شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"كافي"... حملة نسوية موريتانية ضد الاغتصاب والعنف الجنسي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 2 أغسطس 202204:42 م

أطلقت مجموعة من الناشطات النسويات الموريتانيات، حملةً إلكترونيةً مناهضةً للعنف ضد النساء في موريتانيا، ومنحنها اسم" كافي"، أي كفى.

نشرت الناشطات منشورات وملصقات وفيديوهات توعويةً حول الخطر المحدق بالمرأة في موريتانيا، وضعف القوانين والآليات المتّبعة لعقاب من يعنّفون المرأة على المستويات كافة.

وجاء في بيان إطلاق الحملة: "في موريتانيا تتواصل عمليات الاغتصاب بلا هوادة أو انقطاع، في حين أنها يومية وأسبوعية وتدمّر حياة المئات والآلاف من الضحايا وتطال جرائمها الأطفال ذكوراً وإناثاً وفتيات ونساءً وسط التساهل مع الجناة من قِبل القضاء الموريتاني".

وأضاف البيان أنه بحسب ملخص التقرير الوطني الذي نشرته الجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل، فإن "عدد حالات العنف الجنسي التي سُجّلت عام 2021، وصلت إلى 336 ضحيةً للعنف الجنسي من بينهم 266 قاصراً (249 فتاةً و17 ولداً) و70 امرأةً بالغةً، فضلاً عن الحالات التي تم قمعها ولم يتم الاطلاع عليها".

"في موريتانيا تتواصل عمليات الاغتصاب بلا هوادة أو انقطاع، في حين أنها يومية وأسبوعية وتدمّر حياة المئات والآلاف من الضحايا وتطال جرائمها الأطفال ذكوراً وإناثاً"

وطالبت الناشطات في البيان "بعدم التساهل مع المتورطين في عمليات الاغتصاب تمهيداً لإفلاتهم من العقاب"، كما استعرضت الوثيقة بعض الحالات التي "تساهل فيها القضاء الموريتاني مع المتهمين في قضايا الاغتصاب".


وقدّمت "كافي" سرداً لبعض قصص الاغتصاب التي حدثت في السنوات الأخيرة في موريتانيا، لتخلص إلى التأكيد على أنه كثيراً ما "تُطوى صفحات جلّ قضايا الاغتصاب من ذاكرة أرشيف القضاء واهتمام الرأي العام سريعاً، بسبب حالات الصلح بين أهل الجاني وأهل الضحية أحياناً، أو بسبب تساهل القانون مع كل الذين ثبتت عليهم تُهم الاغتصاب؛ مع أنه لا يوجد تعريف واضح للاعتداءات الجنسية في القانون الجنائي الموريتاني".

لماذا حملة "كافي"؟

النيه بنت حمديت، من الناشطات اللواتي أطلقن الحملة وهي أستاذة وناشطة نسوية، تحدثت إلى رصيف22، عن الحملة وسياقها وسببها وقالت: "حملة ‘كافي’ أطلقتها مجموعة من النسويات دافعهن ما لاحظنه من تساهل -حتى لا أقول من تواطؤ- مع مرتكبي جرائم الاغتصاب. قررنا إطلاق الحملة لأسباب عدة؛ أولاً إظهار أن هناك قوانين تنصف -إلى حد ما- الناجيات من الاغتصاب والاعتداءات الجنسية، خصوصاً إذا كن قاصرات، كقانون الحماية الجنائية للطفل الصادر بتاريخ 5 كانون الأول/ ديسمبر 2005، والمعدّل في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، لكن للأسف هذه القوانين لا تطبَّق".

"حملة ‘كافي’ أطلقتها مجموعة من النسويات دافعهن ما لاحظنه من تساهل -حتى لا أقول من تواطؤ- مع مرتكبي جرائم الاغتصاب

"كذلك، هذه القوانين تشدد على عدم منح الحرية المؤقتة للمهتمين بقضايا الاغتصاب، ومع ذلك يستفيدون دوماً من الحرية المؤقتة، حتى ولو ثبتت التهمة"، تتأسف المتحدثة، قبل أن تضيف: "هناك أيضاً مسألة إهمال الحقّ العام الذي تنص القوانين على أنه لا يسقط حتى لو حصلت تسوية بين أهل الضحية والجاني، وهو أمر شائع للأسف، ولكن ذلك الحق يتم الالتفاف عليه من طرف النظام القضائي. ونحن في حملة كافي نرى أن هذا الالتفاف على القوانين والإهمال الممنهج لحقوق النساء والفتيات، هو السبب الأكبر وراء كل جرائم الاغتصاب والعنف الجنسي، وأطلقنا هذه الحملة راجيات أن تلفت انتباه الرأي العام لخطورة هذه التجاوزات".

مامسي الكيحل، هي الأخرى ناشطة نسوية من المشاركات في الحملة تحدثت إلى رصيف22، عن الدوافع حول إطلاقها قائلةً: "لماذا حملة كافي؟"؛ إجابة ربما تتقاطع مع كل الصرخات التي أُطلقت للحد من كل ما يمس من إنسانيتنا، فبعد تفكير عميق وفي ظل تسارع وتيرة جرائم الاغتصاب في موريتانيا، قررنا إطلاق هذه الحملة مُركّزات فيها على شقّين أساسيين: القانوني والنفسي/ الاجتماعي. يحمل القانوني ظاهرة إفلات الجاني من العقوبة، إما بتسوية قَبَليَّة أو بِحصوله على حرّية مؤقتة وسط تجاهل كبير لحق الضحايا من طرف القضاء والمجتمع. ويحمل الشق النفسي/ الاجتماعي الذي نركّز عليه في الحملة إعادة النظر في التأثير النفسي الذي يهمله المجتمع، والذي تُخلّفه جريمة الاغتصاب لدى الضحية، من خلال تسليط الضوء على ثقافة الصحة النفسية وإبراز أهميتها وخطورة تجاهلها، بالإضافة إلى محاربة انعكاسات الوصم الاجتماعي الذي يُلصَق بالضحية عن طريق عزلها عن المجتمع وإلقاء اللّوم عليها بدل متابعتها نفسياً وإلقاء اللوم، كل اللّوم، على الجاني ومحاسبته قانونياً".

"مشاركة خجولة لكن مبشّرة"

مع كل حملة توعوية تُطلق على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في موريتانيا، يصعد إلى المشهد السؤال عن جدوى هذه الحملات وهل لها تأثير في الجمهور المستهدف؟ وحسب النيه منت حمديت: "السوشال ميديا أصبحت مؤخراً محركاً رئيسياً للرأي العام الموريتاني، والعالمي، ربما... قضيتنا ليست قضيةً تمر من دون أن تلفت الانتباه، على الأقل".

قدّمت "كافي" سرداً لبعض قصص الاغتصاب التي حدثت في السنوات الأخيرة في موريتانيا، لتخلص إلى التأكيد على أنه كثيراً ما "تُطوى صفحات جلّ قضايا الاغتصاب من ذاكرة أرشيف القضاء واهتمام الرأي العام سريعاً

وترى مامسي أنه "لم يعد دور شبكات التواصل الاجتماعي مقتصراً على التواصل (أي الهدف من خلقها)، بل تعدّى ذلك لتصبح وسيلةً متعددة الاستخدامات للتعبير عن الآراء وطرح القضايا المهمة المتعلقة بجميع جوانب الحياة، وقضية المرأة من أهم القضايا التي طُرحت عليها إلى الآن، وبحكم أن الإنترنت خلقت لنا عالماً صغيراً ومتقارباً، فلا أرى غيرها وسيلةً قويةً للنضال وخلق أشكال جديدة من العمل النسوي وحشد الجماهير وصفّهم عن طريق نشر الوعي بقضية المرأة، والأمثلة على نجاح الحملات الإلكترونية كثيرة".

وأضافت المتحدثة: "لا أستطيع تقييم الحملة الآن، فما زلنا في أسبوعها الأول، لكنني أستطيع القول إنني متفائلة نسبيّاً والسبب في ذلك هو أن الأمر لن يتوقف عند حملة أو اثنتين وليس زرّاً يمكن الضغط عليه لإنهاء كل شيء. أؤمن بأن الوعي عملية تراكمية، وما لم يتحقق لنا اليوم لا بد من أن يتحقّق لاحقاً. المهم بالنسبة إليّ ألا نقف متفرجين. سنعمل بالطبع على الجانب الميداني، ولكن قبل ذلك نعمل على أن يلاحظ الناس حملتنا".

أما بنت حمديت فخلصت قائلةً: "الحملة أُطلقت منذ أسبوع، وأهمية التعاطي -بالنسبة إليّ- أن أرى أشخاصاً من خارج الحراك النسوي يشاركون فيها، وهذا ما حصل. ما زالت المشاركة خجولةً بعض الشيء، لكنها مبشرة، والحملة مستمرة لمدة شهر. وبالنسبة إلى الجانب الميداني فما زال قيد الدراسة ووارد كل حال، بالرغم من التضييق".

هذا وتجدر الإشارة إلى أن الناشطات النسويات في موريتانيا، يخضن منذ سنوات معركةً من أجل سنّ قانون يحمى النساء في موريتانيا من العنف بأشكاله المختلفة، وذلك عبر حملات إلكترونية مماثلة ومن خلال أنشطة احتجاجية ميدانية، وجاء في بيان حملة "كافي"، تذكير بمشروع قانون حول حماية النساء والفتيات من العنف سبق أن طُرح للنقاش، إذ قال البيان: "في هذا الصدد، نوّجه تساؤلاً للجهات المختصّة... أين وصل مشروع قانون حماية النساء والفتيات من العنف؟ ألا ترون أنه أصبح مُلحّاً جداً؟ ومع غياب تطبيق القوانين الموجودة أساساً لدينا، هل سيتمكن القضاء مستقبلاً من تطبيق القوانين التي نطالب بسنّها الآن؟".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard