شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
متنزهات مصر تطرد بسطائها... لماذا يخاف الناس من

متنزهات مصر تطرد بسطائها... لماذا يخاف الناس من "تطوير" حديقة الحيوان؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

قبل 30 عاماً زارت سارة صدقي حديقة الحيوان للمرة الأولى في رحلة مدرسية، لتصبح زيارة الحديقة اعتيادية كل عام، لا سيما بعد انتقالها للسكن في حي العمرانية القريب للغاية من الجيزة.

"التذكرة لم يكن سعرها يزيد عن جنيهٍ واحد، وكذلك المواصلات، ولذلك كانت رحلة محببة لي، فكنت أحياناً أذهب لهناك لمجرد الجلوس. وحتى بعد زواجي وارتفاع سعر التذكرة إلى 5 جنيهات، كانت النزهة المفضلة لي ولابنائي وكذلك أبناء اشقائي، فيمكن الذهاب كعائلة كبيرة، ولا ندفع في التذاكر أكثر من 100 جنيه، أما باقي المصاريف نتحكم بها بعدم دخول أي أماكن تحتاج تذكرة منفصلة كالمتحف، وعدم شراء طعام أو مشروبات، ونجلب معنا ما نريد من المنزل".

لا تحسب سارة معدل زيارتها لحديقة الحيوان، إلا أنها تحرص على الخروج بأبنائها للتنزه كل أسبوع، وحين تعاني ميزانيتها الشهرية تكون زيارة حديقة الحيوان هي ملاذها.

ترى سارة أن نزهتها المفضلة أصبحت مهددة، بعد الإعلان المفاجئ عن تطوير الحديقة، وما أثاره بيان الحكومة المصرية من حصول جهات ذات صفة عسكرية على حق الانتفاع بحديقتي الحيوان والأورمان لمدة تصل إلى 25 عاماً.

رغم تسريب أنباء عن توقف المشروع بفعل اعتراضات "التنسيق الحضاري"، إلا أن هذا الاعتراض لم يشكل أزمة لمجلس الوزراء المصري، الذي أعلن قبل أيام عن المضي في مخطط تطوير الحديقتين رغم كل الاعتراضات والمخاوف الشعبية

ورغم تسريب أنباء عن توقف المشروع بفعل اعتراضات هيئة التنسيق الحضاري، إلا أن هذا الاعتراض لم يشكل أزمة لمجلس الوزراء المصري، الذي أعلن قبل أيام عن المضي في مخطط تطوير الحديقتين رغم كل الاعتراضات والمخاوف الشعبية، واعتراضات الجهات العلمية المسؤولة عن حفظ التراث، كون حديقتي الحيوان والارمان تحملان تاريخاً عريقاً وبهما منشآت ذات صفة أثرية، إلى جانب كونهما تحويان ثروة مصر من السجل النباتي، وللأورمان تحديداً أهمية علمية خاصة في حفظ السجل النباتي المصري.

البداية كانت مع أنباء عن إغلاق الحديقة التي يمر على إنشائها 132 عاماً في 25 يناير/ كانون الأول الجاري، وهو الخبر الذي قوبل على مواقع التواصل الاجتماعي بتكهنات عن بيعها أو تأجيرها لمستثمرين. واضطرت وزارة الزراعة لإصدار بيان بتنفي فيه نية بع الحديقة أو تاجيرها لدول أخرى.


أصدرت وزارة الزراعة بياناً قالت فيه: "في ضوء ما تناولته بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية بشأن بيع حديقتي الحيوان والأورمان؛ فإن وزارة الزراعة تؤكد عدم صحة هذه الأخبار المغلوطة جملة وتفصيلاً، وتؤكد على أن الحديقتين ستظلان تحت ولاية وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي".

ولكن في نفس البيان قالت الوزارة "التطوير سيتم بإنفاق ما لا يقل عن مليار جنيه، تنفقه الهيئة القومية للإنتاج الحربي وجهات أخرى، وهذا المبلغ لا يسترد ولا تتحمل بموجبه وزارة الزراعة أي أعباء، وفي المقابل تحصل هذه الجهات على حق انتفاع للحديقتين بمقابل سنوي يدفع أيضاً للوزارة يفوق أضعاف ما تحققه الحديقتين حالياً مع زيادة سنوية مطردة".

حق الانتفاع الذي أشار له التقرير، يشير بوضوح إلى إمكانية تعديل سعر التذكرة لتحقيق مكاسب تغطي تكلفة التطوير، وكذلك المقابل المدفوع للوزارة سنوياً، حيث يبلغ سعر التذكرة حالياً 5 جنيهات بعد زيادتها عام 2014، وكان سعر التذكرة قبلها جنيهاً واحداً للمصريين، أما الأجانب فيبلغ سعر التذكرة المباعة لهم 20 جنيهاً.

وفي عام 2022 تم استحداث تذكرة جديدة بسعر 65 جنيهاً، وبحسب د.محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان أنها تذكرة مجمعة تشمل زيارة بيت الزواحف الذي يتم دخوله بتذكرة منفصلة، وكذلك متحف حديقة الحيوان.

وعقب البيان، قامت العديد من الصحف التابعة للدولة، سواء المملوكة منها للهيئة الوطنية للصحافة أو الشركة المتحدة للإنتاج الإعلامي (مملوكة للمخابرات العامة) بالترويج لتطوير الحديقة، وإعادة التأكيد على أن القرار صادر عن "القيادة السياسة" ممثلاً في الرئيس عبد الفتاح السيسي.

ولكن كل هذه التأكيدات لم تسهم إلا في تأجيج المخاوف، وترسيخ اليقين بأن هناك نية مبيتة لتدمير الثروة النباتية والأثرية للحديقتين، وتحويلهما إلى مساحات للأكشاك والكافيتريات ومتنزهات للأثرياء، أسوة بما جرى في حدائق الميريلاند وأنطونيادس والمنتزه.



الإهمال للتبرير

في الظروف الطبيعية لا تعترف الجهات التنفيذية في مصر بإهمالها، لأن هذا الإهمال يفترض أنه يستدعي المحاسبة، إلا أن وزارة الزراعة المصرية ساقت الإهمال المستمر على مدار عقود كمبرر لخطة التطوير التي ستنتهي بالحديقتين إلى يد جهات لا يثق مصريون كثيرون في نواياها أو إدارتها.

وقالت الوزارة على لسان متحدثها الرسمي الدكتور محمد القرش، أن حديقة الحيوان بالجيزة لم تشهد أي تطوير يذكر منذ افتتاحها للمرة الأولي عام 1891 وحتى الآن، وأنها لا تستطيع الاستعاضة عن الحيوانات النافقة أو تزويدها بحيوانات بديلة.

نزهة الفقراء ليست الشيء الوحيد المهدد في تطوير حديقة الحيوان، بل تاريخ الحديقة ومنشآتها وأشجارها

ما قاله المتحدث يظهر جلياً في التقارير الصحفية التي تناولت وضع الحديقة. ففي عام 2004؛ خرجت حديقة الحيوان المصرية من الاتحاد الدولي لحدائق الحيوان، وبحسب وزارة الزراعة حدث ذلك لعدد من الأسباب، أهمها تهالك البنية التحتية للحديقة وعدم تطويرها، وعدم اتباع المعايير الدولية في إيواء الحيوانات، ونفوق العديد من الحيوانات وعدم القدرة على الاستعاضة عنها، كان من بينها وفاة الزرافة عام 2020، وهي آخر زرافة في الحديقة تم جلبها من جنوب أفريقيا بعد نفوق كافة الزرافات.

خوف على التاريخ

نزهة الفقراء ليس الشيء الوحيد المهدد في تطوير حديقة الحيوان، بل يسيطر على الآراء والتعليقات المنشورة من مصريين كثيرين على شبكات التواصل الاجتماعي، حالة من الخوف على تاريخ الحديقة ومنشآتها وأشجارها، بعدما ساد بين المصريين انطباع عن كراهية السلطات الحاكمة للأشجار والنباتات والسعر الدائم لإزالتها.

خلال الأعوام من 2018 إلى 2022، أزيلت مساحات واسعة من الأشجار والحدائق المفتوحة والمسورة في مصر لصالح إنشاءات تنوعت بين الكباري والمحاور المرورية واكشاك الاطعمة والمشروبات والكومباوندات السكنية كما جرى في حديقة الفسطاط، أكبر وأقدم حدائق العاصمة القاهرة، والمنتزه، التي كانت من أجمل حدائق الإسكندرية، ويضاف إليها كافة المساحات الخضراء المفتوحة التي كانت في حي مصر الجديدة.

مصدر حكومي: هناك تعليمات بعدم نشر أي بيانات عن مشروع تطوير الحديقة حتى يوقِّع مجلس الوزراء عقد تحالف التطوير. هذه التعليمات تأتي خشية إثارة الرأي العام ضد المشروع وإيقافه

الخوف من مصير مماثل يطال حديقة الحيوان يبدو في هذا الضوء مفهوماً، فهي واحدة من أقدم الحدائق في مصر، أنشأها الخديو إسماعيل عام 1871، وافتتحت بعد 20 عاماً في 1891 في عهد الخديوي توفيق، وأطلق عليها "جوهرة التاج" لأنها أول حديقة حيوان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واعتبرتها اليونسكو إحدي مناطق التراث العالمي.


تحتوي "جنينة الحيوانات" كما يسميها المصريون على العديد من المنشآت الأثرية ذات القيمة الفريدة منها جسر إيفل المعلق، وهو واحد من جسور قليلة صممها ونفذها في مصر المهندس ألكساندر غوستاف إيفل مصمم البرج الشهير الذي يحمل نفس الاسم في باريس. وسبق أن قامت الإدارة المصرية الحالية بتفكيك أكبر وأهم جسر صممه إيفل في مصر، وهو كوبري إمبابة، المعروف أيضاً باسم أبو العلا، الذي يرقد ما تبقى منه الآن في شكل خُردة حديدية على ضفاف النيل.

التصميم الحضاري والشجري للحديقة، كان محل نزاع بين الجهات الحكومية، وإن كان هذا النزاع لم يتم إعلانه رسمياً، حيث نقل "مدى مصر" عن مصدر بالجهاز القومي للتنسيق الحضاري أن الجهاز تلقى نسخة من مشروع تطوير حديقتي الحيوان والأورمان، ووجده غير ملتزم بدليل الحدائق ذات الطابع المعماري المتميز، الذي أصدره الجهاز في عام 2021، واعتُمد من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية بوزارة الإسكان.

ونص الدليل على طرق التعامل مع الحدائق التي يعود تاريخ تأسيسها إلى القرنين التاسع عشر والعشرين، وتنطبق عليها المواصفات المنصوص عليها في القانون رقم 144 لسنة 2006 في شأن تنظيم هدم المباني والمنشآت غير الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعماري، إلا أن المشروع المقترح لم يلتزم بهذا الدليل.

التقرير المنشور أيضاً، أشار إلى أن التحالف المزمع لتطوير الحديقة يضم ثلاث أطراف: طرفان حكوميان (في إشارة لجهتين ذاتا صفة عسكرية) وآخر إماراتي، لمدة 25 عاماً، تبدأ من يناير/ كانون الثاني 2023، وهو ما نفاه وزير الزراعة السيد القصير.

ويتخوف مصريون من التوسع الإماراتي المتسارع في السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي والحدائق والمنشآت التاريخية المصرية سواء عن طريق الشراء أو اكتساب حق الانتفاع، بموجب عقود لا يمكن الطعن عليها ولا سبيل للمواطنين إلى مراقبتها أو الاعتراض عليها.

ورغم هذا النفي، نقلت جريدة الشروق المصرية التي يرأس تحريرها عضو مجلس الشيوخ عماد الدين حسين، عن مصدر حكومي لم تسمه؛ أن التعاقد بين الدولة والتحالف الثلاثي سيتم توقيعه خلال الأسبوع الجاري.

حديقة الأندلس جرت إزالتها بالكامل تحت مسمى "التطوير"، وتم تجريدها من النباتات، وحتى من الموزاييك التاريخي الذي عُبِّدت به طرقها ومدرجاتها، وذلك في مواجهة اعتراضات شعبية واسعة، لم تعرها السلطات اهتماماً

تقرير الشروق قال إن التحالف مكون من 3 شركات مصرية هي الهيئة القومية للإنتاج الحربي، وشركة حدائق، وشركة أبناء سيناء للإنشاءات، موضحاً أن التحالف هو المسؤول عن تمويل عملية التطوير والتي تبلغ تكلفتها مليار جنيه، ودفع مبلغ النفع العام، وأن شركة "حدائق" ستكون مسؤولة عن التعامل مع الشركتين الأجنبيتين وهما "هاريسون" وهي الشركة اليت ستتولى وضع تصميمات جديدة لحديقة الحيوان، وشركة Worldwide zoo وهي الشركة التي نفى التقرير كونها إماراتية، رغم أن مكتبها الإقليمي في إمارة أبو ظبي.

تخبط وتعتيم

تواصل رصيف22 مع مجلس الوزراء ووزارة الزراعة والجهاز القومي للتنسيق الحضاري، إلا أن المتحدث باسم مجلس الوزراء هاني يونس، رقض التعليق قائلاً: "تطوير الحديقة مسؤولية وزارة الزراعة، وأي أسئلة حول هذا المشروع يتم توجيهها إلى الوزارة".

أما وزارة الزراعة، فأكد مصدر مطلع فيها، تحفظ على نشر اسمه لرصيف22 لأسباب أمنية، أن هناك تعليمات بعدم نشر أي بيانات إعلامية عن مشروع تطوير الحديقة حتى يقوم مجلس الوزراء بتوقيع عقد تحالف التطوير، وأن هذه التعليمات تأتي خشية إثارة الرأي العام ضد المشروع وإيقافه. 

وقال المصدر أنه لم يقرأ أية تقارير إعلامية عن الواقعة، ولكنه أكد في الوقت نفسه أن مجلس الوزراء سيقوم بتوقيع العقد في أقرب وقت.

يتخوف مصريون من التوسع الإماراتي المتسارع في السيطرة على مساحات مترامية من الأراضي والحدائق والمنشآت التاريخية، سواء عن طريق الشراء أو اكتساب حق الانتفاع، بموجب عقود لا يمكن الطعن عليها ولا سبيل للمواطنين إلى مراقبتها أو الاعتراض عليها

بينما رفض المهندس محمد أبو سعدة رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري التعليق على مشروع تطوير الحديقة، والتقارير الإعلامية التي أادت باعتراض الجهاز على المخطط المقدم للتطوير، والذي تؤكد البيانات الحكومية اللاحقة على المضي فيه من دون تغيير.

الترفيه المجاني ينتهي

قبل 3 أعوام بدأت الحكومة المصرية في تطوير منطقة قلعة صلاح الدين، بمشاركة من صندوق مصر السيادي، وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي الخبر مع تكهنات ببيع حق استغلال القلعة للصندوق، وهو ما نفاه المركز الإعلامي لمجلس الوزراء في بيان قال فيه إن الوزارة تعاقدت مع صندوق مصر السيادي لتنفيذ مشروع تطوير وإعادة إحياء منطقة باب العزب القلعة، "لرفع كفاءة المنطقة والنهوض بالخدمات السياحية بها، لتصبح منطقة تاريخية وثقافية وسياحية لجذب الزوار والسائحين لها، وذلك في إطار حرص الدولة على تطوير المناطق التاريخية والأثرية دون المساس بها".

لكن هذا التطوير تم ترجمته في يوليو/ تموز 2022 بقيام المجلس الأعلى للآثار برفع سعر التذكرة من 5 جنيهات للفرد إلى 60 جنيه، و30 جنيهاً للطلبة، و200 جنيهاً للأجانب، ضمن زيادة تعريفة الدخول لعدد من المناطق الأثرية منها الأهرامات.

يعلق الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني لرصيف22: "على مدى التاريخ كان في عندنا حدائق ومتنزهات لعامة الشعب ليستمتع بها، وخاصة في العطلات والأعياد، وكانت وسائل ترفيه مجانية أو في متناول كل الأسر المصرية. لكن للأسف منذ سنوات بدأت مذابح الأشجار والحدائق العامة، وخصخصة المتنزهات وحرمان الفقراء الذين يشكلون أكثر من نصف سكان مصر من وسائل الترفيه الرخيصة".

وأضاف الميرغني لرصيف22، أنه "بدعوي التطوير والتحديث، يتم تحويل المنتزهات العامة والحدائق إلي مشروعات سياحية مملوكة لعرب أو أجانب أو حتى مصريين. ورأينا ذلك في الصوت والضوء في منطقة الأهرامات، ثم في قلعة صلاح الدين. وكل تطوير يعني استثمارات جديدة وأسعار جديدة لا تضع المواطن المتوسط والمحدود الدخل في اعتبارها، ولم يقتصر الأمر والخراب علي محافظة القاهرة؛ بل يمتد ليشمل جميع محافظات مصر من حديقة أنطونيادس بالإسكندرية إلي حديقة هابي لاند في المنصورة ثم الحديقة الدولية في مدينة نصر، وأخيراً حديقة الحيوان بالجيزة متنزّه الطبقة الوسطى والفقيرة".

وصف الميرغني خطة تطوير حديقتي الحيوان بالجيزة والأورمان بأنه جزء من مخطط تسليع الحدائق العامة وتحويلها الي مشاريع استثمارية وتشويه أسوارها بمحلات قبيحة، تبيع سلع استهلاكية لطبقة معينة، وتحرم الملايين من وسيلة الترفيه الرخيصة

يدلل الميرغني على قراءته للوضع بما حدث في الحديقة الدولية في منطقة مدينة نصر شرق العاصمة: "إذا نظرنا لتطوير الحديقة الدولية في مدينة نصر، نجد تصريحات للسيد اللواء محمد سلطان رئيس مجلس إدارة مشروع الحدائق المتخصصة بالقاهرة، أنه سيتم وضع بوابات إلكترونية تشبه الموجودة على بوابات المترو، تعمل على ضبط عملية دخول الزائرين، وكذلك السيطرة على الإيرادات بشكل إلكتروني، وسيتم تعميمها على باقي الحدائق. ونفذت محافظة القاهرة بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار مشروع تطوير حديقة الأندلس الأثرية بكورنيش النيل بالجزيرة، وتعد هذه الحديقة أول حديقة تسجل كأثر فى مصر، وهى جزء رئيسي من ذاكرة العاصمة. وكذلك حديقة تلال الفسطاط".

ما حدث في حديقة الأندلس أنه جرت إزالتها بالكامل، وتجريدها من النباتات، وحتى من الموزاييك التاريخي الذي عُبدت به طرق ومدرجات الحديقة التاريخة، المخطط تحويلها إلى "مشروع سياحي". أما الفسطاط، فقد أزيلت أشجارها الوارفة لصالح نخيل أجرد غير مثمر ولا يوفر للزائرين ظلاً، واقتطعت مساحات منها لبناء "كومباوند" سكني.

وشدد الميرغني أن الحدائق بعد التطوير، تتحول من مرافق عامة ورئة للتنفس إلي مشروعات مدرة للدخل موجهة لمن يملك ثمن التذكرة ، مضيفاً "سبق منذ فترة ان نشرت بعض المواقع أخبار رفع أسعار تذاكر حديقة الحيوان، ووقتها تم تكذيب هذه الأخبار، لكن بعد شهور يبدأ تنفيذ مخطط تسليع الحدائق العامة وحرمان أكثر من نصف الشعب المصري من دخولها بعد رفع أسعار تذاكر الدخول، كما شاهدنا في كل الحدائق العامة التي تم فيها ما يسمى بالتطوير. المستثمر يريد أن يحصل على دخل يحقق عائد على الاستثمارات التي أضافها، ولا يهمه من هي الفئة التي تستفيد بهذا التطوير".

واختتم الميرغني حديثه قائلاً "إن مأساة حديقة الحيوان في الجيزة ليست الأولي ولن تكون الأخيرة على طريق حرمان الفقراء من وسائل الترفيه الرخيص لصالح مستثمري المولات، وأصحاب محلات تحت الكباري التي تخاطب فئات محددة من المصريين وتحرم الغالبية من التمتع بالمتنزهات العامة".

لا تعلم سارة، لماذا لا يحاسب المسئولين عن إهمال الحديقة بدلاً من تبرير منحها لمستثمر كحق انتفاع؟ لكن ما تعرفه أن عصر اللجوء لحديقة الحيوان كنزهة رخيصة لها ولأبنائها قد انتهى، وأن عليها البحث عن نزهات أخرى لم تمسها خطط الدولة للتطوير.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard