية، كأن الظروف جميعها ستتخذ شكلاً يناسب رغباتي وشريكي، كنت مملوءة بالسلام بأن كل وداع سيتبعه لقاء قريب، متناسية أن ما يفصل بيننا هو احتلال ولقمة عيش وخط مسافة زمني واقعي يفتت قلبينا في لحظات نحتاج فيها لفنجان قهوة ساخن، وحديث حقيقي ومباشر بعيدًا عن شبكات الاتصالات والإنترنت ولا نستطيع.جميعنا نتعايش مع فعلة الحب بعفوية وطلاقة، باختلاف طبائعنا ومنابتنا الثقافية والفكرية ومعتقدنا ومشاكلنا اليومية والحياتية، نسير بالغالب إلى النهاية التي تربينا عليها منذ نعومة أظافرنا، العروس الجميلة والعريس الشجاع وما يتبع هذه الصورة من مراسم احتفالات تكلل قصة حب عرف بها على الأقل المقربون من الطرفين، ونسبة قليلة ممن يعايشون هذه الفعلة باتجاه البيت المشترك والحياة الدائمة، من يوجهون لأنفسهم أسئلة عن ماهية الحياة بعدما يهدأ الفرح وينسجم مع الحياة، وتظل ذكرى شهر العسل. في فعل النفاذ إلى شخص آخر، تشعر وكأنّك بحاجةٍ إلى الإبداع والحظّ، لستُ أدري إن كانَ الأمرُ أشبهَ بلعبة الورق أو أشبه بكتابة الشعر، لكنّنا في الحالتين علينا أن نتعلم لعبةً حتى يصبح بمقدورنا فتح باب العلاقة لمساحات أوسع، نلعبها بوعينا ولا وعينا، وندرك أن اللعبة لعبتنا ولا تشبه ألعاب الآخرين، فمن الصعب إسقاط تجارب أناس ناجحة في الحب والزواج وتقليدها، لأنّ الحب تجربة شخصية بحتة لا تقل أهمية عن الحياة، وإذا حصل و(فشلت) كما نقول عادة، فهي مفتاح خبرة جديدة يصلح للذكرى، وتعميق الفهم لشخصياتنا.
أنّ الحب تجربة شخصية بحتة لا تقل أهمية عن الحياة
لن تكفّ الأسئلةُ الفرديةُ عن إلحاحها، لكننا سنجدُ طريقةً للتعامل معها بينما ينهمك الفردُ في كونه نصف الثنائي الثابت؛ أنا نصف هذه التجربة الغامضة، وزوجي النصف الآخر، نمشي معًا بتوقعات مرنة بعض المرات وقاسية مرات أخرى، تختلف باختلاف ظرفنا ومزاجنا وما نطمح إليه، لا هدف واضح وصريح يجعل العاشق يقدم على الزواج بالكثير من الأمل، وبالهمة الكبيرة للغد، أما العاشقة فلا أحلام كثيرة عندها تجعلها تفتح باب قلبها لاستقبال رجلها وأحلامه ومخاوفه وهمومه، هو الحبّ وأفعاله التي لا تصلح للتبرير.
النهاية التي يفهمها دماغ العاشق أو العاشقة هي الموت، متغاضين تمامًا عن تقلبات الحياة ومفاجآت القدر، والاضطرابات التي تباغت مزاج القلب وتؤثر على مجريات الغد.
ثمة أسبابٌ لانهيار منظومة العشق، سمعناها في بعض المرات وربما عايشناها كتجارب شخصية جعلتنا ندركُ أن الشراكة هي بحثٌ عن الأمان، وهو الذي نضعه في الكفة المقابلة للثبات وقلة المخاوف اللذين تحافظ عليهما الوحدة.
إذا حصل، و(فشلت) تجربة الحبّ، كما نقول عادة، فهي مفتاح خبرة جديدة يصلح للذكرى، وتعميق الفهم لشخصياتنا.
حتى اللحظة لم يمض على زواجي سنة، ومع ذلك أشعر أن ما أعرفه عن شريكي أقل بكثير مما كنت أظن، وأن الحياة عن قرب تختلف نوعاً ما عن ذلك الحلم اللذيذ الذي كان يرافقني؛ بالمناسبة هذا لا يدينني ولا يدين شريكي البتة، ولا يعني بأي شكل من الأشكال أن ما كنت أفكر فيه وأتخيله قد تهدّم، كل ما في الأمر أن التجربة الفعلية للحياة مع الآخر لا تحتمل مقارنتها بتوقعّات الماضي أو بأحلام ما قبل النوم بعدما كنّا نغلق الهاتف؛ إن الشوق غير المبرر لا يجد لنفسه مكاناً الآن، والعطش الدائم للحديث والضحك يخف شيئاً فشيئًا حين تصبح دقائق الصمت هدية صباحية أو مسائية لواحدنا، وربما كان لدى زوجي  توقعات مشابهة لما كان لدي، كان يفكر في عشيقته التي لا ينفتح خيالها إلا على الشعر، ولا هم يجعلها تقعد ليلة كاملة من دون نوم سوى نص شعري لم يكتمل بعد، ومن المؤكد أنه لم  يتخيلني مرة وأنا غاضبة كأن السماء سقطت علينا، لذا أغلب الظن أننا في "سنة أولى زواج" نحاول إيجاد مساحة للتوازن بين استقلالنا ووحدتنا وبين انغماسنا في العلاقة، ومساحة للتأمل في الشريك الذي كنا نحلم به ومن نعيش معه الآن. أجمل ما في التجربة هذه العلاقة الناجحة لا تقدّم لنا سرّها في البقاء،إنما تظل قنديل حياتنا المتوهج حينًا والخافت أحيانًا أخرى.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard