شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
معرض الخرطوم الدولي للكتاب في مهب الريح

معرض الخرطوم الدولي للكتاب في مهب الريح

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 29 أغسطس 202203:45 م

تواجه النسخة القادمة من معرض الخرطوم الدولي للكتاب، في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، تحدياً كبيراً في انعقادها، لجهة أن مكان العرض في ضاحية بري شرق الخرطوم، يواجه صعوبةً بالغةً في انسياب الحركة بفعل الحراك الثوري و"التتريس" المتواصل منذ انقلاب الجيش، بالإضافة إلى عدم توفر ضمانات كافية للناشرين، الوطني والأجنبي، وانعدام الثقة بين الناشرين والجهة المنظمة للمعرض بعد مرارات النسخة الماضية التي أجهضها الانقلاب نفسه والخسارات الفادحة التي تكبدها الناشرون.

لم يوافق اتحاد الناشرين السودانيين بعد، على إقامة المعرض، وسط تخوف من فشل الدورة الحالية، وتفاقمت المشكلة أكثر بقرار عدد كبير من دور النشر العربية عدم المشاركة.

ويعاني المعرض الذي يمثل تظاهرةً ثقافيةً، وينتظره بشعف محبّو المعرفة والأدب واقتناء الكتب، والكتّاب للالتقاء بجمهورهم، من انتكاستين في دورتيه الماضيتين، بعد إلغاء النسخة الـ15 بسبب جائحة كورونا من دون أن تعوَّض لاحقاً، والنسخة الأخيرة التي حملت اسميْ الشاعر محمد طه القدال والكاتب عيسى الحلو، وحضَّرت لها الحكومة المدنية جيداً بمشاركة 18 دار نشر مزودةً بـ160 ألف عنوان، لكنها لم تستمر سوى يومين.

ضبابية

"هذه النسخة من معرض الخرطوم الدولي للكتاب لن يحالفها النجاح إطلاقاً"، يقول الوراق عمر دفع الله. يضيف يائساً: "حتى لو استبدلوا مكان العرض المعتاد". ويعدد أسباباً كثيرةً منها الحالة الضبابية التي تلف كلَّ شيء، وتمنع الرؤية السليمة للمخططين وتدنّي قيمة العملة الوطنية سيما أن الناشر الأجنبي يقارب حركته المتصلة بالمعرض، بالعملة الصعبة. ويرى دفع الله أنه يجب الإعلان عن الحداد الثقافي العام، لأن البيئة السليمة لقيام الأنشطة خربة، والمعرض نفسه ليس سوقاً للبيع والشراء فقط، "إنما حالة ثقافية تاريخية مصحوبة ببرامج مسرحية وفرق رقص وغناء وجوقات موسيقية وملتقيات فكرية وشعرية وبرامج للأطفال ومشاركات لمبدعين من خارج السودان".

يعاني المعرض الذي يمثل تظاهرةً ثقافيةً، وينتظره بشعف محبّو المعرفة والأدب واقتناء الكتب، والكتّاب للالتقاء بجمهورهم، من انتكاستين في دورتيه الماضيتين، بعد إلغاء النسخة الـ15 بسبب كورونا

ويحذر دفع الله، من أن غياب المعرض يشكل حالةَ حزن ثقافي ويقطع مواكبة ما يجري وراء الحدود ويبدد الثقة بين الناشرين والقراء من جهة والجهة المنظمة للمعرض من منظور آخر.

ويحاول دفع الله وزملاؤه من الوراقين مع بعض دور النشر المحلية ردم الفجوة التي خلّفها غياب المعرض، وتعويض جمهور القراء بإقامة معارض للكتاب محلية ثابتة أو متجولة، وكانوا قد انتزعوا محلاً لـ"الوراقين الفريشة والجائلين" داخل المعرض نفسه.

فجوة أمنية

ويحذر الوراق محمد عمر، من أنه إذا ما تمت الدعوة للمعرض فإنه سيكون في بيئة غير معدة لذلك. يضيف لنا: "هناك فجوة أمنية كبيرة تهدد استقرار الضيوف الأجانب الذين قد يكونوا مشاركين في المعرض". ويرى أن دور الدولة غائب بالكامل في عملية النشر، وتشجيع القراءة بجانب ضعف اتحاد الناشرين وتعليق عضويته في اتحاد الناشرين العربي والعالمي بسبب عدم إيفائه الرسوم المالية. يقول: "أعتقد أنه في مثل هذه الظروف، من الأفضل تأجيل المعرض، والإعداد لخطة جديدة بمشاركة الناشرين والعاملين والمهتمين في العمل الثقافي".

"في ظل هذه الظروف وفي حال تقررت إقامة المعرض في وقته المحدد، يظل الوضع غير محفز على المشاركة بالنسبة لدور النشر المحلية والعربية"

وحول أجواء النسخة المغدورة الماضية التي أعقبتها فجوة أمنية واسعة، يقول عمر: "مع مقاومة باسلة للانقلاب العسكري من الشباب المطالبين بالديمقراطية والمدنية، كانت التعديات منتشرةً والإرهاب مستشرياً في كل الطرقات". يضيف: "لم تُدفع أي تعويضات أو حتى مساعدة في إخراج الكتب من المعرض ما مثّل كارثةً أمنيةً وماليةً كبيرةً، أضرت جداً بسمعة السودان". ويرى أن الثقة بين الناشرين والدولة في قيام النسخة الحالية انقطعت بسبب ما حدث، وأنه لا وجود لمستقبل جيد لعمل ثقافي في ظل ممارسات ديكتاتورية. "في هذه البيئة من الأفضل تعطيل الإنتاج المعرفي، وإذا لم تستطع فاجعلها تتعب وتنهك بقدر ما استطعت: هذا هو شعار الديكتاتور"، يقول مختتماً.

غاية وطنية

بالنسبة لناشر وطني مثل أسامة الريح، صاحب ومدير دار المصورات للنشر، فإن قيام معرض الخرطوم الدولي ونجاحه بمثابة غاية وطنية وتسويقية في آن معاً: "ألتقي فيه بالقراء وأعرض مجهود عام كامل من المطبوعات الجديدة". يضيف: "من حق الخرطوم ألا تتأخر عن وصيفاتها من العواصم الأخرى في الاحتفاء والتسويق للكتب، فهناك سلسلة متصلة من معارض الكتاب  نذهب إليها، ومن الكرم السوداني يجب أن تحضر دور النشر الأخرى هنا". يضيف: "يمثل قيامه عافيةً للثقافة بما يحمل من رسالة تنويرية ومعرفية". ويكشف الريح عن اتساع في حركتي الكتابة والقراءة في السودان، غير مسبوق.

ويطالب بتضافر الجهود لإنقاذ النسخة القادمة: "اقترحت أن يُنقل المعرض إلى مكان آخر".

ويقدّر الريح، خسارة الدار في النسخة الماضية بعشرة ملايين جنيه سوداني، من دون تعويض كما وعدت الدولة. ويضيف: "لم نتعافَ بعد، وتعطل جدولي لعام كامل".

"لا أظن أننا وصلنا إلى دولة ستحمي ناشراً أو تعترف بحقوقه والمجهودات التي يبذلها ليكوّن حضوراً في محفل دولي"

إثبات وجود الكتاب الورقي

تعزو إيماض بدوي، الوراقة وصاحبة مؤسسة الشباك للثقافة والنشر، فشلَ النسخة الماضية لا إلى الانقلاب العسكري وحده، "فالهواء الذي تنفسناه في تلك الأيام قبيل صبيحة 25 تشرين الأول/أكتوبر، كان مُعسكراً، والتساؤلات والمخاوف في عيون الناشرين الأجانب تسبقهم إلى الأجنحة وهم يمرّون بالجناح العسكري داخل صالة العرض". وترفض بدوي قيام المعرض في الظروف الحالية خشية التطبيع مع الانقلاب، والتسليم بأن ما اقترفته الجهة المنظمة من تجاهل للناشرين وخساراتهم (دور وطنية وأجنبية)، في الدورة السابقة، راح هدراً، وتقول: "لا أظن أننا وصلنا إلى دولة ستحمي ناشراً أو تعترف بحقوقه والمجهودات التي يبذلها ليكوّن حضوراً في محفل دولي". تضيف: "معرض الكتاب بالنسبة لمعظم المشاركين ليس سوقاً للكتاب فقط ينتظرون منه عائداً مادياً، بل المشاركة نفسها محاولة لإثبات وجود للكتاب الورقي في معترك التكنولوجيا والترويج لتراجع تداوله".

لا بديل للمعرض

ترى الناشرة الشابة إسراء الأمين الريس، صاحبة دار نرتقي للنشر والتوزيع، أنه لا بديل لمعرض الخرطوم إلا معرض الخرطوم نفسه. تقول: "في ظل هذه الظروف وفي حال تقررت إقامة المعرض في وقته المحدد، يظل الوضع غير محفز على المشاركة بالنسبة لدور النشر المحلية والعربية". وتضيف: "في الحقيقة، الوضع الآن ضبابي للغاية، اتحاد الناشرين لا يزال يناقش قضية قيام المعرض".

وترى الريس أن النسخة السابقة كانت سيئةً للغاية، ولا يزال البعض يتكبّد عناء الخسارة الفادحة التي تعرض لها إثر إلغاء المعرض، كما أن الوضع الأمني غير مبشّر. وتضيف: "الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد تجعل الناشرين العرب يعيدون التفكير في مسألة المشاركة، خصوصاً مع الغياب التام للدولة التي من المفترض أن توفر الحماية والتعويض في حالات الخسائر الفادحة كما حدث في العام الماضي". واقترحت أن تتكفل وزارة الثقافة بشراء مجموعة من الكتب دعماً للناشرين المتضررين، لكن الاقتراح لم يُنفّذ بعد.

وبكلمة واحدة، يقول الروائي الهادي علي راضي، لنا: "سنقاطعه".
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard