شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"لا ألتزم بقوانين الماضي يا جدّتي"... موجة تمرد الإيرانيات بعد أزمة الحجاب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحريات الشخصية

الأربعاء 28 سبتمبر 202204:18 م

يمرّ أسبوعان من الاحتجاجات المتواصلة التي عمّت كافة أرجاء البلاد إثر مقتل الشابة مهسا أميني بعد توقيفها على أيدي شرطة الحجاب، رغم قطع شبكة الإنترنت لساعات طويلة وحجب جميع شبكات التواصل واستعمال العنف ضد المتظاهرين الشباب جلّهم من مواليد 2000 فما فوق ومعظمهم من الفتيات المناهضات للحجاب القسري.

ولم تعلن الحكومة عن إجمالي عدد القتلى حتى الآن لكن أكدت منظمات حقوقية عن مقتل ما لا يقلّ عن 70 شخصاً والمئات من الجرحى من بين المتظاهرين، بينما أكد وزير الداخلية عن وجود مندسين داخل المتظاهرين لقتل الناس وقوات الأمن معاً، ووصف بعض الاغتيالات بأنها تسوية لحسابات شخصية اتخذت من موقع المظاهرات فرصة لذلك.

لكن شبكات التواصل تعج بأفلام وصور توثق عنف قوات الأمن ضد المتظاهرين عبر استخدام الرصاص الحي وتخريب الممتلكات العامة باسم المحتجين.

وحشد النظام أنصاره يومي الجمعة والأحد الماضيين، لدعم الشرطة ونشاط دوريات الحجاب والتنديد بأعمال العنف من قبل المتظاهرين، بينما أكد المراقبون أن المسيرات الراجلة لم تكن كسابقاتها وقد تمحورت على تواجد أعداد قليلة.


وينفي الكثير من المتظاهرين عبر حساباتهم في شبكات التواصل، استخدامهم العنف ضد الشرطة، مؤكدين على وجود عناصر أمن بزيّ مدني يحرضون على زيادة الصدامات، ومن ثم العمل على إلقاء القبض على المحتجين.

نقاشات حادة داخل الأُسر

وفي شرح الحركة الاحتجاجية التي عمت المدن الإيرانية يقول الباحث في الشؤون الدينية محسن حسام مظاهري في مقال عنونه "الحركة النسائية من الشارع إلى البيت"، إن الجانب الآخر من هذه الاحتجاجات على أزمة الحجاب، تحدث حالياً في بيوت الإيرانيين ونشهد موجة اختلافات ونقاشات حادة لدى العوائل والأقارب والأصدقاء حول سياسات النظام الإسلامي في فرض الحجاب.

جاءت آرِزو (13 عاماً) ابنة أخي لمنزلنا دون حجاب، فنصحتْها جدّتُها بأن تلتزم به وأنه واجب شرعي، لتردّ آرزو: لا ألتزم بقوانين الماضي يا جدّتي، وسأعيش كما أراه مناسباً لي

"نقاشات بين الأب والبنت، والأم وابنتها، والأخت مع أخيها، والأم والجدة، ونقاش بين الصديقات؛ لئن كان الشارع موقعاً للهتافات، فالبيت هو كذلك يشهد نقاشات حول معتقدات باتت ضعيفة وتابوهات قد انهارت"، هكذا يكمل محسن حديثه.

وفي منصات التواصل تروي خديجة حكاية إحدى هذه النقاشات التي تحدث في المنازل الإيرانية: "جاءت آرزو (13 عاماً) ابنت أخي لمنزلنا دون حجاب، فنصحتها جدّتها بأن تلتزم به وأنه واجب شرعي، لترد آرزو: لم ألتزم بقوانين الماضي يا جدّتي، وسأعيش كما أراه مناسباً لي".

الباحث في علم الاجتماع والمفصول من التدريس في جامعة طهران محمد فاضلي، يبدي رأيه حول الأزمة المشتعلة منذ صيف هذا العام بقوله إن المجتمع الإيراني ناضج ومتعلم ومتعولم، مما أتاح له فرصة المقارنة بالشعوب الأخرى وحرياتهم الفردية، بينما الطبقة الحاكمة تفقد قدراتها يوماً بعد يوم.

وعن 80 مليون نسمة من الشعب الإيراني قال محمد: "اليوم 86 بالمئة من المجتمع هم من مواليد ما بعد الثورة (1979)، بینما 14% من مواليد ما قبل الثورة"، في إشارة إلى أن القيم الاجتماعية التي كانت سائدة في الماضي لا يمكن لأقلية أن تفرضها اليوم بالقوة على الأجيال الجديدة.

اعتقالات واسعة

وإلى جانب اعتقال الآلاف من المتظاهرين في عموم إيران، اعتقلت الشرطة الكثير من الناشطين السياسيين والحقوقيين والصحافيين أبرزهم النائبة السابقة والناشطة في حقوق المرأة فائزة هاشمي ابنة الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني.

الجانب الآخر من الاحتجاجات على أزمة الحجاب في إيران، يحدث حالياً في بيوت الإيرانيين ونشهد موجة اختلافات ونقاشات حادة لدى العوائل والأقارب والأصدقاء حول سياسات النظام الإسلامي في فرض الحجاب 

ونددت نقابة الصحافيين بالرقابة الشديدة على عمل الإعلام الحر، بل ومنعه من التطرق إلى الأحداث، إضافة إلى التنديد باحتجاز عدد من الصحافيين والمصورين بينهم الصحافية في صحيفة "شرق" الإصلاحية نيلوفر حامدي، التي كانت أول من نشرت خبر الفتاة مهسا أميني وتابعت أحداثها عن كثب.

"جيداً كان أم سيئاً، صحيحاً أم خاطئاً، الإعلام الوطني لإيران اليوم هي منصة تويتر"، هكذا علّق الصحافي أمير كمالي في إشارة منه إلى هيئة الإذاعة والتلفزيون في إيران التي ترفع شعار "الإعلام الوطني"، ولا تعكس صوت المحتجين أبداً.

ترند عالمي وإيلون ماسك يتدخل

وعمل الإيرانييون بكثب، ورغم تقييد شبكة الإنترنت وصعوبة الوصول إلى برامج vpn لتخطي الحجب المفروض على جميع مستخدمي وسائل التواصل، على عولمة وسم #مهسا_امینی، بالفارسية، حيث تخطى 100 مليون مرة على تويتر وهو رقم قياسي في تاريخ المنصة.

إلى جانب اعتقال الآلاف من المتظاهرين في عموم إيران، اعتقلت الشرطة الكثير من الناشطين السياسيين والحقوقيين والصحافيين أبرزهم النائبة السابقة والناشطة في حقوق المرأة فائزة هاشمي ابنة الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني

واشتكى الكثير من رواد وسائل التواصل قرار الحكومة في حظر الإنترنت على الشعب الإيراني والعوائق التي تحدّ من سهولة الوصول إلى فضاء المنصات الدولية وذلك منذ اندلاع الاحتجاجات، ليعلن إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة "سبيس إكس"(SpaceX)، جهوزيته في تنشيط خدمة النطاق العريض عبر الأقمار الصناعية في إيران بفضل خدمة الإنترنت "ستارلينك" (Starlink).

وأبدت الولايات المتحدة ترحيبها بهذا القرار لتعزيز حرية الإنترنت والتدفق الحر للمعلومات على الرغم من عقوباتها على البلاد، وأعلنت وزارة الخزانة الأميريكة إصدار التراخيص اللازمة والتوجيهات لتوسيع خدمات الإنترنت وإعفاء الشركات الدولية التي تقدم ذلك من العقوبات.

لم يصرح ماسك عن فترة تقديم خدمة ستارلينك أو تفاصيلها للعمل داخل إيران، لكن سبق ووفر رجل الأعمال الخدمةَ بالفعل في أوكرانيا في حربها مع روسيا.

"جيداً كان أم سيئاً، صحيحاً أو خاطئاً، الإعلام الوطني لإيران اليوم هي منصة تويتر"

جاء الرد الإيراني على استجواب البيت الأبيض في إزالة العقوبات أمام تقديم خدمة الإنترنت للإيرانيين، بحظر موقع "ستارلينك" (Starlink)، ونددت الخارجية بقرار إعفاء هذه الخدمة من العقوبات واعتبرتها تدخلاً في الشؤون الداخلية.

أما وزير الاتصالات الإيراني عيسى زارع بور، فقال إن خدمة "ستارلينك" (Starlink)، لم تنشط في القريب العاجل وأكد أن عملها في البلاد يتطلب أخذ الرخص اللازمة من الحكومة الإيرانية.

ونقل مراقبون للشأن الاقتصادي عن خطورة الاستمرار بقطع شبكة الإنترنت والتي تسببت بتدهور معيشة 10 ملايين شخص، وقُدرت الأضرار الناجمة من قرار مجلس الأمن القومي، بـ3 الآف مليار تومان يومياً.

وشنت مجموعة هاكرز "إنونيموس" الدولية ومجموعة أخرى تدعى "بختَك" هجماتٍ على بعض المواقع الحكومية دعماً للمتظاهرين، منها موقع البنك المركزي والموقع الإعلامي للمرشد آية الله علي خامنئي ومئات من كاميرات المراقبة في البلاد وبعض من الأجهزة الإلكترونية لمؤسسات الدولة.

يؤكد الناشطون والباحثون والمفكرون الإيرانيون أن قانون الحجاب الإلزامي لن يعود إلى ما قبل مقتل مهسا أميني، التي ما زالت كيفية وفاتها موقع نقاش بين الشارع والدولة، حيث تمردت الكثير من النساء والفتيات في خلع حجابهن في الساحات العامة وحتى حرقه ضمن مشاركتهن في موجة المظاهرات، وهذا ما جعل كثيراً من الإيرانيين يصرحون بأن الاحتجاجات قد نجحت في أهم مطالبها أي الحجاب، بالرغم من أن الحكومة لم تصرح بذلك حتى الآن، لكن الواقع سيفرض نفسه في شوارع إيران.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

خُلقنا لنعيش أحراراً

هل تحوّلت حياتنا من مساحةٍ نعيش فيها براحتنا، بعيداً عن أعين المتطفلين والمُنَصّبين أوصياء علينا، إلى قالبٍ اجتماعي يزجّ بنا في مسرحية العيش المُفبرك؟

يبدو أنّنا بحاجةٍ ماسّة إلى انقلاب عاطفي وفكري في مجتمعنا! حان الوقت ليعيش الناس بحريّةٍ أكبر، فكيف يمكننا مساعدتهم في رصيف22، في استكشاف طرائق جديدة للحياة تعكس حقيقتهم من دون قيود المجتمع؟

Website by WhiteBeard