شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
نذورات عاشوراء تشعل الصراع بين نجم كرة القدم في إيران ورجل دين

نذورات عاشوراء تشعل الصراع بين نجم كرة القدم في إيران ورجل دين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 18 أغسطس 202206:20 م

مازال الصراع قائماً بين أسطورة كرة القدم الإيراني السابق علي كريمي والجهات الرسمية والدينية في البلاد على خلفية تصريحاته المثيرة للجدل حول شعائر عزاء الإمام الحسين، لتأخذ أبعاداً جديدة في التحدي الذي طرحه الكابتن.

وكان قد كتب كريمي عشية اليوم العاشر من شهر محرّم هذا العام، والذي يحرص ملايين الشيعة فيه على العزاء وتقديم الطعام الذي يعرف بالنذورات: "ننفق مليارات التومان لنقدم النذورات ثم بعد ذلك ندعوا لعلاج مريض يموت بسبب الفقر".

"نظراً للإهانة الموجهة للشعائر الحسينية من قبل الرياضي السابق تم إزالة لوحات دعائية لشركة مستلزمات طبية وتجميلية تحمل صوره من الساحات العامة، وذلك بالتعاون مع وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي"

ورد بعض من رجال الدين والفئة المتدينة على تصريحات كريمي، ووصفوها بالمسيئة لمقام الإمام الحسين وثقافة إحياء ذكرى عاشوراء لدى الشعب الإيراني، لكن مهاجمة الشيخ حامد رضا مُعاونیان، وشتمه الكابتن حيث وصفه "بعديم الشرف والأحمق والجاهل"، أثارت حفيظة الكثير من الشعب الإيراني.

البلدية تزيل صور اللاعب من الشوارع

"شاهدت شخصاً عديم الشرف يقول إنكم تبذلون المليارات كي يشفي الله مريضاً"؛ كان هذا هجوماً  نارياً من قبل رجل الدين مُعاونيان في حضور المئات من المحتفلين بعزاء الإمام الحسين. وأضاف رجل الدين مخاطباً كريمي: "أيها الأحمق الجاهل، هل شيعة العالم تقدم النذورات في سبيل شفاء مرضاها؟ أنت یا عديم الشرف كم تقاضيت من أموال بيت المال؟ ألم تتذكر حينها الفقراء والمرضى؟".

وسارعت بلدية طهران الخاضعة لحكم المحافظين، بإزالة لوحات إعلانية في شوارع العاصمة الإيرانية، تحمل صور النجم الرياضي علي كريمي. وصرح أحد المعنيين في بلدية طهران محمد جواد زمان آبادي، أنه "نظراً للإهانة الموجهة للشعائر الحسينية من قبل الرياضي السابق تم إزالة لوحات دعائية لشركة مستلزمات طبية وتجميلية تحمل صوره من الساحات العامة، وذلك بالتعاون مع وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي".

"هل المواطنون راضون بإنفاق الضرائب التي يدفعونها للخدمات الحضرية، أن تنفق في سبيل الدعاية لإيدولوجية النظام؟ وإذا لم يقبلوا بذلك ما هو مصير هذه الميزانيات شرعياً؟"

رد كريمي على خطوة بلدية طهران التي وصفها الكثيرُ بالعناد ومواجهة طفولية لنجم رياضي شهير وذات شعبية واسعة في البلاد، قائلاً: "أنتم الذين تخافون من بضع صور، لا تظهروا على هيئة شرير في منصات التواصل الاجتماعي". وقال ذلك كريمي تعقيباً على التعليقات والانتقادات اللاذعة والشتائم التي طالته من قبل المحافظين.

كما اعتبر وزير الاتصالات السابق محمد جواد آذري جَهْرُمي: "لا يجب أن نحذف الآخرين بسبب تصريح، حتى وإن كان خطأً". وتابع قوله: "كلنا نعرف من هو علي كريمي؛ إنه كابتن كرة قدم من الدرجة الأولى على صعيد آسيا. لا يحمل كرهاً في قلبه، نعم لنرد على ما قاله ولكن لا يجب علينا أن نجرح الشخصيات".

جمعيات خيرية تكشف عن هدايا اللاعب للأيتام

رداً على هجوم المحافظين على علي كريمي، كشف الرئيس السابق لاتحاد المصارعة الإيراني البطل رسول خادم، المشهور بأعماله الخيرية في سبيل مساعدة الفقراء في البلاد، عن حجم مساعدات كريمي المالية، حيث تقبل الأخير إهداء مئات اللوحات الإلكترونية (تابلت) لطلاب المدارس المحتاجين، أثناء تفشي جائحة كورونا والتعليم عن بعد، وذلك بتكلفة 2 مليار تومان ما يعادل 66 ألف دولار. ووصف رسول خادم الجهود المبذولة من المحافظين لتشويه سمعة كريمي من خلال الإدلاء بكلام غير لائق ولا أخلاقي ضده، بأنها عديمة  الفائدة، نظراً لمكانة النجم في قلوب ملايين الناس منذ أن كان يلعب في المنتخب الإيراني وحتى الآن.

أما الناشط السياسي البارز صادق زيبا كلام نشر تغريدة في الدفاع عن أسطورة كرة القدم في إيران، متسائلاً: "السيد علي كريمي لم يخالف النذورات ولا الشعائر الدينية، بل كان استفساره كاستفساري الذي طرحته على السيد محسن هاشمي رئيس مجلس البلدية قبل 3 سنوات؛ هل المواطنون راضون بإنفاق الضرائب التي يدفعونها للخدمات الحضرية، أن تنفق في سبيل الدعاية لأيدولوجية النظام؟ وإذا لم يقبلوا بذلك ما هو مصير هذه الميزانيات شرعياً؟".

ردود قاسية تشعل مواقع التواصل الاجتماعي من جديد

بعد إعادة نشر مقطع الفيديو لرجل الدين مُعاونيان من قبل الجهات المحافظة بشكل واسع، إشادة بمهاجمة علي كريمي، ومرفقة بتهم مالية ضده، جاءت ردود فعل متتالية وعديدة من كريمي.

"ننسى الآلام ولكن لن ننسى أولاد الزنا"؛ هكذا جاء الرد القاسي من كريمي في بداية الأمر، وبعد أيام عاد ليكتب في حسابه خلال إنستغرام والذي يتابعه 9.5 مليون متابع: "لا شك أن الكثير يعرف الإمام الحسين أفضل مني، لكنني عرفت الإمام الحسين بأنه لم ينحن أمام الظلم والمسيئين والشاتمين، وأعتقد أن الله لن يسامح من نقص من حق الناس".

ويبدو أن هذه الردود خلال الأسبوع الماضي لم تقلل من غضب كريمي، فنشر صورة رجل الدين مُعاونيان معلقاً: "أنت عديم الشرف الذي تتفوه بكلام غير لائق باسم الإسلام، ولا تملك جرأة كي تفتح التعليقات تحت منشورك ليردّ الناس عليك، ولكن أنا أفتح التعليقات حتى يبدي الناس آراءهم عني وعنك. تفضل، بسم الله". وبذلك أشعل كريمي منصة إنستغرام مجدداً ورفع السقف عالياً في الصراع القائم منذ يوم عاشوراء.

وتوالت التعليقات التي وصلت 275 ألف حتى كتابة هذه المادة، كانت معظمها لصالح اللاعب مرحبة بتصريحاته عشية عاشوراء، كما قدم البعض نقده للكابتن على تصرفاته.

نشر أنصاره صوراً له تظهره في موكب عزاء يقوم فيه بتوزيع النذورات خلال السنوات الماضية، في إشارة إلى أنه ليس مخالفاً للشعائر الحسينية بل كان يطالب بتفقد الفقراء والمساكين وتحسين الإنفاقات التي تتجاوز ملايين الدولارات في سبيل ما يحتاجه الشعب

"السيد كريمي لم نكن نتوقع أن تتحدث عن أهل البيت وعلاقات الناس بهم وتقديم النذورات، كونك أنت من طالبت بأن أي شخص لا يملك اختصاصاً عليه ألا يتقبل مسؤولية ولا يتحدث عنها، فهل أنت خبير ديني؟ كما أننا لم نتوقع مثل هذا التصرف من رجل الدين الذي اتخذ المواجهة بأسلوب غير أخلاقي ومهين، وقد قلل من شأن رجال الدين بذلك"؛ كانت هذه إحدى ردود الأفعال تحت منشور اللاعب التي أُعجب كثيرون بها.

هداف آسيا، أيقونة البلاد

لم ينته إقبال الإيرانيين في الدفاع عن علي كريمي، ونشر أنصاره  صوراً له تظهره في موكب عزاء يقوم فيه بتوزيع النذورات خلال السنوات الماضية، في إشارة إلى تدين الرجل وأنه ليس مخالفاً للشعائر الحسينية بل كان يطالب بتفقد الفقراء والمساكين وتحسين الإنفقات التي تتجاوز ملايين الدولارات في سبيل ما يحتاجه الشعب.

ولم يتردد كريمي في القضايا الاجتماعية والاقتصادية ‏والسياسية في إبداء موقفه، حيث وصفت مواقفه في السنوات الأخيرة بالبطولية في ظل صمت الكثير من نجوم الرياضيين، خاصة تلك التي جاءت محاربة للفساد والمافيا المستشري داخل اتحاد كرة القدم الإيراني، حيث بدأ كريمي حملة إعلامية واسعة ضد ذلك.  

ويُعتبر الرجل من أساطير كرة القدم في آسيا، كما أنه يلقب بـ"مارادونا آسيا"، وسبق أن نال جائزة هدّاف كأس الأمم الآسيوية، ولعب في الدوري الألماني، وحظى بشعبية واسعة لدى الشعب الإيراني، ويعتبر جزءاً من ذاكرتهم الرياضية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard