شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"العالم يراقب"... "هيومن رايتس ووتش" توثّق انتهاك حقوق مجتمع الميم عين في قطر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والميم-عين

الاثنين 24 أكتوبر 202205:59 م

قبيل أيام من انطلاق منافسات مونديال كرة القدم 2022 الذي تنظمه الإمارة الخليجية الثريّة، وجّهت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اتهامات للسلطات الأمنية في قطر بانتهاك حقوق أفراد مجتمع الميم عين، بما في ذلك "تمييز، وسوء معاملة أثناء الاحتجاز، وانتهاكات للخصوصية، وتحويل الجندر والتوجه الجنسي".

وتحت عنوان: "قطر… قوات الأمن تعتقل أفراد مجتمع الميم وتعتدي عليهم"، قالت المنظمة الحقوقية الدولية، الاثنين 24 تشرين الأول/ أكتوبر، إن قوات جهاز "الأمن الوقائي القطري" التابع لوزارة الداخلية القطرية "اعتقلت تعسفياً" عدداً من المثليين/ ات، ومزدوجي/ ات التوجه الجنسي، والعابرين/ ات و"عرّضتهم لسوء المعاملة أثناء الاحتجاز".

بمساعدة الطبيب والناشط المثلي القطري ناصر محمد، تمكنت هيومن رايتس ووتش من مقابلة خمسة من أصل ستة أشخاص من مجتمع الميم عين في قطر، وهم أربع نساء عابرات جنسياً، وامرأة مزدوجة التوجه الجنسي، ورجل مثلي الجنس.

انتهاكات حديثة

كان لافتاً قول بعض الأشخاص الذين قابلتهم "هيومن رايتس" إن إساءة معاملتهم حدثت الشهر الماضي، أي بينما كثّفت قطر استعداداتها لاستضافة كأس العالم، والذي تنطلق فعالياته في تشرين الثاني/ نوفمبر الوشيك - وفي ظل تعرض السلطات القطرية لتدقيق شديد على صلة بملف حقوق الإنسان هناك، وتحديداً مجتمع الميم عين.

"يبدو أنها واثقة من أنه لن يتم الإبلاغ عن انتهاكات قوات الأمن أو ردعها"... "روايات مماثلة بشكل لافت" عن انتهاكات الأمن الوقائي في #قطر بحق أفراد مجتمع الميم عين قُبيل انطلاق منافسات مونديال قطر 2022

من بين الحالات التي وثّقها التقرير، ست حالات "ضرب مبرح ومتكرر" وخمس "تحرش جنسي أثناء الاحتجاز" لدى الشرطة بين عامي 2019 و2022. كما تبين أن قوات الأمن اعتقلت أشخاصاً من أماكن عامة وفتشت هواتفهم بصفة غير قانونية بسبب "تعبيرهم الجندري" فقط.

وأمرت قوات الأمن نساءً عابرات للنوع الاجتماعي بحضور جلسات علاج التحويل في "مركز دعم الصحة السلوكية" الحكومي كشرط للإفراج عنهن.

تعقيباً على حدوث هذه الانتهاكات على بُعد أيام من كأس العالم بقطر، رجّحت باحثة حقوق مجتمع الميم في هيومن رايتس ووتش، رشا يونس، أنه "يبدو أنها واثقة من أنه لن يتم الإبلاغ عن انتهاكات قوات الأمن أو ردعها"، مشددةً على ضرورة "إنهاء إفلات السلطات القطرية من العقاب على عنفها ضد مجتمع الميم. العالم يراقب".

واتهم جميع الأشخاص الذين قابلتهم "هيومن رايتس" عناصر الأمن الوقائي في البلد الخليجي باحتجازهم في سجن تحت الأرض في منطقة الدفنة الساحلية بالعاصمة القطرية الدوحة، حيث تعرضوا لـ"مضايقات لفظية" و"اعتداءات جسدية" شملت "الصفع والركل واللكم، لدرجة إحداث النزيف فيهم، وفقدان امرأة وعيها"، على حد قولها.

قال أفراد مجتمع الميم عين الذين قابلتهم "هيومن رايتس" أيضاً إن عناصر الأمن وجّهوا إليهم "انتهاكاً لفظياً" وانتزعوا منهم اعترافات قسرية، وحرموهم من الاتصال بمحامٍ أو بأسرهم، وحتّى من تلقي رعاية طبية. وأخبر الستة "هيومن رايتس" بأن الشرطة القطرية أجبرتهم على توقيع تعهدات تشير إلى أنهم "سيتوقفون عن السلوك/ النشاط المخل بالآداب".  

وتحققت المنظمة الحقوقية من أن جميعهم احتُجِزوا "بدون تهمة" ولم تُسجّل محاضر بشأن اعتقالهم، فيما أحدهم حُبس انفرادياً مدة شهرين، دون السماح للجميع بالتواصل مع محام. وعليه، اعتبرت المنظمة ما تعرضوا إليه "احتجازاً تعسفياً"، بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

ويستند الاعتقال والاحتجاز التعسفيَّين في قطر إلى القانون رقم 17 لسنة 2002 بشأن حماية المجتمع، وهو يسمح بالاحتجاز المؤقت من دون تهمة أو محاكمة لمدة تصل إلى ستة أشهر، إذا "ثبت أن هناك مبررات قوية تقتضي ذلك"، بينها الحالات "المخلة بالحياء أو الآداب العامة".

"أنتم ‘الشواذ‘ بلا أخلاق"

واحدة من مجتمع الميم عين تعرضت لهذه الإساءات، وهي امرأة قطرية ترانس، قالت إن قوات الأمن اعتقلتها من أحد شوارع الدوحة حيث اتهمها عناصر الأمن الوقائي بـ "التشبه بالنساء". وأضافت أنهم ضربوها في سيارة الشرطة حتى نزفت من شفتيها وأنفها، وركلوها في بطنها بينما هاجمها أحدهم بقوله: "أنتم ‘الشواذ‘ بلا أخلاق، لذا سنتعامل معكم بنفس الطريقة".

وتابعت في روايتها لـ"هيومن رايتس": "رأيت العديد من أفراد مجتمع الميم محتجزين هناك – منهم امرأتان مثليتان مغربيتان، وأربعة رجال مثليون فلبينيون، ورجل مثلي من نيبال"، مردفةً بأنها "احتُجزت ثلاثة أسابيع دون توجيه اتهامات إليّ، وتحرش بي عناصر الأمن جنسياً أكثر من مرة. كان شرط الإفراج عنّي حضور جلسات مع طبيب نفسي ‘سيجعلني رجلاً من جديد‘".

ترانس قطرية أخرى قالت إن قوات الأمن الوقائي اعتقلتها على مرأى من الناس بسبب وضعها مساحيق تجميل. وأردفت بأنهم "أعطوني مناديل وأجبروني على مسح الماكياج عن وجهي، ثم استخدموا تلك المناديل كدليل ضدي، والتقطوا صورة لي والمناديل في يدي، ثم حلقوا شعري".

"كانوا يضربونني كل يوم وحلقوا شعري. كما أجبروني على خلع قميصي والتقطوا صورة لثديَي. عانيت من الاكتئاب بسبب اعتقالي. ما زلتُ أرى كوابيس"... هيومن رايتس ووتش توثّق الانتهاكات الأمنية ضد أفراد مجتمع الميم عين

تابعت السيدة أن قوات الأمن القطرية أجبرتها على التوقيع على تعهد بعدم وضع مساحيق التجميل ثانيةً كشرط لإطلاق سراحها.

وعن تجربتها مع عناصر الأمن، قالت امرأة قطرية مزدوجة التوجه الجنسي: "ضربني عناصر الأمن الوقائي حتى فقدتُ الوعي مرات عديدة. أخذني أحدهم وأنا معصوبة العينين بالسيارة إلى مكان آخر بدا من الداخل وكأنه منزل عادي، وأجبرني على مشاهدة أشخاص مقيدين وهم يُضربون لتخويفي".

ترانس قطرية ثالثة اعتقلها عناصر الأمن الوقائي في الحيز العام بالدوحة، قالت "إنهم مثل عصابة. احتجزوني مرتين، مرة لمدة شهرين في زنزانة انفرادية تحت الأرض، ومرة لمدة ستة أسابيع. كانوا يضربونني كل يوم وحلقوا شعري. كما أجبروني على خلع قميصي والتقطوا صورة لثديَي".

تبعاً لهذه التجربة الأليمة، تقول السيدة: "عانيت من الاكتئاب... ما زلتُ أرى كوابيس حتى يومنا هذا، وأرتعب من الأماكن العامة".

اختراق رقمي

قدّم الجميع روايات مماثلة بشكل لافت عن الانتهاكات التي تعرضوا لها في قطر. من الأمور التي اتفق عليها جميع أفراد مجتمع الميم عين الذين اعتقلتهم السلطات القطرية وقابلتهم "هيومن رايتس"، قولهم إن قوات الأمن الوقائي أجبرتهم على فتح هواتفهم، وأخذ لقطات شاشة لصور ومحادثات خاصة من أجهزتهم، وكذلك معلومات الاتصال بأشخاص آخرين من مجتمع الميم.

أخبر رجل مثلي قطري "هيومن رايتس" بأنه تعرض للقمع والاعتقال التعسفي على يد أجهزة الدولة، بناءً على نشاطه على الإنترنت. يُذكر أن المادة 285 من قانون العقوبات القطري تُعاقب على ممارسة الجنس خارج الزواج، بما في ذلك العلاقات المثلية، بالسَّجن حتى سبع سنوات.

وتقول هيومن رايتس ووتش إن "المناخ القمعي المرتبط بحرية التعبير في قطر، بما في ذلك حقوق مجتمع الميم عين، أثار خشية العديدين ممن تعرضوا لسوء المعاملة من إجراء مقابلات بسبب خطر الانتقام".

"احتُجزت ثلاثة أسابيع دون توجيه اتهامات إليّ، وتحرش بي عناصر الأمن جنسياً أكثر من مرة. كان شرط الإفراج عنّي حضور جلسات مع طبيب نفسي ‘سيجعلني رجلاً من جديد‘"... عمّا يتعرض له أفراد مجتمع الميم عين في #قطر

وبينما تفرض قطر رقابة على تقارير وسائل الإعلام المحلية الرئيسية حول التوجه الجنسي والهوية الجندرية، تعهدت الإمارة الخليجية منذ فوزها باستضافة أول نسخة من كأس العالم لكرة القدم للرجال تُقام في الشرق الأوسط، بالترحيب بجميع المشجعين الراغبين في زيارتها بمن فيهم أعضاء مجتمع الميم عين. 

تُلزم مبادئ الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بـ"تجنب انتهاك حقوق الإنسان الخاصة بالآخرين وأن تعالج ما تقع فيه من آثار ضارة بهذه الحقوق"، وتفرض على الاتحاد الدولي الإجراءات المناسبة "لمنع هذه الآثار والتخفيف من حدتها، ومعالجتها".

وقال مسؤولون قطريون مراراً وتكراراً إنه سيُسمح برفع علم قوس قزح في مباريات كأس العالم، لكن تلك الانتهاكات الأخيرة تُثير علامات استفهام حل الأمر سيّما أن المسؤولين القطريين طالبوا المشجعين الغربيين باحترام ثقافة وعادات البلد المضيف للمباريات.

وبرأي هيومن رايتس ووتش، فإن "استثناء قطر الغرباء من قوانينها وممارساتها المنتهِكة هي تذكير ضمني بأن السلطات القطرية لا تعتقد أن مواطنيها والمقيمين لديها من مجتمع الميم يستحقون الحقوق الأساسية".

"استثناء قطر الغرباء من قوانينها وممارساتها المنتهِكة هي تذكير ضمني بأن السلطات القطرية لا تعتقد أن مواطنيها والمقيمين لديها من مجتمع الميم يستحقون الحقوق الأساسية".

وعليه، طالبت "هيومن رايتس" قطر -تحديداً قوات الأمن هناك- بإنهاء الاعتقالات على خلفية العلاقات الجنسية بين البالغين بالتراضي، بما في ذلك السلوك الجنسي المثلي، أو الاعتقالات على خلفية التعبير الجندري، والإفراج الفوري عن أفراد مجتمع الميم الذين لا يزالون محتجزين تعسفياً.

وحثت الحكومة القطرية على إنهاء سوء المعاملة ضد مجتمع الميم، بما في ذلك عبر وقف أي برامج حكومية للتحويل الجندري وتحويل التوجه الجنسي، وإلغاء المادة 285 وجميع القوانين الأخرى التي تجرّم العلاقات الجنسية الطوعية خارج الزواج، وإدخال تشريعات تحمي من التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية.

وفي هذا الصدد، ختمت رشا يونس: "قبل أسابيع فقط من كأس العالم، يدق أفراد مجتمع الميم ناقوس الخطر بشأن الانتهاكات التي يتعرضون لها على أيدي قوات الأمن. ينبغي للحكومة القطرية الدعوة إلى وقف هذه الانتهاكات، وينبغي للفيفا الضغط على الحكومة القطرية لضمان إصلاح طويل الأمد يحمي مجتمع الميم من التمييز والعنف".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard