شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
بسبب

بسبب "سخرية من عجيبة"... منشور على فيسبوك يثير جدلاً حول الحريات الدينية في لبنان

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 19 يوليو 201805:04 م
مجدداً، تُثار قضية "الحريات الدينية" في لبنان، وقضية تحديد ما هو الممنوع والمسموح وما هو سقف حرية التعبير وأين يبدأ نطاق "ازدراء الشعائر الدينية"؟ ففي صباح 19 يوليو، استَدعى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية الشاب اللبناني شربل خوري بسبب منشور كتبه على فيسبوك، ولم يخرج إلا بعد مرور نحو ثماني ساعات أُبلغ بعدها بأنه ممنوع من التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي لمدة شهر، بأمر من القضاء. ومنذ الصباح، تداول ناشطون خبر تواجد خوري في المكتب المذكور، ما أثار موجة من السخط على وسائل التواصل الاجتماعي، دفعت الناشط الحقوقي وديع الأسمر إلى اتهام الأجهزة الرسمية بـ"الميليشيوية والبلطجة"، واستنكار إجبار الشاب على "محو حسابه على فيسبوك بسبب نكتة".
خوري متهم بـ"تحقير وازدراء الشعائر الدينية وإثارة النعرات الطائفية والسياسية"، والسبب هو منشور كتبه على فيسبوك وسخر فيه من عجيبة منسوبة إلى القديس شربل. القصة بدأت قبل أيام عندما كتب الشاب: "عم اقرا عجيبة جديدة لمار شربل، قال في واحد زوجته ما كانت عم تحبل (بلكي المشكلة فيه ما بعرف) وما ترك حكيم وما شافو على مدى أكثر من عشر سنين، قام من بعد ما يأس ترك رومانيا مطرح ما قاعد وإجا على عنايا زار مار شربل، وبعد ما رجع بجمعة لقي مرتو الرومانية حبلة. ما بدي اكسفك يا مان بش شفلنا هل صبي إذا بيشبهك أو لأ". وعلّقت الصحافية اللبنانية جوي سليم على ما كتبه خوري بالقول: "ممكن يكون بيشبه مار شربل على هل معدل". بوست وكومنت تسببا بإطلاق حملة إلكترونية ضد خوري وسليم، اتهم كثيرون مناصري حزب القوات اللبنانية بالوقوف وراءها. وتضمنت هذه الحملة جملة شتائم وتهديدات، كما تضمنت تحريضاً شاركت فيه بعض المواقع الإلكترونية مثل موقع "ليبانون ديبايت" الذي نشر خبراً بعنوان تحريضي هو "صحفية في جريدة ‘الأخبار’ تهين مار شربل".
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل وصل إلى تعرّض خوري للضرب على يد زميل له في العمل لم يعجبه ما كتبه، وإلى حد نشر البعض عنوان عائلة سليم في تحريض واضح على استهدافها، لا بل تهديدها بالاغتصاب. واعتبر خوري أن "القواتيين لم يعودوا قادرين على تحمّل سخريتي منهم واستغلوا الموضوع، والدليل أن المحامي الذي رفع عليّ دعوى هو عضو في القوات اللبنانية".
ممنوع السخرية من العجائب؟... مجدداً، تُثار قضية "الحريات الدينية" في لبنان، وقضية تحديد ما هو الممنوع والمسموح وما هو سقف حرية التعبير وأين يبدأ نطاق "ازدراء الشعائر الدينية"؟
التحقيق مع شاب لبناني بتهمة "تحقير وازدراء الشعائر الدينية وإثارة النعرات الطائفية والسياسية"... والسبب: منشور كتبه على فيسبوك وسخر فيه من عجيبة منسوبة إلى القديس شربل
وكان المحامي شربل ميلاد الخوري قد ادعى على خوري وسليم أمام النيابة العامة بتهمة "تحقير وازدراء الشعائر الدينية وإثارة النعرات الطائفية والسياسية". وانقسم منقدو خوري وسليم إلى قسمين: واحد يهدد ويتوعّد وآخر يرفض ما يعتبر أنه "تطاول على المقدسات" ولكنه يدعو إلى أن يكون العقاب عن ذلك على يد القضاء. وأثار تشابه الأسماء بين مقدم الدعوى والمدعى عليه واسم القديس سخرية البعض.
وفي المواقف الصادرة عن مؤسسات، لم يَبرز سوى موقف مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم الذي اعتبر أنه "من المعيب أن نسمع أو نقرأ كلاماً من هذا النوع بمناسبة عيد القديس شربل، لأن كلام الشاب والصحافية لا يُعتبر إهانة موجهة إلى القديس شربل فحسب بل إلى كل الذين يعتبرون مار شربل قديس لبنان وكل اللبنانيين". ودفع مناخ التهجم على خوري وسليم البعض إلى الحديث عن "داعشية مسيحية". وذكّر كثيرون بمنشورات لخوري تنتقد مسائل في الدين الإسلامي بدون أن يستفزّ ذلك بأي شكل الشريحة التي تشنّ هجمة عليه حالياً. ورأت الناشطة النسوية اللبنانية مايا العمار أن الهجمة التي يتعرّض لها خوري وسليم "تحمل الكثير من الدلالات التي تشي بحنين شريحة من المسيحيّين إلى استخدام القوّة، بعدما شعروا بأن ‘إفراط’ دينهم بالترويج للسلميّة وتمسّكه بعبرة الخدّ الأيسر أدّيا إلى إضعافهم و’استيطاء حيطهم’. يتوقون إلى زمنٍ ولّى، إلى الفترة ‘الذهبيّة’ قبل أن يُنزع منهم سلاحهم عنوةً، ويبقى مع غيرهم". بعد استدعاء خوري إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، يتساءل كثيرون اليوم عن دور هذا المكتب ودور الأجهزة الأمنية في حماية المواطنين. فهل يستدعون فقط مَن ينتقد بعض المعتقدات الدينية أم سيستدعون مَن يشتمون مواطنين ويهدّدونهم ويحرّضون على إيقاع الأذى بهم؟

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard