شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
أوقات عصيبة... أبناء الجاليات اللبنانية في الخليج قلقون

أوقات عصيبة... أبناء الجاليات اللبنانية في الخليج قلقون

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 30 أكتوبر 202106:36 م

أوقات عصيبة عاشها ويعيشها أفراد الجالية اللبنانية في السعودية، بعد الأزمة الأخيرة التي نشبت بين السعودية، ومعها دول خليجية أخرى، وبين لبنان، على خلفية تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي. الأزمة التي تجسدت في حركة استدعاء سفراء من بيروت وطرد سفراء لبنانيين نشرت بينهم القلق على مصيرهم.

كثيرون من أبناء الجالية الذين يبلغ عددهم نحو 300 ألف شخص ويتوزّعون بين مدن الرياض، والدمام، وجدّة، وحائل، راحوا يتبرأون من كلام قرداحي، بمنشورات وتغريدات على فيسبوك وتويتر. ولكن يبدو أن لا شيء يدعو إلى المبالغة في القلق. "الجالية اللبنانية بخير، والأمور طبيعية جداً، وتسير بهدوء"، يقول لرصيف22 رئيس الجالية اللبنانية ورجل الأعمال، سمير كريدية.

وكان قرداحي قد انتقد ضمن برنامج "برلمان الشعب" الذي تبثه شبكة الجزيرة حرب التحالف العربي في اليمن معتبراً أن "الحوثيين يدافعون عن أنفسهم في وجه اعتداء خارجي تنفّذه السعودية والإمارات".

ورغم أن حلقة البرنامج سُجّلت مع قرداحي قبل توليه منصبه الوزاري، تدحرجت الأزمة. فقد استدعت السعودية في 29 تشرين الأول/ أكتوبر سفيرها في لبنان للتشاور، وطلبت من سفير لبنان في الرياض المغادرة خلال 48 ساعة. وتبعتها البحرين في نفس اليوم بالطلب من السفير اللبناني في المنامة المغادرة. وقررت السعودية أيضاً "وقف كافة الواردات اللبنانية إلى المملكة" وذكّرت بأنها تمنع مواطنيها من السفر إلى لبنان.

وفي اليوم التالي، استدعت وزارة الخارجية الكويتية سفيرها من لبنان وطلبت من القائم بأعمال السفارة اللبنانية لديها المغادرة خلال 48 ساعة. أما الإمارات التي اكتفت في البداية باستنكار تصريحات قرداحي "المسيئة إلى دول التحالف"، فقد عادت في 30 تشرين الأول واتخذت قراراً بسحب دبلوماسييها من بيروت وبمنع مواطنيها من السفر إلى لبنان.

قلق حذر

يبدو أن الأزمة الجديدة لن تتفاقم لتطال أبناء الجاليات اللبنانية في دول الخليج، ففي قرارها، أشارت الحكومة السعودية إلى "حرصها على المواطنين اللبنانيين المقيمين في المملكة"، وإلى أنها "لا تعتبر أن ما يصدر عن السلطات اللبنانية معبّر عن مواقف الجالية اللبنانية المقيمة في المملكة"، وهو ما عاد وعبّر عنه سفيرها في بيروت وليد البخاري في تغريدة قال فيها إن حكومة بلاده تعتبر المواطنين اللبنانيين المقيمين في المملكة "جزءاً من النسيج واللحمة التي تجمع بين الشعب السعودي وأشقائه العرب المقيمين في المملكة". وبدورها، لفتت وزارة الخارجية البحرينية إلى أن قرارها "لا يمس بالأشقاء اللبنانيين المقيمين في المملكة".

أجمع عدة لبنانيين مقيمين في السعودية على أن مخاوفهم تبددت عقب بيان وزارة الخارجية السعودية، عقب انتشار أخبار مزّيفة على مواقع إلكترونية وعبر مجموعات واتساب.

وهذه ليست الأزمة الأولى بين دول الخليج ولبنان. ففي أيار/ مايو الماضي، أثارت تصريحات وزير الخارجية اللبناني السابق شربل وهبي، جدلاً كبيراً، بعد وصفه في برنامج تلفزيوني شعب الخليج بـ"البدو"، في سياق ينتقص من قيمة حضارة البدو، واستدعت وزارة الخارجية السعودية سفيرها في بيروت، قبل أن تهدأ الأمور.

"لبنان بحاجة إلى السعودية"

يقول الأكاديمي والمحلل السياسي السعودي أحمد الركبان لرصيف22 إن "لبنان بالنسبة إلى السعودية، هو كيان عربي لا يتجزأ عن المنطقة العربية، وله أهمية كبيرة عندها، منذ اتفاق الطائف، والجالية اللبنانية معززة مكرّمة مهما كانت الأسباب".

أوقات عصيبة عاشها ويعيشها أفراد الجالية اللبنانية في السعودية... الأزمة التي تجسدت في حركة استدعاء سفراء دول خليجية من بيروت وطرد سفراء لبنانيين نشرت بينهم القلق على مصيرهم

ويضيف أن "القرار السعودي الأخير كان رداً قوياً على الحكومة اللبنانية التي لم تستطع معالجة الأوضاع السابقة، خاصةً التطاول على السعودية، من تصريحات الوزير السابق شربل وهبي، إلى شحنات الكبتاغون المرسلة داخل فواكه من لبنان إلى السعودية، فضلاً عن قضية تفجير مرفأ بيروت، والتأخر في التحقيقات، وذلك كله بسبب حزب الله وإيران".

ويشير إلى أن الأزمة الأخيرة التي أشعلها قرداحي أتت بعد سلسلة من الأزمات السابقة، لكن موضوع القرداحي مختلف نوعاً ما: "اشتهر من خلال القنوات الإعلامية السعودية، وعاش في الخليج لفترات، ليأتي اليوم ويسيء إلى المملكة، ويتدخل في شأنها الداخلي".

ما مصير اللبناني مع التأشيرة السعودية؟ يجيب الركبان بأنه من البديهي، بعد سحب السفراء، أن تتوقف التأشيرات، مهما كان نوعها: عمل، أو عمرة، أو غيرها، إلى أن تتبلور الأمور في وقت لاحق، لكنه يلفت إلى أن اللبناني الذي يحمل إقامة من دول خليجية أخرى، يستطيع الدخول إلى السعودية.

ويقدّر أنه "قد تكون هناك مباحثات مع حكومة نجيب ميقاتي، لاتخاذ إجراءات صارمة بحق القرداحي، وأن يكون هناك تعهد بعدم تكرار مثل تلك التجاوزات، من أي جهة رسمية لبنانية، خاصةً أن لبنان لا يمكنه الاستغناء عن السعودية، في مجالات عدة، منها الاقتصادية، والاجتماعية، والدينية".

لبنانياً، انعقدت خلية أزمة تضم وزراء ومسؤولين للبحث في المستجدات ومحاولة إيجاد حلول للأزمة، انضم إليها القائم بأعمال السفارة الأمريكية في لبنان ريتشارد مايكلز لمدة نصف ساعة، ما يشي بأن هنالك طلب توسّط دولي لإيجاد مخارج.

ترقّب خارج السعودية

"اللبنانيون بخير. اطمئنوا عليهم، فهم منّا وفينا، وهم يعانون كما نعاني نحن من تدخلات حزب الله وإيران"، يقول لرصيف22 الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية، والرئيس الإقليمي للمركز البريطاني لدراسات وأبحاث الشرق الأوسط، الإعلامي البحريني أمجد طه.

"القرار السعودي الأخير كان رداً قوياً على الحكومة اللبنانية التي لم تستطع معالجة الأوضاع السابقة، خاصةً التطاول على السعودية... وذلك كله بسبب حزب الله وإيران"

ولكن الأزمة الدبلوماسية مستمرة برأيه، و"هنالك دول خليجية أخرى تدرس في هذا الوقت اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق لبنان".

ولفت إلى أن قرار البحرين لا يطال اللبناني المقيم في دولة أخرى غير لبنان، إذ يمكنه تقديم طلب تأشيرة، والسفر إلى البحرين بشكل طبيعي.

في الإمارات، الوضع مستقر حتى الآن بالنسبة إلى الجالية اللبنانية المقيمة هنالك والتي يبلغ عددها حسب مصدر من القنصلية اللبنانية في دبي، نحو مئة ألف شخص.

وبحسب مصدر إماراتي رفض الكشف عن هويته، تحدث لرصيف22 قبل قرار أبوظبي سحب دبلوماسييها من بيروت، "لا ضرر على الجالية اللبنانية، والأمور طبيعية جداً، وموضوع طرد الموظفين الذي يشاع كل فترة، بعد كل خلاف، خاصةً عبر مصادر إخبارية كاذبة، هو للتهويل ليس أكثر".

أما في قطر المنتمية إلى نادي مجلس التعاون الخليجي، فتغرّد حكومتها حتى الآن خارج سرب الإجراءات العقابية.

وبرأي أستاذ العلوم السياسية والإعلام، والباحث في الشؤون الدولية، القطري علي الهيل، فإن "الخلاف هو سعودي بحريني مع لبنان، لأنهما يعدّان الحوثيين أعداء لهما، ولا علاقة لقطر فيه"، مستبعداً استدعاء الدوحة سفيرها في لبنان.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard