شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
يذوب طعمهم كالحلوى على شفتي...

يذوب طعمهم كالحلوى على شفتي...

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مجاز

السبت 6 نوفمبر 202112:06 م

الأبدية، طريق طويل إلى إيثاكا


1


تأتينا الوردة من الحديقة

لكنني أريد الحديقة.

 

تأتينا البابايا من الغابة

لكنني أريد الغابة.

يأتينا السمك من البحر

لكنني أريد البحر.


يأتينا الرطب من الصحراء

لكنني أريد الصحراء.


يأتينا المطر من السماء

لكنني أريد السماء.


أريد الينابيع

بأعماقها

لا تلك المعبأة

في زجاجة بلاستيكية.


تنسلّ الأيام

الشهور

السنة

كخيط عقد لؤلؤ

انفرط.

يوماً بيوم

شهراً بشهر

وحياة محبوسة

في قمقمها.


من كثر ما اشتقت

لأشياء كثيرة

لم أعد أشتاق لشيء.

2

في وسط كل هذا الموت

والأوبئة

والحجر

وأخبار العالم الذي يرتجّ فزعاً وغضباً،

أنت لا تعرف كم تبقى لك من العمر،

أو ما الذي تبقى لديك

لتفعله، تكتبه، تحسّه.


لا تعرف ماذا ألمَّ

بالحب والشوق

والترحال

والخيال.


أنت لا تعرف ما قد بقى لك من خطوات،

ومع من،

ومن أجل ماذا.


مات معظم من تحبهم،

والباقون شتات

الحياة والذاكرة.


أنت لوحدك معظم الوقت،

كل الوقت.

تعيش وتحيا

في محدودية المحدود.


ثم ماذا؟


تلتهم الكتب

تبعثر الكلمات

تشرب القهوة

ترى الناس أحياناً

هنا وهناك.

أحبُّني، أجل أنا أحبُّني. أحب كل جمال بداخلي وفي ملامحي، أحب جنوني وحكمتي. أحب أخطائي المنتقاة وضلالاتي وضياعي وما وجدت حيث وجدت... مجاز في رصيف22

ثم ماذا؟


لقد انتهى الرحيل الكبير

وقبعتَ في زاوية ضيقة

صغيرة

ترقب الوقت

وترقب نفسك

وما قد حل بك.

3

حياة هادئة،

تكرّر نفسها كل يوم.


حياة محدودة

ليست سعيدة

وليست بائسة.


إنه المكان الضيق

والمحدود

إنه الزمان

الذي لا أشبهه.

إنه الجسد السريع التعب

الضجر

والذي يرقب ما طبعه الوقت عليه.


إنه شيء من توق

انتهى

وخيبات وخسارات

عبرت.


إنه المحدود في المحدود.


فيما جمل الذاكرة

يمشي بخطوات بطيئة

في صحراء الوقت،

و العشب لا ينمو تحت أخفّه.

4

نعد الأيام،

ولكن ماذا يعني عدها؟

نتذكر تواريخ بعينها، ونغفل ما قد مضى.

نتذكر حالة،

مشاعر، عواطف،

أمكنة وأشخاص،

روائح وأطعمة،

ودرجة حرارة معينة.

غير أنها الأيام

التي نعدها تلك،

هي ذاتها التي انقضت

يوماً تلو آخر.

5

أحبُّني،

أجل أنا أحبُّني.

أحب كل جمال

بداخلي وفي ملامحي،

أحب جنوني وحكمتي.

أحب أخطائي المنتقاة

وضلالاتي

وضياعي

وما وجدت حيث وجدت.

أحب تمردي

و كرمي

وغضبي وغفراني للعالم

ولنفسي وللآخرين.


أحب تلك الطفلة

المغامرة والذكية

والحالمة بداخلي.

يذوب طعمهم كالحلوى، على شفتي، وأبتسم لهم في قلبي ابتسامة واسعة... مجاز في رصيف22

أحب تلك الصبية

وارتحالاتها وبحثها

المحموم عن العشق

والحب  المعنى

والحياة.


أحب تلك المرأة المتمردة

التي لا يرضيها

إلا ما يرضيها.

أحب كل العمر الذي

قضيته في المعاني

والكلمات والورق

والكتب والرحلات.

والغوص في ما أحب

ومن أحب.


وأحب هذه المرأة التي

كبرت وعادت

لقفص مكان فرّت منه

غير أنها عادت

بحكمتها وجمالها

ورؤاها التي جاوزت المحيطات والقارات.


أحبُّني.


6

يزورون مخيلتي

أتذكرهم كما كانوا بالأمس.

أحضانهم، روائحهم،

وجوههم، كلماتهم، ضحكاتهم.

يأتون من زمن بعيد

من الطفولة والصبا.

من ذلك الوقت الذي

سبق رحيلي بعيداً عنهم.

يذوب طعمهم كالحلوى

على شفتي

وأبتسم لهم في قلبي

ابتسامة واسعة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard