شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"محاكمة التجديد" في البحرين... هل هي حرب ضد التنوير؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن وحرية التعبير

الثلاثاء 7 مارس 202305:51 م

طلبت النيابة العامة في البحرين، يوم الثلاثاء 7 آذار/ مارس 2023، "إنزال أقصى درجات العقوبة" باثنين من أعضاء جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية، في تهم تتعلق بازدراء الأديان على خلفية إنكارهما "المعجزات القرآنية" و"طرح أفكار عبر وسائل التواصل الاجتماعي تمس العقيدة الإسلامية" في ما اعدّته هيومن رايتس ووتش "حالة جديدة من اضطهاد التعبير السلمي" في المملكة الخليجية.

وتنظر المحكمة الصغرى الجنائية الرابعة دعويين من إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية ووزارة التنمية الاجتماعية ضد ثلاثة من الأعضاء المؤسسين لجمعية التجديد، هم: رضا رجب وجلال القصاب ومحمد رضا رجب. وهم يحاكمون بتهمتي "التعدّي على إحدى الملل أو حقر شعائرها" و"الإهانة علناً لرمز موضع تمجيد أو تقديس لدى أهل ملة".

وفق "هيومن رايتس"، تُلاحق النيابة العامة المدعى عليهم بموجب المادتين 309 و310 من قانون العقوبات البحريني. وهم يرفضون الاتهامات الموجهة إليهم مؤكدين على أن "الجمعية تأسست عام 2002 وتتمتع بوضع قانوني سليم، وأعضاؤها ملتزمون بالقانون". وقد تأجلت المحاكمة إلى جلسة 14 آذار/ مارس الجاري.

"تهم مؤسسة على سوء الفهم"

وفي بيانها المنشور عبر حسابها في فيسبوك، بالتزامن مع انعقاد أولى جلسات المحاكمة في 21 شباط/ فبراير 2023، قالت "جمعية التجديد" إنها تنطلق "من ثابتين أساسيين في شرعية ما تقوم به" وهما: "تقديس الذات الإلهية والأنبياء والكتب السماوية وصحيح السيرة الموافق للقرآن" و"أن الموروث الروائي والتفاسير تدوين بشري لا يرقى لقطيعة صدور القرآن وهو محل خلاف واجتهاد".

النيابة العامة في #البحرين تطلب "أقصى عقوبة" لثلاثة من أعضاء #جمعية_التجديد الذين يحاكمون في تهم تتعلق بـ"ازدراء الأديان"، والجمعية تعتبرها "تهماً مؤسسة على سوء فهم نتيجة حملة اجتزاء وتحريف"

وأكدت رفضها التهم، قائلةً إنها "تهم مؤسسة على سوء فهم نتيجة حملة اجتزاء وتحريف المحتوى الذي تبثه، والذي يرمي بالأخص لتقديس كتاب الله من الإبطال ونقد ما أضيف عليه من تفسيرات غير منطقية ترزى به، وتنزه أنبيائه وأهل بيت نبينا عن ما أهيل عليهم من أوصاف غير لائقة وبيانات ظلم، ومن التوظيف المذهبي للدين على حساب قيم الإسلام الحقّة الجامعة للمسلمين".

وشددت على أن "بعض رجال الدين من الطائفة الشيعية عملوا بفتاوى جائرة مستوردة أباحت لهم الكذب والافتراء والقطيعة بغية عزلنا على مدى أكثر من ثلاثة عقود"، مردفةً بأن "ذات اليد اليوم تحاول أن تتخفى بقفاز القانون وتتسلل لاستغلال دولتنا المدنية لتسحبها لممارسات عصور الظلام التي راجت فيها محاكم التفتيش".

وفيما اعتبرت الجمعية أنها تتحصن بوجودها في "دولة مدنية لا دولة دينية متخلفة"، أعربت عن احترامها وثقتها في الدولة ودستورها ومؤسساتها المدنية و"عدالة القضاء"، مشددةً على تمسكها بـ"حقنا في الفكر والكلمة الحرة". وختمت بتعبيرها عن أملها في أن "ينتصر الوطن عبر قضائه لمدنية الدولة بترسيخ الحريات وعلى رأسها حق التنوع وحرية التعبير".

لاحظ رصيف22 هجوماً إلكترونياً شديداً ضد الجمعية، شارك فيه عدد من الشخصيات العامة ورجال الدين، عبر وسمي #جمعية_التجديد و#محاكمة_التجديد. وصل الأمر إلى "تخوين" أعضاء الجمعية واتهامهم بـ"الاستقواء بالخارج" عبر وصف الجمعية بأنها "بدعة السفارة".

النيابة العامة تطلب "أقصى عقوبة"

في غضون ذلك، دفعت النيابة العامة بأن "ما وقع من المتهمين قد نال باجتراء من الإسلام بمجمل خصائصه وبيانه وأحكامه"، واصفةً إحالة المدعى عليهم للمحاكمة بأنه "دفاع عن ديننا الحنيف ومنافحة عن ثوابته وقيمه ورموزه، ودفاع عن كتاب الله ورسوله، ودفع لكل إفك وافتراء وحفظ للعقيدة التي رسخت في نفوس المؤمنين تصديقاً بما أنزل الله، ودرء للفتن في أوساط المجتمع".

تقول #جمعية_التجديد إن عملها ينطلق "من ثابتين أساسيين" هما "تقديس الذات الإلهية والأنبياء والكتب السماوية وصحيح السيرة الموافق للقرآن" و"أن الموروث الروائي والتفاسير تدوين بشري لا يرقى لقطيعة صدور القرآن وهو محل خلاف واجتهاد"

وفي مرافعتها، خلال الجلسة الثالثة للمحاكمة، الثلاثاء، وصفت النيابة العامة دفوع المدعى عليهم بأنها "واهية"، قائلةً إنها بتقديمهم للمحاكمة "لا تصادر حرية الفكر بل تقف موقفاً ثابتاً عند السخرية بالعقيدة الإسلامية"، قائلةً إن المدعى عليهم "خرجوا عن طوق الفكر والرأي إلى الامتهان والتضليل وتعدوا على حرية العقيدة المكفولة بالدستور بما صرحوا به من أطروحات وافتئات ومن استنكار وتشكيك مفعم بالسخرية والاستهزاء".

وفق صحيفة "البلاد" البحرينية، قدمت النيابة إلى المحكمة "محضر تحريات مرفقة به أقوال منشقين عن الجمعية مع بيان الضغوطات التي تمارسها جمعية التجديد بحقهم حيث تركوها وتبرأوا منها بعدما بانت لهم مقاصدها وأهدافها". قالت الصحيفة إن الأقوال المشار إليها كشفت "نشاط المتهمين الإجرامي، وممارسات هذه الجمعية الضالة والمضلة". واتهمت النيابة العامة رضا رجب وجلال القصاب تحديداً بأنهما "تطاولا على كلام الله، الكتاب المقدس المنزل"، مشددةً على أنها بأنها لن تسمح لهما بـ"تلويث العقول وزعزعة النفوس".

واستندت النيابة في اتهام الجمعية وأعضائها إلى خطاب من المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في البحرين اعتبر فيه أن تفسير المدعى عليهم "آيات القرآن بمعزل عن السنة النبوية المطهرة، ودون الاحتكام إلى المشهور من قواعد اللغة العربية، وطريقتهم في الاستدلال والتأويل" جميعها أمور "أوقعتهم في إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة كإنكار معجزات الأنبياء من خلال وصفها بالخرافة وبأنها محكيات شعبية مكتوبة".

كما اعتبرت إقرار رضا رجب بالمسؤولية عن إعداد وبث مقاطع فيديو مصورة عبر الإنترنت تتناول القضايا المثيرة للجدل وتفسيراتها من وجهة نظر الجمعية، "اعترافاً" بالتهم الموجهة.

 "معجزات الأنبياء خرافات ولا تزيد من إيمان الشخص" و"ليست دليلاً على صدق أي رسول أمين" و"نشر قصص خرافية عن الأنبياء بمثابة الفيروسات التي تستحوذ على عقل المسلم"... لماذا يُحاكم ثلاثة من أعضاء #جمعية_التجديد في #البحرين؟ 

على سبيل المثال، قال رجب في التحقيقات - وفق ما نقلت "البلاد" - إن "معجزات الأنبياء خرافات ولا تزيد من إيمان الشخص" و"ليست دليلاً على صدق أي رسول أمين"، وأن معجزات مثل خروج النبي إبراهيم من النار دون أن يصاب بالأذى ومعجزة فلق البحر للنبي موسى هي أمور "غير حقيقية وتخرق الناموس".

في حين اعتبر القصاب في أقوال منسوبة إليه أن معجزة إحياء الموتى للنبي عيسى هي "معجزة مخترعة"، موضحاً أنه كان يطبب المرضى لا يحيي الموتى، مشدداً على أن "نشر قصص خرافية عن الأنبياء بمثابة الفيروسات التي تستحوذ على عقل المسلم".

"حالة جديدة من اضطهاد التعبير السلمي"

في تقرير نُشر بالتزامن مع الجلسة الثانية للمحاكمة، يوم 28 شباط/ فبراير 2023، وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية محاكمة أعضاء "جمعية التجديد" الثلاثة بأنها "حالة جديدة من الاضطهاد ضد التعبير السلمي"، مناشدةً السلطات البحرينية "إسقاط جميع التهم الموجهة إلى هؤلاء الرجال فوراً، وإيقاف التعليقات العامة التحريضية التي تدين الجمعية لأسباب دينية".

ووصفت "هيومن رايتس" الجمعية بأنها "مجموعة تدافع عن النقاش، وتطرح أسئلة حول الدين والفقه الإسلامي"، مستنكرةً "زعم" النيابة العامة أن المدعى عليهم انتهكوا حرية الإيمان بسبب رواياتهم وأفكارهم، قائلةً إن ذلك "يتناقض الادعاء المبني على هذه الأسباب مع القانون الدواي لحقوق الإنسان، لا سيما المادة 19 من "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، والتي تنص على حرية الرأي والتعبير".

السلطات البحرينية "تظهر من خلال إجراء هذه المحاكمة قبل أسبوع فقط من استضافة دورة الاتحاد البرلماني الدولي أنها لا تنوي السماح بالتعايش وبمجتمع شامل إذا كان ذلك يعني السماح بمناقشة المواضيع المثيرة للجدل".

وذكّرت "هيومن رايتس" بوضع حقوق الإنسان المتدهور في البحرين قائلةً إن "اضطهاد جمعية التجديد مثال على انتهاكات الحكومة البحرينية الواسعة لحقوق حرية التعبير، والتجمع، وتكوين الجمعيات" و"تعمد الحكومة الممنهج إلى استبعاد المعارضين والنشطاء السياسيين وقمعهم، بما يشمل الاحتجاز والتعذيب والنفي القسري لقادة معارضين ونشطاء حقوقيين سابقين، فضلاً عن سن قوانين تمنع المعارضين السياسيين من الترشح لمقاعد البرلمان أو حتى العمل في مجالس إدارة المنظمات المدنية، وتحظر وسائل الإعلام المستقلة".

ونقل التقرير عن نيكو جافارنيا، باحثة البحرين واليمن في هيومن رايتس ووتش، قولها: "رغم مظاهر التسامح الديني والسياسي، تواصل السلطات البحرينية استهداف الخطاب الذي لا يتوافق مع آرائها وتقمعه"، مؤكدةً أن أعضاء جمعية التجديد "يتعرضون للاضطهاد لمجرد أنهم يبحثون في النصوص الدينية ويطرحون أسئلة بشأنها، ويعبرون بصراحة عن معتقداتهم".

وفي رسالة مشتركة نُشرت الاثنين 6 آذار/ مارس الجاري، حثت 22 منظمة حقوقية وفكرية، منها "هيومن رايتس ووتش"، على استفادة البرلمانيين من جميع أنحاء العالم من حضورهم اجتماعات "الاتحاد البرلماني الدولي" الذي تستضيفها البحرين هذا العام، بين يومي 11 و15 من الشهر الجاري، لإثارة مخاوف بشأن القمع الخطير لحقوق الإنسان في البحرين.

تُعقد اجتماعات الجمعية العامة الـ 146 للاتحاد البرلماني الدولي في العاصمة المنامة تحت عنوان "تعزيز التعايش السلمي والمجتمعات الشاملة: مكافحة التعصب". وتشجب المنظمات الـ22 في رسالتها أن تكون الاجتماعات البرلمانية الدولية "لتلميع سجل البحرين الحقوقي المزري".

في هذا الصدد، أضافت جافارنيا أن السلطات البحرينية "تظهر من خلال إجراء هذه المحاكمة قبل أسبوع فقط من استضافة دورة الاتحاد البرلماني الدولي أنها لا تنوي السماح بالتعايش وبمجتمع شامل إذا كان ذلك يعني السماح بمناقشة المواضيع المثيرة للجدل".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

معيارنا الوحيد: الحقيقة

الاحتكام إلى المنطق الرجعيّ أو "الآمن"، هو جلّ ما تُريده وسائل الإعلام التقليدية. فمصلحتها تكمن في "لململة الفضيحة"، لتحصين قوى الأمر الواقع. هذا يُنافي الهدف الجوهريّ للصحافة والإعلام في تزويد الناس بالحقائق لاتخاذ القرارات والمواقف الصحيحة.

وهنا يأتي دورنا في أن نولّد أفكاراً خلّاقةً ونقديّةً ووجهات نظرٍ متباينةً، تُمهّد لبناء مجتمعٍ تكون فيه الحقيقة المعيار الوحيد.

Website by WhiteBeard