شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
كتابة الألم... اليوميات والمرض

كتابة الألم... اليوميات والمرض

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 1 يونيو 202212:00 م

ترتبط تيمة الموت في اليوميات بثيمات فرعية كثيرة منها الحب ومنها المرض ولا يمكن الفصل بينها إلا فصلا منهجيا للتركيز على واحدة منها. استحوذ المرض المميت وغير المميت باعتباره تجربة فارقة في حياة كتّاب اليوميات، على عدد مهم من المدونة العالمية عبر تاريخ اليوميات. ويعتبر المرض كما الموت ضمن ما يسمى بالمسكوت عنه باعتباره أمرا حميميا وسريا في الغالب، غير أن بعض الكتّاب اعترفوا به فنقلوا لنا عوالمه وآثاره عليهم ضمن مبدأ الاعتراف في الكتابة عن الذات.

وقد تنوّعت عملية تسجيل تجربة المرض بين مرض الكاتب نفسه أو مرض شخص حميم وفي كلتا الحالتين نجد أنفسنا أمام هذه المعايشة للمرض. نحاول في هذا القسم تقصي ضروب هذا الاعتراف وأشكال تسجيله من خلال نماذج من مدونة اليوميات العالمية.

أمراض الكتّاب؛ الأنواع والتشخيص

تعرفنا المدوّنة على تجارب مرضيّة عاشها الكتّاب أدّى بعضها بهم إلى الموت وتعايش البعض الآخر مع تلك الأمراض سنينا. وقد أثبت الكتّاب تشخيصات لمرضهم في أكثر من عمل. فجيمس بوزويل مصاب باضطراب ثنائي القطب الوراثي  ذهب بأخيه ولكنه اعترف فقط في يومياته بتعدد اصابته بأمراض جنسية  نتيجة حياة البوهيمية واصطياده لبائعات الهوى من الأرصفة وارتياده المواخير، أما غسان كنفاني فيصف لنا  في يومياته مرضه  بالسكري وارتهانه لحقنة الأنسولين، وفي المقابل تعيش  أنييس نن تجربة التحليل النفسي مع صديقها المحلل النفسي، ويروي لنا  فرانز كافكا عذاباته مع  مرض السلّ،  كما يروي لنا  الشابي  قصته مع  مرض القلب، أما محمد خير الدين فيخصص كل يومياته لمعاناته مع مرض السرطان، بينما ظل أندريه جيد يشكو من الصداع النصفي الذي يفتك به على طول يومياته،  وكانت فريدا كاهلو تروي آلامها  من الكسور الناجمة عن الحوادث والمرض وعدم قدرتها على الانجاب عبر الرسم  والتدوين في يومياتها الفنية.  وعليه فإن الأمراض التي عانى منها كتّاب اليوميات بعضها عضوي وبعضها نفسي. ووفقا لتلك الآلام يأتي الخطاب اليومياتي بين الوصف، والشكوى، والمناجاة، والاستغاثة.

ولأن الحميمية كما يقول بيار باشي هي " التي تجذب كاتب اليوميات والتي تجعله يكتب كل يوم هي أيضًا هذا الخيط الأحمر الذي ينسجه في أعماق كتاباته، والذي يوحد صفحاته بينها. كلمة "حميمي"، كما نعلم، تأتي من الكلمة اللاتينية intimus، وهي صيغة تفضيلية تتوافق مع الباطن المقارن: بعبارة أخرى، ما هو حميمي هو ما هو أعمق، وما هو داخلي أكثر من الداخل نفسه"، فإن كتابة الألم هي كتابة الحميمي وكتابة ما بعد الداخل.

يعتبر المرض كما الموت، ضمن ما يسمى بالمسكوت عنه باعتباره أمراً حميمياً وسرياً في الغالب غير أن بعض الكتّاب اعترفوا به فنقلوا لنا عوالمه

كتابة الألم عند كتّاب اليوميات

يعرّف العالم الأنثروبولوجي الفرنسي دافيد لوبْروتون، الألم في علاقته بالجسد قائلا:" يمزج الألم بين الإدراك والعاطفة، أي بين الدلالة والقيمة. ليس الجسد هو من يتألم، وإنما الفرد في معنى حياته وقيمتها. ألم المريض هو أوار العذاب، والهاوية التي تبتلع طاقته كلها ولا تترك له شيئا للحياة اليومية. وباعتبار الألم ضغطا وتحطيما في صلب حس الهوية، فإنه حين يكون مرتبطا بالإصابة بالمرض أو برواسب حادثة ما، يقطع الأواصر التي تربط الشخص بالأنشطة العائلية، ويجعل العلاقة مع المقربين عسيرة، ويحبط الرغبة في الحياة أو يقلل منها. إنه عذاب يحمد نشاط الفكر وممارسة الحياة." 

ومن ثم فإن الوعي بالجسد هو مبعث الألم وليس الجسد نفسه، أي الذات هي التي تتألم وتستغيث وتقاوم. ولذلك يضرب الألم الروح من وراء تلك الاضطرابات التي تحدث للجسد مهما كان حجمها، لأن وقعها على النفس يتشكل وفق درجة الوعي بها. وهذا ما يؤكده الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني عندما يصف في يومية 14 جانفي 1960 وقع وخز ابرة الأنسولين عليه:

إنني مريض، نصف حيّ يكافح من أجل أن يتمتع بهذا النصف كما يتمتع كل إنسان بحياته كاملة[...] دفعني لأكتب هذا الكلام... جرح سبّبته الحقنة اليومية هذا الصباح.. وأعتقد أنه مازال ينزف إلى الآن... لو قلت لإنسان ما إنني أتألم منه لأعتبره شيئا يشبه النكتة الطريفة... ويردّدها على هذا الأساس متسائلا" كيف يستطيع إنسان أن يجرح نفسه؟ لا شك أنها تجربة طريفة" أو أنه على أحسن الاحتمالات سوف يقول:" إنه يتألّم" ويغيّر الموضوع... أما بالنسبة لي فهي تعني، وشوف تبقى تعني كل يوم، أنني أريق جزءا من احتمالي، وإنسانيتي وسعادتي من أجل أن أعيش... وإنه لثمن باهظ حتما. أن يشتري الإنسان حياته يوميا بالألم... والقرف...والنكتة... إنه لثمن باهظ بلا شك..... أن يشتري حياته اليومية بموت يومي...

في هذه اليومية النموذجية يقدّم غسان كنفاني تجربة الألم كتجربة ذاتية لا يمكن إدراكها بالملاحظة، بل ستبدو تجربة تافهة للآخر الذي يتابعها من الخارج لأنها تجربة حميمة وداخلية، ثم يبين الكاتب أن وقع هذه التجربة يصبح أشد باعتبارها تجربة متكررة ويومية فهي شكل من أشكال العذاب والتعذيب المتواتر من أجل البقاء على قيد الحياة. هكذا، ينهض الجسد عند كاتب اليوميات من موقعه كجسد موضوعي أو جسد التشريح ليصبح "الجسد الخاص" بتجربته الخاصة وبإدراكه الخاص لذاته باعتباره جسد الكاتب دون غيره. إنه يكف أن يكون جسدا، بل يصبح ذاتا والعالم امتداد له بالمفهوم الميرلوبنتي للجسد.

إن جسد كاتب اليوميات هو جسد طقوسي، جسد جالس في هيئة، جسد سجين يجلس يوميا ليسجل، جسد مكره على انتاج المعنى من اليومي والسطحي أحيانا، إنه جسد عامل ومتورّط وهو بذلك يحتاج إلى طاقة ليمارس فعل الوجود، واصابته أو مرضه تجعله في مأزقين؛ مأزق الاعتراف من جهة ومأزق القدرة على ممارسة ذلك الاعتراف. وهذه الأمراض التي يعاني منها كتّاب اليوميات عموما كما تظهر في مدونتهم تضرب بنية الجسد نفسه ظاهريا، إن كان الأمر مع السكري عند كنفاني أو السل عند كافكا أو القلب عند الشابي أو السرطان عند خيرالدين أو شلل الأطفال والكسور في العمود الفقري عند كاهلو.  

كان أبو القاسم الشابي يقضي أغلب شهور السنة هائما على وجهه بعيدا عن البيت العائلي بتوصية من الطبيب الذي نصحه بالعيش في المناطق ذات المناخ المعتدل وهو الجريدي الصحراوي ابن الجنوب فشكل المرض تيهه التراجيدي الخاص. كان مرض القلب، مرضا طاردا له من الفضاء الرحمي "الجريد" ومن فراش الزوجية نفسه الذي دخله مرغما.  أحدث كل ذلك شرخا في روح أبي القاسم الشابي وغربة عمّقت الاغتراب الذي كان يعيشه بين شعبه وبين النخبة التونسية وقتها والتي لم تتقبل أفكاره فانعكف على الكتابة الحميمية؛ رسائل ويوميات لتضميد تلك الجراح المختلفة التي تنزف طوال الوقت من فقدان الفضاء الرحمي. 

يصف غسان كنفاني في يومية 14 كانون الثاني 1960 وقع وخز إبرة الأنسولين عليه: "إنني مريض، نصف حيّ يكافح من أجل أن يتمتع بهذا النصف كما يتمتع كل إنسان بحياته كاملة[...] دفعني لأكتب هذا الكلام... جرح سبّبته الحقنة اليومية هذا الصباح... وأعتقد أنه مازال ينزف إلى الآن"

يسجل الشابي  في يومية 7جانفي 1930 :

أشعر أني غريب في هذا الوجود، وأنني ما أزداد يوما في هذا العالم إلا وأزداد غربة بين أبناء الحياة وشعورا بمعاني هاته الغربة الأليمة.[...] يئست، إنني طائر غريب بين قوم لا يفهمون كلمة واحدة من لغة نفسه الجميلة، ولا يفقهون صورة واحدة من صور الحياة الكثيرة التي تتدفق بها موسيقى الوجود في أناشيده، الآن أيقنت أنني بلبل سماوي قذفت به اليد الألوهية  في جحيم الحياة، فهو يبكي وينتحب بين أنصاب جامدة لا تدرك أشواق روحه، ولا تسمع أنات قلبه الغريب، وتلك هي مأساة قلبي الدامية...

لقد أغرق الشابي، في هذه اليومية، اللحظةَ في معجم الأوجاع والجراج ليصف آلامه الخاصة وغربته الكبيرة لينتهي إلى ما يشبه الوعي بأن لعنة جعلته يعيش تجربة العذاب هذه بين البشر فيلوذ بالطيور ليشبه نفسه بها متنصلا من قوم باتت بينه وبينهم غربة وعجمة لا يفهمون منه شيئا لا كلاما ولا غناء.

كان أبو القاسم الشابي يقضي أغلب شهور السنة هائماً على وجهه بعيداً عن البيت العائلي، بتوصية من الطبيب الذي نصحه بالعيش في المناطق ذات المناخ المعتدل، وهو الجريدي الصحراوي ابن الجنوب، فشكل المرض تيهه التراجيدي الخاص

تقول بياتريس ديدياي في مؤلفها "اليوميات الحميمة":" كاتب اليوميات هو رجل الوحدة، إنّه يبحث عنها في الطبيعة، وحتى في قلب المجتمع."  واليوميات عندها " هي الفضاء الذي تُكتب فيه الوحدة، لا بصفتها شعورا بالنّقص، إنما بما هي ملجأ" وهذا ما نرصده عند أبي القاسم الشابي الشاعر الرومنطيقي الذي يؤكد نثره، ويومياته تحديدا، توجّهه الجمالي والشعري. كيومية 4 جانفي 1930 التي خصصها لنزهة في البرية والتي كشف حسه المرهف تجاه عناصر الطبيعة وحرصه على عدم الحاق الأذى بها خاصة عند حديثه عن الأزهار، تلك الأزهار التي يراها المرادف للحياة الهشة:

"ألست أرى تيار الحياة يتسلسل في أعماقها على مهل، وأراها ترمق الأفق الجميل؟

ألست أراها ترتعش بين أحضان النسيم ارتعاشة الغانية على صدر عاشقها السعيد؟

ألست أرى وريقاتها الصغيرة تتحرك حركة من يهمّ بالكلام، كأنما تحاول أن ترتّل أغنية الحب والجمال؟

بلى! فكيف إذًا تطاوعني نفسي على أن أقتطفها فتذوي وتموت. وأرى بعيني رفيف الحياة يغيض في أوراقها، وسحر الشباب يتلاشى من ثغرها الجميل، ووريقاتها الصغيرة الفاتنةَ تتناثر مضمحلَّةً في أكف الرياح.

أجل! فقد أرى أنني أقترف جريمة تألم لها نفسي باقتطافي وردة يانعة، وأحسب أنني قتلت نفسا بريئة، وأزهقت روحا طاهرة، وقضيت على آمال فتيَّة تحلم بفجر الربيع"!

حتى أن الشابي يرفع تلك الزهرة إلى مستوى الإنسان فيقول في ذات اليومية:

"فقد كنت أحس بروح علويَّة تجعلني أحس بوحدة الحياة في هذا الوجود، وأشعر بأننا في هذه الدنيا، سواء في ذلك الزهرة الناضرة، أو الموجة الزاخرة، أو الغادة اللعوب، لسنا سوى آلات وترية تحرّكها يد واحدة، فتُحدث ُ أنغاما مختلفة الرنَّات، لكنها متَّحدة المعاني، أو بعبارة أخرى أنَّنا وحدة عالمية تجيش بأمواج الحياة وإن اختلفت فينا قوالب هذا الوجود. وذلك هو ما كان يجعلني أعطف على الزهرة الناضرة عطف الإنسان على الإنسان".

إن الزهرة التي يواجهها الشابي في يوميته هي ذاته المنعكسة في الطبيعة، تلك الذات الجميلة التي تواجه بهشاشتها رعب وقسوة الواقع.

لم يكن الشابي يسترسل في يومياته إلا وهو يتحدث عن الطبيعة وللطبيعة ذلك الفضاء الرحمي الذي يريد العودة إليه فتصير الكتابة ممكنة والتعبير عن الذات وحقائق مشاعرها ورؤيتها لنفسها وللآخر وللعالم واضحة كل الوضوح لأن تلك النظرة نفسها هي سبب غربته واغترابه بين شعبه والتي أشار إليها مرات في يومياته.

بينما كان كافكا يشير إلى سجنه جرّاء المرض وعجزه عن مغادرة السرير وعدم قدرته على الكتابة بسبب الآلام.

يسجل الشابي في يومية 7 كانون الثاني 1930: "أشعر أني غريب في هذا الوجود، وأنني ما أزداد يوماً في هذا العالم إلا وأزداد غربة بين أبناء الحياة وشعوراً بمعاني هاته الغربة الأليمة. يئست، إنني طائر غريب بين قوم لا يفهمون كلمة واحدة من لغة نفسه الجميلة، ولا يفقهون صورة واحدة من صور الحياة الكثيرة التي تتدفق بها موسيقى الوجود في أناشيده"

يقول في يومية 24 تشرين الثاني: " درجة الحرارة مساء هي على الدوام: 6/،37، 7، 37، أجلس إلى الطاولة دون أي نتيجة على الإطلاق، لا شيء يكاد يحدث حتى في الشارع، التظاهر رغم ذلك بعدم الشكوى من المرض".

ويتوقف الكاتب عن تسجيل شيء في يومياته حتى يوم 8 من كانون الأول:

"أمضي الوقت بكامله في السرير، أمس كان الوضع: "إما/ أو".

ثم يتوقف من جديد ليترك بياضا بأيام طويلة ويعود للتسجيل يوم 12 حزيران " الأوقات المرعبة في الآونة الأخيرة غدت لا تحصى، وتمر من غير انقطاع تقريبا. التمشي. ليال. أيام. لم أعد قادرا على شيء سوى تحمل الآلام".

إن الألم عند كافكا يعود إلى أزمة الوجود الذي لم يعد قادرا على اثباته إلا عبر الكتابة. لذلك يشير في يوميته ليوم 24 تشرين الثاني إلى الشارع الذي لا يحدث فيه شيء. هذا يعني أنه لم يبق له من طريقة للاتصال بالعالم واليومي لتسجيله وهو في سريره إلا عبر النافذة. هذا الوضع البروستي [نسبة إلى مرسيل بروست] هو الذي حوّل حياة كافكا إلى كابوس يتأكد في يوميته الأخيرة المنشورة بتاريخ 12 حزيران عندما تبدو الكتابة التي شبهها بالسلاح مستحيلة وفقدان السلاح في حربه ضد الوجود وضد المرض يعني الاستسلام والاعتراف بالهزيمة. بل يذهب كافكا بالكلمة الصعبة نحو السلاح المرتد كلما استعملناه آلمنا وأصابنا، يقول وهو ينهي رحلة تسجيل اليوميات:

الخوف المتزايد عند الكتابة ذلك أمر مفهوم؛ فكل كلمة تتحول في أيدي الأرواح، إن اهتزاز اليد هي الحركة المميزة لها، تتحول إلى رمح ينطلق صوب المتكلم. وعلى وجه الخصوص صوب ملاحظة هذه، على نحو لا ينتهي. أما العزاء فهو: أن ذلك يحدث شئت أم أبيت، أما ما تريده فلا يساعدك إلا على نحو ضئيل. وأكثر من العزاء هو: أنك تمتلك سلاحا أيضا.

في المقابل، خاض الكاتب المغربي محمد خيرالدين تجربة قاسية مع الألم سجلها في يومياته " يوميات سرير الموت"، شهرا كاملا من الآلام الفظيعة بسبب مرض السرطان الذي تسبب فيه خطأ طبي لاقتلاع ضرس فمسّ الجرّاح الفك السفلي الذي تورّم وأدى بالكاتب إلى ملازمة المستشفى مدة شهر أوت 1995 قبل أن يموت على سريره بعد معاناة كبيرة سجّلها في هذه اليوميات التي نشرت بعد موته. يقول واصفا حالته في يومية:

خاض الكاتب المغربي محمد خيرالدين تجربة قاسية مع آلام فظيعة بسبب مرض السرطان، يقول واصفاً حالته في يومية: "صرت عاجزاً عن تناول شيء من الطعام، نقص وزني، وهزلت في لمح البصر. أقضي سواد يومي رهين السرير، مضطجعاً على جنبي الأيسر المريض، إذ لم يعد في مقدوري أن أتخذ لي وضعية سواها.  انقطعت عن الخروج. واشتد توتري، حتى صرت أحنق لأتفه الأسباب"

صرت عاجزا عن تناول شيء من الطعام، إلا أن يكون سائلا خفيفا، نقص وزني، وهزلت في لمح البصر. أقضي سواد يومي رهين السرير، مضطجعا على جنبي الأيسر المريض، إذ لم يعد في مقدوري أن أتخذ لي وضعية سواها.  انقطعت عن الخروج. واشتد توتري، حتى صرت أحنق لأتفه الأسباب. بحَحْتُ ولا أزال فاقد الصوت حتى كتابة هذه السطور.

إن حالة التثبيت هذه التي ارتهن لها الجسد هي التي جعلته يخرج عن طوره ويصبح غاضبا ومتوترا وينتج الإحساس القوي بذلك الألم الذي يتشكّل حوله تدريجيا مثل قضبان السجن ليسرق حتى صوته. فحالة التثبيت القسري كما الوحدة تجعلنا نشعر أكثر بالألم لأن حواسنا كلها ستجنّد للإصغاء لذلك الألم الذي لا يمكن التخلّص منه إلا عبر الحركة وعبر اللامبالاة بإنتاج الأعمال وعبر الزحام والصخب. هنا مع محمد خيرالدين تصبح الكتابة نفسها عاجزة عن تغييب الألم أو تجاهله، بل تذكّر به فيتمنى الكاتب أن يفرّ من الجسد نفسه لكي يظفر بلحظات خارج الألم. يقول:

ها أنذا طريح الفراش، يتنازعني عالمان غامضان مشوشان، هزيل. أمنيتي الوحيدة أن أنعم، بعد لأي، بالهدوء، ولا آلمُ من شيء. أخرج من هذا الجسد المؤلم.  وأتنفس الصعداء، ولو هنيهة.  لم يتسنّ لي الخروج إلا مرات ثلاث. وفي ثلاث مرات أخرى متوالية أغمي علي، وغبت عن الوعي. صرت في حالة من الإعياء أنني لا أحس في كياني كله بغير ألم واخز ممض.

أراد محمد خير الدين عبر هذا الإحساس أن يغادر جسده الذي خانه ولم يعد قادرا على السيطرة عليه ولا يريد أن يعرّضه لعين الآخرين أي لا يريد أن يعْرِضه كي لا يتسبب له من جرائه إهانة واذلالا. صار الخارج جحيما مقابلا لجحيم الداخل واستوى الليل بالنهار حتى قرن يومه في ذات اليومية بالسواد.

لم يكن للكاتب من مهرب إلا الكتابة بوصفها سلاح مقاومة عندما يهاجمه الألم. يسجل في 13 أغسطس الساعة 12.25:" ألا ما أقساه على من حال. الألم يهاجمني دون إنذار، لا يدفعه عني ما ابتلع من مضادات الالتهاب. ماذا تراني كنت أفعل لو لم أكن أكتب. هنا لا أحتاج إلا إلى قلمي ودفتر، أهزم بهما المرض".

ويضيف: شخص آخر، ولو كان من ممارسي اليوغا.  ما كان ليستطيع مقاومة الأفكار السوداء التي تكتسحه اكتساحا. فالمرء لا يكاد يرى، في هذه الظروف، إلا صورة واحدة. صورة طريح الفراش. ومع ذلك فأنا أتحرك. أمشي وأجيء. بالرغم من أني ما عدت سوى جلد مهلهل على عظم. جلست، قبل أيام، لأرقن على الآلة. شعرت بألم. ليس بعجيزتي فقد ضمرت، حتى ما عاد لها وجود. وإنما في عظام الحوض.

يكتب هذا الوضع الجسماني الذي أصبح فيه بفعل المرض بشيء من السخرية ويضحك من نفسه وهو يتذكّر الواقعة، لكنه يظل متمسكا بالكتابة حبل نجاة.

الجسد المصاب والمبتور

تخوض الشاعرة الكندية الراحلة ماري أوغاي كتابة اليوميات وتسجل فيها تجربتها مع مرض سرطان العظام الذي تسبب في بتر ساقها وهي طالبة قبل أن ينهي حياتها بالكامل وهي في سن السادسة والعشرين. غطت اليوميات حياتها بين سنة 1977و 1981 وضمت مقاطع سردية نثرية وقصائد واقتباسات ومقتطفات من رسائلها وأفكار ومخططات لمشاريع أدبية. نقلت لنا الكاتبة، في هذه اليوميات التي نشرت سنة 1985بعد وفاتها معركتها الملحمية مع الألم والكتابة والحب.

تنطلق ماري في تدوين يومياتها من لحظة فارقة جسديا وعاطفيا فهي تعيش قصة حب من طرف واحد تجاه طبيبها بول ومن ناحية ثانية تعيش خيبة صحية بعد اكتشافها لمرضها فهي تحت ما سمته الباحثة أريان باسات ب"الحاجة الملحة للقول".

   تبدو الكتابة عمل شاق لفتاة تموت كل لحظة بسبب المرض والألم في واقع يتهاوى من حولها يوما بيوم حتى برموزه الوجودية المناضلة ضد الموت والسلطة والمؤسسة. وصلها خبر موت سارتر فكتبت متحدّثة عن مرضها واقتراب الموت وفظاعة الألم:

"موت سارتر، هذه الفجوة الهائلة، هذا الصمت. أكتب حتى لا أقع في الجنون واليأس. نفس. أود أن أكون متواضعاً ومتمردًا، وأذهب بعيدًا دون أن يعلم أحد، حيث توقفت عيون حبي إلى الأبد. كل صفحة مطويّة مجمدة بالرهبة، مرآتي، قرينتي. لن يتغير شيء. لكن كل شيء سيستمر في الوحل المحتوم. المزيد والمزيد من الاختزال لهذه الكلمة: مريض / مريض. المزيد والمزيد من الاتصال بحبي: دكتور. إن ترتيب الأشياء المضحكة أكثر فأكثر يسمى التّعب، والكفاح، والنسيان، والوجبات الدسمة التي يتم تناولها في صحبة جيدة أو الغثيان في غرفة مظلمة صغيرة، وحدها. أعرف مقدمًا ما تخبئه لنا الحياة.

تَحرّك بأقل قدر ممكن، لا تُحرّك الهواء، انظر إلى هذا الجسد المشوّه، اعترف بذلك. حل وسط المعاناة والملل للتشبث بالمتعة الوحيدة لعطر غامض، شهرة غامضة. لا أحد يقول الأشياء المهمة، ولا أحد يخفف ثقل الرغبة. انضممت أنا الأخرى، أيضا، إلى الطابور. ليس عليّ أن أموت، فأنا على وشك الموت بالفعل. كل ما تبقّى لدي هو الألم الجسدي، وهو باستمرار السكين في الجرح.

إن الجسد المبتور هنا، مع ماري أوغاي هو جسد نازف طوال الوقت وهو عكس الجسد المترهّل الذي أدركته الشيخوخة والذي يتقاعد تدريجيا ليموت هو جسد مغدور ومصاب. لذلك الألم الذي يشعر به يصبح منتجا للجرح نفسه وهو الذي يجعله يستمر عبر وعي الجسد الخاص بذلك الألم باعتباره جرسا دائما للموت المبكّر.

إن هذا الجسد المصاب يفقد علاقته بالعالم والآخرين باعتباره جسدا اجتماعيا لأنه يفقد أحد عناصر هويته باعتباره جسر عبور بين الذات والعالم. وتنشأ هذه العلاقة عبر الحواس بينما تقطع عملية البتر تلك الروابط وتشوشها أو تجعلها تبرد كملامسة الأرض بساق اصطناعية عند الشاعرة. أنها تكف عن أن تكون علاقة حميمية لتصبح علاقة صناعية؛ ساق اصطناعية على الأرض. وينعكس ذلك كله على الكتابة كهدف رئيسي لوجود الكاتب.

يرى ديفيد لوبرتون في كتابه " أنثروبولوجيا الجسد والحداثة" الجسد الغربي جسدًا منذورًا للصمت وهو "لا يشف، بشكل حقيقي، إلى وعي الانسان الغربي إلا في لحظات الأزمة والإفراط فقط: لحظات الألم والتعب والجراح والاستحالة البدنية في انجاز ذلك العمل أو ذاك، أو في لحظات العاطفة، والنشاط الجنسي أو اللذة أيضا، أو، بالنسبة للمرأة، أثناء الحمل أو الدورات الشهرية".

إن الجسد المبتور أو المعطّل هو جسد ملاحق بالعين، مثبّت في مرمى البصر، جسد مُتجسّس عليه، مُخترق طوال الوقت لاختلافه وكسره للجسد العادي والمتداول. إن جسد الشاعرة ماري أوغاي، كما جسد الرسامة فريدا كاهلو أو جسد الصحافي جون دومينيك بوبي أو جسد عالم الفيزياء ستيفن هوكينج، جسد غريب وينتهك باختلافه وغرابته النمطي، إنه جسد متمرّد على أدبياته وعلى صورة الجسد في المخيال العام لأنه يستمر في الوجود بالرغم من أنه لا يعمل وفق القوانين المتواضعة على أدوار ومهام عناصره. وهذا الوضع يجعله في موضع حرج لأنه كف كما يقول لوبروتون على أن يحدث "إشارات المطابقة البدنية للآخر" وصار جسدا موصوما كما هو الحال مع الجسد المعوق أو جسد المسنّ أو جسد المجنون أو مريض السيدا أو السرطان. أو جسد المنغولي أو الأعمى..

يرتبك الفضاء العام؛ فضاء الحشود النمطيين والنموذجيين للجسد المتداول، بمجرد ظهور الجسد المختلف ف"الإنسان الذي لديه إعاقة حركية أو حسية يثير، بمجرد حضوره، إحراجا وحيرة في التفاعل معه، إن الديالكتيك المائع للكلام أو للجسد يتقلّص فجأة، ويصطدم بالكثافة الحقيقة أو المتصوّرة لجسد الآخر ويولّد التساؤل حول ما ينبغي، أم لا، فعله معه أو قوله معه" وثم يُفتقد الانعكاس ونسقط في الغرابة بعد أن "تحطّمت المرآة ولم تُعد تعيد إلا صورة مقطّعة".

والجسد في وضع الكتابة، وكتابة اليوميات تحديدا، هو جسد في وضع الثبات لا الحركة وفي وضع السرّية والحجب. إنه جسد محشور في الركن وحيدا، وجسد ماري أوغاي كان أيضا جسدا متألّما، جسدًا ضاجًا بالألم بدل الحركة مثله مثل جسد فريدا كاهلو؛ جسد متألّم يواجه اكراهات الصمت عبر استنطاق اليومي والسيطرة عليه عبر فلسفة الألم نفسه.

فلسفة المرض

يتّخذ بعض كتاب اليوميات المرض كغنيمة، فهو محفّز لاكتشاف الذات وسبر أغوارها وهو فرصة للتوغل داخل القدرات غير المعلنة للذات وللجسد، وسبق لأندريه جيد أن توقف في يومياته ضمن خانة التأملات عند هذه المسألة بالذات في حديثه عن مرض الكتاب مشيرا إلى باسكال ونيتشه، يكتب:

"يقترح المرض على الإنسان قلقًا جديدًا، المقصود أن نشرعه. فقيمة روسو، وكذلك نيتشه، تأتي من هنا. من دون مرضه لم يكن روسو، سيصبح سوى خطابي" غير محتمل، على طريقة سيسيرون. هذا القلق الذي يوفره المرض للإنسان عامة هو الذي يجدّده ويعطي لرؤيته للعالم قيمة ف"لا شيء ننتظره من الراضين" ويحليه من ملاحظاته إلى باسكال "من أجل حسن استخدام الأمراض".

إن فكرة الشك والقلق فكرة فلسفية أصيلة رافقت تاريخ الفلسفة وتصدرته مع فلسفة ديكارت ونيتشه ومع تيار الوجودية وخاصة مع سارتر وكييركجارد ومفهومي البراءة والالتباس خاصة في نقده للتحليل النفسي ف" القلق..عزيمة للعقل الحالم، والحق أن لهذا العنوان مكانا متميزا في علم النفس، فالليلة السابقة تطرح هذا الاختلاف بين نفسي، وبين هذا الآخر الذي يسكنني، بينما يقوم النوم بتعطيله وإيقافه، في حين أن الحلم يقترحه كموجة معدومة.. ومن هذا المنطلق فحقيقة العقل تتبدى دوما كوجه يختبر إمكانه، لكنها تختفي فور رغبتنا في الإمساك بها، وذلك بوصفها لا شيئا ليس يريد إلا أن يقلقنا، إنه لامتياز بما أنه ليست لها القدرة إلا على أن تظهر لنفسها".

إن القلق هنا شرط للوجود وكوجيتو للإبداع أيضا كما يقول أندريه جيد والقلق يدفع بالكاتب إلى أن يضع حياته موضع خطر ليكتشفها، ومغامرة الاكتشاف هذه قد تكون الكتابة نفسها عبر مواجهة المرآة؛ تلك المرآة غير البريئة ولا العاشقة إنها المرآة المؤذية خاصة في حالة المرض. إن الذات ستواجه نفسها في هشاشتها وعندما فقدت ميكانزمات دفاعها التي اكتسبتها عبر تلك الصلات التي ربطتها بالآخر والعالم. تواجه الذات نفسها وقد صارت في وحدة وصارت منبوذة وموصومة وعاجزة أحيانا على تدبير شؤونها البسيطة والضرورية.

سوزان سونتاج  والمرض

تعد الناقدة وكاتبة اليوميات  الأمريكية سوزان سونتاج واحدة من أهم الكتاب الذين اهتموا بموضوعة المرض وربطوه بالكتابة الأدبية وعوالمها ويظل كتابها "المرض كاستعارة" كتاب عمدة في هذا المجال.

وينطلق اهتمام سوزان سونتاج بالمرض من تجربة شخصية حيث عانت من مرض سرطان الدم لمدة ربع قرن قبل أن تموت به.  وقد توغلت سونتاج بهذا الكتاب في مرضَي السل والسرطان وأقامت مقارنات كثيرة بينهما وبين ادراكهما عند الكتاب والروائيين في بناء شخصياتهم الروائية المصابة بالسل أو بالسرطان. كما تطرقت للمرضين في المخيال الشعبي والأدبي باعتبار السلّ مرض الفقراء والسرطان مرض البرجوازية. تكتب:

“غالبا ما يتصوّر السّل كمرض من أمراض الفقر والحرمان، من الملابس الرقيقة، الأجسام الهزيلة، والغرف الباردة، قليلة النظافة، وعدم ملائمة كفاية الطعام[...] على النقيض، السرطان هو مرض حياة الطبقة المتوسطة، وهو مرض مرتبط بالثراء والوفرة، الدول الغنية لديها أعلى معدّلات الإصابة بالسرطان، ويُنظر إلى ارتفاع معدل الإصابة بالمرض كنتيجة في جزء منها اتباع نظام غذائي غني بالدهون البروتينات..."

فهل هي الصدفة التي جعلت الروائي المغربي محمد خير الدين وهو تحت سطوة السرطان أثناء كتابة يومياته في أيامه الأخير يتحدث عن شهيته لأكل اللحم وحرمانه منه؟

يكتب مستذكرا زيارته إلى مراكش: أمضيت صيف 1994، في مراكش. فقد مكثت في هذه المدينة شهرين وزيادة، في ضيافة المفوّض بوفوس. كانت أياما رائعة؛ نعمت فيها بالهدوء والسكينة. نزلت في إقامة "الحمراء". فكنت أقوم بنفسي على تهييئ طعامي. أتخذه من سمك الباجو، أو الغبر، أو الجمبري، والسلاطة. أو يكون طجينا بإكليل الخروف. وفي الصباح، أذهب لتناول فطوري، قهوة سوداء وخبز بالشوكولاته في مقهى التجار.

  وظل هذا الرثاء للّحْم وأكله طوال اليوميات وإن أرجعناه إلى استحالة استعمال الأسنان بسبب الإصابة فإن قراءة هذا الولع  باللحم  في ضوء كلام سونتاج  يشرّع التساؤل  عن دور النظام الغذائي والطبقات الاجتماعية  بالأمراض التي يصاب بها الإنسان.

تقيم سانتاج مقارنة بين مرض السل ومرض السرطان في ما يخص الهزال فتكتب:

الهزالَ هو جزءٌ من مسارِ كلا المرضين فإن لخسارةِ الوزنِ بسبب السُّل مفهومٌ مختلفٌ تمامًا عن خسارةِ الوزنِ بسبب مرضِ السرطان. في مرض السُّل الشخص "يُستَهلك" يُحرق. في السرطانِ المريض "يُنْتَهك" بواسطة الخلايا الدخيلة، التي تَتَضَاعفُ، وتتسببُ في ضمورٍ، أو انسدادٍ في وظائفِ الجسم. مريضُ السرطان “يذبلُ“ أو"يَنْكَمِشُ".

تعود سونتاج إلى بعض كتاب اليوميات لتنقل لنا أيضا وصفهم للمرض فتختار أليس جيمس  شقيقة الروائي  هنري جيمس، وهي كاتبة يوميات التي تسجل في دفترها متحدثة عن السرطان: "أحجار الجرانيت غير المقدسة في ثديي..هذه كتلة حيّة، جنين  يمتلك إرادته الخاصة"

كانت سونتاج في جزء من كتابها تواجه الكتاب الذين يجملون المرض وتعتب أن السرطان لا يمكن تجميله كما فعل ثورو مع مرض السل الذي كان مصابا به عندما كتب : "الموت والمرض جميلان في كثير من الأحيان، مثل الوهج المحموم للتآكل".

تتضح فلسفة سونتاج للمرض ومعايشته في اليوميات التي حررها ابنها ديفيد ريف" كما يسخر الوعي للجسد" يوميات 1963- 1980 والذي روى في مقدمته حقيقة معاناة الناقدة من السرطان ونظام العلاج الكيمياوي ويذكر كيف دفعها الوصم الذاتي أن تكتب كتابها "المرض مجازا".

فحتى يوميتها القصيرة بتاريخ 22/08/ 1962 التي تبدو بسيطة سرعان ما تكتسب معنى فلسفيا بمجرد قراءتها. تكتب:" الألم الذي لا يعقل يعود مرة أخرى وأخرى وأخرى".   

كذلك اليوميات إذا فتحت من الصعب أن ننجو منها أو نوقفها إنها تعود  مرة أخرى وأخرى وأخرى ...فهل هي في وجه من وجوهها مرض آخر يتشكل  كنوع من الكتابة يصعب التخلص منه؟ هل هي ادمان ما؟

المراجع:

PACHET, Pierre. 1990, Les baromètres de l’âme. Naissance du journal intime, Paris: Hatier؛ دافيد لوبروتون، تجربة الألم بين التحطيم والانبعاث، ترجمة فريد الزاهي، دار توبقال، الدار البيضاء،2017؛ غسان كنفاني، اليوميات؛ Beatrice Didier, Le Journal Intime؛ أبو القاسم الشابي، المذكرات؛ كافكا ، اليوميات؛ محمد خيرالدين، يوميات سرير الموت؛ Ariane Bessette ,L’interaction du corps et de l’espace dans le Journal de Marie Uguay؛ ديفيد لوبروتون، أنثروبولوجيا الجسد والحداثة، ترجمة محمد عرب صاصيلا، منشورات مجد، بيروت ط2 1997؛ أندريه جيد، اليوميات ترجمة زبيدة القاضي[مخطوط]؛ كيركجارد: حول مفهوم القلق-ترجمة وتقديم: هادي معزوز؛ سوزان سونتاج: النظر في وجه المرض ترجمة أحمد زغلول الشيطي؛ سوزان سونتاغ، كما يُسخّر الوعي للجسد، تحرير ديفيد ريف، ترجمة عباس المفرجي.



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard