شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
في انتظار

في انتظار "الطروحات"... "صكوك إسلامية" مصرية تزيد من عبء الديون

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 21 فبراير 202305:00 م

أنهى وفد مصري أرسلته الحكومة إلى دول الخليج جولة ترويجية تستهدف الحصول على مزيد من الدعم المالي من دول الخايج عبر شراء الصكوك السيادية التي تعتزم مصر طرحها، بعد نحو ثمانية أشهر من تمرير قانون الصكوك السيادية في البرلمان.

وتبغي مصر جمع مليار ونصف المليار من الدولارات عبر "صكوك إسلامية مقومة بالدولار" بسعر فائدة مرتفع يبلغ 11.62% في ظل استمرار تراكم ديونها المستحقة، واتساع فجوتها التمويلية (مقدار المصروفات الدولارية المطلوبة مقابل الدخل الدولاري) وتواضع دخلها من العملة الصعبة تحت وطأة ارتفاع الإنفاق.

وقالت وكالة بلومبرغ الاقتصادية إن طرح مصر صكوكها الإسلامية بقيمة 1.5 مليار، يأتي متزامناً من استحقاق دين يبلغ 1.25 مليار دولار، اليوم الثلاثاء 21 فبراير/ شباط، مقابل سندات أوروبية أصدرتها مصر قبل عدة شهور.

السبل المتاحة أمام الحكومة لسداد ديونها المتراكمة تتناقص في ظل ارتفاع تكلفة الاستدانة التي أدمنتها البلاد منذ العام 2016، بعد أن أقدمت وكالات الائتمان الدولية على تخفيض تصنيف في مصر بشكل يقلل من جاذبية أدوات الدين التي تصدرها، كما شرح خبراء لرصيف22 في تقريرنا عن تداعيات "تصنيف موديز".

بحسب اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي، يتعين على الدولة أن تدبر جزءاً من الديون المستحقة عليها حتى العام 2026 (مدة الاتفاق مع الصندوق ثلاث سنوات) عبر طرح الشركات المملوكة لها وللقوات المسلحة للبيع إلى مستثمرين مقابل الدولار، بالتعاون مع "الشركاء" في دول الخليج العربي.  

قالت وكالة بلومبرغ الاقتصادية إن طرح مصر صكوكها الإسلامية بقيمة 1.5 مليار دولار، يأتي متزامناً من استحقاق دين يبلغ 1.25 مليار دولار، موعد سداده يحين اليوم الثلاثاء 21 فبراير/ شباط، مقابل سندات أوروبية أصدرتها القاهرة قبل عدة شهور

من هذا المنطلق، أعلن مجلس الوزراء قائمة تضم 32 شركة حكومية تمهيداً لطرحها لمستثمرين إستراتيجيين (بيع مباشر) وعبر التداول في البورصة على مدار عام، على أن تبدأ عمليات الطرح خلال الربع الأول من العام الحالي حتى الربع الأول من العام المقبل، وشملت القائمة 18 قطاعاً ونشاطاً اقتصادياً.

ولا يزال من غير الواضح ما هي الشركات التي ستطرح في البورصة، وأيها سيطرح مباشرة لمستثمرين إستراتيجيين. وقال رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي إن القرارات الخاصة بذلك جرى اتخاذها وفقاً للدراسات التي قامت بها بنوك الاستثمار التي تدير الطروحات والتي "انتهت إلى تحديد طريقة الطرح"، لكنه لم يقدم إطاراً زمنياً أو تفاصيل إضافية.

في نفس السياق، قال رئيس البورصة المصرية رامي الدكاني إن ثلاث أو أربع شركات من قائمة الشركات التي أعلنتها الحكومة خلال فبراير/ شباط الجاري، تم قيدها بشكل مبدئي في البورصة المصرية، وإن عمليات الطرح الفعلية للشركات قد تتم خلال النصف الأول من العام الجاري.

سبع سنوات بين الدراسة والإعلان والتأجيل

تعاملت مصر طوال الوقت مع "القطاع العام" باعتباره عبئاً لا بد من الخلاص منه، وشابت موجات البيع الأولى التي عرفت باسم "برنامج الخصخصة"، الكثير من وقائع الفساد في تسعير الأصول المباعة أو في قبول العروض من المستثمرين المصريين والأجانب (الخليجيين بالأساس).

وسعت مصر خلال الأعوام الماضية إلى بيع حصص في شركات مملوكة للدولة ضمن برنامج الطروحات، لكنها قابلت عراقيل عدة من بينها موجة البيع من قبل المستثمرين الدوليين في الأسواق الناشئة خلال عامَي 2018 و2019، ثم جائحة كورونا خلال عامَي 2020 و2021.

قالت وزيرة التخطيط عن سبب تأجيل الحكومة المستمر لتطبيق برنامج الطروحات، إنه يعود إلى الظروف العالمية غير المستقرة، ولذلك فإن الأسعار الحالية للأسهم لا تعكس قيمتها الحقيقية في السوق

 فقبل سبع سنوات أعلنت الرئاسة المصرية في يناير/كانون الثاني 2016 أن الحكومة ستطرح حصصاً في الشركات والبنوك الحكومية الناجحة في البورصة خلال الفترة المقبلة.

وفي مارس/آذار 2017 وافقت وزارة البترول على طرح نحو 24% من أسهم "إنبي"، وهي الهندسية للصناعات البترولية والكيماوية، إحدى شركات قطاع البترول المصري الكبرى.

وفي مارس/آذار 2018 قال وزير المالية المصري إن مصر تستهدف طرح حصص بين أربع وست شركات حكومية بالبورصة خلال 2018، لجمع  مبلغ يراوح بين 12 و 15 مليار جنيه، وفي سبتمبر/أيلول 2022 قالت وزارة التخطيط إن الحكومة ستعلن خلال أربعة أسابيع هوية الشركات المملوكة للدولة التي ستطرحها أمام الصناديق السيادية العربية والأجنبية ضمن الشريحة الأولى من حصص الأسهم الإستراتيجية التي تقدر قيمتها الإجمالية بنحو ستة مليارات دولار.

فيما لم تتمكن الحكومة طيلة هذه الفترة إلا من بيع حصة إضافية في الشركة الشرقية للدخان "إيسترن كومباني" المدرجة بالبورصة، كما أتمت بنجاح طرح شركة التكنولوجيا المالية "إي فاينانس"، وباعت شركة أبو قير للبتروكيماويات حصة 10% في طرح ثانوي، بالإضافة إلى شركة بور سعيد لتداول الحاويات والبضائع التي تم طرحها مع نهايات العام المنصرم. وقبل نهاية العام الماضي اجتمع الرئيس عبدالفتاح السيسى مع الدكتور مدبولي وعدد من قادة القوات المسلحة المسؤولين عن إدارة مشروعات وشركات وطنية التابعة للقوات المسلحة، لمناقشة طرح الشركات التابعة لجهاز الخدمة الوطنية للتداول فى سوق المال المصري- البورصة.

وقالت وزيرة التخطيط عن سبب تأجيل الحكومة المستمر لتطبيق برنامج الطروحات، إنه يعود إلى الظروف العالمية غير المستقرة، ولذلك فإن الأسعار الحالية للأسهم لا تعكس قيمتها الحقيقية في السوق، وأشارت إلى إنشاء "صندوق ما قبل الطرح" تابع لصندوق مصر السيادي، لتهيئة الشركات قبل طرحها في البورصة، ثم طرحها في الوقت الملائم الذي تتفق عليه لجنة الطروحات الحكومية.

تعاملت مصر طوال الوقت مع "القطاع العام" باعتباره عبئاً لا بد من الخلاص منه، وشابت موجات البيع الأولى التي عرفت باسم "برنامج الخصخصة"، الكثير من وقائع الفساد في تسعير الأصول المباعة أو في قبول العروض من المستثمرين المصريين والأجانب

دور صندوق "ما قبل الطروحات" في خطة الحكومة

أعلنت الحكومة في تصريحات سابقة للدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، عن تأسيس صندوق فرعي تابع لصندوق مصر السيادي يتم من خلاله تجهيز الحصص المقرر طرحها على المستثمرين عبر لجنة الطروحات الحكومية، وقالت السعيد في بيان إن هذا الصندوق الفرعي سيكون له حق الوكالة في إدارة طرح الحصص.

من جانبه قال أيمن سليمان الرئيس التنفيذى لصندوق مصر السيادى إن صندوق ما قبل الطروحات سيتيح فرصاً استثمارية بمئات الملايين من الدولارات لتلك الصناديق الكبرى، مما ينعكس على استفادة مصر من دخول استثمارات أجنبية بشكل سريع، تزامناً مع وجود مساهمين يعظمون من قيمة تلك الطروحات، مشيراً إلى أن الصندوق يهدف بشكل أساسى للتعجيل ببعض الاستثمارات للدخول فى الشراكات المستهدفة من خلال برنامج الطروحات الحكومية لتوسيع قاعدة الملكية. ولفت إلى أن صندوق مصر السيادي ينتقي المستثمرين الإستراتيجيين بعناية عبر وضع عدة اشتراطات، أولها أن يقوم المستثمر الإستراتيجي بخلق قيمة مضافة للشركة محل الاستثمار، وتعظيم قيمتها، وتعزيز قيمة إتمام الطرح العام.

أوضح مجلس الوزراء أن الـ32 شركة التي ستُطرح في البورصة تشمل 18 قطاعاً ونشاطاً اقتصادياً، وتضم بنك القاهرة، والمصرف المتحد، والبنك العربي الأفريقي الدولي، والنصر للإسكان والتعمير، والمعادي للتنمية والتعمير، ومصر لأعمال الأسمنت المسلح

تعليمات صندوق النقد الدولي

نصح صندوق النقد الدولي من قبل بإفساح المجال للقطاع الخاص في مصر، وقال في أحد تقاريره إنه يأمل تعجيل إطلاق إمكانات الاقتصاد، ما يجعل القطاع الخاص قاطرة للنمو، وكانت وثائق المراجعة الثانية لصندوق النقد الدولي على أداء الاقتصاد المصري، قد أكدت على أهمية دعم القطاع الخاص وتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، مشيرةً إلى أن السلطات المصرية لديها خطة طموحة تم الإعلان عنها قبل أكثر من عامين لطرح الشركات العامة فى البورصة بهدف زيادة رأس المال.

 قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب عن الأسباب التي دفعت السلطة لطرح شركات المؤسسة العسكرية بالبورصة، إن الأمر يعود لعام 2016 لدى إبرام اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 12 مليار دولار، وكان الصندوق قد أوصى بإدراج أسهم كافة الشركات والمؤسسات المالية المملوكة للدولة، والتي تعمل بأنشطة مدنية في البورصة، كما قال مصطفى شاهين أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأمريكية إن طرح شركات الجيش في البورصة يأتي استجابة لطلبات صندوق النقد الدولي، الذي يطالب بتوسيع دور القطاع الخاص. وقال سعيد الفقي خبير أسواق المال أن هذا هو الوقت الأنسب لتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية الذي كان من ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي في عام 2016، مشيراً إلى أن هذا البند الوحيد الذي لم يتم تنفيذه من بنود برنامج الإصلاح الاقتصادي.

قائمة الشركات التي ستُطرح بالبورصة

أوضح مجلس الوزراء أن الـ32 شركة التي ستُطرح في البورصة تشمل 18 قطاعاً ونشاطاً اقتصادياً، وتضم بنك القاهرة، والمصرف المتحد، والبنك العربي الأفريقي الدولي، كما تضم شركة مصر لتكنولوجيا التجارة  (MTS)،والنصر للإسكان والتعمير، والمعادي للتنمية والتعمير، وشركة المستقبل للتنمية العمرانية، ومصر لأعمال الأسمنت المسلح. وتضم الشركات التالية: شركة حلوان للأسمدة، والشركة الوطنية للمنتجات البترولية، والشركة المصرية لإنتاج البروبلين والبولي بروبلين، والنصر للتعدين، وشركة المصرية لإنتاج الإيثيلين ومشتقاته (إيثيدكو)، وشركة الحفر للبترول، وشركة المصرية لإنتاج الألكيل بنزين الخطي (إيلاب)، وسيناء للمنجنيز، بالإضافة إلى شركات: المصرية للسبائك الحديدية، والرباط لأنوار السفن، وبورسعيد لتداول الحاويات والبضائع، ودمياط لتداول الحاويات والبضائع، والصالحية للاستثمار والتنمية، والفنادق المملوكة لوزارة قطاع الأعمال العام، ومصر لتأمينات الحياة، ومصر للتأمين، فضلا عن محطة توليد الرياح بجبل الزيت، ومحطة توليد الرياح بالزعفرانة، ومحطة بني سويف لتوليد الكهرباء، و"صافي" لتعبئة المياه، وتنمية الصناعات الكيماوية – سيد، وشركة البويات والصناعات الكيماوية (باكين)، والأمل الشريف للبلاستيك، ومصر للمستحضرات الطبية.

حجم الحصص التي ستطرحها مصر

لم يقدم رئيس الوزراء أي إشارة إلى حجم الحصص التي ستكون الحكومة على استعداد لبيعها لمستثمرين إستراتيجيين، إذ يستهدف المستثمرون الإستراتيجيون الاستحواذ على حصص 51% على الأقل من الشركات التي تريد الاستثمار بها، وذلك للسيطرة على الإدارة.

وأشارت تقارير صحافية في الأسابيع الأخيرة إلى أن الحكومة لا تزال مترددة في تلبية مطالب صندوق الثروة السيادي القطري بالاستحواذ على حصص كبيرة في شركة فودافون مصر ومشغلي محطتي الحاويات في دمياط وبورسعيد، وقال مدبولي لبلومبرغ إن الحكومة ليس لديها قيمة مستهدفة لطروحات الأسهم.

تعمل الحكومة على الترويج لطرح حصص بالشركات الحكومية لصناديق الاستثمار الخليجية، في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه بين مصر وصندوق النقد الدولي، بهدف توفير سيولة من النقد الأجنبي لحل أزمة الدولار، وزيادة إيرادات الموازنة لخفض نسبة العجز

طبيعة المستثمر الاستراتيجي

شهدت البورصة المصرية على مدار العامين الماضيين صفقات استحواذ عربية على العديد من الشركات المقيدة، أبرزها استحواذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على حصص أقلية في أربع شركات حكومية مقابل 1.3 مليار دولار، وسبقه استحواذ صندوق أبوظبي السيادي على حصص في شركات بقيمة ملياري دولار، وتترأس وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية الدكتورة هالة السعيد وفداً يضم مسؤولين من صندوق مصر السيادي يقوم بجولة لعدد من الدول الخليجية للترويج للفرص الاستثمارية في مصر.

وحول أسباب الاتجاه لبيع حصص للصناديق السيادية الخليجية، أوضحت رانيا يعقوب، وهي عضوة في مجلس إدارة البورصة المصرية، أن التركيز على استهداف بيع حصص من الشركات الحكومية للصناديق السيادية الخليجية، جاء بسبب رغبة هذه الصناديق في اقتناص حصص من الشركات المملوكة للدولة، وهو ما ظهر خلال السنوات القليلة الماضية. في المقابل فإن الصناديق الأجنبية تركز على الاستثمار غير المباشر في أذون وسندات الخزانة الحكومية.

وقال محمد كمال، العضو في شعبة الأوراق المالية بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن الحكومة تعمل على الترويج لطرح حصص بالشركات الحكومية لصناديق الاستثمار الخليجية، في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه بين مصر وصندوق النقد الدولي، بهدف توفير سيولة من النقد الأجنبي لحل أزمة الدولار، وزيادة إيرادات الموازنة لخفض نسبة العجز. وأكد كمال على اهتمام صناديق الاستثمار الخليجية بشراء الشركات المصرية، لأن الشركات المزمع بيعها تحقق أرباحاً جيدة، وتتميز بمضاعفات ربحية مغرية مقارنة بالأسواق العربية والخليجية.

ترحيب من خبراء، ورفض من الساسة

من جانبه قال الدكتور فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب إن برنامج الطروحات لبعض الشركات الحكومية في البورصة المصرية يأتي ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي، وتأخر كثيراً، وكان يجب تطبيقه خلال عام 2016، إلا أن الوقت لم يكن يسمح بذلك ولكن الآن آن الأوان لتطبيقه، فيما أشارت سهر الدماطي، نائبة رئيس بنك مصر السابق إلى أن جذب حصائل دولارية وتنمية مواردها خلال الفترة الراهنة هو الأداة الفعالة لكبح التضخم بعد وقف الشهادة المرتفعة العائد من خلال اتجاه الحكومة إلى تنفيذ برنامج الطروحات وبيع حصص من بعض الشركات الحكومية في البورصة.

وقال الخبير الاقتصادي أحمد خطاب إن طرح الشركات المصرية في البورصة له تأثيرات إيجابية كبيرة إذ ستساهم في زيادة استثمارات المصريين والعرب والأجانب في الشركات المصرية المطروحة، وأضاف أن هذا الأمر سيقوم بدوره برواج كبير للشركات المصرية، فضلاً عن زيادة التدفقات المالية في السوق المصري محلياً كان أو عالمياً من الخارج، مشيراً إلى أن ذلك سيحسن من هذه الشركات وزيادة الاستثمارات بشكل عام.

أعلن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي رفضه "قرار البيع" الذي أعلنته الحكومة، وقال الحزب في بيان إن عمليات الخصخصة التي تنفذها السلطة الحاكمة "يمكن أن تفتح طريقاً يتضمن خطوات أخرى، من السكة الحديد، للكهرباء، والمياه. ولمَ لا، فربما لقناة السويس ذاتها"

وقال هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث بالجامعة الأمريكية إن توجهات الدولة حول الإفصاح والشفافية، خصوصاً في ملف طرح شركات الجيش "خطوة جيدة نحو تعزيز الإفصاح والشفافية، وهو ما سيجذب المستثمرين العرب والأجانب والمصريين".

ورأى الدكتور عمرو عادلي، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن طرح الشركات المملوكة للدولة، سواء بشكل كامل أو جزئيم للتداول في البورصة المصرية، يعد نوعاً من أنواع الخصخصة، وهو إجراء يؤدي إلى زيادة رأس المال المتداول في سوق الأوراق المالية، مضيفاً أن فكرة الطرح في البورصة قد تساهم (بدلاً من البيع المباشر لمستثمر رئيسي) في رفع قيمة الأسهم، خاصة في الخصخصة الجزئية، إذ ليس سهلاً الإتيان بمستثمر واحد ليدخل في شراكة مع أطراف حكومية ستحتفظ بالأغلبية، وبالتالي بحق الإدارة، وقد يكون الهدف من الطرح بهذه الطريقة هو درء الشبهات عن عمليات تقييم الأصول، التي قيل إنه شابها الفساد، أو سوء الإدارة، أو انعدام الكفاءه في فترة حكم مبارك.

ومنذ إعلان الحكومة قبل سنوات نيتها طرح عدة أسهم شركات حكومية بالبورصة سجلت بضع قوى سياسية رفضها للخطوة، معلنة تخوفها من مستقبلها، فقد أعلن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي رفضه قرار البيع الذي أعلنته الحكومة، ووصف الشركات المطروحة بـ"القطاعات الإستراتيجية الحاكمة للاقتصاد الوطني"، وقال الحزب في بيان إن عمليات الخصخصة التي تنفذها السلطة الحاكمة "يمكن أن تفتح طريقاً يتضمن خطوات أخرى، من السكة الحديد، للكهرباء، والمياه. ولمَ لا، فربما لقناة السويس ذاتها".

ورأى معارضون لعملية البيع أن الطرح يشوبه خرق دستوري، إذ قال يحيى حسين عبد الهادي المتحدث باسم الحركة المدنية الديموقراطية في حينه، إن الخصخصة تتطلب موافقة صاحب الأصول وهو الشعب، وهذا ما لم يحدث، بالإضافة إلى أن تتم الخصخصة في مناخ كامل من الشفافية، يضمن ألا يتسلل لها فساد. كما اعترض عبد الهادي على بيع شركات رابحة، لا تعاني من سوء الإدارة، أو العوز المالي.

وقال لرصيف 22 محمود حبيب أمين تنظيم حزب الكرامة وعضو المكتب السياسي للحزب: "إعلان الحكومة طرح هذا العدد من الشركات الحكومية في البورصة ما هو سوى إستمرار لنهج السياسات القائمة والتي أثبتت فشلها علي مدار الأعوام الماضية"، مضيفاً أن هناك بدائل إقتصادية كثيرة للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية بدلاً من التفريط في الأصول الإستراتيجية المصرية التي تتمثل في الشركات الحكومية. وأشار إلى أن هذا النهج هو انصياع واضح لأوامر صندوق النقد الدولي، بالاتفاق مع دول السعودية والإمارات وقطر التي أصبحت تتنافس فيما بينها للاستحواذ علي الاقتصاد المصري. وطالب السلطة بضرورة التوقف عن هذه الإجراءات قبل أن تدفع البلاد الثمن فادحاً جراء هذا التفريط المتعمد في حقوق الشعب المصري، على حد وصفه.

في نفس السياق، قال الدكتور جودة عبد الخالق وزير التموين الأسبق إن الحكومة من خلال عملية البيع تغلق صفحة القطاع العام ودوره في التنمية الاقتصادية، وأشار الى أن الحكومة لم توضح نسب الطرح في الشركات أو طريقة الطرح لكل شركة في البورصة أو لمستثمر إستراتيجي، ولم تضع ضوابط لضمان استمرار هذه الشركات بعد البيع، وعدم بيع هذه الأصول بثمن بخس مما يعد تبديداً للموارد. كما حذر من عمليات البيع وأثرها على الضغط على العملة المصرية من خلال خروج أرباح المستثمرين الإستراتيجيين، لافتاً إلى أن مصر ملتزمة بحرية دخول وخروج رؤوس الاموال، وهو ما يمثل خطورة على العملة المصرية.

 وطالب عبد الخالق الحكومة بضرورة تعديل السياسة الاقتصادية بما يضمن نمو الاقتصاد، مشيراً إلى أن عملية البيع التي تجري الآن "ليست إلا مسكنات".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard