شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
هل هي دعوة إلى العشاء أم الجنس؟

هل هي دعوة إلى العشاء أم الجنس؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن والنساء

الاثنين 3 أبريل 202312:06 م


لا أخفي عنكم، أنا سيدة الأربعين عاماً، أعاني وحدة شديدة. كسبت بعض الوزن، وتغير شكلي قليلاً. التعديلات التجميلية قد تنقذني من العمر، لكن العمر الفعلي والرغبة لا تخفيهما أي عمليات تجميلية.

عندما أصبحت في الأربعين، سألت نفسي: هل ما زلت مرغوبة لدى الرجال؟ هل يمكنني أن أقع في الحب مجدداً؟ يومها وصلتني دعوة إلى العشاء، قبلتها دون تردد، فنحن النساء الوحيدات نحاول أن نثبت دائماً أن قلوبنا ما زالت حية، لكنني عندما جلست قليلاً راودتني فكرة: "هل دعوة اليوم هي للعشاء أم الجنس؟". قلت فليكن، فهي دعوة مغرية للوحدة.

والحب؟ لم أفكر في الأمر، كل ما ظننته أني سأخرج من تلك القوقعة لأقابل شخصاً ربما أستطيع الابتسام أمامه دون أن يلحظ علامات السن على وجهي، وإذا لمس يدي لا ينتبه أنها متعبة، وقد يقبّلها ويضمّني، كم أحتاج إلى عناق طويل يخبرني أن قلبي ما زال نابضاً، أهذا هو الحب؟

في صباي، كنت أظن أن حرارة الجسد من علامات الحب، وأننا كلما اقتربنا ممن نحب شاركناه الود. لكنني عند كل فراق كنت أقصّ شعري انتقاماً من الوقت حتى أصبح شعري قصيراً جداً. مضحك جداً أن أنتقم من الحب بزوال خصلات شعر إضافية أمضيت ساعات اهتمّ بها ليُغرم بي هذا الرجل الذي قرّر هجري "لأنني كائن لا يحتمل".

عند كل فراق كنت أقصّ شعري انتقاماً من الوقت حتى أصبح شعري قصيراً جداً. مضحك جداً أن أنتقم من الحب بزوال خصلات شعر إضافية أمضيت ساعات اهتمّ بها ليُغرم بي هذا الرجل الذي قرّر هجري "لأنني كائن لا يحتمل"

لكن بعيداً عن الفراق، قرأت في السابق كتاب سيكولوجية العلاقات الجنسية لـ "تيودور ريك" يقول إن ثمة خوف مستتر لدى المرأة أن يرغب فيها الرجل لا باعتبارها امرأة بنفسها بل باعتبارها الأنثى الأقرب إلى متناوله... صحيح! أردّدها لكن ما الفرق، أليس الهدف أن أشعر بنفسي امرأة مرغوبة؟ فستاني، حقيبتي، حذائي، شفتاي ونهداي، أليسوا لإشعال الرغبة؟ لماذا أجلد نفسي بأفكار لا جدوى منها سوى الوحدة، وأنا اخاف من الوحدة، وجسدي يشتعل رغبة كل يوم. هل يجب أن أقتل رغبتي كيلا أوصم بعار الجنس والحب؟

عندما أصبحت في الأربعين، سألت نفسي: هل ما زلت مرغوبة لدى الرجال؟

كنت أضحك دائماً عندما يخبرونني عن أزمة الأربعين. لا يعقل، كيف للنضج أن يتحول لأزمة، لكن الواقع أن النساء في أزمة حقيقية أمام الحب، فهي لعنة الأعراف والمجتمعات ولعنة الأعمار! أؤمن كامرأة أن جسدي لم يذبل وأن طاقتي للجنس ما زالت مشتعلة، وفكرة الحب لأجل الحب لا تبارح حديثي كلما سألني أحدهم لماذا أنا وحيدة، فالحب يا صديقي مقيد ضمن الأعمار الصغيرة، وفي مجتمعاتنا الكسولة التي نمت على معايير اجتماعية للمرأة تضع امرأة الأربعين في خانة المستعملة سابقاً، أو لم تعد صالحة لأكثر من علاقة عابرة، لا تستطيع الإنجاب، وإذا حملت فهو خطر، وإذا مارست الجنس لن يستمر لمدة طويلة، أو نعاملها على أنها امرأة ناضجة فقط لا تفقه بالأمور الخارجية، مترفعة عن ملذات المراهقين، إذن لنشطبها من قيد الحب، ونسجّلها في قيد المرأة المثيرة للشهوات بين الحين والآخر، وترحل في حال سبيلها. من قال إن الرجال فقط من يحق لهم أن يطلبوا الجنس أو أن يعبروا عنه؟ أو أن اللذة الجنسية لدى النساء معدومة، ووجود المرأة هو تفريغ لرغبة الرجل فيها؟

وعودة لدعوة العشاء، أفكر الآن أي أحمر شفاه أضع وأي فستان أرتدي، فقد مضى على خروجي لموعد عاطفي عام كامل، هل هو الرجل المنشود أم أنه يشعر بالملل مثلي، فتذكر رقمي من أيام عملي السابق، فصادفه بين أرقامه وقرّر الاتصال بي؟ أم فقد الاتصال بحبيبته وقد أخطأ في الرقم وكلمني!

مرت ثلاث سنوات بعد الأربعين، أي تنازلات جنسية عليّ أن أقدم لأشعر لمرة واحدة أنني امرأة صالحة للحب والجنس والرعشات والرقص؟

لا أعلم وأنا أحمل زوادتي العاطفية وجميع الأحاديث التي لم أقلها لأحد، ورغبتي في السير تحت المطر وأن اختبأ في معطفه، وقبلتنا الأولى ربما اليوم، ومخيلتي الجنسية تشتعل، هل ينتظر مرور الوقت مثلي كي يضع عطره المفضل، ويأتي إلي بكامل ضوئه كي يقول إنه يفتقدني؟ أفكار مجنونة أقول لنفسي، وأن محاولات الحب مع الرجال فاشلة عموماً، قد يفكر أنني بحاجة للاحتواء بعض الوقت، وقد لا يفكر بالجنس والحب.

أعرف أنه الإحباط والقلق الذي يراودني الآن، الإحباط الجنسي تحديداً، الذي أفكر به دوماً مع الرجال، بعض العلاقات مخيبة للتوقعات، وقد يفشل الرجال أمام جموح النساء، وقد لا أستطيع التعبير عن خيبتي فأقف صامتة بابتسامة كنوع من التعاطف، وقد ينجح في علاقته ويرحل، لأن لا حب مسموح لنا نحن النساء في الأربعين.

ما أشعر به وهو صورة مصغرة لفيض المشاعر والأفكار كلما نظرت إلى المرآة وأقول: ما زلت نابضة بالحب لماذا أنا وحيدة إذن؟ أضع هاتفي جانباً، أتركه يرن وحيداً، أدير ظهري لخيبة محتملة وأشرب فنجان قهوتي المنسي من ليلة أمس. قد مرت ثلاث سنوات بعد الأربعين، أي تنازلات جنسية عليّ أن أقدم لأشعر لمرة واحدة أنني امرأة صالحة للحب والجنس والرعشات والرقص؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

رصيف22 من أكبر المؤسسات الإعلامية في المنطقة. كتبنا في العقد الماضي، وعلى نطاق واسع، عن قضايا المرأة من مختلف الزوايا، وعن حقوق لم تنلها، وعن قيود فُرضت عليها، وعن مشاعر يُمنَع البوح بها في مجتمعاتنا، وعن عنف نفسي وجسدي تتعرض له، لمجرد قولها "لا" أحياناً. عنفٌ يطالها في الشارع كما داخل المنزل، حيث الأمان المُفترض... ونؤمن بأن بلادنا لا يمكن أن تكون حرّةً إذا كانت النساء فيها مقموعات سياسياً واجتماعياً. ولهذا، فنحن مستمرون في نقل المسكوت عنه، والتذكير يومياً بما هو مكشوف ومتجاهَل، على أملٍ بواقع أكثر عدالةً ورضا! لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم، وأخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا!.

Website by WhiteBeard