شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
العنف في المجتمعات العربية... إلى أين نحن ذاهبون؟

العنف في المجتمعات العربية... إلى أين نحن ذاهبون؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

كلما تقدّم الإنسان في العمر، وأصبح لديه متسع من الوقت للتأمل، كلما راودته خواطر وأفكار لم تشغل باله من قبل أو تتطرق إلى ذهنه، خواطر وأفكار يتعلق معظمها بمراجعة تجربته لمحاولة فهم أعمق لمعنى الحياة وجوهرها لعله يستطيع أن يوجه فكره وجهده إلى ما ينفعه أكثر وينفع الناس.

ولعل أولى مستلزمات الكرامة الإنسانية هي قدرة كل أفراد المجتمع على العيش معاً في مأمن من أي عنف أو تعدٍّ جسدي أو لفظي من أي نوع.

العديد من تلك التأملات يدور حول غاية واحدة: كيف يمكن لكل إنسان أن يعيش في أمان وسلام مع نفسه وفي تضامن وتماسك مع مجتمعه بالرغم من كل ما يصادفه في الحياة من تحديات ومشكلات وصعوبات وآلام؟ ومهما حاولت البحث في الجوانب المختلفة لتلك الإشكالية، فإني دائماً ما أصل إلى النتيجة نفسها: كرامة الانسان وقدرته على التعبير عن نفسه وتحقيق ذاته بحرية في مجتمع يكفل له احتياجاته الأساسية ويضمن له ولغيره الحقوق والواجبات نفسها على أساس من العدل والمساواة، هي المنطلق والركيزة لحياة يسودها السلام والاستقرار والرقي على المستوى الفردي والجمعي.

ولعل أولى مستلزمات الكرامة الإنسانية هي قدرة كل أفراد المجتمع على العيش معاً في مأمن من أي عنف أو تعدٍّ جسدي أو لفظي من أي نوع.

لقد نشأت في مصر في مجتمع يعاني من العديد من التناقضات والكثير من المظالم الاجتماعية والاقتصادية، ولكنه كان مجتمعاً بعيداً إلى حد كبير عن العنف ويسوده الإحساس بالأمن والأمان. وأتذكر قبل عقود طويلة في أثناء إقامتي في نيويورك -المدينة التي كانت تموج بالعنف- أنني كنت أتباهى بالسلام المجتمعي في مصر، وكيف أنه كان يمكن للمرأة على سبيل المثال أن تسير بمفردها حتى في منتصف الليل من دون أن يتعرض لها أحد بأي شكل أو يمسها بأي سوء، وكيف أن الشهامة أو "الجدعنة" كانت هي الأمر المتوقع من كل أفراد المجتمع، خاصةً في حال وقوع أي طارئ.

لقد نشأت في مصر في مجتمع يعاني من العديد من التناقضات والكثير من المظالم الاجتماعية والاقتصادية، ولكنه كان مجتمعاً بعيداً إلى حد كبير عن العنف ويسوده الإحساس بالأمن والأمان

وقد رأيت، بعد أن انتقلت للعيش في فيينا، ما رأيته في شبابي في القاهرة وأكثر بالنسبة للأمن والأمان، إذ إنه أصبح أمراً من المسلمات لا تفكر فيه؛ الكل يتحركون بحرية من دون خوف أو حظر، ناهيك بالطبع عن أن يفكر شخص في أن يتحرش بالآخر أو يتنمر عليه، مهما كان مختلفاً عنه من حيث الشكل أو المظهر وسواء كان رجلاً أم امرأة. كل إنسان وكأنه محاط بسياج غير مرئي، ولكنه ملموس، من الخصوصية، لا يجسر أحد على أن يتعداه.

إن الغرض من هذه الكلمات القصيرة هو أن أوجه رسالة تحذير وأعبّر عن الآلام بسبب العنف المفرط من كل جهة والذي أراه يملأ مجتمعاتنا العربية، وكيف أن قدسية الحياة أصبحت مستباحةً.

هناك بالطبع أسباب كثيرة سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية لهذا الوضع لا يوجد هنا مجال للتعرض لها اليوم، إذ إن الغرض من هذه الكلمات القصيرة هو أن أوجه رسالة تحذير وأعبّر عن الآلام بسبب العنف المفرط من كل جهة والذي أراه يملأ مجتمعاتنا العربية، وكيف أن قدسية الحياة أصبحت مستباحةً وحرمة الخصوصية أصبحت منتهكةً، وما يزيد الطين بلّةً أننا نلجأ أحياناً إلى تبرير العنف والتعدي على الآخر بخطاب مشبع بالجهل والانحطاط القيمي مثال الاختلاف في الدين أو المذهب أو الطائفة أو حتى الملبس!

ما رأيناه من عنف في الحروب، وتشرذم مجتمعي في الكثير من دول العالم العربي، امتد مؤخراً إلى مصر والأردن وغيرهما ليشمل جرائم قتل بشعةً وعنفاً وتحرشاً وتنمراً ضد المرأة، مما يزيد من التآكل المستمر في القيم الأساسية للتماسك المجتمعي، بما في ذلك حرمة الحياة والمساواة بين الرجل والمرأة واحترام الاختلاف والخصوصية.

أعلم أن هناك الكثير من الإحساس بالظلم وفقدان الأمل في العديد من مجتمعاتنا العربية، ولكن التحدي الأكبر أمامنا اليوم هو أن ندرك وبسرعة أننا نختلف وسنستمر. نختلف في أشياء كبيرة وصغيرة وإنما في الوقت نفسه لن نتمكن من حل أيٍّ من تلك الخلافات عن الطريق العنف أو انتهاك كرامة الإنسان وخاصةً المرأة في مجتمعاتنا الذكورية.

نختلف في أشياء كبيرة وصغيرة وإنما في الوقت نفسه لن نتمكن من حل أيٍّ من تلك الخلافات عن الطريق العنف أو انتهاك كرامة الإنسان وخاصةً المرأة في مجتمعاتنا الذكورية.

لعلنا نفهم قبل فوات الأوان أن ما يجمعنا أهم وأبقى، وأن الأهم هي إنسانيتنا وحق كل منّا في الحياة وفي العيش الكريم على أساس المساواة، مهما كانت اختلافاتنا. نحن عند مفترق "طريق قيمي"؛ أحدهما ينذر بخطر داهم والآخر يستشرف مستقبلاً زاهراً. ما زال أملي قائماً بأن تكون لدينا القدرة والحكمة على التمييز بين الصواب والخطأ.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard