شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"ما تيجي نشرب شاي"... المصريون واستخدام مقولات الأفلام الجنسية بين الأزواج

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء

الأربعاء 10 أغسطس 202202:43 م
بين السينما والواقع، وبين الجيل القديم والجيل الجديد، كيف يعبر الأزواج المصريون عن رغبتهم الجنسية بعضهم لبعض؟ ما هي الكلمات التي يستخدمونها؟ أم أن الإيماءات هي سيدة الموقف بين الشريكين في مجتمعات يعتبر الخجل فيها صفة طيبة. رصيف22 طرح هذه الأسئلة وعاد بأجوبة.

بين الزوجين هنالك إشارات للرغبة بممارسة الجنس، تصبح مفهومة ومقروءة أكثر لكليهما مع الزمن، منها يستدل كل طرف على رغبة الآخر، الإشارة التي اعتمدها علي (68 عاماً) هي شراء الحلوى، يقول: "كانت الحاجات أسهل على أيامنا، كنت أشتري كيلو حلو من اللي مراتي بتحبه وأنا مروح البيت، أول ما تشوفه تعرف إن ليلتنا حلوة، ولا هي عاوزاني أكتبلها شعر ولا اشتريلها هدية ولا حاجة من ده، لما تكون الأحاسيس واضحة بين الاتنين محدش بيحتاج يعمل تكليف".

عايزين نمارس حياتنا الطبيعية يا منال

تخبرني صديقتي التي تعيش في الريف أن زوجها لا يتكلم عندما يرغب بالجنس، يكتفي بأن يشير لها بيده فتفهم، فتقوم بمحاولاتها وحيلها لإرسال الأطفال للنوم سريعًا لتلحق به إلى الغرفة، عندما سألتها إذا كانت هذه الطريقة تعجبها أجابت: "لا متعجبنيش، بس أنا تعودت... هو مبيعرفش غير كده".
كنت أشتري كيلو حلو من اللي مراتي بتحبه وأنا مروّح البيت، أول ما تشوفه تعرف إن ليلتنا حلوة
أما دعاء محمد (37 عاماً) فتروي أن زوجها عندما يرغب فيها يقول كلمة واحدة فقط "تعالي" بينما تلمح هي له برغبتها بأن ترتدي قميص نوم جديداً وتتزين للفت نظره، وغالباً تُفلح هذه الطريقة وتنتهي الليلة كما يرغبان.
في بلد كمصر للدراما التلفزيونية وللسينما انعكاساتها أيضاً على العلاقات الجنسية، يقارن الرجل زوجته بما يراه على الشاشة، بينما تتأمل المرأة أن يصبح زوجها رومانسياً ويعبر عن رغبته برقة كما يفعل الممثل مع حبيبته في المسلسل، وفي الحالتين تتغلغل النكتة وخفة الدم إلى المعجم الحميم للمصريين.
تقول منال (36 عاماً): "لما يكون جوزي عاوزني بيبصلي بجدية وبيقولي: عايزين نمارس حياتنا الطبيعية يا منال، تمام زي ما قالها عادل إمام ليسرا في فيلم الأفوكاتو".
لكن الأمور ليست دائماً سهلة بين الأزواج حين يرغب أحدهم بإيصال هذه الرسالة، يشكو سعد (44 عاماً) من حرج زوجته الشديد رغم مرور 10 سنوات على زواجهما، إذ يبدو أن سمية الخشاب لم تصل بتأثيرها إلى النساء ليفعلن مثلها في فيلم خيانة مشروعة حين كانت تقول لهاني رمزي وبشكل مباشر "عايزاك".
لما يكون جوزي عاوزني بيبصلي بجدية وبيقولي: عايزين نمارس حياتنا الطبيعية يا منال، تمام زي ما قالها عادل إمام ليسرا في فيلم الأفوكاتو
لكن ومهما حاولنا أن نتوارى وراء ستار الخجل أو العادات التي لا تحبذ الحديث العلني عن الجنس بين الزوجين، لن نستطيع تجاهل حقيقة أن الجنس هو حجر زاوية في نجاح العلاقة، وأن كثيراً من المشكلات التي تحدث بين الزوجين لأسباب تبدو واهية إنما تكون في الحقيقة ترحيلاً لمشكلة لا يجيد الاثنان الحديث عنها.
هل حقاً تحتاج كل النساء إلى الرومانسية وإلى التمهيد للعملية الجنسية؟ وهل حقاً يفضّل كل الرجال الدخول في العملية مباشرة دون مقدمات طويلة أم أنّ الثقافة السائدة التي حددت دور كل منهما هي التي فرضت هذا الاختلاف في النظر إلى المتعة؟ 
يرى حامد (44 عاماً) إن إشارات إبداء الرغبة تتغير بين مرّة وأخرى وليس لها قاعدة محددة، يقول: "مراتي بتفهم إني عاوزها من الطريقة اللي ببصلها فيها، وأنا بكتفي بالنظرة لأنها بتتكسف من الكلام الصريح، وده طبعاً سخيف، الكسوف مينفعش بعد الجواز".
على عكس زوجة حامد فإن نورا (28 عاماً) من اللواتي يطلبن ما يرغبن بدون حرج، تقول: "لما يكون عاوز ومشتاق بيغمزلي وأنا بفهم على طول، ولما أكون عاوزة ومشتاقة أقوله، وهو بيحب جدا لما أطلب الليلة بصراحة، فبيضحك زي عوايده وبيعمللي اللي أنا عاوزاه".

قولي زي ليلى علوي... أنا جعانة يا عطا

طلب الزوجة الصريح للجنس مثلته على أحسن وجه ليلى علوي في مسلسل حديث الصباح والمساء، فعلى سريرها الوردي وفي مشهد غاية في الرومانسية يغلب التصريح فيه على التلميح تهمس ليلى علوي برغبتها لزوجها "عطا المراكبي" الذي يقوم بدوره الفنان أحمد خليل قائلة: "أنا جعانة يا عطا".
بيد أن الفروق بين امرأة وأخرى قد تكون بسبب الفروق بين رجل وآخر، فبحسب استشارية العلاقات الزوجية الدكتورة شيرين درديري فإشباع حاجات المرأة الوجدانية يأتي قبل المبادرة بالرغبة الجنسية، وقد يكون هذا هو السبب في ترددها بالبوح برغباتها، لكنها مع ذلك ليست من مؤيدات خجل النساء لا سيما في عصر التكنولوجيا، تقول لرصيف22: "في المجمل لم تعد المرأة الخجولة مثيرة للرجل، فنموذج الزوجة حالياً مختلف، سمة اليوم هي الانفتاح بالأساس، الرجل الآن يستطيع أن يشاهد كل شيء على الانترنت، فبالتالي نموذج السيدة القديمة المتكتمة والتي لا تبدي رغبتها لا يناسب معظم الأزواج، أحد أهم مسببات الخيانة من قبل الرجل أو المرأة هي عدم الإشباع العاطفي وسوء التواصل الجنسي".
على سريرها الوردي وفي مشهد غاية في الرومانسية يغلب التصريح فيه على التلميح تهمس ليلى علوي برغبتها لزوجها "عطا المراكبي" الذي يقوم بدوره الفنان أحمد خليل قائلة: "أنا جعانة يا عطا".
وتشير إلى أن السوشال ميديا زادت من توقعات الفتيات والشباب من العلاقة، تقول: "الشاب لم يعد يريد فتاة خجولة، فمعايير الاختيار للشريك صارت عالمية لا محلية".
لكنْ لكبار السن رأي آخر قد يبدو أكثر انفتاحاً واسترخاءً من المتطلبات الكثيرة في زمن السوشال ميديا، إذ يبدو أن إبداء الرغبة المباشرة من خلال الكلام لم يكن محكاً مهماً من قبل لقياس نجاح التواصل بين الزوجين.

بقوله ربنا يخليك ليّ وبيقولي ربنا ميحرمنيش منك

تقول الحاجة علية (65 سنة) ضاحكة: "مكنش عندنا زمان الكلام ده كانت الأمور بسيطة وهادية، بيروح جوزي بالليل من شغله وأكون بحضرله في الأكل، يتفرج على التلفزيون شوية أو يسمع الراديو، وبعدين يروح ينام فا أروح أنا وراه، وشوية شوية نقرب من بعضينا وخلاص".
وهل كانت تعبر عن رغبتها بالكلام أجابت: "الكلام بتاعنا غيركم كنت بقوله ربنا يخليك ليّ وهو بيقولي ربنا ميحرمنيش منك، كنا بنتخانق مرات صحيح علشان الفلوس، بس خناقاتنا مكنتش بتأثر على اللي بيحصل في أوضة النوم".
نهلة (41 عاماً) متزوجة منذ 18 سنة وطوال هذه السنوات حدثت مشاكل كثيرة بينها وبين زوجها بسبب العلاقة الجنسية، تقول: "بيقول نفس الكلام كل مرة... يلا، تعالي، مش هتيجي بقى، أنا عايزك، ولو طلبت منه شوية رومانسية بيضحك عليّ، هو مش معترف أصلا إن الموضوع ده بيلزمه شوية مقدمات، وبيخلص في خمس أو عشر دقايق وبيقوم، بس اللي بيوجعني بجد إنه مبيترددش يحاول معايا واحنا متخانقين، ده حتى مبيحاولش يصالحني قبلها".
بيقول نفس الكلام كل مرة... يلا، تعالي، مش هتيجي بقى، أنا عايزك، ولو طلبت منه شوية رومانسية بيضحك عليّ
على هذه المشكلة علّقت درديري: "المرأة حساسة جدًا في هذه النقطة وتعتبرها إهانة كبيرة في حقها رغم أن قلة من النساء قد تتجاوزها دون إحداث مشكلة، عندما يحدث خلاف بين الزوجين ويصر الرجل على أن ممارسة الجنس خارج الخلاف، ستشعر الزوجة بالإهانة بالضرورة وترفض، كثيرة هي الأزمات الزوجية التي تنطلق من هذه النقطة، على الزوج أن يشبع المرأة عاطفياً أولًا قبل العودة الجسدية، كثير من الرجال يفكرون برغباتهم ولا يقيمون الموقف، وحين ترفض المرأة لأنها غير راغبة أو تشعر بالإهانة ستحبط رغبته فتحدث المشكلة. قابلتني حالة لرجل ضرب زوجته ثم حاول الاقتراب منها وهذه كارثة أشعرتها بالذل".
أما أسامة (54 عاماً) فتغيظه فكرة وضع قاعدة عامة للجنس، ويرى أن وجود قاعدة واحدة في المقبول والمرفوض جنسياً هو أمر غير واقعي، يقول: "في رجالة بيحبوا الست الخجولة ورجالة بيحبوا العكس، منقدرش نحط كل الذكور في خانة وحدة، ده اسمه اختزال، ثم إن نفس الراجل ممكن يكون عاوز حاجة مختلفة كل مرة، مرات عاوزها مكسوفة ومرات عاوزها فاجرة، وهيّ كمان من حقها إنها تغير مزاجها كلّ مرة".
ويرى أن الجميل في الجنس هو أن كل شيء مسموح وبالأساس التغيير والتجريب، وأن التمثيل ليس كذباً وأن الأخلاق والقواعد خارج السرير.
ويضيف: "المتجوزين بيشدوا على نفسهم قوي، وبياخدوا الجنس بجدية زيادة عن اللزوم وده بيحرمهم من الاسترخاء، الأمور بسيطة وسهلة وممكن نتكلم في أي حاجة لما نعوز، أما التفكير الزايد في الجنس فبيفسده".  

ليلة حلوة

وتوجه درديري نصيحة شبيهة للزوجين بالتجديد والتغيير ما أمكن، حتى لا يشعرا بالملل: "لا أنصح أن يستخدم الزوجان نفس التعبيرات في كل مرة، فرغبات الشريك/ـة تتغير وما يرضينا اليوم قد لا يرضينا بعد عام، على كل طرف أن يقوم بدراسة وفهم رغبات شريكه المتغيرة ليقوم بتلبيتها بشكل يرضيه ويساعد على نجاح العلاقة".
الجميل في الجنس هو أن كل شيء مسموح وبالأساس التغيير والتجريب، وأن التمثيل ليس كذباً وأن الأخلاق والقواعد خارج السرير
أما الحاج محمد (72 عاماً) فينصح بأن تكون العلاقة مريحة ومبهجة للطرفين: "على أيامنا كانت الحياة أسهل، أروح البيت ألاقي مراتي بتحضرلي الأكل، فأدلعها وأقولها "والله إنت نور البيت" وأحطلها كلونيا تقوم هيّ مدلعاني برضه".
في كل الحالات فإن خلط خفة الدم المصرية مع الرغبة الجنسية لا يمكن أن يؤديا إلا إلى "ليلة حلوة". وتظل جملة الزعيم التي قالها لنورا في فيلم "غاوي مشاكل" صالحة لكل زمان ومكان: "ما تيجي نشرب شاي". 


إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard