شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"شنغن خليجية" لإنعاش السياحة والاستثمار... هل يمنع التطبيع مع إسرائيل إنجازها؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 20 مايو 202301:13 م

تتجه دول مجلس التعاون الخليجي إلى إصدار تأشيرة سياحية موحدة تستهدف المقيمين فيها والذين يرغبون في زيارة بلدان التعاون الأخرى، من دون أي شروط مسبقة.

"المشروع قيد الدرس بين جميع دول المجلس وُينتظر الإعلان عنه في وقت قريب"، هذا ما قالته وزيرة السياحة البحرينية، فاطمة الصيرفي، في حديثها إلى رصيف22، في أثناء مشاركتها في معرض سوق السفر العربي في دبي، والذي يقام منذ أسبوع داخل مركز التجارة العالمي.

وفق كلامها، "هذه التأشيرة ستسمح للمقيمين داخل أي دولة خليجية بزيارة دولة أخرى ضمن فترة محدودة، بيد أن مفعول عمل هذه التأشيرة سيكون محدداً بمدة زمنية، مع العلم بأن السعودية سمحت مؤخراً للمقيمين في دول الخليج بالدخول إلى أراضيها عبر تأشيرة سياحية ضمن تسهيلات لا تحتاج إلى إجراءات معقدة"، مشيرةً إلى أن "تجربة المونديال الناجحة في قطر أسهمت في تعزيز التعاون السياحي بين بعض دول المجلس".

أصدرت قطر في أثناء التحضيرات لاستقبال بطولة كأس العالم 2022، بطاقة "هيا"، التي سمحت لحامليها بالدخول إلى أراضيها من دول المجلس لحضور فعاليات بطولة العالم لكرة القدم، ومن هنا انطلقت الفكرة لتصبح تأشيرةً سياحيةً موحّدةً، مع العلم بأن بعض دول المجلس لم تصدر أي قرار في هذا الشأن.

ستسمح التأشيرة للمقيمين داخل أي دولة خليجية بزيارة دولة أخرى ضمن فترة زمنية محددة مسبقاً لحامليها

الجنسية الإسرائيلية تخيفهم

يقول المحلل السياسي والاقتصادي القطري، الدكتور علي الهال، لرصيف22: "في المبدأ، الدول التي اتفقت على هذا المشروع وستبدأ أولاً بتطبيقه هي السعودية والإمارات والبحرين، وهذه التأشيرة لن تكون فقط سياحيةً كما هو مطروح، لأنها ستمنح الفرص للمقيمين في دولة خليجية ما بالبحث عن فرصة في دولة أخرى، ولا يمكن إغفال أن دول مجلس التعاون تُعدّ اليوم من أبرز المراكز العالمية للحصول على فرص مهنية للجنسيات والاختصاصات كافة، ناهيك عن أنها أيضاً دول جاذبة للاستثمارات وللعمالة من المستويات كافة، ولا تزال دول المجلس تحتاج إلى فئات متعددة من العمالة والتخصصات وستتيح هذه التأشيرة الفرص لهم للتجريب".

ويشير إلى أنه وبحسب المعلومات التي لديه، "تتريث قطر في الوقت الراهن في إعطاء موافقتها على منح هذه التأشيرة، كذلك الكويت وسلطنة عُمان لم تبديا أي موافقة نهائية على هذه التأشيرة"، من دون أن يخوض أكثر في تفاصيل التريّث أو التمنّع.

يقول: "قطر تتريث في الوقت الراهن ولم تمانع، خاصةً أنها العرابة في إصدار بطاقة 'هيا' التي تشبه إلى حد ما هذا المشروع، والتي ساهمت في دخول الآلاف من مقيمي الدول الخليجية خلال فترة كأس العالم أراضيها، وقامت الإمارة بتمديد فترة العمل بهذه البطاقة حتى نهاية العام 2024، وكان هناك إقبال كثيف على شرائها بعد البطولة وحظيت بإقبال كبير خاصةً من أولئك الذين توافدوا إلى مناطق قطرية عدة بحثاً عن فرص عمل".

من وجهة نظره، سواء بطاقة "هيا" أو التأشيرة الموحّدة، لهما منافع على قطر لأن نسبة سكانها الأصليين أو المواطنين القطريين لا تتجاوز الـ11 في المئة، وإذا أحصينا عدد المتقاعدين والأطفال والمراهقين في المدارس تصبح نسبة القوى العاملة من المواطنين نحو 2 في المئة، "لذا من خلال خبرتي الاقتصادية أرى أن للتأشيرة الموحدة فائدةً كبيرةً على قطر".

ويختم بالقول: "وفق معلوماتي تنتظر قطر موافقة الكويت وسلطنة عمان قبل أن تعطي ردها النهائي، لا سيّما أن من بين المقيمين في دولتي الإمارات والبحرين حاملي الجنسية الإسرائيلية وهذا الأمر لن ترحّب به الدول الخليجية المذكورة كما أنه يقلقها لأن هذه التأشيرة ستسمح للجميع بالدخول، لذا الموضوع يتطلب دراسةً عميقةً".

وأشارت تقارير اقتصادية للمركز البريطاني للدراسات الشرق الأوسطية، وأيضاً لمعهد دراسات الخليج، إلى أنّ دول الخليج عمدت إلى تسهيل منح التأشيرات السياحية ضمن أهدافها الرامية إلى تنويع الاقتصاد وعدم الاعتماد على واردات النفط فحسب.

وفي هذا الصدد أعلنت السعودية، في آذار/ مارس 2023، عن تسهيلات جديدة تضمنت السماح لمقيمي دول الخليج بدخول المملكة من دون اشتراط مهن محددة.

تنتظر قطر موافقة الكويت وسلطنة عمان قبل أن تعطي ردها النهائي، لا سيّما أن من بين المقيمين في دولتي الإمارات والبحرين حاملي الجنسية الإسرائيلية وهذا الأمر يُقلق بعض الدول

وتأتي هذه التسهيلات بعد حزمة كبيرة من التسهيلات أطلقتها، في أيلول/ سبتمبر 2022، وشملت منح تأشيرات سياحية إلكترونية لمقيمي دول الخليج، والسماح للحاصلين على تأشيرة سياحية أو تجارية سارية المفعول من الولايات المتحدة الأمريكية، أو المملكة المتحدة، أو إحدى دول اتفاقية "شنغن"، بدخول البلاد بلا تأشيرة، مع توسيع الفئات لتشمل أقارب حامل التأشيرة من الدرجة الأولى الذين برفقته.

القرار في الكويت ليس أحادياً

لماذا تتريث الكويت في إعطاء موافقتها على هذه التأشيرة ومعها سلطنة عُمان؟

يقول البرلماني ورئيس حزب المحافظين، حماد النومسي، في حديثه إلى رصيف22: "السبب الرئيسي هو أن القرارات في الكويت تختلف تماماً عن سائر دول الخليج، لأن في الكويت القرار يأتي بموافقة من البرلمان ورئاسة الحكومة وليس كما في الدول المجاورة؛ الأمير أو الملك هو من يقرر بمفرده".

ويضيف: "قد يصدر الأمير مراسيم من الممكن أن يرفضها مجلس الأمة، وتُعدّ في حكم الملغاة، خاصةً في ما يخص الشأن الخليجي، مثل الاتفاقية الأمنية بين دول الخليج التي حصلت عام 2013، بعدما وقّعت الكويت على هذه الاتفاقية وأراد مجلس الأمة مناقشتها، وقوبلت باستياء وغضب شعبيين فتم رفضها".

وغالباً ما تكون الكويت عقبةً أمام الدول الخليجية الأخرى في اتخاذ القرارات التي تتعلق بمجلس التعاون لأن القرارات فيها جماعية وتتطلب الكثير من الوقت والتباحث وفق النومسي، الذي يؤكد في كلامه على أن "الجنسية الإسرائيلية بكل صراحة تقف عائقاً أمام هذه التأشيرة، لأن الكويت ترفض تماماً موضوع التطبيع مع إسرائيل ودخول جنسيات مرفوضة إلى أراضيها يتطلب دراسةً أمنيةً، لا بل الكويت تحارب أي دعوة للتطبيع مع الإسرائيليين، وهي العائق الوحيد في هذه المسألة وإذا تم إيجاد حل لها، ستزول هذه العقبة".

لكن في الوقت نفسه، لا ينفي النومسي أن "لهذه التأشيرة فائدةً لأي دولة من ناحية تنشيط الحركة السياحية، لأن أي زائر لأي دولة في المجلس سيدفع ثمن بطاقة طائرة وغالباً سينزل في فندق، وكذلك من ناحية حركة الشراء، وكلها عوامل تزيد من الحركة السياحية لأن ليس كل من يدخل هذه الدول سيكون هدفه البحث عن فرص عمل إذ غالباً ما يكون لديه عمل في البلد الذي يقيم فيه".

وأشار تقرير لصحيفة "المونيتور" الأمريكية، إلى أنّ عدد الإسرائيليين في الإمارات يبلغ حالياً 2،000 شخص، معظمهم يعملون في القطاع السياحي من استثمار مطاعم وفنادق وملاهي ليلية، وقسم يعمل في القطاع الصحي ومجال الذكاء الصناعي.

وغالباً ما تنادي دول الكويت وقطر وسلطنة عُمان، التي سبق أن استضافت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بضرورة قطع العلاقات مع إسرائيل، وكثيراً ما تنتقد شخصيات خليجية الدول العربية التي وقّعت اتفاقيات مع الحكومة العبرية.

تنادي دول الكويت وقطر وسلطنة عُمان، التي سبق أن استضافت نتنياهو، بضرورة قطع العلاقات مع إسرائيل

الإمارات والسعودية... إلى التنفيذ

يتفق الخبير في الشؤون الإستراتيجية، والرئيس الإقليمي للمركز البريطاني لدراسات وأبحاث الشرق الأوسط من الإمارات العربية المتحدة، أمجد طه، مع آراء زملائه من قطر والكويت من ناحية أن هذه التأشيرة ستعود بالفائدة الاقتصادية الكبيرة على كل دول الخليح تماماً كما هو الوضع في دول الاتحاد الأوروبي التي يزور سكانها بعضهم بهدف السياحة والتسوق ما يعزز العجلة الاقتصادية.

ويقول لرصيف22: "كأس العالم في قطر لفت الانتباه إلى مسألة توحيد التأشيرات السياحية بين دول المجلس، وأعتقد وفق معلوماتي بأن هذه الدول تدرس صلاحية هذه التأشيرة أي أنها ستكون لمدة 30 يوماً، كي تنظّم عملية الدخول بطريقة غير عشوائية، أي أن أي شخص يدخل ويمكث لفترة من الزمن، لكن بشكل عام جميع الدول المعنية مقتعنة بأن لهذه التأشيرة جوانب إيجابيةً ومنفعةً للقطاع الاقتصادي".

ويتفهم طه مواقف الدول الرافضة دخول الإسرائيليين أراضيها، ويعتقد أن الحكومات فيها تدرس كيفية تجنب هذه العقبة لأن هناك مئات الآلاف من الجنسيات الأخرى التي ليست لديها أي مشكلات مع دول الخليج وترغب في زيارة بعضها بهدف السياحة.

وأكدت تقارير صحافية عربية على أن السعودية والإمارات العربية المتحدة ومعهما البحرين بدأوا في تطبيق هذه التقنية منذ الأول من أيار/ مايو الحالي، لكن في الواقع لم يحصل ذلك فعلياً وهذا ما يؤكده طه قائلاً: "الموضوع قيد الدرس من جوانبه كافة، على الرغم من أن الإمارات والسعودية من المشجعين جداً للفكرة لأن مقيمين كثراً في دول أخرى يرغبون في زيارتهما، لكن يبقى الجانب الأمني مهم جداً لأي دولة، لكن القرار سيُنفّذ حتماً في أقرب وقت، وتالياً أعتقد بأن الدول العربية الأخرى قد تلجأ إلى هذه التأشيرة في المستقبل بمعنى أننا سنسمع عن اتحاد عربي بما يخدم أمنها واقتصادها".

الجدير ذكره أن وزارة الخارجية السعودية أطلقت في 4 أيار/ مايو الجاري، خدمة التأشيرة الإلكترونية كمرحلة أولى تشمل 7 دول بينها الإمارات؛ وذلك بعد إلغاء لاصق التأشيرة على جواز سفر المستفيد. وأوضحت أنه جرى بعد ذلك التحول إلى التأشيرة الإلكترونية وقراءة بياناتها عبر رمز الاستجابة السريعة (QR).


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard