شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
بين الحميمية والأعياد... هل تتحسن علاقاتنا الجنسية؟

بين الحميمية والأعياد... هل تتحسن علاقاتنا الجنسية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحريات الشخصية

الأربعاء 21 ديسمبر 202203:00 م


 يأتي هذا التقرير كجزء من مشروع "مش عَ الهامش"،
والذي يسلط الضوء على الحقوق والحريات والصحّة الجنسيّة والإنجابيّة في لبنان.

"الجلسة الحميمية والأجواء الرومانسية هي الأهم بالنسبة لي في فترة الأعياد. الناس في العادة تنتظر العيد لتجتمع بالعائلة، أما أنا فأفكر في أن أكون بالقرب من شريكي بعيداً عن الصخب... عندما تكون العلاقة متقاربةً ومنسجمةً، يصبح الشريك الجزء الأهم في الحياة، وهذا ما يحفزنا لنخترع أعيادنا الخاصة"؛ بهذه الكلمات وصفت رنا (36 عاماً) علاقتها بشريكها.

الأعياد فرصة لتجديد الحب

مما لا شك فيه أن الأعياد تؤثر على حياة الأفراد سواء كان ذلك من الناحية العاطفية أو الجنسية.

في هذا السياق، رأت رنا، التي تعمل في مجال التعليم، أن الأعياد فرصة لتجديد الحب والشغف: "قد نحتفل حتى بالمناسبات الصغيرة، وهذا ما قمنا به الشهر الماضي، إذ حجز شريكي غرفةً داخل فندق وقام بتجهيزها بالورود والشموع، فكانت فرصةً جميلةً لتجديد الشغف والمشاعر، وهذا يعطينا طاقةً لنكمل أيامنا القادمة بكثير من الحب".

وأضافت رنا لرصيف22: "من أكثر الأمور التي أحبها في العيد، الهدايا وأفضّل أن تكون ‘لانجري’ يختارها شريكي حسب مزاجه وما يناسبني، وكيف يتخايلني وأنا ارتديها"، مشيرةً إلى أن أجواء الإثارة التي ينتظرها الشريك من حبيبته، والتحضيرات والأجواء الرومانسية، كلها أمور تؤجج الرغبة وتزيد من التشويق في العلاقة الحميمية.

ختمت رنا بالقول: "أهتم شخصياً بالعلاقة الجنسية مع شريكي، فأشتري اللانجري حسب المناسبة وفي كل مرة أكون مختلفةً عن المرة السابقة. قد يكون لانجري ستان ودانتيل وفي مناسبة مختلفة قد يكون اللباس جلداً وشبكاً، وهذا التنويع يعني لي الكثير لزيادة الشغف".

المناسبات تكسر الروتين

"قصة الحب التي أعيشها مع زوجي لا تنطفىء"، هذا ما أكدته سارة (اسم مستعار) التي تعرفت إلى زوجها في حفلة رقص: "كانت بداية التعارف وقصة الحب الطويلة بالرغم من أنني لم أكن أفكر في الزواج وتكوين العائلة، لكن مع الوقت اكتشفت أننا نصلح كثنائي معاً، وبالرغم من المخاوف التي رافقتنا بسبب حبي للحرية والسفر والحياة الصاخبة، إلا أن الأمر تغيّر مع تطور علاقتنا وجلسات الدعم النفسي التي كانت حلاً مثالياً لتقريب وجهات النظر وتقبّل الاختلاف".

"من أكثر الأمور التي أحبها في العيد، الهدايا وأفضّل أن تكون ‘لانجري’ يختارها شريكي حسب مزاجه وما يناسبني، وكيف يتخايلني وأنا ارتديها"

وأضافت الشابة البالغة من العمر إحدى وثلاثين عاماً: "بعد الزواج، أصبحت العلاقة أقوى، ودائماً ما نهتم بقضاء الإجازات معاً وإحضار الهدايا والقيام ببعض المفاجآت خاصةً إذا كان أحدنا مسافراً. خلقنا توازناً في علاقتنا بالرغم من ضغوط الحياة والأزمات التي تمر بها البلاد، ففكرة الزواج وبناء عائلة ليست سهلةً، وعلى عكس ما عشته في بيت أهلي، نتشارك أنا زوجي جميع القرارات والمسؤوليات، بالإضافة إلى قرارنا حالياً بعدم الإنجاب بسبب ما نعيشه من ضغوط".

وتابعت سارة: "قد نصل من خلال روتين الحياة اليومية إلى عدم إيجاد الوقت الكافي لقضاء الوقت معاً، ولا أنكر أن ضغوط الحياة قد ساهمت في تقليل الشغف، لكن في المقابل كل شخص متفهم للآخر ونستطيع مصارحة بعضنا، حتى أن المساحة الخاصة لكل منّا هي من الأمور المهمة في حياتنا".

أما في موضوع الأعياد والمناسبات الخاصة، فكشفت سارة أنها من يتولى الاهتمام بتنظيم المفاجآت: "أحرص على ألا تمرّ الأعياد والمناسبات من دون احتفال، وفي كل سنة نقوم بالسفر إلى بلدان نختارها، ولكن الأمر اختلف خلال كورونا والأزمة الاقتصادية، وأصبحنا نحتفل على طريقتنا في لبنان بحيث نحجز مثلاً جلسة تدليك".

ورأت سارة أن أسعد اللحظات تكمن في أن يقضي الإنسان إجازته مع من يحب من دون التفكير في العمل أو المشكلات: "يجب أن يفصل المرء نفسه عن كل محيطه ويتفرغ لمن يحب وذلك ليعيش الحب، وأذكر أن العيد الماضي كان مميزاً جداً وشكّل فرصةً لتجديد العلاقة الحميمية بيننا، بعد المرور بفترة برودة عاطفية بسبب ضغوط الحياة".

وختمت حديثها بالقول: "ما يهمني في العيد هو الوقت الذي نمضيه معاً، فنحن نخطط لعطلتنا لقضاء وقت ثمين يعوضنا عن أيام العمل والتعب، وما يهمنا هو أن نكون سعداء".

بدورها، قالت كريستينا، وهي متزوجة منذ خمسة عشر عاماً: "العيد مناسبة جميلة لإعادة إحياء الحب وللتقرب من العائلة وخاصةً في عيد الميلاد إذ نشعر بدفء العائلة والوقت الثمين الذي نقضيه معاً، وهذا ما يخلق أيضاً أجواءً عاطفيةً"، مشيرةً إلى أن الجانب العاطفي في علاقتها بشريكها يتجدد دائماً من خلال خلق أجواء مميزة في أي مناسبة.

غير أن كريستينا رأت أن العلاقة الحميمية لا تتعلق فقط بالأعياد، بل ترتكز على جهد الثنائي في تجديد الحب والشغف لكسر الروتين.

الرأي النفسي في علاقة العيد والجنس

رأت المعالجة النفسية د. سعدى بركات، أن التكلم عن موضوع العلاقة الحميمية هو أمر حساس اجتماعياً، ويعود ذلك إلى الموروث النفسي الناتج عن المعتقدات الدينية والعادات والتقاليد.

وأضافت بركات: "تأثير الأعياد على العلاقات الحميمية يحمل الجانبين، السلبي والإيجابي. قد تمر العلاقة بين المتزوجين منذ فترة طويلة بالبرودة لأنها تترافق مع الأوضاع الاقتصادية والضغط النفسي وقلق الوجود وإثبات الذات والعوامل الديموغرافية وطبيعة كل بلد وتأثيرها على نفسية الفرد، خاصةً في لبنان، الذي يسبب الاكتئاب الارتكاسي، الناتج عن الأوضاع عامةً".

يولد عدد أكبر من الأطفال في أيلول/ سبتمبر من كل عام أكثر من أي شهر آخر، مما يعني أن الأشهر التسعة السابقة التي تدور بالقرب من عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة، هي أكثر أوقات العام شيوعاً للحمل

في المقابل، شددت سعدى على أن تأثير الأعياد قد يكون إيجابياً على بعض الأفراد: "كل فرد فينا يحب فرح العيد وزينته وألوانه، بالإضافة إلى الحياة الاجتماعية الخاصة بالعيد، مما يعزز الروابط بين الثنائي، كما أن العطل التي تُعدّ فترة راحة بسبب ما نمر به من ضغوط الحياة وتأثيرها على الجهاز العصبي، تساهم في العودة إلى الشعور بالذات والرغبة في العلاقة الحميمية والجنس".

وأكدت بركات أن العديد من الأشخاص يتأثرون بالأعياد لكونها تعيد إليهم ذكريات بدايات علاقتهم: "نصادف أشخاصاً مدمنين على بداية العلاقات، وهذا مهم جداً لكونهم يعيدون إحياء العلاقة من البداية والمواعيد الرومانسية والوقت الخاص بهم وهذا ما يحفز على إفراز هرمون الدوبامين والسيروتونين ويجعل الإنسان يقوم بعلاقة جنسية مريحة"، منوهةً بأنه "في المقابل هناك اشخاص يعيشون ضغوط اقتصادية، فتنعكس الأعياد عليهم سلباً وعلى علاقتهم الحميمية، إذ يصبح العيد كألم مكبوت، بالإضافة إلى أن بعض الأعياد تشكل ذكرى حزينةً لبعض العائلات، كفقدان شخص عزيز، مما يؤثر مباشرةً على العلاقة الجنسية بين بعض الأزواج".

هذا وختمت د. بركات بالقول: "أودّ أن أنصح العشاق بتنظيم وقتهم وخلق إستراتيجية خاصة خلال فترة الأعياد، كي يكونوا سعداء ويجددوا العلاقة الحميمية".

لماذا تزداد الرغبة الجنسية خلال فترة الأعياد؟

تدور العطلات حول قضاء وقت ممتع مع العائلة، وتناول الطعام اللذيذ وأخذ بعض الوقت للاعتناء بأنفسنا وتعزيز العلاقة الجنسية مع الشريك/ ة.

يولد عدد أكبر من الأطفال في أيلول/ سبتمبر من كل عام أكثر من أي شهر آخر، مما يعني أن الأشهر التسعة السابقة التي تدور بالقرب من عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة، هي أكثر أوقات العام شيوعاً للحمل.

يعتقد العديد من العلماء أن هذا الارتفاع في الخصوبة هو استجابة بيولوجية لتغيّر الفصول، بحيث تفيد إحدى النظريات أنه مع انخفاض درجات الحرارة، يبدأ الأفراد في التفكير أكثر في الجنس، غير أن دراسةً جديدةً عدّت أن المسألة لها علاقة بالثقافة أكثر من ارتباطها بالشق البيولوجي.

من خلال استخدام بيانات من جميع أنحاء العالم، وجد الباحثون في جامعة إنديانا ومعهد غولبنكيان دي سينسيا في البرتغال، أن الاهتمام بالجنس يبلغ ذروته في أيام العطلات الرئيسية، بغض النظر عن الفصل والطقس.

وقد أظهرت الأبحاث أن الاهتمام بالجنس عبر الإنترنت، يبلغ ذروته بشكل حاد خلال الاحتفالات الثقافية والدينية في جميع أنحاء العالم.

استخدم الباحثون مؤشرات غوغل لمعرفة عدد المرات التي يبحث فيها الأشخاص عن كلمة "جنس"، ولاحظوا أنها ارتفعت في أيام العطلات، ووصلت إلى أعلى مستوياتها خلال أسبوع الميلاد في الولايات المتحدة، فضلاً عن بلوغها الذروة خلال العيد.

واللافت أن الاهتمام بالجنس عبر الإنترنت، لا يعني فقط البحث عن المواد الإباحية، بحسب تأكيد المؤلف الرئيسي للدراسة، لويس روشا، وهو أستاذ المعلوماتية وأستاذ مشارك في العلوم المعرفية في جامعة إنديانا: "لقد رأينا زيادةً في الأشخاص الذين يبحثون عن معرفة جنسية عامة بما في ذلك المصطلحات الطبية والمصطلحات المتعلقة بمنع الحمل وما إلى ذلك"، مشيراً إلى أن تلك الزيادة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالزيادة في المواليد بعد تسعة أشهر: "قد يكون ذلك عندما يشعر الناس بالسعادة ويكونون أقل قلقاً -في نهاية العام ومع اقنراب العطلات- وفي هذه الحالة من المرجح أن يفكروا في تكوين أسرة".

حاولوا/ ن أن تستفيدوا/ ن من فترة الأعياد لقضاء بعض الوقت مع الشريك/ ة وحاولوا/ن دوماً التفكير في طرق من شأنها أن تزيد الإثارة والرغبة الجنسية، ولا تنسوا/ ين أن ممارسة الجنس أمر عاطفي وعقلي بقدر ما هو جسدي، لذا فإن تحرير العقل من الضغوط والهموم خلال فترة الأعياد سوف يثمر تجارب ومغامرات جنسيةً أفضل

في الحقيقة، هناك أسباب عدة تكمن وراء زيادة الاهتمام بالجنس خلال فترة الأعياد:

-أخذ إجازة من ضغوط الحياة: في الأيام العادية، يكون الثنائي منهمكاً في العمل وشؤون المنزل وقد يتناسى نفسه ويهمل العلاقة، غير أن فترة الأعياد تأتي لأخذ نفس عميق، وهكذا يكون هناك وقت إضافي للانكباب على العلاقة الجنسية وتحسينها، خاصةً بعد فترة الفتور العاطفي جرّاء الهموم اليومية.

-البحث عن الدفء: على الرغم من عدم وجود الكثير من الأبحاث حول هذه الظاهرة، غير أن بعض الخبراء لاحظوا أن فصل الشتاء يزيد من وتيرة العلاقات الجنسية، نظراً إلى التقارب الجسدي بين الأزواج، فالأحضان الدافئة تحسّن المزاج وتجعل الأفراد يشعرون بالراحة أكثر لإقامة علاقة جنسية.

-النوستاليجا: هناك عنصر عاطفي يكمن في الأعياد وتالياً يمكن أن تزيد المشاعر العاطفية من الرغبة في الارتباط الحميمي وأن يكون المرء أكثر رومانسيةً مع الشريك/ ة.

كيف نحصل على أفضل تجربة جنسية خلال العطلة؟

لا شك أن العلاقة الجنسية يجب أن تكون دوماً ممتعةً في حال كان هناك انسجام وتناغم بين الشريكين، ولكن يمكن إضافة سحر خاص على الأجواء الحميمية خلال فترة الأعياد.

في الواقع، إن العطلات هي الأوقات المثالية لتجربة أشياء جديدة، والاستمتاع بتجارب جديدة، وبالنسبة إلى العلاقة الجنسية يمكن تجربة بعض الوضعيات الجنسية الجديدة أو إضافة ألعاب جنسية لزيادة الإثارة.

مهما كانت الطريق المعتمدة، يجب أخذ الأمور ببطء، فإذا كنتم/ نّ ترغبون/ ن في استخدام هزّازات أو ألعاب جنسية أخرى، فتأكدوا/ ن من مناقشة الموضوع مع الشريك/ ة، إذ يجب أن يكون كلاكما مرتاحاً إلى العملية الجنسية.

في الختام، حاولوا/ ن أن تستفيدوا/ ن من فترة الأعياد لقضاء بعض الوقت مع الشريك/ ة وتعرفوا/ ن على بعضكم/ نّ البعض بشكل وثيق، فالروتين يقتل الحياة العاطفية، لذا حاولوا/ ن دوماً التفكير في طرق من شأنها أن تزيد الإثارة والرغبة الجنسية، ولا تنسوا/ ين أن ممارسة الجنس أمر عاطفي وعقلي بقدر ما هو جسدي، لذا فإن تحرير العقل من الضغوط والهموم خلال فترة الأعياد سوف يثمر تجارب ومغامرات جنسيةً أفضل. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard