شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
أول رئيس عربي لأكبر برايد فرانكفوني بالعالم:

أول رئيس عربي لأكبر برايد فرانكفوني بالعالم: "قدمت نفسي للعالم، ولم أجعل العالم يقدمني"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والميم-عين

الخميس 23 يونيو 202204:00 م

تندرج هذه المقالة ضمن "طيف22"، وهو مشروع مخصص لالقاء الضوء على التنوعات والاختلافات الجنسانية والجندرية والجسدية في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يشارك فيه صحفيون وصحفيات، ناشطون وناشطات وأفراد من مجتمع الميم-عين أو داعمون لهم/نّ، ليكون مساحة للتعبير بحرية عن مختلف المواضيع المتعلقة بالتوجّهات الجنسية والجندرية والصحّة الجنسية، بغرض كسر التابو والحديث بموضوعية عن هذه المسائل الشائكة.

بعد تعاون دام لبضع سنوات بينه وبين مونتريال برايد (احتفال الفخر في مونتريال)، استطاع اللبناني مو حمندي أن يكسب ثقة القائمين عليه، وأن يصبح رئيساً لأكبر برايد فرانكفوني في العالم، في سابقة هي الأولى من نوعها بتسلم شخص عربي منصباً كهذا، مع العلم بأن "مونتريال برايد" هو أكبر احتفال في العالم لمجتمع الميم-عين، حيث يقام سنوياً في مدينة مونتريال في كندا، ويحضره الملايين من الناس من مختلف أصقاع العالم.


رحلة اكتشاف الذات والإعلان عنها

ولد مو حمندي في لبنان، ونال شهادة البكالوريوس من جامعة القديس يوسف في بيروت في الاِقتصاد.

وبسبب الأوضاع السياسية والأمنية التي مرّ بها لبنان بين الأعوام 2005 و2009، اضطر للهجرة إلى كندا في العام 2009 وهو في عمر التاسعة عشر، وهناك أكمل دراسته وحاز على درجة ماجستير في الاِقتصاد، ويعمل الآن كبير مستشاريّ التنوع والشمول في أحد المصارف الكبيرة في كندا، بالإضافة إلى استلامه منصب رئيس "مونتريال برايد".

في العام 2016، تعرّض مو حمندي لحادثة أليمة في كندا غيّرت مجرى حياته، كما يروي لرصيف22: "تعرضت لاعتداء من قبل مجموعة من الأفراد المعاديين للمثلية الجنسية، حيث انهالوا عليّ وعلى رفاقي في إحدى باصات النقل العام بالضرب وبأفظع الشتائم، دخلت إثرها المستشفى، وحين عدت للمنزل بوجه مشوّه، نظرت إلى نفسي في المرآة، وأيقنت أن تلك الحادثة كادت أن تودي بحياتي، فكان من الممكن أن يُفجع أهلي بي دون أن يعرفوا حقيقة من أنا ومن هو (مو الحقيقي)".

يسترسل مو: "كانت تلك الفترة حرجة في حياتي، فرحت أغوص في ذاتي الداخلية مستنيراً بكتاب لأمين معلوف تحت عنوان (الهويات القاتلة)، وكان السؤال الجوهري الذي طرحته على نفسي: هل أنا مجرد صورة للنسخة التي رسمها المجتمع؟ كيف يمكنني أن أقدم نفسي للعالم وليس كيف يمكن للعالم أن يقدمني؟".


"انهالوا عليّ وعلى رفاقي في إحدى باصات النقل العام بالضرب وبأفظع الشتائم، دخلت إثرها المستشفى، وحين عدت للمنزل بوجه مشوّه، نظرت إلى نفسي في المرآة، وأيقنت أن تلك الحادثة كادت أن تودي بحياتي، فكان من الممكن أن يُفجع أهلي بي دون أن يعرفوا حقيقة من أنا"

ويبيّن حمندي أنه قرر بالفعل الكشف لأهله عن ميوله الجنسية، والكشف عن ذلك للعالم أجمع.

وهكذا في احتفال الفخر في مونتريال في العام 2016، تحدث مو أمام 5 آلاف شخص، عن ميوله الجنسية، ومن حينها صار مدافعاً بارزاً عن أفراد مجتمع الميم-عين وأحد المطالبين بحقوقهم.


العمل مع مونتريال برايد

عن دوره في احتفال الفخر في مونتريال، يقول مو: "منذ ذلك الوقت، توطدت علاقتي بمونتريال برايد وحزت على ثقتهم، ففي العام 2017 ساهمت في إنتاج عروض فنية على المسرح بحضور 7000 شخص، بالإضافة إلى مشاركتي في الغناء، هذا وعملنا على جلب المشاركين من مختلف أصقاع العالم، فكان هناك أكثر من 70 فنان وفنانة".

وأدت هذه النجاحات، كما يصف حمندي، لمزيد من التعاون بينه وبين مونتريال برايد خلال الأعوام التي تلت ذلك، لحين ترشّحه لمنصب في مجلس الإدارة وليتسلم من بعدها منصب الرئيس، وقد حظي حينها بدعم وترحيب الجميع، بخاصة أفراد من مجتمع الميم-عين في مدينة كيبك: "كل ذلك يأتي ضمن الامتيازات التي حظيت بها خلال مسيرتي، وأنا أشعر بالاِمتنان لأنها جعلت مني ما أنا عليه اليوم".

يتحدث حمندي عن احتفال الفخر في مونتريال قائلاً: "هو عبارة عن عرض فني بامتياز يتجمع فيه قرابة الـ 3 ملايين ونصف المليون شخص حيث يشاركون بالاحتفالات والتجمعات والمسيرات الحاشدة في الأسبوع الأول من شهر آب/أغسطس من كل عام، والاحتفال بمثابة محطة كبيرة للثقافة والفن والعلم، حيث تكون عروض الغناء والموسيقى والنشاطات الترفيهية، بمشاركة نخبة من الفنانين المحليين والعالميين الذين يحيون هذه المناسبة السنوية".

هذا ويُعد الحدث مكاناً مناسباً لعقد المؤتمرات والندوات، وتدور حوارات ونقاشات وفعاليات في الشوارع والمطاعم والأماكن الخضراء والساحات العامة، كما تقوم جمعيات شتّى بالتعريف عن نفسها وعن نشاطاتها، وبإمكان الجميع معرفة المزيد من المعلومات عن مجتمعات الميم-عين، سواء من المشاركين أو الداعمين أو حتى المارة الذين ينتابهم الفضول.

ويضيف مو: "نولي أهمية بالغة لآخر يومين في مونتريال برايد، ففي اليوم قبل الأخير تكون هناك تجمعات تسمى (ضيعة مجتمع الميم-عين)، وهو المكان الذي انطلقت منه أولى الثورات للدفاع عن حقوق الميم-عين، أما في اليوم الأخير فتنطلق مظاهرة كبيرة يشارك فيها آلاف الأشخاص من مجتمع الميم-عين والداعمين لهم، والجميع يسير وهو يرفع الأعلام".

يشير حمندي إلى أن هذا الحدث السنوي هو "بمثابة رسالة سلام ومحبة، وفي ذات الوقت يأتي لمساندة مجتمع الميم-عين في كل أنحاء العالم، والإشارة إلى التحديات التي تواجهه، كما أنها محاولة جادة لتبديد الصورة النمطية المغلوطة عن مجتمع الميم-عين، وجرس إنذار للحكومات المحلية وللعالم أجمع للانتباه لحقوق الإنسان وحقوق مجتمع الميم-عين".


أول عربي رئيساً لمونتريال برايد

بحسب مو حمندي، فإن أحد مهام مونتريال برايد هي بناء علاقات بين مجتمع الميم-عين على المستوى العالمي، وضمنها مجتمعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "نظراً لكوني لبنانياً، فهذا يلقي على عاتقي الكثير من المهام، ومنها الحرص على مقابلة عدد من الجمعيات والتعاون معها ومد الجسور وتفهم واستيعاب حجم التحديات التي يعيشها الأفراد، فعلى سبيل المثال، أثناء أزمة انفجار مرفأ بيروت في العام 2020 قمت بزيارة لبنان لتقديم الدعم لبعض الجمعيات".

وفي العام الماضي، حصل تنسيق بين مونتريال برايد وجمعية "حلم مونتريال" التي تُعنى بشؤون مجتمع الميم-عين في لبنان، بالإضافة إلى التعاون السابق مع بيروت برايد ومع جمعيات أخرى: "نفكر ملياً بإكمال هذا التعاون، ونسعى جاهدين لتسليط الضوء على هذه الجمعيات وعلى معاناتها والتحديات التي تواجهها، ونحاول أن نخبر العالم بذلك".

ويعرب حمندي عن أسفه بأن هناك 71 بلداً في العالم، من ضمنها مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تتعرض فيها مجتمعات الميم-عين للقتل والاضطهاد والخوف، ما يدفع بعض الأشخاص لوضع حدّ لحياتهم بسبب عدم قدرتهم على الإفصاح عن هويتهم الجنسية: "أبعث لأفراد مجتمع الميم-عين موجة فخر، وأقول لهم: كونوا فخورين بأنفسكم ولا تخافوا، فسوف يأتي الوقت الذي تكتشفون فيه ذاتكم الحقيقية وتتقبلونها، كما أن الأشخاص الذين يحبونكم ويدعمونكم سيبقون معكم كيفما كنتم".

ويكمل حمندي: "المجتمعات الغربية قطعت شوطاً طويلاً في مجال حقوق مجتمعات الميم-عين، لكنها احتاجت لردح من الزمن حتى أصبحت على ما هي عليه اليوم، في مسيرة امتدت لأكثر من 50 عام، كذلك قد يتطلب الأمر في الشرق الأوسط وشمال مزيداً من النضال والكفاح والوقت".

ويعلن رئيس مونتريال برايد عن استعداده للتعاون مع الجميع من أجل المساهمة في نهضة مجتمع الميم-عين: "أنا مستعد لمد يد العون لأي بلد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومستعد أن أشارك بأي مشروع من شأنه أن يساعد في تقدم مجتمعات المنطقة في هذا الموضوع بالذات".


العقبات والتحديات

لم تكن طريق مو حمندي مفروشة بالورود، كما يؤكد في حواره مع رصيف22: "خلال عملي مع مونتريال برايد واجهتنا مسؤوليات كبيرة تجاه مجتمع الميم-عين لا سيما عند تفشي وباء كورونا، فكان هناك الكثير من الأمور التي توجب علينا إصلاحها على المستويين المحلي والعالمي".

ويشير حمندي إلى التحدي الذي واجهه على المستوى الشخصي، عندما وقع انفجار مرفأ بيروت: "ترك المشهد في داخلي أثراً بالغاً، فأعطيت جاهداً من وقتي وحياتي اليومية لخدمة مجتمعات وجمعيات الميم-عين، إذ لا يمكنني أن أخذل ثقة الناس بي".

"أبعث لأفراد مجتمع الميم-عين موجة فخر، وأقول لهم: كونوا فخورين بأنفسكم ولا تخافوا، فسوف يأتي الوقت الذي تكتشفون فيه ذاتكم الحقيقية وتتقبلونها، كما أن الأشخاص الذين يحبونكم ويدعمونكم سيبقون معكم كيفما كنتم"

كما واجه حمندي تحدي صغر السن كرئيس لمونتريال برايد: "انضممت لمونتريال برايد كنائب للرئيس بعمر الـ 30، الأمر الذي دفع بعضهم للاعتقاد بأنني لست أهلاً للمنصب بحكم صغر سني وتجربتي، لكنني أثبت عكس ذلك"، ويتابع بالقول: "كان هناك نوع من التحدي بالنسبة لي، كوني شخصاً عربياً ينحدر من الشرق الأوسط، وقد تكون لدي انحيازات غير واعية، لكن ذلك لم يحصل وأيقنت أنه بإمكان المرء، وبصرف النظر عن أصوله، أن يتقلد أي منصب إذا كان مؤهلاً لنيله".


أحلام وطموحات

يفصح حمندي عن أحلامه وطموحاته، فيقول: "هي كثيرة وكبيرة، لكنني أحلم أن يكون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عاصمة لحقوق الإنسان، كما أود أن أعود يوماً ما إلى لبنان وأعمل هناك على الكثير من القضايا، وأن أقدم لمجتمعي ما تعلمته في كندا".

ويحلم مو أن يتوقف قتل واضطهاد الناس بسبب اختلافهم ويدعو إلى التأسيس للسلام والعدالة والمساواة والمحبة والتقبل، مركزاً على مجموعة من الأمور التي يراها من المُسلَّمات لنيل الحريات: "البشر بطبيعتهم مجبولون على كم هائل من الانحيازات غير الواعية التي يجب التخلص منها".

وفي ختام حديثه، يشدد مو حمندي على أهمية التنوع وتقبل الآخر: "علينا تقبل الآخر كما هو، بصرف النظر عن جنسه أو ميوله الجنسية والجنسانية أو عرقه أو لونه أو قوميته أو معتقده أو جذوره، وأن نؤمن بأننا خُلقنا بكل جمال ومحبة بصرف النظر عن اختلافاتنا، وأن نحتفي ونفتخر بكل شخص من مجتمع الميم-عين، حينها يمكننا أن ننظم محافل كمونتريال برايد في الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا". 

هذا المشروع بالتعاون مع Outright Action International. 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

المجاهرة العنيدة بأفكارنا

ظننا يوماً أنّ تشبثنا بآرائنا في وجه كلّ من ينبذنا، هو الطريق الأقوم لطرد شبح الخوف من الاختلاف.

لكن سرعان ما اتّضح لنا أنّ الصراخ بأعلى صوتٍ قد يبني حواجز بيننا وبين الآخرين، وبتنا نعي أنّ الظفر بالنجاح في أيّ نقاشٍ والسموّ في الحوار، لا يتحقّقان إلا بفهمٍ عميق للناس الذين ينفرون منّا، وملاقاتهم حيث هم الآن.

Website by WhiteBeard