شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
يلومونها على تردي أوضاعهم الاقتصادية… لماذا تراجع إيمان العرب بالديمقراطية؟

يلومونها على تردي أوضاعهم الاقتصادية… لماذا تراجع إيمان العرب بالديمقراطية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحريات العامة

الخميس 7 يوليو 202206:43 م

شهدت السنوات الخمس الأخيرة تغيراً كبيراً في درجة إيمان المواطنين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقدرة النظم السياسية الديمقراطية على تقديم حلول مثالية للأزمات الوطنية الاقتصادية والأمنية بما فيها الكساد الاقتصادي وتفشّي البطالة وارتفاع مستوى المعيشة وعدم الاستقرار الداخلي.

هذا ما تكشف عنه نتائج الدورة السابعة من استطلاعات رأي الباروميتر العربي، وهو شبكة بحثية لا تنتمي لأي تيار سياسي ومقرها في جامعة برينستون الأمريكية، أجراها لصالح شبكة "بي بي سي" البريطانية.

تناول الاستطلاع عدة مواضيع رئيسية تشمل إدارة الحكم والاقتصاد والنساء والعنصرية والدين والهجرة والعلاقات الدولية والحريات المدنية وكوفيد-19. وضُمِّن آراء نحو 23,000 شخص في 10 دول عربية. علماً أن المشاركين اختيروا عشوائياً لضمان تمثيلهم لمجتمعاتهم بشكل عادل، وأُجريت المقابلات وجهاً لوجه خلال الفترة بين تشرين الأول/ أكتوبر 2021 ونيسان/ أبريل 2022.

الدول التي شملها الاستطلاع هي: مصر وتونس والعراق وفلسطين ولبنان وليبيا والمغرب وموريتانيا والسودان والأردن.

إحباط وتراجع ثقة

من أبرز نتائج الاستطلاع هو تراجع الثقة في الحكومات، وتراجع الثقة في الديمقراطية، والدعم الواسع للقادة الذين يحاولون الالتفاف حول القواعد، واحتفاظ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمكانته كأكثر الزعماء شعبية في المنطقة ومن بعد الرئيس الإماراتي محمد بن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس الأمريكي جو بايدن.

فقدوا الثقة في الديمقراطية، ويدعمون الالتفاف حول القواعد إذا لزم الأمر لإنجاز الأمور، ويفضلون حكومة قادرة على حل المشكلات أياً كان شكل نظامها السياسي… نتائج لافتة لأحدث وأضخم استطلاع رأي للمواطنين العرب

وكان هناك توافق حول تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي في الدول التي أُجري فيها الاستطلاع. وفي ما يُعتبر "أول استطلاع رأي عن العنصرية في المنطقة"، كان هناك "اعتراف واسع النطاق" بأن التمييز العنصري يمثل مشكلة.

في الوقت نفسه، كان هناك ارتفاع ملحوظ في الآراء الإيجابية بشأن دور المرأة في الأسرة وتولي المرأة في القيادة السياسية، مع إقرار المشاركين في سبع من أصل 10 دول بأن العنف ضد المرأة زاد العام الماضي.

وسجّل الاستطلاع عودة أعداد كبيرة من الناس، وخصوصاً الشباب ، إلى التمسك بالدين وتعاليمه. وذلك بعد أن كان استطلاع عام 2018 رصد ابتعاد أعداد كبيرة عن الدين. علماً أن الاستطلاع أشار إلى تزايد الاستبداد وتراجع الحريات المدنية في غالبية البلدان العربية.

ضعف الثقة في الديمقراطية

وتعكس النتائج تراجع الثقة بالديمقراطية في جميع أنحاء البلدان التي شملتها الدراسة. في سبع دول (تونس والسودان والأردن ولبنان والعراق وليبيا وفلسطين) قال نصف المبحوثين أو أكثر إن ضعف اقتصاد البلاد مرتبط بتطبيق نظام الحكم الديمقراطي، بما في ذلك 72% من العراقيين و70% من التونسيين و63% من الفلسطينيين. علماً أن هذا السؤال لم يُطرح في مصر.

وشهد الأردن أكبر تغيير في هذا الصدد، من 24% من المواطنين الذين قالوا ذلك في عام 2018 إلى 57% في عام 2022. وارتفع أيضاً عدد الأردنيين الذين أبدوا اتفاقهم/ اتفاقهم بشدة مع القول إن الأنظمة الديمقراطية غير حاسمة ومليئة بالمشاكل من 38% في 2018 إلى 53% في 2022.

وفق استطلاع الباروميتر العربي، كان أردوغان أكثر الزعماء شعبية في الأردن والمغرب وموريتانيا وتونس والسودان وفلسطين، بينما تصدّر بن زايد القائمة في لبنان والعراق،  وبشار الأسد في ليبيا

العراق أيضاً شهد ارتفاع معدل ضعف الثقة بالديمقراطية وقد ارتفعت النسبة بشكل حاد من 20% في عام 2013 إلى 51% في عام 2018 ثم إلى 72% في عام 2022.

وأظهر الاستطلاع انخفاض الثقة في الحكومات في جميع البلدان المشمولة، سيّما في لبنان (77%). أما المغرب، فكان هناك ارتفاع طفيف في الثقة في الحكومة منذ 2018.

إلى ذلك، لا يزال غالبية المشاركين يتفقون على أن الديمقراطية لا تزال أفضل من الأنظمة الأخرى، بما في ذلك 81% من اللبنانيين و77% من الأردنيين و76% من الموريتانيين.

"دعم واسع للقادة الذين يلتفون حول القواعد"

وفي ثمانية من البلدان التي شملها الاستطلاع، وهي: موريتانيا وتونس وليبيا والسودان ولبنان والأردن والعراق وفلسطين، يوافق/ يوافق بشدة أكثر من نصف المستطلعة آراؤهم على أن بلادهم بحاجة إلى قائد يمكنه الالتفاف حول القواعد إذا لزم الأمر لإنجاز الأمور. احتفظ العراق بأكبر عدد من أصحاب هذا الرأي (87%)، ومن بعده تونس بـ81%.

كان لافتاً أن أيّد 91% من التونسيين تحرّك الرئيس قيس سعيد لتعليق البرلمان في تموز/ يوليو 2021. كما قال نحو ثلاثة أرباع التونسيين إن الأداء الاقتصادي يكون أضعف في ظل نظام ديمقراطي. ووافق 77% منهم على أنه لا يهم نوع الحكومة طالما كانت قادرة على حل المشاكل الاقتصادية. علماً أن المقابلات في تونس أُجريت قبل حل البرلمان.

ولم تتفق الأغلبية في المغرب مع هذا الرأي. في حين لم يُطرح هذا السؤال في مصر.

"ثمة إدراك متزايد في المنطقة بأن الديمقراطية ليست النظام الأمثل للحكم وأنها عاجزة عن إصلاح كل شيء… الناس يعانون من الجوع عبر دول المنطقة. الناس بحاجة للخبز، ومحبطون من الأنظمة السياسية التي تحكمهم"

وكان أردوغان الأكثر شعبية في الأردن والمغرب وموريتانيا وتونس والسودان وفلسطين. وتصدّر بن زايد قائمة الأكثر شعبية في لبنان والعراق. أما الرئيس السوري بشار الأسد فكان الأكثر شعبية في ليبيا.

لماذا هذا الموقف من الديمقراطية؟

وفي تحليله لنتائج الاستطلاع المتعلقة بتراجع الثقة في الديمقراطية، قال مايكل روبنز، مدير شبكة أبحاث الباروميتر العربي: "ثمة إدراك متزايد في المنطقة بأن الديمقراطية ليست النظام الأمثل للحكم وأنها عاجزة عن إصلاح كل شيء… الناس يعانون من الجوع عبر دول المنطقة. الناس بحاجة للخبز، وهم محبطون من الأنظمة السياسية التي تحكمهم".

يُذكر أن أكثر من 60% من المستطلعة آراؤهم قالوا إنهم يفضلون حكومة فعّالة أياً كان شكل نظامها السياسي.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

شكل حياتنا اليومية سيتغيّر، وتفاصيل ما نعيشه كل يوم ستختلف، لو كنّا لا نساوم على قضايا الحريات. "ثقافة المساومة" هذه هي ما يساعد الحكام على حرماننا من حريات وحقوق كثيرة، ولذلك نرفضها، ونكرّس يومياً جهوداً للتعبير عن رفضنا لها، والدعوة إلى التكاتف لانتزاع ما لنا من قبضة المتسلّطين. لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard