شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
يهود ليبيا في رحلة شاقة لانتزاع اعتراف رسمي بهم

يهود ليبيا في رحلة شاقة لانتزاع اعتراف رسمي بهم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 6 مارس 202203:02 م
Read in English:

Libya’s Jews.. An arduous journey towards recognition

أعادت مقابلة رئيس اتحاد يهود ليبيا، رافائيل لوزون، مع المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، في العاصمة السويسرية جنيف، الجدل من جديد حول أحقية يهود ليبيا في الاعتراف الرسمي بهويتهم، والحصول على حقوقهم السياسية كاملةً كمواطنين ليبيين، بعد عقود من الإبعاد والتجاهل، فيما يُغيّب طغيان الصراع العسكري والسياسي على المشهد العام، ملفّهم عن النقاشات.

(غسان سلامة و رفائيل لوزون - مواقع التواصل الاجتماعي)

هذا وقد بدأت معاناة اليهود في ليبيا بشكلٍ صارخٍ بالتزامن مع حرب 1948، إذ تمت مطالبتهم بالحصول على تصاريح خاصّة لإثبات هويّتهم، وأخذت حدة الاضطهاد والاستهداف تتصاعد مع هزيمة الجيش المصري وخسارته سيناء عام 1967. حينها، أصبحت الأمور لا تطاق في ليبيا، فتقدّم زعيم طائفة اليهود بطلب كتابي إلى الحكومة الليبية يطلب فيه السماح لليهود بمغادرة البلاد إلى حين هدوء الأوضاع. ولكن الأمور تدهورت لتبلغ ذروتها في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1970، حين تم إقرار يوم الانتقام (وهو يوم الاحتفال بطردهم هم والإيطاليين)، لتصبح ليبيا بلداً محرّماً على اليهود.

أعادت مقابلة رئيس اتحاد يهود ليبيا، مع المبعوث الأممي إلى ليبيا الجدل من جديد حول أحقية يهود ليبيا في الاعتراف الرسمي بهويتهم، والحصول على حقوقهم السياسية كاملةً كمواطنين ليبيين، بعد عقود من الإبعاد والتجاهل

تواصل مع الفاعلين

ومع هبوب رياح التغيير في الربيع العربي، بدأت الأحاديث تدور عن اليهود الليبيين الذين غادروها على مراحل لأسباب ودوافع مختلفة، وطفت فوق السطح فكرة "حق العودة" إلى ليبيا.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2011، قام رئيس المنظمة العالمية ليهود ليبيا، ديفيد جربي، بزيارة طرابلس قاصداً معبد دار بيشي في المدينة القديمة، لكنه فوجئ بحشد من الناس تجمعوا رافعين لافتاتٍ كُتب عليها: "لا مكان لليهود في ليبيا"، فاضطر إلى المغادرة، ليصرح بعدها بأن يهود ليبيا يطالبون بالاعتذار والتعويض، وأنه على الرغم من كل التحديات لا يزال لديهم أمل.

(ديفيد جربي - صفحات التواصل الاجتماعي)

وفي الوقت الذي تحرّكت فيه المنظمات الليبية اليهودية سعياً إلى استرداد حقوقهم المسلوبة، كان الفاعلون في المشهد السياسي الليبي يولون وجوههم شرقاً شطر إسرائيل، إذ نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية خبراً عن زيارة قام بها نجل خليفة حفتر إلى إسرائيل في الأوّل من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2021، بهدف توطيد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. لم توضّح الصحيفة أجندة الزيارة بشكل كامل، ولكنّها تحدثت عن دعم كان منتظراً في مسار الانتخابات التي كان من المزمع عقدها خلال 24 كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

"يوجد أكثر من خمسة آلاف يهودي ليبي يُراودهم حلم العودة إلى بلادهم والتمتع بحقوقهم كاملةً"

ومن جانب آخر، نشر موقع عكا الفلسطيني، نقلاً عن الإذاعة الإسرائيلية أخباراً حول لقاء جمع رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنيّة، عبد الحميد الدبيبة، مع مسؤولين إسرائيلين في عمّان بهدف تطبيع العلاقات بين البلدين.

رصيف22، تحدث إلى عطية البرقاوي، عضو هيئة اليهود الليبيين في العاصمة الإيطالية روما، الذي قال: "قابلنا أعضاءً من الحكومة الليبية من أيام فايز السراج (رئيس حكومة الوفاق سابقاً)، وعبدالحميد الدبيبة (رئيس الحكومة المؤقتة حالياً)، وخليفة حفتر (قائد الجيش الليبي). المشكلة أنه في ليبيا لا توجد حكومة صامدة يمكن أن نطلب منها حقوقنا كاملةً كليبيين".

اختتم البرقاوي حديثه معنا قائلاً: "يوجد أكثر من خمسة آلاف يهودي ليبي يُراودهم حلم العودة إلى بلادهم والتمتع بحقوقهم كاملةً".

التوقيت غير مناسب

تُثير المطالبات بفتح ملف اليهود الآن، تساؤلاتٍ جديةً عن مدى قدرة الليبيين على ذلك، خاصةً وأن البلاد لا تزال ترزح تحت وطأة الانقسام السياسي، وحتى الأمني، في ظل الفشل في إخراج المرتزقة وتوحيد المؤسسة العسكرية وغيرها.

وعلى صعيد آخر، هناك درجة من درجات الرفض الشعبي لعودة اليهود وهو ناجم عن الخلط بين الديانة اليهودية والدولة العبرية.

ففي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، استضاف برنامج "على بياض" رافائيل لوزون، رئيس اتحاد يهود ليبيا، وناقش معه مواضيع عدة من بينها بالطبع "حق العودة"، وهو ما قوبل بردود فعل حادة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ رفضت غالبية المعلقين بشكل قاطع أيّ وجود جديد لليهود داخل ليبيا، وهو ما يتّسق تماماً مع المدّ الإسلامي المتشدد في ليبيا.

النائب في البرلمان الليبي، جبريل أوحيدة، يرى أن البلاد غير مهيأة الآن لا لفتح ملف اليهود ولا ملفات غيرهم من الأقليات، سواء الدينية أو الإثنية.

ويُشدد أوحيدة في تصريح لرصيف22، على أنه "في ظل هذا الوضع الهش، أنا ضد إثارة هكذا مواضيع. عندما تستقر الدولة ويكون لها دستور وتستقر أمنياً وتتخلص من التدخلات الأجنبية، عندها لا مانع من إثارة هذا الموضوع، واختتم الرجل حديثه قائلاً: "نحن في غنى عن إثارة هذه المشكلات الآن".

تُثير المطالبات بفتح ملف اليهود الآن، تساؤلاتٍ جديةً عن مدى قدرة الليبيين على ذلك، خاصةً وأن البلاد لا تزال ترزح تحت وطأة الانقسام السياسي، وحتى الأمني

"مستعدون للمساعدة"

في مواجهة رفض حتى التطرق إلى الملف، يشدد ممثلون عن اليهود الليبيين على أنهم مستعدون للتعامل مع أي حكومة يتم انتخابها بشكل مباشر وحر من قبل الشعب الليبي. وفي تلك النقطة يقول عطية البرقاوي: "مستعدون للوقوف مع أي حكومة، شرط أن تكون منتخبةً من قبل الشعب الليبي. من الممكن أن نساعد ليبيا وليس العكس".

ما زالت المحاولات التي تقوم بها الجالية اليهودية الليبية في العالم، ذات أثر ملحوظ على الأقل على مستوى الاستماع المحلي، ولكن التأثير الحقيقي في صناعة القرار ما زال غير واضح، خصوصاً أن العمل السياسي الليبي متخبّط، ويكاد يكون منعدماً، ولربما نرى عودةً حقيقيةً بعد سنوات، ولكن في أحاديث اللحظة الأمر "تابوه" مقفل يصعب الخوض فيه.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard