شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
ما الثمن الذي ندفعه عندما نترك الوظيفة دون بديل؟

ما الثمن الذي ندفعه عندما نترك الوظيفة دون بديل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 19 أكتوبر 202104:49 م

لقد عملتم/نّ بجدّ للحصول على علامات جيّدة في الجامعة، وأنفقتم/نّ آلاف الدولارات في سنوات الدراسة، لأن الجميع قال إن الأمر يستحق ذلك، وفي النهاية حصلتم/نّ على وظيفة أحلامكم/نّ.

هناك مشكلة واحدة فقط: أنتم/نّ تكرهون/ن هذه الوظيفة وتريدون/ن الاستقالة، لكنكم/نّ لا تستطيعون/ن فعل ذلك، لأنكم/نّ تشعرون/ن بأنكم/نّ بذلتم/نّ الوقت والمال والجهد للوصول إلى هذه المرحلة، وترك العمل يبدو وكأنكم/نّ ترمون كل شيء في سلة المهملات، كما تخشون أن يلاحقكم/نّ التنمّر.

وصمة العار

يمكن أن يشكل تَرْك الوظيفة، بخاصة من دون وجود خطة بديلة، تحدياً عاطفياً، كما أن هذه الخطوة قد تنطوي على وصمة عار.

إن التخلي عن وظيفة ما قد يكون أمراً صعباً ومزعجاً، لا بل يجعل بعض الأفراد يشعرون بالعجز والفشل، وينتقدون أنفسهم، ولعلّ السبب يكمن في أن البعض يربط العمل بهويته وبكفاءته الشخصية.

وعلى الرغم من هذه العوامل، فإن المؤشرات تشير إلى أن الكثير من الناس يريدون ترك وظائفهم بالفعل.

"وصمة العار الاجتماعية التي تدور حول الأفراد الذين يتركون عملهم تنبع أساساً من فكرة قديمة جداً في المدرسة، مفادها أنه عندما نحصل على وظيفة أو مهنة معيّنة، فإن ذلك يجب أن يدوم مدى الحياة، وهذا أمر لم يعد صحيحاً"

في الواقع، يفكر 41% من العاملين/ات في تقديم استقالتهم/نّ، بحسب استطلاع عالمي حديث أجرته شركة مايكروسوفت. في الولايات المتحدة الأميركية، ترك عدد قياسي من العمال وظائفهم في نيسان/ أبريل 2021، ومن المتوقع حدوث موجات مماثلة في دول مثل المملكة المتحدة وأيرلندا وأستراليا ونيوزيلندا، في سياق ما يُعرف بـ"الاستقالة الكبرى".

وبمعزل عن الدافع والسبب الرئيسي وراء ترك العمل، فإن العديد من الأفراد الذين يختارون التخلّي عن مناصبهم الحالية يجدون المسألة صعبة من الناحية العاطفية، إذ إنه غالباً ما يأتي قرار الاستقالة محملاً بدلالات سلبية، سواء من الأشخاص المحيطين بنا أو حتى من أنفسنا.

كشفت عالمة النفس ميليسا دومان لموقع بي بي سي، أن وصمة العار الاجتماعية التي تدور حول الأفراد الذين يتركون عملهم تنبع أساساً من "فكرة قديمة جداً في المدرسة، مفادها أنه عندما نحصل على وظيفة أو مهنة معيّنة، فإن ذلك يجب أن يدوم مدى الحياة، وهذا أمر لم يعد صحيحاً".

تلعب هذه الفكرة دوراً في السرد الشائع بأن الطريق الأضمن للنجاح الوظيفي هو العمل الجاد والمثابرة، وحتى الاستعداد للمعاناة من أجل الوصول إلى نتيجة نهائية أفضل.

تشير الأبحاث إلى أن وصمة العار المرتبطة بالاستقالة تؤثر بشكل أكبر على الأشخاص الذين يتركون العمل دون وظيفة أخرى يذهبون إليها، في حين أن الأشخاص الذين استقالوا من أجل فرص أفضل يستفيدون من البقاء في مسار وظيفي معترف به.

وفي هذا السياق، أظهرت دراسة أجريت في العام 2018 أن المتخصصين في الموارد البشرية ينظرون إلى الأشخاص الذين تركوا العمل على أنهم أقل كفاءة تماماً، وأقل قابلية للتوظيف منذ اللحظة التي أصبحوا فيها عاطلين عن العمل، في حين أن الطريقة الوحيدة للتغلب على هذه الوصمة هي تقديم دليل على أنهم تركوا وظيفتهم بسبب عوامل خارجية وليس طواعية.

يمكن أن تسبب هذه الأحكام إجهاداً عاطفياً، فالاستقالة من دون خطة ملموسة تجعل الشخص المعني أكثر عرضة للمعاناة من مشاعر الضيق العاطفي، والشعور بالفشل والذنب والخوف، وفق تأكيد دومان: "إذا تركنا وظيفة ولم يكن لدينا شيء آخر، فهذا أمر غير مريح من الناحية النفسية"، وأضافت: "من الناحية العاطفية والعصبية، فإن الدماغ لا يحب عدم اليقين أو الغموض".

التحرر من الخوف

شرحت الأخصائية في علم النفس، ستيفاني غانم، أن الشخص الذي لديه وظيفة يشعر في العادة بالأمان، وبأنه غير مضطر لإجهاد نفسه في عملية الابتكار، "بما أنه يتقاضى راتبه نهاية كل شهر، باستثناء الأفراد الذين لديهم إدمان على العمل".

وأوضحت غانم أن الشخص الذي يكون في وظيفة ثابتة لفترة طويلة، يشعر بالقلق عندما يقرّر تَرْك العمل، بخاصة في حال لم يكن لديه وظيفة أخرى، بل الدافع يكمن فقط في التحرر من الوظيفة الحالية: "الوظيفة تعني أحياناً أن هناك شخصاً ما يتحكم بنا، وقد نضطر للمساومة وقبول أمور معينة لا نوافق عليها، وفي مكان ما يتم وضع عقلنا في قالب محدد، بالإضافة إلى العيش في روتين قاتل".

واعتبرت ستيفاني أن الشعور بالقلق عند التخلي عن العمل هو طبيعي، لأن المرء في هذه الحالة يواجه المجهول ويختبر ذاته وإمكانياته، مشيرة إلى أن الخوف يزداد في حال ترعرع الشخص المعني في بيئة لا تشجع على السير وراء الشغف، بل تعتبر أن العمل الثابت يوفر ببساطة الأمان: "بعض الناس يفضلون ملل الوظيفة على فكرة دفع ثمن باهظ نتيجة السير وراء الشغف".

ونصحت غانم الشخص الذي يريد ترك وظيفته أن يعتبرها مرحلة جديدة للانطلاقة والسير وراء الأمور التي يحبها في الحياة، حتى ولو كانت تنشئته الاجتماعية تخالف ذلك، هذا وختمت حديثها بالقول، إن "ترك الوظيفة قد يعني الخروج من المنظومة التي تقوم على فكرة تقيّؤ المعلومات والتفكير كروبوت" .

فرص جديدة؟

رغم وجود سبب وجيه للاستقالة، لكن الاضطرابات والتغيرات الهائلة الناجمة عن جائحة كورونا والعدد الهائل من الأشخاص الذين تركوا وظائفهم، يمكن أن يساعدنا في إزالة وصمة العار حول الاستقالة والتعامل معها كخيار أكثر إيجابية.

بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون في الاستقالة لكنهم يشعرون بالتردد حيال القيام بذلك، تنصح ميليسا دومان بالتركيز على الأسباب الشخصية للاستقالة، بدلاً من السرد الأوسع وإبقاء القرار في نصابه: "أنتم/نّ لا تقررون/ن دوركم/نّ لبقية حياتكم/نّ، أنتم/نّ فقط تقررون/ن الوظيفة التالية، أو القرار التالي".

"بعض الناس يفضلون ملل الوظيفة على فكرة دفع ثمن باهظ نتيجة السير وراء الشغف"

واعتبرت دومان أنه من المهم أيضاً طلب المشورة من الأشخاص المناسبين، أي التحدث مع الأفراد الذين مرّوا بالتجربة نفسها: "هؤلاء هم الأشخاص الذين يجب أن تطرحوا عليهم الأسئلة لأنكم في بداية الرحلة، وهم على الجانب الآخر".

هذا وختمت بالقول: "حاولوا أن تتغلبوا على الخوف وعدم اليقين. حقيقة أنكم تتخذون القرار المناسب المتعلق بحياتكم الشخصية وحياتكم المهنية هو امتياز. وهي فرصة".

في نهاية المطاف قد يسأل البعض: لماذا لا يجب أن نخاف من ترك وظيفة لم تعد تلبي طموحاتنا؟ الجواب قد يكمن في نقاط بسيطة وأساسية يجب التوقف عندها:

1. صحتنا العقلية هي أهم من كل شيء.

2. صحتنا الجسدية مهمة والتوتر قد يؤثر سلباً على وضعنا الصحي.

3. إذا كنّا نكره وظيفتنا حقاً، فسوف يؤثر ذلك على إنتاجيتنا ويعرقل مسار التقدم المهني.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard