شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"باكل كأني في بيتي"... مشاريع لدعم الأطعمة الصحية في مصر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

بيئة ومناخ نحن والبيئة

الأحد 18 سبتمبر 202203:25 م

يواجه عدد من الأسر المصرية مشكلةً في تناول أطعمة صحية، خاصةً عند وجودهم برفقة أبنائهم خارج المنزل، بسبب الانتشار المتزايد للأطعمة فائقة التجهيز وفائقة المعالجة، والتي تعود بالضرر على صحة أجسامهم، مما دفع البعض إلى إيجاد بدائل صحية.

ويعرّف المجلس الدولي للمعلومات الغذائية، الأطعمة فائقة المعالجة Ultra-processed foods، بأنها "أي طعام يتعرض لعمليات التخليل والتعليب والبسترة والتخمير وإعادة التشكيل، بالإضافة إلى التسخين والتبريد قبل أن يصبح جاهزاً لنأكله"، ومن الأمثلة على هذه الأطعمة، النقانق والمثلجات والبيتزا.

السوق المحلي غير مؤهل لاتباع أولادنا نظاماً غذائياً سليماً، في ظل وجود أصناف عديدة من الحلوى المغلّفة.

وكانت وزارة الصحة المصرية قد ذكرت خلال تقرير المسح القومي للأمراض غير السارية لعام 2018، أن 90% من المصريين لا يحصلون على الوجبة الغذائية السليمة، كما أن 17%؜ منهم يتناولون أغذيةً محفوظةً ومصنّعةً. وتقول منظمة اليونيسيف إن "سوء التغذية في مصر يرجع إلى ضعف الحصول على نظام غذائي متوازن لدى الشرائح الأفقر في المجتمع، فضلاً عن العادات الغذائية ونمط الحياة السيئ".

وفي هذا السياق، تقول رنا أحمد، من محافظة القاهرة، وهي أم لطفلين، لرصيف22: "السوق المحلي غير مؤهل لاتباع أولادنا نظاماً غذائياً سليماً، في ظل وجود أصناف عديدة من الحلوى المغلّفة، التي تجذب الأطفال بشدة في المحال التجارية، وللأسف أطفالي يتناولون الكثير منها، مما أصابهم بمشكلات صحية وفقدان شهية في كثير من الأوقات".

رقائق "مينيز" خارج المنزل

مشكلة عدم وجود بدائل صحية للأطفال، واجهت الجدّة مِنار معبد (75 عاماً)، مع أحفادها، مما دفعها لإطلاق مشروع Minnie's Dried Fruits & Vegetables، لتوفير رقائق من الفواكه والخضروات المُجففة بالطاقة الشمسية.

تقول مؤسسة مشروع "مينيز" لرصيف22: "كان أحفادي يطلبون مني بشكل متكرر شراء منتجات مغلّفة من السوبر ماركت. جعلني ذلك أشعر بالقلق على مستقبلهم وصحتهم، وبدأت أبحث معهم عن الكيفية التي يمكننا من خلالها تناول أكل صحي، فقررنا تجفيف الفواكه".

بدأت مِنار تشعر بأريحية عند تناول أحفادها وأصدقائهم منتجاتها المجففة، خاصةً أنه يمكن أخذها معهم إلى كل مكان خارج المنزل من دون القلق من فسادها، أو اللجوء إلى الحلوى المغلّفة، لكنها كانت ترى أن الحاجة مُلحة إلى تطوير إنتاج تلك الأطعمة وتوسيع انتشارها، خاصةً بعد اكتشافها أن الكثير من المنتجات المجففة في الأسواق المحلية تضاف إليها مواد حافظة وسكريات.

وخلال عام 2009، سافرت السيدة إلى الهند في رحلة استغرقت ثلاثة أسابيع، للتدرّب على طرق التجفيف بالطاقة الشمسية، وعقب عودتها ركّبت جهاز تجفيف بالطاقة الشمسية اشترته من إحدى الشركات الألمانية، في مزرعتها في الجيزة شمال مصر، وعام 2011 بدأت بتوسيع نطاق المشروع ليتجاوز حدود الأقارب والمعارف.

بلا مواد حافظة

اليوم يجفف المشروع بالاستعانة بخط إنتاج واحد، ما بين 150 إلى 200 كيلوغرام من مختلف أنواع الخضروات والفواكه الطازجة يومياً، على حسب موسم الحصاد، بمساعدة العاملات اللواتي يقمن بتنظيف المحاصيل وتقشيرها وتقطيعها ونشرها على المجفّف، كما يساعدها أحفادها في تغليف المنتجات ووزنها في أوقات عطلاتهم.

كان أحفادي يطلبون مني بشكل متكرر شراء منتجات مغلّفة من السوبر ماركت. جعلني ذلك أشعر بالقلق على مستقبلهم وصحتهم، وبدأت أبحث معهم عن الكيفية التي يمكننا من خلالها تناول أكل صحي، فقررنا تجفيف الفواكه

تصف مؤسِسة مشروع "مينيز"، منتجاتها بأنها طبيعية 100%، تمت زراعتها بالطرق الآمنة وتحصل عليها من مزرعتها ومن بعض التجار الذين تتعامل معهم، مضيفةً أن المنتجات بعد التجفيف بالطاقة الشمسية تحتفظ بقيمتها الغذائية بلا مواد حافظة أو سكر أو مكسبات لون أو محسنات طعم. كما تبلغ صلاحية المنتجات 12 شهراً من يوم التعبئة، مع الاهتمام بالاحتفاظ بها في أماكن نظيفة.

وتتابع: "عملت للأطفال منتجاً جديداً من شرائح قمر الدين، من المشمش الطري من دون إضافة سكر أو مواد حافظة، وملفوف المانجا والفراولة"، وتردف مبتسمةً: "من حلاوته، الأطفال بيتخانقوا عليه، كمان الأم انبسطت إنها مش هتشتري حلويات مغلفة".

واختتمت حديثها بالتأكيد على أن مشروعها لم يكن مجرد فكرة لبيع المنتجات فحسب، لكنه يحمل رسالةً برفع الوعي بأهمية الطعام الصحي ودور الطاقة الشمسية في ذلك.

وبلقاء بعضٍ من مستهلكي منتجات "مينيز"، تقول سمر يوسف من القاهرة، إن هذه المنتجات قدّمت لأسرتها بديلاً آمناً لتناول شوربة الخضار، بدل التي كانت تلجأ إلى شرائها، وهي تعلم أن مواد حافظةً تضاف إليها، مشيرةً إلى أن مكونات الخلطة من الكوسا والجزر والطماطم والبصل مع إضافة الكرفس والزعتر والبردقوش، أعطت لنكهتها مذاقاً رائعاً. وتتابع: "سعر المنتجات معقول بالمقارنة بأسعار المنتجات المستوردة المشابهة التي يمكن أن نلجأ إليها".

جلبت هبة أحمد، العديد من منتجات "مينيز"، وتقول لرصيف22: "أولادي أُعجبوا بها خاصةً في أوقات المصايف، كي لا يلجؤوا إلى شراء حلويات مغلفة، وهذا يطمئنني على صحتهم".

في المقابل، تعتزم فاطمة صابر، وهم أم لطفلين، شراء المنتجات خلال الفترة المقبلة، لكن ذلك لن يكون بشكل متكرر وفق حديثها، كون أسعارها غير معقولة للجميع مقارنةً بكمياتها. مثلاً، يبلغ سعر 30 غراماً من شرائح البرتقال أو المانغا أو الموز المجفف 35 جنيهاً (1.8 دولارات)، و100 غرام من شرائح القراصيا 75 جنيهاً (3.8 دولارات).

هذه المنتجات قدّمت لأسرتها بديلاً آمناً لتناول شوربة الخضار.

عادات غذائية خطأ

لا يتوقف خطر الأغذية التي تدمر أجسادنا على الأطعمة المصنعة المنتشرة في الأسواق. تقول جهاد عادل، وهي أخصائية تغذية، لرصيف22: "في الأغلب تصنع البيوت في مصر طعامها بكثير من الدهون غير الصحية والسكريات، بالإضافة إلى اعتياد تقديم العصائر والحلوى المغلّفة للأطفال، مما يؤدي إلى الإصابة بأمراض سوء التغذية، مثل التقزّم ونقص الوزن والسمنة".

والأمر لا يتوقف على الإصابة بأمراض السمنة، فقد تداولت صحف عالمية دراستين نُشرتا في المجلة البريطانية الطبية (BMJ)، أفادتا بأن تناول أطعمة فائقة التجهيز قد يزيد من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 60%، فضلاً عن وجود صلة بين تلك الأطعمة المشبعة بالدهون وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.

أكل صحي من مختلف القارات

ولإيجاد أطباق صحية بديلة من الوجبات السريعة المشبعة بالدهون، والتي يلجأ إليها الناس في أثناء وجودهم في الشارع، تطهو كاترين رأفت، بمساعدة شقيقها ألبير، طعاماً منزلياً وبأسعار مناسبة داخل مطعمهما "مشروع مطعم" الموجود وسط القاهرة.

الشابة كاترين، وهي مرشدة سياحية تهوى تجريب العديد من أصناف الأكل المختلفة في البلاد التي تزورها خارج مصر، تقول لرصيف22: "خلال زيارتي للهند عام 2008، تحدثت مع أهل البلد لمعرفة طرائق الأكل الأصيلة وسرّ الخلطة، ولاحظت أن الناس يتناولون طعاماً صحياً ولذيذاً في الوقت ذاته. خرجوا من فكرة ضرورة تناول الدجاج أو الخضروات المسلوقة كأطعمة صحية فقط".

تعتمد كاترين في طهي طعامها منذ تأسيس المطعم عام 2015، على المنتجات الطازجة والخالية من أي مواد مصنعة، مع إضافة التوابل التي تجلبها معها من أسفارها، فضلاً عن وجود اختيارات مختلفة للنباتيين ومتابعي أنظمة التخسيس.

وما يميّز قائمة المأكولات في المطعم، الذي يُرحّب بالزبائن من الساعة الواحدة بعد الظهر وحتى التاسعة مساءً، توفيره لأكلات صحية بنكهات الجنسيات المختلفة، فهناك أطباق مصرية وهندية وصينية، وذلك بهدف تعريف المصريين بثقافات الأكلات الأخرى، خاصةً أن كثيراً من البلاد لا توجد لها مطاعم مخصصة لطعامها داخل مصر.

لإيجاد أطباق صحية بديلة من الوجبات السريعة المشبعة بالدهون، والتي يلجأ إليها الناس في أثناء وجودهم في الشارع، تطهو كاترين رأفت، بمساعدة شقيقها ألبير، طعاماً منزلياً وبأسعار مناسبة داخل مطعمهما "مشروع مطعم" الموجود وسط القاهرة

تحكي كاترين بسعادة عن أول وجبة صنعتها في مطعمها: "كنا في شهر رمضان، وكان الزبائن صائمين. صنعنا طعاماً هندياً أحبّوه كثيراً، ونحن سعدنا من ردود أفعالهم. كان غريباً بالنسبة لنا أن أول وجبة في مطعمنا أعجبت الزبائن إلى هذا الحد".

منذ عام 2019، يتردد أحمد السيد، وهو يلتزم بنظام غذائي منخفض السعرات، على المطعم أكثر من مرة في الشهر. يقول لرصيف22: "في المطعم باكل كأني في بيتي، أكل نظيف وصحي وخفيف على المعدة، أجمل ملوخية أكلتها من عندهم، كمان بحب آكل من عندهم فراخ ‘سويت أند سور’ مع الأرز الأصفر"، مشيراً إلى أن الأسعار في متناول الجميع.

وتختتم كاترين كلامها بالحديث عن المشكلة التي تواجه المطعم، وهي عدم ثبات أسعار المنتجات التي تُستخدم في الطهي، مما يضطرهم إلى تحمّل فرق الأسعار، مردفةً: "من غير المعقول أن نغيّر أسعارنا كل أسبوعين. منذ عام والأسعار تزيد بمعدل مرة ومرتين في الشهر. نتحمل ذلك كي تستمر فكرة مشروع الأكل الصحي المحببة إلينا".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

ما أحوجنا اليوم إلى الثقافة البيئية

نفخر بكوننا من المؤسّسات العربية القليلة الرائدة في ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺇﺫﻛﺎﺀ ﺍﻟﻮﻋﻲ البيئيّ. وبالرغم من البلادة التي قد تُشعرنا فيها القضايا المناخيّة، لكنّنا في رصيف22 مصرّون على التحدث عنها. فنحن ببساطةٍ نطمح إلى غدٍ أفضل. فلا مستقبل لنا ولمنطقتنا العربية إذا اجتاحها كابوس الأرض اليباب، وصارت جدباء لا ماء فيها ولا خضرة.

Website by WhiteBeard