شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
في الذكرى الـ40 على إهداء كأس العالم لفلسطين...

في الذكرى الـ40 على إهداء كأس العالم لفلسطين... "شكراً إيطاليا"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والتنوّع

الثلاثاء 13 ديسمبر 202204:43 م

"لا لخلط السياسة بالرياضة".. عبارة رفعها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" وتغنى بها دائماً، وسارت الاتحادات القارية على خطاه، ولكن هذا المبدأ أصبح تحت شبهة الكيل بمكيالين بعدما إقرار العقوبات الرادعة ضد روسيا والمساندة العلنية لأوكرانيا بعد غزو الأولى للثانية وإدانة المجتمع الدولي لها.
هل يجوز التساؤل إن كان خلط السياسة بالرياضة يخدم مصالح المجتمع الدولي المائل لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية حصراً؟ ماذا عن الحروب في البقاع الأخرى في العالم؟ ماذا عن القضية الفلسطينية؟ 
يشعر المجتمع الدولي أحادي القطب بالحرج عندما يرفع أي رياضي شعاراً يؤيد القضية الفلسطينية، أو حين تظهر مبادرة للتنديد بحملات الاضطهاد العرقي ضد مسلمي الإيغور، ولكنه يستغل شعبية الرياضة في الترويج لمصالحه إذا استدعى الأمر، فيسقط قناع المثالية عن المؤسسات الرياضية التي تحيد عن مبادئها عندما تقتضي المصلحة العليا ذلك. 

حرب الشارات... وحرب المخيمات

أقيم المونديال للمرة الأولى في دولة عربية، واستضافت قطر منتخبات عالمية كان بعضها ينوي ارتداء شارة قيادة تحمل علم أوكرانيا تضامناً معها ضد العدوان الروسي على أراضيها، فقابلتها مبادرة من الجماهير العربية تطالب فيها منتخباتها بارتداء شارة قيادة تحمل علم فلسطين.
الشعب الفلسطيني كان قد استفاد من دعم وتأييد لا يُنسى في مبادرة تاريخية مر عليها اليوم 40 عاماً، عند إهداء منتخب إيطاليا اللقب لمنظمة التحرير الفلسطينية، تعاطفاً مع القضية وحصار بيروت وقتها من قبل القوات الإسرائيلية عام 1982، أربعة عقود مرت ولا زال الفلسطينيون يقولون: "شكراً إيطاليا". 
في ذلك العام غزت إسرائيل لبنان للقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، والتي اتخذت من لبنان مقراً لها، ومع ذلك لم تمنع الحرب الشعب الفلسطيني واللبناني من الإقبال على مشاهدة المونديال، وهو الشعب المعروف بحبه للحياة مهما ساءت الظروف.
رفع اللبنانيون أعلام منتخباتهم المفضلة  على منازلهم بدلاً من الأعلام البيضاء، ولم يعلن الشعب اللبناني استسلامه أمام القوات الإسرائيلية، بينما كان زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات يشاهد المباريات مع رجاله، في أوقات الهدنة ما بين المعارك.
الشعب الفلسطيني كان قد استفاد من تأييد لا يُنسى في مبادرة تاريخية مر عليها اليوم 40 عاماً، عند إهداء منتخب إيطاليا اللقب لمنظمة التحرير تعاطفاً مع القضية وحصار بيروت من قبل القوات الإسرائيلية عام 1982

رغم الظروف الصعبة، والدمار الذي ألحقته إسرائيل ببيروت، تابع فدائيو وفدائيات منظمة التحرير مباريات كأس العالم على شاشات التلفاز الصغيرة، كذلك الأمر في مخيمات اللاجئين التي عانت من عدم استقرار الكهرباء، حيث كان الناس يستخدمون بطاريات السيارات لتشغيل التلفزيونات بحيث لا تفوتهم المباريات. 
الشعب اللبناني رغم مصائبه، تابع بشغف المشاركة العربية في المونديال، والتي تمثلت حينها بمنتخبي الجزائر والكويت.

فضيحة "خيخون"... وشكراً إيطاليا 

أيضاً في ذلك العام شعر المشاهد العربي بغصة كبيرة للـ"مؤامرة" التي حيكت بين منتخب ألمانيا الغربية ومنتخب النمسا بهدف إخراج الجزائر من الدور الأول، ليزداد الحصار مراراة وتُحرم الشعوب العربية من فرحة لحظية مهمة بعد أن أبهر منتخب الجزائر العالم بالفوز على بطل أوروبا وقتها "منتخب ألمانيا الغربية" في أول مشاركة بهدفين مقابل هدف، وبالفوز على تشيلي.

لجوء ألمانيا والنمسا للاتفاق على نتيجة تؤهل المنتخبين معاً في الجولة الأخيرة للإطاحة بالجزائر فيما عُرف بـ "فضيحة خيخون" غيّر من قوانين اللعبة فصارت الجولات النهائية بعد ذلك تُلعب في نفس الوقت

ولكن لجوء المنتخب الألماني والمنتخب النمساوي للاتفاق على نتيجة تؤهل المنتخبين معاً في الجولة الأخيرة للإطاحة بالجزائر فيما عُرف بـ "فضيحة خيخون" أحزن العرب، الأمر الذي أدى إلى تغيير قوانين كرة القدم، لتصبح الجولات النهائية في مرحلة المجموعات بعد ذلك تُلعب في نفس الوقت، تفادياً لحدوث أية مؤامرات أو اتفاقيات سرية.

ظل الشعب الفلسطيني واللبناني يتابع بشغف بقية مباريات المونديال المقام في إسبانيا، رغم حصار بيروت ورغم خروج العرب مبكراً، حتى انتصر لهم المنتخب الإيطالي بضربة مزدوجة في المباراة النهائية... الضربة الأولى كانت بحرمان الألمان من اللقب بعد المؤامرة على منتخب الجزائر، والضربة الثانية بإهداء كأس العالم لمنظمة التحرير الفلسطينية وللشعب الفلسطيني المحاصر في بيروت، في مبادرة أغضبت إسرائيل ومن يحالفها في حينه.

احتفل الفلسطينيون بفوز إيطاليا وبهذا الإهداء التاريخي بإطلاق العيارات النارية في الهواء، وأيضا تعبيراً عن امتنانهم لوضع قضيتهم في قلب الخبر، وظل الشعب الفلسطيني يكن كل الحب للمنتخب الإيطالي، الذي تحدى بشجاعة نفوذ العالم أحادي القطب، وأبدى تعاطفاً علنياً وتأييداً لحقوق الشعب الفلسطيني في العيش حراً على أراضيه.

الفوز مغربي والفرحة فلسطينية 

رغم الصعوبات يتابع الفلسطينيون في غزة مباريات كأس العالم، البعض منهم أراد السفر إلى قطر لحضور المباريات من مدرجات أول ملاعب عربية تستضيف المونديال، ولكن هذه الرغبة تبدو بعيدة عن التحقق بسبب تضييقيات السفر والخروج. لهذا السبب وللتقارب السياسي، قررت اللجنة القطرية المنظمة لكأس العالم 2022 إنشاء شاشات ضخمة في أماكن التجمعات في قطاع غزة للسماح بالمشاهدة المجانية لشباب القطاع.

وجّه المنتخب الإيطالي ضربة مزدوجة في المباراة النهائية 1982، الأولى بحرمان الألمان من اللقب بعد المؤامرة على منتخب الجزائر، والثانية بإهداء كأس العالم لمنظمة التحرير  

مع كل فوز لمنتخب المغرب تضج الشوارع الفلسطينية باحتفالات عارمة، في مدن مختلفة من الخليل إلى غزة، وترد الجماهير في الملاعب بحمل أعلام فلسطين، كذلك حمل البعض من لاعبي منتخب المغرب أعلام فلسطين.

الاحتفالات السابقة دفعت ببعض كتاب الصحف العبرية إلى القول إن مبادرة التطبيع بين إسرائيل والمغرب لا زالت بعيدة، وإن الشعب المغربي ربما لا يتقبلها، وإن انتصارات المغرب أخذت بيد القضية الفلسطينية إلى الصحف الغربية، ومنها صحيفة "الغارديان" البريطانية التي قالت إن العشرات من مشجعي منتخب المغرب يحتفلون برفع العلم الفلسطيني بدلاً من رفع علم بلادهم. 

كذلك تحرص الجماهير العربية الحاضرة للمشاهدة والاستمتاع بأجواء كأس العالم 2022 في قطر بحمل أعلام فلسطين في الشوارع، مما لفت أنظار الجماهير المختلفة، وبدأ منهم بالتعاطف معهم وحمل أعلام فلسطين أيضاً، كالجماهير البرازيلية.

قد يكون هذا المونديال الأكثر إفادة من حيث تسليط الضوء على القضية الفلسطينية بعد 40 عاماً من إهداء إيطاليا للقب كأس العالم لفلسطين

في مونديال قطر 2022 تغيب إيطاليا لعدم تأهلها، ولكن العلم الفلسطيني كان حاضراً، وقد يكون هذا المونديال الأكثر إفادة من حيث تسليط الضوء على القضية الفلسطينية بعد 40 عاماً من إهداء إيطاليا للقب كأس العالم لفلسطين، خاصة مع صعود منتخب المغرب كأول منتخب عربي في تاريخ كأس العالم إلى المربع الذهبي.


إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard