شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"المغاير لن يصبح مثلياً" إذا ما استمع إلى شمس راد، أول إذاعة لمجتمع الميم في العالم العربي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 15 ديسمبر 201705:28 م
منذ انطلاقتها في العام 2014 راحت جمعية شمس المعنية بالدفاع عن حقوق المثليين والمثليات ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً، تصارع من أجل الحصول على دعم اجتماعي واعتراف بحقوق هذه المجموعة الموجودة تحديداً في تونس. وبعد مرور عامين على نيلها الترخيص قطعت الجمعية شوطاً كبيراً من خلال إطلاق أول إذاعة في العالم العربي تنقل هموم وهواجس المثليين والمثليات Shams Rad الذين غالباً ما يكونون مهمشين في المنطقة العربية.

تهديد بالقتل وتأييد

في أجواء احتفالية وموسيقى تراثية وبحضور مجموعة من الناشطين على غرار أمينة السبوي، أعلنت الجمعية التونسية "شمس" عن إطلاق محطة راديو عبر شبكة الإنترنت "راديو ويب" مخصصة لإيصال أصوات المثليين والمثليات في تونس. وقد أطلق على الإذاعة الفريدة من نوعها في العالم العربي إسم "shams Rad"، رافعة شعار "المساواة والكرامة". وعن الحافز وراء إطلاق هذا المشروع، يقول مؤسس جمعية "شمس" المحامي منير بعتور لرصيف 22:" "شمس راد" هي إذاعة على الويب ولدت فكرتها من إحساس أعضاء الجمعية بعدم تفهم المجتمع للميول الجنسية المثلية"، مؤكداً أن الهدف منها توعوي بامتياز: "نصر على أن المثلية ليست مرضاً وبالتالي نحاول فتح باب نقاش حول موضوع المثلية الجنسية لمحاولة الحد من كراهية المثليين غير المبررة في مجتمعنا التونسي". ستتناول الإذاعة المدعومة مادياً من السفارة الهولندية في تونس أحدث الأخبار المتعلقة بالمجتمع المثلي، إضافة إلى مواضيع متنوعة تغطي الجانب السياسي والإجتماعي والنفسي لهذه القضية، وهو أمر أكده بعتور بالقول:"محتوى الإذاعة يتمثل في بث برامج ثقافية واقتصادية وسياسية إضافة إلى إطلاق برامج حوارية تعنى بشؤون المثليين ونظرة المجتمع إليهم. كذلك سيكون هناك الكثير من الموسيقى الملتزمة". ومنذ أن أعلنت الجمعية عبر صفحتها على "فايسبوك" أن بث Shams Rad سيكون يوم 15 ديسمبر 2017، انهالت التعليقات من كل حدب وصوب، ففيما رحب البعض بهذه الخطوة على اعتبار أنها إنجاز خاصة، وأنها تفتح المجال أمام المثليين للتعبير عن أنفسهم، فإن البعض الآخر عارضها بشراسة، ووصل الرفض إلى حد إطلاق الشتائم والتهديد بالقتل، وفق بعتور. ورغم حملة الانتقادات اللاذعة التي طالتهم، أكد القائمون على الإذاعة إصرارهم على المضي قدماً في مشروعهم، غير آبهين بموجات الاستنكار والتهديد، وفي هذا السياق كتب الناشط بالهادي بو حديد عبر صفحته على فيسبوك: ما بين المدح والسب نحن الرابحون لا محال..."شمس راد" هي أمل LGBTQI في تونس، هي وسيلة من وسائلنا النضالية والتي في تقديري سجلت نجاحها قبل انطلاق البث المباشر... شمس راد تكبر بناسها وتكبر بمناضليها ونضالها...هدفنا الكرامة ولن نموت إلا على الكرامة...".

دعوة إلى النقاش

باتت الجمعيات التي تدافع عن حقوق المثليين والمثليات تلعب دوراً ناشطاً في المجتمع العربي، على غرار  "جمعية شمس" التي تأسست كمنظمة منبثقة من البيئة التونسية بهدف تحسين الوضع الاجتماعي والقانوني للمثليين جنسياً والمتحولين ومزدوجي الميول الجنسية (مجتمع LGBTQI). عبر صفحتها على "فايسبوك"، تؤكد الجمعية أنها، بخلاف كل الجمعيات التي سبقتها، ستحاول أن تمثل المجتمع المثلي في تونس مع احترام أخلاق ومعتقدات جميع المواطنين، داعيةً إلى النقاش وفق مبدأ الاحترام المتبادل. يمكن القول إن المطلب الأساسي لجمعية "شمس" هو إلغاء تجريم المثلية الجنسية، إضافة إلى عدة مطالب تعنى بحقوق المجتمع المثلي. ويؤكد رئيس الجمعية منير بعتور أن الهدف الرئيسي لجمعية شمس يكمن في توفير الإحاطة النفسية والمعنوية والمادية للأقليات الجنسية والعمل سلمياً على إلغاء القوانين المجرمة للمثلية الجنسية، وخاصةً المادة 230 من المجلة الجزائية التونسية التي تعاقب المثلية الجنسية بثلاث سنوات سجن، فضلاً عن التوعية في خصوص الأمراض المنقولة جنسياً. وبالرغم من تأكيده على عدم وجود آذان صاغية من الطبقة السياسية في شأن إنهاء تجريم المثلية، فإن بعتور يعرب عن أمل الجمعية في إرساء محكمة دستورية للبت بمسألة إلغاء تجريم المثلية بناءً على مبدأ عدم التمييز الذي أقره الدستور التونسي. بفضل نشاطاتها الهادفة، حصلت جمعية "شمس" على نوع من الغطاء الدولي، إذ فازت أخيراً بجائزة دولية في العاصمة الإيرلندية دبلين، وفي هذا الصدد يقول بعتور:"إن هذا الفوز يمثل اعترافاً دولياً بالعمل الجبار الذي تقوم به الجمعية وتكريماً لمجهودها في مجال الاعتراف بحقوق المثليين وحمايتهم". ورداً على كل الأصوات الرافضة لعمل الجمعية على اعتبار أنها تحرض على المثلية الجنسية في تونس، يقول بعتور: "الجمعية وشمس راد لا تشجعان على المثلية، فالمثليون موجودون في المجتمع التونسي، فهم فئة يجب احترامها ولا يمكن أن يقع تشجيع المثلية لأن المغاير لن يصبح مثلياً إذا ما استمع إلى الإذاعة والمثلي لن يصبح مغايراً تحت أي ظرف".

230

لم تسلم مسيرة "شمس" من بعض العثرات والعراقيل التي وقفت في طريقها، ففي العام 2016 قررت السلطات التونسية تعليق عمل ونشاطات الجمعية لمدة 30 يوماً، الأمر الذي دعا المنظمات الداعية لحقوق الإنسان إلى التحرك. فقد قالت آمنة القلالي مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في تونس: "تلعب شمس دوراً فاعلاً في مجال حقوق الإنسان، خاصةً لناحية الوقوف إلى جانب المثليين والمثليات الذين وقعوا ضحية أعمال العنف، وبالتالي فإن تعليق نشاطهم يحرم الجمعية من فرصة القيام بهذا العمل المهم". واعتبرت "القلالي" أن المضايقات التي تمارسها الحكومة التونسية ضد جمعية شمس هي انتهاك واضح للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، مؤكدةً أن تعليق عمل المنظمة يعرض حقوق جميع المنظمات الحقوقية الأخرى للخطر. وكانت جمعية شمس قد تعرضت لانتقادات عديدة من مسؤولين حكوميين بسبب مساندتها المعلنة لإلغاء الفصل 230 الذي ينص على معاقبة "مرتكب اللواط أو المساحقة إذا لم يكن داخلاً في أي صورة من الصور المقررة في الفصول المتقدمة بالسجن مدة 3 أعوام"، كما أن الجمعية دانت استخدام الفحوص الشرجية لـ "اختبار" الأدلة المتعلقة بالسلوك المثلي، على اعتبار أن هذه الممارسة ليس لها أي إثبات طبي أو علمي. وبالرغم من كل هذه الصعوبات، تمكنت بعض الجمعيات من رفع صوتها وإيصال مطالبها ولو بطريقة تدريجية. ونتيجة الجهد الكبير الذي تبذله هذه الجمعيات تحسن وضع المثليين في عدة دول عربية، إذ يؤكد بعتور أن وضع المثليين والمثليات في تونس بات يتميز بهامش من الحرية أكبر من الهامش الموجود في باقي الدول العربية، باستثناء لبنان حيث أن رقعة الحرية أوسع "لكنه يبقى وضعاً صعباً إذ يعاني المثليون الاضطهاد والوصم والتمييز والاعتقالات التي بلغت منذ بداية عام 2017 نحو 60 حالة، كما أن رفض العائلات للأبناء المثليين يمثل مشكلة كبيرة خاصةً لفاقدي السند المادي".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard