شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
الدولة لا تُبالي بهذا الإرهاب... من يحمي المصريات من الكراهية والعنف الإلكتروني؟

الدولة لا تُبالي بهذا الإرهاب... من يحمي المصريات من الكراهية والعنف الإلكتروني؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!
Read in English:

Cyber bullying Egyptian women: Fighting for expression amidst state negligence

ماذا تفعلين إذا استيقظت لتجدي بياناتك الشخصية وبيانات أهلك، منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، مع تهديدات بالقتل والاتهام بالكفر والإلحاد، فقط بسبب تعليق تركته على أحد المنشورات؟

"أيها النواشز أيها النسويات أيها العلمانيون أيها المرتدون، كيدوا وامكروا واحشدوا أو لا تحشدوا ألا أنكم ستغلبون وفي جهنم ستحشرون"، كانت تلك أحدث الرسائل على غروب "دشمل" على تطبيق تليجرام، الذي يتعدى أعضاؤه سبعة آلاف شخص، وهو جروب يستهدف الفتيات على مواقع التواصل الاجتماعي، ويحذّر المتطرّفون الفتيات من التواجد في الغروبات النسوية، ويبدو أن تصاعد الصوت النسوي ووجود النساء بشكل عام على وسائل التواصل الاجتماعي أصبح يصيب المتطرفين بالضيق ويشعرهم بالتهديد، فقرروا معاقبة النساء بالملاحقة والتشهير والتهديد ونشر بيانتهن الخاصة، وأحياناً إشاعة أنهن يشتغلن كعاملات بالجنس، ويقمن بتهديدهن بالقتل.

وقد ذكرت إحدى الدراسات الصادرة عام 2020 عن العنف السيبراني ضد النساء في مصر، أن النساء المصريات يتعرضن للعنف السيبراني بشكل كبير. وذكر 41.6% من النساء المشاركات في الدراسة تعرّضهن للعنف السيبراني من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وكان الجناة مجهولين بالنسبة لــ 92.6% من الضحايا، ونماذج التهديد الأكثر شيوعاً كانت تلقي صور جنسية ورسائل إلكترونية وتعليقات جنسية مهينة.

وقد بدأ الأمر منذ عامين تقريباً على تطبيق تليغرام، عندما قام هؤلاء بنشر تعليقات وصور لفتيات من على موقع فيسبوك، تعليقات لا ترضي أولئك المتطرفين، نتيجة لذلك قاموا بالتشهير بهن، بل وقاموا بنشر بياناتهن وبيانات أهلهن كنوع من "تربية" هؤلاء "الفتيات الفاسدات".

العنف الإلكتروني هو امتداد للعنف الجنسي، فهو وسيلة لطرد النساء من أي مساحة عامة.

وأحدث الوقائع تعرّضت لها فتاة في عامها الأول في جامعة سيناء، عندما قام زميل لها بإعادة نشر تعليق لها على فيسبوك، اعتبره البعض لا يليق بالدين الإسلامي، بعد اتهمها بالإلحاد، وقام غروب "دشمل" بنشر بيانات الفتاة وتهديدها بالقتل: "مترحموهاش يا رجالة لو عجزتم عن نحرها اجعلوها تعيش في رعب دائم"، بعدها قامت الجامعة بإعلان إحالة الموضوع لتحقيق عاجل، بدلاً من رفض نشر بيانات الفتاة التي أهدر دمها المتطرفون.

جدّدت هذه الواقعة السؤال: من يحمي نساء مصر من حملات الكراهية المتصاعدة والعنف الإلكتروني ضدهن، ولماذا تترك الدولة هذا الإرهاب الواضح بلا عقاب حتى الآن؟ ولماذا تكون العدالة بطيئة إذا كانت الضحية امرأة؟ حتى إن هذا الغروب بات يسخر من تقديم البلاغات لمباحث الإنترنت.

هذه التهديدات والملاحقات لم تصب طالبة جامعة سيناء وحدها بالذعر، بل أصابت كثيراً من الفتيات اللواتي تعرّضن لنشر بياناتهن على الغروب ذاته. يأتي ذلك في إطار ارتفاع وتيرة العنف ضد النساء، بعد انتحار فتاة تدعى بسنت خالد بتناول حبة الغلة السامة، بسبب ابتزازها بصور من قبل بعض الأشخاص، وتعرّض نيرة أشرف للذبح في وسط الشارع أمام جامعتها، لكن القاتل الذي أصدرت محكمة النقض حكماً نهائياً بإعدامه في فبراير الجاري، يحظى بالكثير من التعاطف على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، لسبب غير معروف، ويحظى بإعجاب مؤسسي جروب "دشمل"، حتى إن أحدهم يقول: "لومكنتش شايفه قدوتك ميشرفنيش تبقى عندي".

وكانت الكاتبة آلاء العطفاوي قد سبق وتعرضت لنشر بياناتها على تطبيق تليغرام بعد تكفيرها وتهديدها بالقتل، كل ذلك لأنها استهجنت تعرض الكاتب سلمان رشدي للاعتداء، قاموا بجمع كل بياناتها وبيانات أهلها، وقاموا بالتواصل معهم وتهديدهم بقتل ابنتهم، لأنها كتبت منشوراً ترفض فيه الاعتداء على كاتب.

ماذا تفعلين إذا استيقظت لتجدي بياناتك الشخصية وبيانات أهلك، منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، مع تهديدات بالقتل والاتهام بالكفر والإلحاد، فقط بسبب تعليق تركته على أحد المنشورات؟

وقد أصدرت عدة منظمات نسوية وأحزاب بياناً مشتركاً، منهم مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، والمرأة الجديدة، ومبادرة سوبر وومن، للمطالبة بالتحرّك القانوني العادل ضد المجرمين، فيما ذكرت البرلمانية مها عبد الناصر أن هذه الغروبات التي تقوم بتهديد الفتيات لا تقل خطورة عن التكفيرين الذين يهددون الجيش والشرطة، ويُجرّم قانون جرائم تقنية المعلومات انتهاك حرمة الحياة الخاصة، أو نشر معلومات أو أخبار عن شخص تنتهك خصوصيته، فتنصّ المادة رقم 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري أو انتهك حرمة الحياة الخاصة، أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته، أو نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخباراً أو صوراً وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص".

هذه القوانين الموجودة بالفعل لن تحمي النساء إلا إذا وُجدت الإرادة لتنفيذها، وسرعة استجابة من مباحث الإنترنت للبلاغات.

والعنف الإلكتروني هو امتداد للعنف الجنسي، فهو وسيلة لطرد النساء من أي مساحة عامة، هذا الخطر الذي تواجهه النساء يومياً يطرح سؤالاً وهو لماذا لا تتدخّل الدولة لحماية النساء والقبض على هؤلاء المتطرفين حتى هذه اللحظة، وتفعيل القوانين الموجودة بالفعل للجرائم الإلكترونية، حتى لا نجد كل يوم نيرة جديدة؟

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard