شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"لو عرفت ريما بما أحلم لاستغنت عن صداقتي"… أحلام يقظة الحميمية لـ"امرأة"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

السبت 15 يناير 202201:56 م

بهذه المادة نفتتح "خارج"... مساحة جديدة من تصميم وتحرير أحمد شهاب الدين

"كنت أقف على جبل قاسيون، منتظرة زوجي المُختطَف منذ خمس سنوات، ثم مشيت قليلاً". "رأيته يقف بالقرب من إحدى العربات، ويدعوني لتناول القهوة معه، اقتربتُ، و أعطاني كأساً، نظرت بداخلها، كانت ممتلئة بالدماء".

"بحثتُ عن زوجي فلم أره، ثم ظهر مرّة أخرى، يرفع كأسي ذاته، ويقول: لا تقتربي! المكان مزروع بالألغام". تحكي أخرى: "كنتُ في رحلة لجوء خطرة، ركبنا البحر في زورق صغير، وعبرنا الغابات حتى انتهينا أخيراً إلى بولندا".

"كم منا نحن النساء المتزوجات مثل ميليا، يتخيلن صديقاتهن في علاقات حميمية ليلاً، ويخجلن من مصافحتهن نهاراً، كم منا تحلم بالعربدة العنيفة التي لا حد لها وهي بجوار زوجها صاحب الـ5 دقائق؟"

"عندما وصلتُ رأيت أمي بانتظاري، تناديني قائلة: "تعالي! انظري! هذا بيتنا الجديد، ألقِ نظرة، وعندما نظرت رأيت بيتنا المهدم ذاته في دمشق قد انتقل معنا إلى بولندا". وتحكي ثالثة: "أرى ذات المنام منذ وفاة ابني في الحرب، أرى نفسي أسير في جنازة ابني ونعشه ملفوف بشعري الطويل".

"أسمعه يقول: أمي! شعرك طويل كتير، يعطيني الدفء، لكن لا تتركيه أبيض، ثم أعود وأرى نفسي، ألوّن شعري بلون الليل، وابني خلفي ممسكاً بالفرشاة، ويصفّفه". هكذا حدثتني نسوة سوريات، بعد أن سألتهن عن أحلامهن الحميمية، وكأنني عبثاً أبحث عن امرأة في بلادنا، لا زالت تراودها أحلام جنسية.

ولكن، ماذا عني؟ أفتش داخلي طويلاً، فهل رأيتُ شيئاً؟

لا. ربما رأيتُ ونسيتُ. حرّفتُ السؤال قليلاً، فكانت الحكايات والإجابات، ما خيالكنّ الحميمي؟

"المفترض أن أكتب عن الأحلام الجنسية لنساء سوريات، ثم استبدلت الأحلام بخيال اليقظة، ربما فعلت ذلك لكسلي، أو لأن العديد من اللاتي حدثتهن لم يعدن يحلمن بالحميمية"

خلاعة واحترام

في ليلة من ليالي شهر كانون الأول/ ديسمبر الباردة، حيث أضواء الميلاد تزيّن شوارع مدينة برلين، كانت إيفلين المهاجرة السورية تمشي مع زوجها متعبةً، تحلم ببدفء سريرها، لكن دعوةً للعشاء وصلتها، وضعتهما على طاولة أحد البارات.

شاب ذهبي الشعر، يجلس في الطرف الآخر من المكان، ثمل إلى الدَّرَكَة التي أعمته عن نظرات إيفلين، ولكنها أحست أن صوت مشاعرها وأفكارها كاد أن يصل إليه، فهي في هذه اللحظة عارية تماماً بين يديه.

تقول إيفلين: "لطالما أثارتني فكرة الاجتماع مع رجل غريب، وممارسة العلاقة الحميمة معه دون معرفة اسمه، أو الذهاب معه وقضاء ليلة في الفندق، دون قيود أو خوف، إنها فكرة مثيرة، تجعلني أعبّر عن نفسي كما أحب، هذا ما فعلته مع الرجل الأشقر، لكن في خيالي".

تبرر حماسها بمقارنة خيالية بين النوم مع زوجها والغريب، قائلة: "على الزوجة أن تغدو عاهرة في الفراش كي يحبها زوجها، هذه نصيحة صديقة أخبرتها عن مشاكلي الجنسية، منها عجزي عن ممارسة الجنس الفموي والعنيف مع زوجي، كلما حاولت منعني حيائي، و زادت هواجسي". "لو تحوّلت إلى عاهرة في السرير سيظن أنني كذلك فعلاً، فأكبت رغباتي داخلي، وأحررها في خيالي فقط مع الغرباء حتى أصل إلى النشوة".

على عكس إيفلين، في جلسة حشيش أخبرت الأمريكية أليس زوجها الطبيب بيل هارفورد (يمثلان زوجاً مثالياً في نظر الطبقة الوسطى) أن ضابط بحرية أثار حلمها ورغبتها الجنسية أثناء قضاء إحدى العطلات، إلى الدرجة التي كانت على استعداد لتركه وأولادهما، والذهاب بعيداً معه.

كان هذا حوار في فيلم "عيون مغلقة باتساع" من إخراج ستانلي كوبريك، وطوال الفيلم نرى مشهداً متكرراً، كأنه حلم إيفلين، أو كأنه حلم كثير من نساء الطبقة الوسطى في العالم، مشهد حميمي متوهج بالخلاعة بين أليس وضابط البحرية، هذا المشهد يدور بشكل كابوسي في خيال الزوج.

"نسوة سوريات، بعد أن سألتهن عن أحلامهن الحميمية، حدثنني بألم، وكأنني عبثاً أبحث عن امرأة في بلادنا لا زالت تراودها أحلام جنسية"... "خارج" ملف جديد في رصيف22

صورة الزوج المحبوب

"عندما تفهم النفوس بعضها بعضاً، فإن الأجساد تتفاهم أيضاً، أما العوامل الآلية فلا تقرر ما إذا كان المحبان متناغمين ومتوافقين جنسياً، فهذه المسألة لا تقررها الميكانيكا، إنما انفعالاتهما، وهذه الانفعالات ليست كلها واعية بالضرورة، ومن هذه الانفعالات التخيّل"، يكتب ثيودور رايك في كتاب "سيكولوجية العلاقات الجنسية". الخيال الفردي يغذي الرغبات، فهو يلعب أدواراً في الجوع والظمأ بالصور البصرية التي تثير الرغبة العفوية لصاحبها، أكثر فأكثر.

يوقظ التخيل لدى البعض منا خليطاً من نزوات الجنس والعدوان والحنان، لكن يعمل الحب أحياناً كقوة مضادة في وجه الصور الجنسية العدوانية، بحسب ثيودور. يحكي ثيودور في كتابه عن فتاة اعتادت أن تهيّج نفسها عن طريق اللقطات الجنسية، تمارس الاستمتاع الذاتي حتى ترتاح، لكنها اشتكت في جلسة تحليل نفسي قائلة: "التفكير بزوجي شارلي يفسد عليّ ذلك".

وعندما حاولت أن تُنشّط استيهامات جنسية مع شارلي لم تُفلح، أي لم تشعر أنها "متهيجة"، ثم أنقذها خيالها بصورة لزنجي "يخترقها" على سطح منزل، أيقظ لديها مشاعر جنسية نشطة للغاية، وبعد مرور بعض الوقت، فقدت هذه الصورة الذهنية قوتها المُبهجة، لأنها كلما استحضرتها، اعترضتها صورة المحبوب (الزوج) المنافس.

رغبات مدفونة

"أن يقوم شريكي بتعريتي بأسنانه، الثانية أن يصفعني أثناء العلاقة الحميمية ويشد شعري، والثالثة أن يعطني رشفة من سيجارته بعد الانتهاء، لكني لم أجرؤ على البوح برغباتي لخطيبي، لو أخبرته أظن سينفصل عني مباشرة"، تتحدث غنى عن تجربتها مع الخيال الحميمي.

ضحكت، وأنا أدون كلماتها، وتخيلت الممثل المصري الشهير، وهو صاحب السلطة والجاه، يرقص على السرير بخلاعة، هاتفاً: "أنا عايز واحدة تهزأني، تهزأني، تهزأني". وتساءلت: هل كلما شعر الواحد منا رجل أو امرأة بقوة شخصيته، راودته خيالات جنسية ذات طابع مازوخي؟

"لماذا لا تخبري شريكك بخيالك؟".

"سيظن أنني ذات تجارب جنسية سابقة ومتعددة، كما أنه اشترط في بداية علاقتنا أن أقلع عن التدخين، فكيف سأخبره برغباتي تلك؟ هذه الحاجات والحالات يمكن تلبيتها في الخيال، أو ربما أحلام اليقظة".

وتضيف غنى: "بعد مرور عام على خطوبتنا، ما زلت أحلم أنني أمارس العلاقة الحميمية مع الممثل السوري المشهور تيم حسن، لا أعلم لماذا يظهر في خيالاتي الجنسية بدلاً عن خطيبي".

يعتبر ثيودور رايك الإجابة عن هذا السؤال غامضاً عند الكثير من الناس، ولا إجابة واقعية له، يكتب: "إذا ما أخذنا بالحسبان أن التخيّل الفردي يحدد طابع حياة الشخص في تعبيراتها الجنسية والعاطفية الحنون، من ناحية أخرى هذا الشخص لا يدرك التخيل الذي يخلقه أو الذي يُخلق لديه إلا إلى حد معين، بينما يظل جزء عظيم منه غير واعٍ بوجه عام".

جسد صديقتي

"أريدكِ حقاً، أشعر بنعومة جسدك، وأتلمس دفء قلبكِ، صوتك يهمس في أذني، نعم أنا وأنتِ معاً، نلبي رغبات بعضنا، ونحطم قيودنا، نصل إلى أقصى درجات النشوة الجنسية"، هكذا عبّرت ميليا شعراً عن خيالها الحميمي المتكرر مع صديقتها، تقول: "لو عرفت ريما بما أحلم لاستغنت عن صداقتي".

"هل تحبين معاشرة النساء؟"

"أن يقوم شريكي بتعريتي بأسنانه، أن يصفعني أثناء العلاقة الحميمية ويشد شعري، أن يعطني رشفة من سيجارته بعد الانتهاء. لم أجرؤ على البوح برغباتي لخطيبي، لو أخبرته أظن سينفصل عني مباشرة"... "خارج" ملف جديد في رصيف22

"أنا فتاة متزوجة، أعيش حياة جنسية "طبيعية" (تقصد الجنس الغيري) لكن في كل مرة أشعر برغبة جنسية لا أتخيلها مع رجل، بل مع امرأة، وفي خيالاتي تظهر صديقتي ريما في معظم الأحيان، عندما أراها في اليوم الثاني أخجل من نفسي، أقول: كلام الليل يمحوه النهار، كلها تخيلات لا معنى لها".

شردتُ، وأنا أسمع حكايتها، ماذا لو كانت تعيش في بلد آخر يعترف بالميول المثلية، بعيداً عن لعنات الدين، ووصمة المجتمع؟

"ما حال علاقتك الجنسية مع زوجك؟"

"جيّدة، لكنها تشبه إلى حد بعيد علاقة صديقاتي بأزواجهن، تنتهي خلال خمس دقائق، لا تخرج من إطار الوعي، فتتسلل إلى فراشنا مشاكلنا المادية ومتاعب حياتنا، حتى أنني أفضّل أحياناً استبدالها بفيلم بورنو لمجموعة من النساء".

"ذات مرة، اكتشفتُ أن زوجي يفضّل ذلك أيضاً، رأيته يشاهد فيلماً لفتاتين عاريتين تمارسان الجنس".

من أنا؟

يقدم محرك البحث "غوغل" مئات المواقع الالكترونية التي يجد فيها الرجال والنساء مساحة للتعبير عن رغباتهم الجنسية بأسماء مجهولة، فبمجرد أن كتبتُ جملة: لماذا يفضّل الرجال مشاهدة نساء يمارسن الجنس مع بعضهن؟ ظهرت أمامي العديد من الأسئلة المطروحة، منها: "لماذا أحب المثليات على الشاشة رغم أنني متزوج؟"، "أستمتع بمشاهدة المثليات فهل أنا "شاذة"؟!"، على حد تعبيرها.

رغم أن معظم الإجابات، دعت إلى التوبة، وذكّرت المشاركين بعقاب الله والآخرة، إلا أن موقعاً حمل اسم "الصحة الجنسية"، أجاب بما يلي: "العديد من الرجال يستمتعون بمشاهدة الأفلام الإباحية المثلية لأنه في أغلب الأحيان تتم استثارة الرجل عن طريق ما يشاهده، وفي هذه الأفلام توجد فتاتين فتتضاعف الاستثارة، لكن مشاهدة هذا النوع من الأفلام ليس له أي علاقة بميولك الجنسية، ولا يدل على أن ميولك الجنسية مثلية".

وكانت دراسة أجرتها جامعة شامبان في كاليفورنيا في عام 2017 أظهرت أن أقل من ثلثي النساء يشعرن بالرضا بشكل منتظم في غرفة النوم مع أزواجهن، بينما تزيد نسبة الرضا عن 88% في العلاقات المثلية بين النساء، ما فسره باحثون أمريكيون أن المرأة قد تكون أفضل من الرجل في التأكد من رضا شريكتها.

تقول المعالجة الجنسية، كيمبرلي ريسنيك أندرسون: "تُظهر الإحصائيات أن ثلث مستخدمي المواقع الإباحية للبالغين من النساء، رغم أننا لا نستطيع تحديد عدد النساء ذوات الهوية الجنسية المغايرة في هذا الثلث، إلا أن النسبة نفسها أعلى من أن تُنسب إلى المثليين جنسياً ما يدل أن النساء العاديات تبحثن عن الإباحية المثلية".

يبدو أني شردت عن هدفي في كتابة المقال، أحاول أن أتذكر عم كنت أكتب، آه تذكرتُ، كان من المفترض أكتب عن الأحلام الجنسية لنساء سوريات، ثم استبدلت الفكرة بالخيال الجنسي، ولكن لماذا فعلت ذلك؟

ربما كنت كسولة، أو أن الكثير من النساء السوريات لم يعدن يحلمن بالحميمية. 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard