شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
لن يفوتكم

لن يفوتكم "الميري"... "الصحفيين المصريين" تواجه سيناريو المرشّح الوحيد

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن وحرية التجمع

الثلاثاء 14 فبراير 202303:34 م

ساعات قليلة وتغلق اللجنة المشرفة على انتخابات التجديد النصفي لمجلس "نقابة الصحفيين المصريين"، باب الترشح لانتخاب نقيب جديد وستة من أعضاء المجلس، المكون من 12 عضواً. وبينما يتوقع مراقبون منافسة على مقاعد العضوية الشاغرة تحدد هوية من سيخلف النقيب الحالي ضياء رشوان، في ظل عدم ظهور مرشحين قادرين على مقارعة رئيس تحرير جريدة "أخبار اليوم" الحكومية خالد ميري.

واستقبلت اللجنة على مدار الأيام الماضية 7 طلبات ترشح على منصب النقيب، في طليعتهم خالد ميري رئيس لجنة القيد بالنقابة، ما عدا 23 طلباً - فوق السن وتحتها - للترشح على المقاعد الستة التي خلت بحكم قانون النقابة.

لن يكون من المنتظر أن تغير الانتخابات المقبلة من وضع نقابة الصحافيين فيما يتعلق بعلاقتها بالسلطة وسقف الحريات الإعلامية، إذ تعاني النقابة، شأنها شأن النقابات الأخرى والأحزاب السياسية، من سيطرة الدولة، التي من المتوقع أن تتعاظم في ظل نقيب – حتمي- جديد، لا يتظاهر حتى باحترام الحريات ودور الصحافة في الرقابة على السلطة.

واللافت في هذه الانتخابات أن منصب النقيب سيكون مهيّاً وخالياً من أي عراقيل للمرشح القادم من الجرائد الحكومية التي طالما سيطرت على المقعد، إذ يبرز اسم خالد ميري وحيداً، بعدما فشل التيار المعارض داخل النقابة المعروف باسم "تيار الاستقلال" في إقناع أي من وجوهه بالترشح، والاكتفاء بالمنافسة على عدد محدود من المقاعد لضبط بوصلة المجلس الجديد.

تعاني "نقابة الصحفيين المصريين"، شأنها شأن النقابات الأخرى والأحزاب السياسية من سيطرة الدولة، التي من المتوقع أن تتعاظم في ظل نقيب – حتمي- جديد، لا يتظاهر حتى باحترام الحريات ودور الصحافة في الرقابة على السلطة

البحث عن مرشح

على مدار الأيام الماضية، كثف نقابيون بارزون محسوبون على التيارين الناصري واليساري من جهودهم لإقناع عدد ممن يمتلكون باعاً نقابياً، وآخرين على غير صلة بالعمل النقابي، بالترشح على منصب النقيب من أجل تفويت الفرصة على أجهزة الدولة لاختيار مرشح بعينه، إلا أن المحاولات كلها باءت بالفشل في ظل عدم التوافق على شخص بعينه وإصرار آخرين على عدم خوض الانتخابات.

يتصدر هذه القائمة الكاتب الناصري يحيى قلاش، النقيب الأسبق، صاحب الرصيد الثري في العمل النقابي، الذي عزف عن المنافسة في السنوات الماضية، ورغم حضور قلاش كأحد أبرز وجوه تيار الاستقلال داخل النقابة، آثر عدم الترشح، معللاً السبب في الابتعاد لكبر سنه ورغبته في ترشح وجوه جديدة.

قاد قلاش النقابة في فترة عصيبة بين عامي 2015 و2017، إذ شهدت بداية سيطرة كيانات تابعة لأجهزة سيادية على الصحف والقنوات التلفزيونية، وتخللتها أزمة اقتحام رجال وزارة الداخلية لمقر النقابة من أجل القبض على العضوين عمرو بدر ومحمود السقا. وهي كذلك الفترة التي شهدت توتراً كبيراً بين مجلس النقابة وأجهزة الدولة بسبب مطالبة الجمعية العمومية رئيس الجمهورية بالاعتذار على اقتحام رجال الأمن النقابة.

اسم آخر قفز إلى بورصة المرشحين المحتملين هو الصحافي والباحث بمركز الأهرام عمرو الشوبكي، لكنه سرعان ما أعلن عدم نيته الترشح، مرجعاً السبب إلى الوضع السياسي العام والمشاكل المهنية والنقابية الكثيرة التي لن يستطيع حلها أو تحسين ولو جانب منها.

على مدار الأيام الماضية، كثف نقابيون بارزون محسوبون على التيارين الناصري واليساري من جهودهم لإقناع عدد ممن يمتلكون باعاً نقابياً، وآخرين على غير صلة بالعمل النقابي، بالترشح على منصب النقيب، لـ"تفويت الفرصة" على أجهزة الدولة لاختيار مرشح بعينه، إلا أن المحاولات كلها باءت بالفشل

قبل 24 ساعة من غلق باب الترشح، لم يحسم عضو مجلس النقابة الأسبق خالد البلشي موقفه من خوض الانتخابات على منصب النقيب، إذ أكد لرصيف22 أنه كان عازماً على الترشح حتى الأيام الأخيرة لتمثيل تيار الاستقلال في هذه المعركة أمام المرشح المدعوم من أجهزة الدولة، بحسب تعبيره.

البلشي أوضح أن رغبته تلاشت تدريجياً في ظل عدم توافق الكتلة الانتخابية الداعمة لتيار استقلال نقابة الصحافيين حول هوية "مرشح المعارضة"، خصوصاً أن الجميع طالبوا النقيب الأسبق يحيى قلاش بخوض غمار الانتخابات، لكنه آثر الابتعاد عن الصورة، بدعوى منح الفرصة لمرشحين أصغر سناً.

في المقابل، أغلق الصحافي عبدالعظيم حماد، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، الباب أمام الأصوات المطالبة بترشحه لمنصب النقيب، معللاً ذلك بعدم استعداده لخوض غمار المنافسة في التوقيت الحالي، وبعدم تأكده من قدرته على خدمة الجماعة الصحافية. 

حماد الذي تبوأ مناصب صحافية مرموقة وصدر له عدد من المؤلفات على مدار مسيرته الطويلة، لم يسبق له الترشح لهذا المنصب، إلا أن اسمه طرح ضمن قائمة طويلة ضمت كتاباً محسوبين على تيار الاستقلال في الصحافة المصرية.

وهو أوضح لرصيف22 أنه لا يتوقع أن تسفر الانتخابات المقبلة عن تغيير في المشهد النقابي الذي يسيطر عليه الجمود منذ فترة طويلة، في وقت طالب المحسوبين على تيار الأستقلال بعدم التخلي عن حظوظهم ومحاولة إحداث التوازن في تركيبة المجلس دون النظر إلى هوية النقيب.

تجرى هذه الانتخابات في ظل مناخ صحافي وحقوقي بالغ السوء، من مظاهره استمرار حالات الاعتقال والفصل التعسفي للصحافيين، وحجب المواقع، وانهيار كبير في الأوضاع المعيشية لأبناء المهنة

وأشار حماد إلى أن الدولة لا تتدخل بشكل مباشر في انتخابات نقابة الصحافيين لكن ذلك يحدث عن توجيه الناخبين للتصويت في اتجاه معين، ودعم أحد ممثلي الجرائد الحكومية، وهو ما جرت عليه العادة في العقود الماضية.

ضمت القائمة كذلك أسماء أخرى، مثل الكاتب الناصري جمال فهمي، ورئيس التحرير السابق لجريدة أهرام العربي علاء العطار، والكاتبة أمينة شفيق، ورئيس اتحاد كتاب مصر محمد سلماوي.

تقول مصادر لرصيف22 إن تيار الاستقلال بدا وكأنه فوجىء بالدعوة لانتخابات التجديد النصفي في هذا التوقيت، لذا لم يكن هناك استعداد كاف أو رؤية واضحة لكيفية التعامل مع منصب النقيب تحديداً، إذ لم تجر اجتماعات أو تتم التربيطات اللازمة لدعم مرشح أو تلميع آخر، ما تُوّج بفشل المساعي في اختيار شخصية كبيرة قادرة على صنع معركة انتخابية.

من هم أبناء تيار الاستقلال؟

يعرف المنتسبون إلى تيار الاستقلال النقابي بأولئك الذين يدافعون عن استقلال مهنة الصحافة والتصدي للتشريعات المقيدة والسالبة للحريات. ولمزيد من التوصيف يطلق قطاع من الصحافيين على هذا التيار “بتوع السلم” في إشارة إلى سلالم النقابة التي يتخذها المعارضون مقراً لاحتجاجاتهم منذ بداية تظاهرات القوى السياسية ضد نظام حسني مبارك في العام 2004.

وتأسس هذا التيار في العام 2013 حينما أعلن عدد من الصحافيين الذين خاضوا انتخابات مجلس نقابة الصحافيين ولم يحالفهم التوفيق، تأسيس “تيار الاستقلال” داخل النقابة، وإنشاء لجنة لمراقبة أداء المجلس.

يؤمن عمرو بدر، الرئيس الأسبق للجنة الحريات بمجلس نقابة الصحافيين، بحظوظ تيار الاستقلال في حصد عدد من المقاعد، استنادا، إلى رغبة تيار كبير في تغيير الأوضاع الحالية التي تتسبب في تردي أوضاع المهنة وتراجع دورها في الرقابة على السلطة.

"فرصة تيار الاستقلال موجودة بقوة الناس الغاضبة. جمهورنا هو من الراغبين في عودة العمل النقابي والدفاع عن الحرية واستقلال المهنة. الغضب يصب دائماً عند تيار الاستقلال وليس العكس"، يقول بدر لرصيف22.

ويشير إلى أن المؤشرات تصب حتى الآن في مصلحة المرشح خالد ميري بعدما فشلت جهود تيار الاستقلال في دعم مرشح على هذا المنصب، دون أن يفصح عن الأسباب التي أدت إلى غياب المنافسة الاعتيادية بين مرشح المؤسسات القومية وتيار الاستقلال.

"المشهد ضعيف للغاية. ما زالت فكرة الكتل الانتخابية القومية مسيطرة عليه. الوضع بالنسبة للنقابة وأوضاع الصحافيين أصعب مما نتخيل"، بحسب رأي إيمان عوف، المرشحة السابقة على أحد مناصب أعضاء المجلس.

تجرى هذه الانتخابات في ظل مناخ صحافي وحقوقي بالغ السوء، من مظاهره استمرار حالات الاعتقال والفصل التعسفي للصحافيين، وحجب المواقع، وانهيار كبير في الأوضاع المعيشية للصحافيين، بحسب تعبير عوف، بالإضافة إلى سيطرة عددية للـ"مؤيدين" مما أدّى إلى عزوف مرشحين محتملين عن الترشح للنأي عن تحمل تبعات استمرار الوضع علي ما هو عليه. لذا غابت المنافسة واختفى مرشحون كثر كان لهم وجود في الانتخابات السابقة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

وُلِد الإنسان حرّاً

ينزع الإنسان نحو حريّته دائماً، لكنّ سعيه الحثيث نحو تحقيق نزعته، قد يُعَرقل في بلادٍ تتجمّل بالديمقراطية كزينةٍ مُصطنعة، وحتّى في "المساحات العامّة" على الإنترنت.

آفة الحكومات والأنظمة العربية لا تفتأ تتفشى في عوالمنا الرقمية، وبات حتى الانترنت مجالاً لاستبدادها. وعليه، يقدّم رصيف22 مساحةً آمنةً لـ"ناسه" بالالتقاء، من دون حواجز وهميّة.

Website by WhiteBeard