شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"اغزوا العراق، اضربوا إيران، أسّسوا سنّستان".... "مهندس الحرب" بولتون يعود بقوّة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 23 مارس 201803:29 م

"إنه اختيار صادم جديد"... تغريدة كتبها مواطن أمريكي على حسابه تعليقاً على قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتعيين جون بولتون في منصب مستشار الأمن القومي بدلاً من هربرت ماكماستر.

وكان ترامب نشر تغريدة على حسابه الرسمي علي تويتر عبّر من خلالها عن شكره لكل الخدمات التي قدمها ماكماستر، معتبراً أنه أدى عملاً رائعاً وأنه سيظل صديقاً له، على حدّ تعبيره.

في التغريدة نفسها، أعلن الرئيس الأمريكي أن بولتون سيتولى مهام منصبه رسمياً خلفاً لماكماستر بداية من التاسع من أبريل القادم.

ويُعدّ بولتون، المشهور بشاربه الكث، أحد صقور الدفاع والمبعوث السابق في الأمم المتحدة أثناء فترة حكم الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، ويُعرف بسلسلة مواقفه الداعية للحرب وبشكل أساسي باعتباره مهندس الغزو على العراق.

أما الطريقة التي تمّ بها استبدال ماكماستر بشخص آخر فتتشابه مع عملية تغيير وزير الخارجيّة ريكس تيلرسون مؤخراً حين أعلن ترامب أيضاً عبر تويتر أن مايك بومبيو سيحل محله.

هذه التغييرات يستشف منها المحللون نيّة ترامب تعزيز نفوذه من خلال إيجاد طاقم عمل مؤيد لآرائه، ولذلك لم يكن غريباً أن يختار بولتون تحديداً ليحل محل ماكماستر.

من هو جون بولتون؟

شعر فضي ناعم لامع، شارب أبيض كث، ونظارة تظهر أن صاحبها أهلك بصره لسنوات طويلة في كتابة تقارير مهمة، هذا هو ما يتركه جون بولتون للناظر إليه من الخارج، لكن ماذا يدور داخل عقل هذا الرجل الذي يبلغ من العمر 69 عاماً؟

عمل لسنوات طويلة ضمن إدارات الرؤساء، رونالد ريغان، جورج بوش الأب، وجورج بوش الابن، بينما قام الأخير بتعيينه مبعوثاً للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، ليتميّز في تلك الفترة بأسلوبه الحاد حسب وصف وسائل إعلام عالمية عدة.

ولفهم أوسع لما يُنتظر من بولتون في منصبه الجديد، يبدو مهماً التعرف على مواقفه السياسية السابقة، وفي هذا الإطار يمكن الوقوف عند أهم هذه المواقف التي صنعت حدثاً غيّر العالم كله وليس الشرق الأوسط فقط. نتحدث هنا عن الغزو الأمريكي للعراق.

لن ينسى العالم لبولتون أنه كان أحد العاملين على الملف الذي زعم امتلاك الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل، وهو كان من أشدّ المؤيدين لغزو العراق ليتبيّن بعد تدمير البلاد وقتل عشرات الآلاف من أهلها أن الملف الذي عمل عليه بولتون كان غير سليم.

باختصار شديد، لقد اعتمدت الحرب، الذي كان بولتون أبرز مهندسيها والملف الذي أعدّه أحد أسبابها، على معلومات غير صحيحة.

لكن يبدو أن فكرة "الحرب" تسيطر على عقل بولتون بشكل عام، ويراها السبيل الوحيد لأن تثبت الولايات المتحدة تفوّق قوتها على العالم بأسره، حيث له العديد من الآراء التي يشجع فيها بشكل واضح على استخدام القوة العسكرية ضد كوريا الشمالية وإيران.

"اضربوا إيران بالقنبلة"

في مارس من العام 2015، نشر بولتون مقالاً في صحيفة "نيويورك تايمز" بعنوان صادم هو "لوقف قنبلة إيران اضربوا إيران بقنبلة"، وقال إن الحل الوحيد للتعامل مع إيران هو القيام بضربة عسكرية ضدها، معتبراً أن ما قامت به إسرائيل في سنوات مضت هو نموذج يجب ان يحتذى.

"العمل على خلق دولة سنية جديدة ومستقلة"، هذه هي الفكرة التي اعتبر بولتون أنها أفضل حلّ لمواجهة "داعش" في سوريا والعراق، مطلقاً على "دولته المفترضة" اسم "سنّستان"
"كان على بولتون البقاء بعيداً بأقصى قدر ممكن عن السياسات الخارجية لأمريكا"... لكن ترامب لا يوفرّ جهداً لجمع فريق يتماهى مع مواقفه وتحديداً بشأن إيران وكوريا الشمالية وسوريا  

ولفت بولتون، في مقاله، إلى أن إسرائيل تحركت عسكرياً عام 1981 ضد مفاعل صدام حسين في العراق، وهو الأمر نفسه الذي قامت به عام 2007 ضد مفاعل سوريا، مؤكداً على عدم وجود وقت لتأجيل أيّ عمل عسكري ضد إيران.

"من حق أمريكا ضرب كوريا الشمالية"

في ما يتعلق بملف كوريا الشمالية فقد اعتبر بولتون، في تعليق له نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن أية ضربة عسكرية أمريكية لكوريا الشمالية هي أمر "مشروع تماماً" بسبب أسلحتها النووية، على حدّ تعبيره، ناصحاً بلاده بألا تنتظر حتى اللحظة الأخيرة.

وفي حوار آخر له مع "فوكس نيوز" في العام الماضي، اعتبر بولتون أن "الخيار الدبلوماسي الوحيد المتبقي بخصوص التعامل مع كوريا الشمالية هو إنهاء النظام في كوريا الشمالية".

"سنّستان" في سوريا والعراق

"العمل على خلق دولة سنية جديدة ومستقلة"، هذه هي الفكرة التي اعتبر بولتون أنها أفضل حلّ لمواجهة "داعش" في سوريا والعراق، مطلقاً على "دولته المفترضة" اسم "سنّستان".

وكان كتب في مقال افتتاحي نشرته "نيويورك تايمز"، في نوفمبر عام 2015، أن و"اشنطن يجب أن تعترف بالجغرافيا السياسية الجديدة على الأرض السورية"، مضيفاً أن "أفضل بديل للدولة الإسلامية سواء في شمال شرق سوريا أو غرب العراق هي دولة سنية جديدة ومستقلة".

وفي "وول ستريت جورنال"، قال بولتون إن على إدارة ترامب التعامل بشكل أوضح في ما يتعلق بالتدخل الروسي في سوريا، معتبراً أن الأرض السورية هي ساحة مواجهة بين القوات الأمريكية والروسية، واصفاً مثلت "روسيا  - الأسد - طهران" بأنه "يهدّد بشكل خطير مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل وأصدقائنا العرب".

رجال ترامب الجدد

يعلق نائب رئيس معهد "كاتو" للدراسات كريستوفر بريبل على تعيين بولتون بالقول "كان على بولتون البقاء بعيداً بأقصى قدر ممكن عن السياسات الخارجية لأمريكا".

في قوله ذلك، يشير إلى أن تعيين بولتون يوضح تأثر الرئيس بالسياسات المحافظة على الطريقة "الفوكس نيوزية" (نسبة إلى قناة فوكس نيوز المتشددة)، فقبل ذلك كان بولتون قد تحول إلى عنصر هامشي في سياسات واشنطن منذ انتهاء عهد بوش، لكنه استطاع العودة بفضل عمله في عالم الميديا المحافظة ومجموعات الضغط.

مع التغيير الأخير الذي أعاد بولتون إلى المشهد بقوة، تبدو لافتةً كميّة التغييرات التي قام بها ترامب منذ وصوله مقارنة بمن سبقه، فعلى سبيل المثال قام أو يخطّط للقيام بـ16 تغيير في موظفي البيت الأبيض مقارنة بثلاثة تغييرات قام بها سلفه باراك أوباما خلال فترة حكمه، وتغيير واحد قام به بوش.

وبحسب مراقبين كثر فإن دونالد ترامب يهدف لجمع فريق يتشابه في أفكاره السياسية معه شخصياً، فهو كان قد عيّن ماكماستر في فبراير عام الماضي بديلاً عن مايكل فلين، الذي تمت إقالته بعد حوالي ثلاثة أسابيع فقط من توليه المنصب.

وكانت خرجت أخبار مؤخراً تشير إلى نيّة ترامب تغيير ماكماستر، بعد انزعاجه من الأخير على خلفية تصريحاته بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، كما أفادت تقارير أن ترامب كان يجد أن الإيجازات التي يقدمها ماكماستر له مزعجة.

هكذا ينضم جون بولتون، المعروف بانتقاده الحاد لسياسات أوباما وتهكمه الدائم عليه "باعتباره مسلماً"،  إلى فريق من عدة أشخاص يفكرون بنفس الطريقة تقريباً في البيت الأبيض.

من هؤلاء كان وزير الخارجية مايك بومبيو الذي يُعدّ من أكثر الأصوات المتشددة في دائرة ترامب بما يخص ملف كوريا الشمالية، وجينا هاسبيل التي عينها ترامب الأسبوع الماضي رئيسة للاستخبارات الأمريكية وهي التي سبق وتم اتهامها رسمياً باستخدام وسائل عدة خاصة بالتعذيب أثناء التحقيق مع متهمين في هجمات 11 سبتمبر 2001.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard