شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"أخطر من برنامجها النووي"… ترسانة إيران من الطائرات المسيرة تؤرق الغرب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 31 أكتوبر 202111:37 ص

يبدو أن واشنطن بدأت "حملةً" تستهدف صناعة تطوير الطائرات بدون طيار في إيران في وقت يقول مسؤولون غربيون فيه إن براعة طهران في استخدام الدرونز قد تعيد تشكيل الأمن في الشرق الأوسط وتهدد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة، بما يمثل "تهديداً مباشراً" يفوق برنامج طهران النووي وصواريخها البالستية خطورةً.

وفرضت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، في 29 تشرين الأول/ أكتوبر، عقوبات على عدد من الشخصيات والكيانات التابعة لإيران بما فيها شركتا "كيميا بارت سيفا" و"أوجي برفاز مادو نفار" ومديريهما التنفيذيين، بعدما ربطتهم الولايات المتحدة بجهود تطوير طائرات مسيرة "فتاكة" لشن هجمات على القوات الأمريكية وحلفائها.

وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إن هذه العقوبات تمثل بداية حملة ضد تطوير برنامج إيران للطائرات المسيرة وبرامج الصواريخ الموجهة بدقة.

"أخطر" من البرنامج النووي والصواريخ الباليستية؟

وخلال الأسابيع الأخيرة، تكررت تحذيرات مسؤولي دفاع أمريكيين وأوروبيين وإسرائيليين من أن قدرة طهران المتطورة بسرعة على صناعة ونشر طائرات بدون طيار قد تغير المعادلة الأمنية في منطقة هي بالفعل على حافة الهاوية وتهدد استقرارها الإقليمي.

يقول هؤلاء إن تقنيات الدرونز الإيرانية استخدمت في هجمات مميتة على ناقلات نفط، وقواعد تستضيق قوات أمريكية في العراق، ومنشآت نفطية هامة في السعودية، وأحياء إسرائيلية. وهم يعتقدون أنها تستخدم في الحرب الأهلية السورية أيضاً. 

كما يرون أن برنامج إيران لبناء ونشر الطائرات المسيرة قد يكون "أخطر من برنامجها النووي وصواريخها البالستية الدقيقة".

وزعمت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن إيران أمرت قادتها العسكريين بتعزيز ترسانتها من الطائرات المسيرة، مضيفةً أن محللين أمريكيين يقولون إن الإنتاج المحلي نما بشكل كبير منذ صدور هذه التعليمات.

استشهدت الصحيفة بورقة أكاديمية نشرتها الجامعة الإيرانية العليا للدفاع الوطني عام 2018، ورد فيها أن على البلاد أن تجعل إنتاج الطائرات بدون طيار أولوية إستراتيجية، باعتبارها وسيلة فعالة لتعزيز القدرات القتالية للجيش الإيراني.

طائرات "فتاكة"، "يصعب كبحها" بتكلفة منخفضة... واشنطن تبدأ "حملة" ضد برنامج طهران لتطوير الطائرات بدون طيار ومسؤولون غربيون يقولون إنه "أخطر من برنامجها النووي وأسلحتها البالستية"

ويرى محللون أن قدرات الضربات الإيرانية الدقيقة ظهرت عام 2019 في الهجوم بطائرة مسيرة الذي استهدف شركة أرامكو السعودية، وأدى إلى توقف نصف إنتاج النفط الخام للمملكة التي تعد أكبر مصدر للنفط في العالم. نفت طهران مراراً وتكراراً ضلوعها في الحادث.

ويقول مسؤولون أمريكيون أيضاً إن السعودية تعرضت للهجوم أكثر من 100 مرة في الأشهر الأخيرة بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة وصواريخ كروز أطلقها وكلاء إيران في اليمن - الحوثيون.

في غضون ذلك، تتخوف إسرائيل من احتمال استخدام حزب الله اللبناني، المدعوم من إيران، هذه القدرات الضاربة الدقيقة الناضجة في ضرب أهداف مهمة داخل إسرائيل من قاعدته في لبنان. في حين يقول مسؤولون إسرائيليون إن الطائرات المسيرة الإيرانية استخدمتها حركة حماس الفلسطينية التي تحكم قطاع غزة ضد إسرائيل خلال المواجهات الأخيرة في أيار/ مايو الماضي.

على الجانب الآخر، لا يخفي الإيرانيون حرصهم على تطوير صناعة الطائرات المسيرة. ذكر مسؤول إيراني لموقع "Businesshala" الأمريكي إن تطوير سلاح نووي قد يستغرق سنوات لكن طائرات بدون طيار تحتاج بضعة أشهر فقط، معتبراً أن هذه الدرونز غيرت ميزان القوى في الشرق الأوسط.

كيف كونت إيران ترسانتها من الدرونز؟

لسنوات طويلة، كانت الطائرات المسيرة صناعة متطورة حصراً لدى الجيوش المتقدمة مثل الولايات المتحدة وإسرائيل. في الآونة الأخيرة، أحرزت دولاً منها تركيا، تقدماً كبيراً في تطوير درونز فعالة ومنخفضة التكلفة. وهو ما شجع دولاً أخرى مثل إيران على المضي قدماً في هذه الصناعة.

تنتج إيران مسيرات بمكونات جاهزة متاحة على نطاق واسع في سوق الطائرات بدون طيار التجارية المتنامية على الإنترنت ويستخدمها الهواة، وأحياناً تنسخ تصميم الطائرات الإسرائيلية والأمريكية.

بدأت ترسانة إيران من الدرونز بطائرة أطلق عليها اسم "أبابيل"، دخلت الخدمة في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت بمثابة سلاح كاميكازي (انتحاري) ضد القوات العراقية خلال حرب الخليج الأولى (1980 - 1988). لاحقاً، طور منها طرازين آخرين هما أبابيل-2 وأبابيل-3 ويُستخدمان في المراقبة والاستطلاع.

في الآونة الأخيرة ، جرى تكييف أبابيل-3 لتعمل كطائرة بدون طيار مسلحة بقنابل قائم-1 دقيقة التوجيه. وتبقى أبابيل-2T ذات الذيل المزدوج النسخة الأكثر شهرة في المنطقة. وقد ظهرت في اليمن والعراق أخيراً.

أنتجت إيران أيضاً طائرات من طراز مرصاد-1 وزودتها بما يصل إلى 110 أرطال من المتفجرات، كذلك طائرات من طراز قاصف-1 وقاصف-2 التي استخدمتها جماعة الحوثيون في اليمن، وهي مزودة برؤوس حربية تقليدية.

تتخوف إسرائيل من احتمال استخدام حزب الله اللبناني، هذه القدرات الضاربة الدقيقة الناضجة في ضرب أهداف مهمة داخل إسرائيل من قاعدته في لبنان.

في عام 2018، كشف الحوثيون عن طائرة مسيرة جديدة اسمها "صماد-1" للمراقبة، ثم ظهرت "صماد-2" كطائرة استطلاع / كاميكازي تحمل رأساً حربياً يبلغ وزنه 40 رطلاً.

هناك أيضاً صماد-3 التي يُزعم أن لديها نطاق هجوم يصل إلى 932 ميلاً. وهذه الطائرات من عائلة "صماد" تستخدم العديد من مكونات الطائرات بدون طيار الإيرانية، وكذلك المحركات الألمانية التي حصلت عليها إيران عبر شركة يونانية.

استخدمت طائرات "صماد-3" في الهجوم على منشأة معالجة النفط السعودية أرامكو في عام 2019.

وتوجد طائرة إيرانية أخرى تدعى "هدهد-1" والتي يبلغ زمن تحليقها 90 دقيقة فقط، ومداها 30 كيلو متراً، لكنها تتمتع بصغر مقطعها الراداري، وكمية إشعاعها الحراري، ما يقلل احتمالية اكتشافها أو إصابتها بالصواريخ الموجهة بالأشعة تحت الحمراء.

"يصعب كبحها"

ويقول مسؤولو أمن أوروبيون وشرق أوسطيون يدرسون حطام الطائرات المسيرة المزعومة صلتها بإيران إن مهندسي طهران يعتمدون على مكونات مستوردة لبناء مركبات جوية يمكنها ضرب الأهداف بدقة على مسافات طويلة مع تجنب الدفاعات الجوية والرادارات.

"خطوة ضرورية ولكنها ليست كافية"... محللون يشككون في قدرة العقوبات الأمريكية على كبح برنامج إيران لتطوير ونشر الطائرات المسيرة في المنطقة، وطهران تندد بمواصلة بايدن سياسة ترامب "الفاشلة" لـ"ممارسة أقصى قدر من الضغط"

وقد عُثر على طائرات مسيرة يعتقد أنها إيرانية أو حطامها في أفغانستان والبحرين والعراق وإسرائيل والسعودية والسودان والإمارات واليمن، بحسب تقارير غربية متطابقة.

إلى ذلك، كشف تقرير نشره معهد "المجلس الأطلسي"، وهو مؤسسة بحثية غير حزبية، في 28 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أن الطائرات المسيرة الإيرانية منخفضة الارتفاع يصعب كبحها ويقف الدفاع الجوي السعودي عاجزاً عن مواجهة الأسراب الضخمة منها التي تحلق في وقت واحد، مبرزاً أنه لا يوجد العديد من التقنيات الجاهزة القادرة على التعامل معها. وهو ما شجع طهران على زيادة استثماراتها في الطائرات بدون طيار، وفق التقرير.

يعتبر التقرير ذلك تطوراً بعيد المدى، لأنه يمنح طهران طريقة جديدة وفعالة في مواجهة كل من جيرانها والغرب من خلال إضعاف الممرات البحرية وسوق الطاقة العالمي، متى شاءت. كما أن الميزانية المنخفضة لصناعتها وسهولة التشغيل تعوض إلى حد ما القدرات الجوية التقليدية الإيرانية المتدنية، والتي تعتمد بشكل كبير على نحو 40 طائرة من طراز F-14 منذ سبعينيات القرن الماضي.

تكلفة التصنيع والمواصفات الدقيقة للطائرات بدون طيار في ترسانة إيران غير واضحة، وفق التقرير، لكن أغلب الظن أن طهران تمتلك درونز مسلحة أكثر من دول متقدمة مثل المملكة المتحدة وروسيا، بميزانية عسكرية أقل من 15 إلى 20 مليار دولار سنوياً.

ولا تزال جميع أو معظم الطائرات الإيرانية الحديثة بدون طيار - حتى تلك التي لديها مدى للطيران عدة مئات من الأميال - تفتقر إلى روابط الاتصالات عبر الأقمار الصناعية التي تسمح بالتحكم عن بعد لمسافات تزيد عن 100 إلى 200 ميل، بحسب التقرير.

مع ذلك، في 28 كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلن سفير إيران في بكين، محمد كيشافارز زاده، أن الصين ستمنح إيران إمكانية الوصول إلى نظام "بيدو 3"، وهو أحدث نسخة من نظام الملاحة الصيني عبر الأقمار الصناعية.

ويقول خبراء الأمم المتحدة إن الطائرات المسيرة الإيرانية في العراق واليمن وغزة تستخدم نفس طراز المحرك، "DLE-111"، وهو صيني الصنع.

"حملة أمريكية" ضدها

بالعودة إلى العقوبات الأمريكية الأخيرة على الشركتين الإيرانيتين، فقد اتهمهما مسؤولو الولايات المتحدة بشراء محركات طائرات بدون طيار ومكونات أخرى للحرس الثوري الإسلامي، الذي تصنفه واشنطن كمجموعة إرهابية لدعمها المالي واللوجستي والاستخباراتي للمتشددين في المنطقة.

قال والي أدييمو، نائب وزير الخزانة الأمريكي، إن انتشار الطائرات المسيرة الإيرانية في جميع أنحاء المنطقة "يهدد السلام والاستقرار الدوليين".

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إنها أدرجت أيضاً عميداً في الحرس الثوري الإيراني ورجلين آخرين ضمن قائمة العقوبات، موضحةً أنهم تورطوا في برنامج الطائرات بدون طيار مع الشركتين، بأعمال من بينها شراء قطع غيار من الخارج.

في بيان الوزارة، قال والي أدييمو، نائب وزير الخزانة الأمريكي، إن انتشار الطائرات المسيرة الإيرانية في جميع أنحاء المنطقة "يهدد السلام والاستقرار الدوليين".

ويعتبر بهنام بن طالبلو، الزميل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن، أن العقوبات "خطوة ضرورية ولكنها ليست كافية للرد على هجمات الطائرات المسيرة في العراق وسوريا"، وفق ما قاله لوول ستريت جورنال.

وتتفق معه كيرستن فونتينيروس، المديرة السابقة للخليج العربي في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض والتي تقول إن "العقوبات قد لا تكون قادرة على التأثير على برنامج إيران"، موضحةً أنه على عكس الصناعة الثقيلة للبرنامج النووي، تعتمد الطائرات بدون طيار غالباً على مكونات تجارية جاهزة يمكن شراؤها عبر الإنترنت ومن الصعب وقف مثل هذه المبيعات بشكل فعال.

وكان تقرير سري أعدته مؤسسة "C4ADS"، وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، للحكومة البريطانية، قد وجد أن أنظمة الرقابة على الصادرات العالمية والثغرات في تنفيذها تمكن إيران من شراء مثل هذه العناصر، وأن الشبكات المرتبطة بالحوثيين أيضاً تمكنهم من شراء المكونات الرئيسية دون الحاجة إلى المرور عبر إيران.

من جهته، ندد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، بقرار وزارة الخزانة الأمريكية الذي وصفه بأنه "استمرار لسياسة إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الفاشلة المتمثلة في ممارسة أقصى قدر من الضغط".

أضاف خطيب زاده في بيان: "الحكومة التي تتحدث عن العودة إلى الاتفاق النووي ولكنها تتبع خطى ترامب ترسل رسالة مفادها أنها ليست جديرة بالثقة".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard