شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
سيطرة للكتب الإسلامية و

سيطرة للكتب الإسلامية و"لا يبدو أن الأتراك معنيّون به"... معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 18 أكتوبر 202112:29 م

على الرغم من أن معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي، يشكّل فرصةً مهمة لأبناء الجالية العربية المقيمة في إسطنبول، (والتي يصل عددها إلى ما يقارب الخمسة ملايين عربي/ ة، وفق بيان نشره رئيس اتحاد الجمعية العربية، متين توران، في عام 2019)، للحصول على كتب متنوعة بأسعار أرخص من أسعار المكتبات العربية الموجودة في المدينة، خاصةً مع مشاركة 250 دار نشر عربية، منها دار الشروق، والساقي، والرافدين، وممدوح عدوان، وهي دور نشر كبيرة ومهمة في عالم الثقافة العربية، إلا أن الحال لم يكن كذلك في الجناح التاسع من مركز معارض إسطنبول، والذي بدأ في التاسع من تشرين أول/ أكتوبر واستمر حتى السابع عشر من الشهر نفسه، وذلك لأن الأسعار تأثرت بالدولار، ولم يحضر التنوع المطلوب في المعارض الدولية للكتاب.

"هل يُعقل أن يكون ثمن رواية 150 ليرة تركية (حوالي 17 دولاراً أمريكياً) في معرض ضخم للكتاب؟"

دور النشر الإسلامية أولاً

أول ما يمكن أن يلفت نظر زائر المعرض، هو الأعداد الكبيرة للزوّار، بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة لدور النشر الإسلامية المشاركة، بالمقارنة مع دور النشر العربية الأخرى، والتي اكتفى بعضها بمنح توكيلات لمشاركين آخرين، من دون الحضور بشكل مستقل، وتالياً لم يحتوِ المعرض على تنوع كبير في الكتب ومواضيعها، بالمقارنة مع عدد دور النشر المشاركة في المعرض.

في حديث لرصيف22، قال محمد الملقي، صاحب دار خطوة، ووكيل منشورات المتوسط، والمؤسسة العربية للدراسات، وكنوز المعرفة، في معرض إسطنبول، إن الكثير من دور النشر في العالم العربي لديها فكرة أن المعرض أقل مستوى من غيره، كما سبقه معرض الرياض في المملكة العربية السعودية، الذي هو بالنسبة إلى دور النشر، أقوى بخمسة أضعاف، لذا فضلوا المشاركة هناك. ويضيف: "إلا أن العديد من التوكيلات التي نجحنا في الحصول عليها، نجحت في تعديل التوازن أمام القسم الإسلامي".

رجحان الكفة، لصالح الكتاب الإسلامي، عبّر عنه عدد من زوار المعرض أيضاً، إذ قال أكرم، أحد الزوار، لرصيف22، إن المعرض مليء بكتب التشريع، والأطفال، والروايات، في حين كان يفضّل وجود كتب في الاقتصاد السياسي، والتكنولوجيا، وهو ما يستفيد منه طلبة الجامعات أيضاً، حسب رأيه.

أول ما يمكن أن يلفت النظر في المعرض هو الأعداد الكبيرة لدور النشر الإسلامية المشاركة، بالمقارنة مع دور النشر العربية الأخرى، والتي اكتفى بعضها بمنح توكيلات لمشاركين آخرين، من دون الحضور بشكل مستقل

الشاعر ياسر الأطرش، أشار لرصيف22، إلى أن الغالب على معرض إسطنبول للكتاب العربي (في دوراته السابقة)، غلبة الكتاب الإسلامي، وغياب دور النشر العربية الكبرى، التي تغيب هذا العام أيضاً، وتغيب منشوراتها، وتالياً يمكن القول إن المعرض يخدم فئات محددة (مع هامش ضيق للكتاب المتنوع)، حسب رأيه.

الأمر نفسه تحدث عنه إبراهيم الحمد، عن دار الفراعنة المصرية، والذي قال إن هناك نقص في كتب الاقتصاد والسياسة، وكذلك الأمر مع انتشار كبير للكتب الإسلامية في المعرض.

ولا يتوقف الأمر على المشاركة الكبيرة لدور النشر الإسلامية في المعرض، إذ إن النشاطات الثقافية المصاحبة له، من ندوات ومحاضرات وغيرها، يطغى عليها الطابع الإسلامي أيضاً، وذلك بنظرة سريعة على جدول النشاطات التي نشرها الحساب الرسمي للمعرض عبر تويتر.

وبطبيعة الحال، لا يعني الأمر الغياب الكامل لكتب الفلسفة، والروايات الأدبية لكبار الأدباء العالميين، إلا أنه، وبالمقارنة مع عدد الأجنحة المخصصة للكتاب الإسلامي، والنشاطات، يعطي انطباعاً بأن المعرض إسلامي، أكثر من كونه معرضاً للكتب العربية والمترجمة.

فيما يرى مروان عدوان، المشارك مع دار ممدوح عدوان للنشر، أن غلبة الدور الدينية بشكل كبير في المعرض، وكثرة النشاطات والفعاليات الدينية ضمن البرنامج الثقافي المرافق له، أثّر على نوعية الزوار بشكل كبير.

لا يتوقف الأمر على المشاركة الكبيرة لدور النشر الإسلامية في المعرض، إذ إن النشاطات الثقافية المصاحبة له، يطغى عليها الطابع الإسلامي أيضاً.

الأسعار مرتبطة بالدولار

ثاني المشكلات التي يواجهها زائر المعرض، هي ما يمكن تسميته بـ"خيبة الأمل" من أسعار الكتب المعروضة، إذ كان من المتوقع، مع العدد الكبير لدور النشر المشاركة (بلغ عددها 250 داراً وفق الحساب الرسمي للمعرض في تويتر)، أن تكون الأسعار ضمن القدرة الشرائية للجالية العربية المقيمة في إسطنبول، خاصةً وأن المعارض تتميز عادةً بانخفاض أسعارها مقارنةً بأسعار الكتب في المكتبات الخاصة.

إلا أنه ومع الانخفاض المتسارع لقيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي، (وصل سعر صرف الأخير إلى تسع ليرات و29 قرشاً وفق موقع doviz المتخصص بأسعار صرف العملات في تركيا)، ارتفع سعر الكتب في المعرض، إذ إن لها -أي الكتب- سعراً ثابتاً بالدولار الأمريكي.

وتساءلت نهى، وهي شابة سورية تعيش في إسطنبول: "هل يُعقل أن يكون ثمن رواية 150 ليرة تركية (حوالي 17 دولاراً أمريكياً) في معرض ضخم للكتاب؟".

الحديث عن الأسعار كان السمة الغالبة لزوار المعرض، إذ قال أكرم، رجل فلسطيني يقيم أيضاً في إسطنبول، إن أسعار الكتب في المعرض، بالتأكيد لا تناسب طلبة الجامعات، فيما قالت وسيلة، وهي طالبة جامعية، إنها لم تشعر بأن الكتب في المعرض أغلى من نظيراتها في مكتبات إسطنبول.

من جهته، قال الكاتب السوري محمود الوهب، لرصيف22، إن أسعار الكتب مرتفعة جداً، وهو أمر مرتبط بعدم الإقبال عليه، فالكتاب لا ينخفض سعره إلا إذا طُبعت منه كميات كبيرة، وهذا غير ممكن إلا لمؤسسات كبرى ومدعومة، أو لدول، "أما عدم الإقبال عليه، فلأننا أمة لا تقرأ، بل لا يريد لنا حكامنا المستبدّون أن نتعلم ديمقراطياً، أي بحرية... فالحرية شرط التعلّم، وللأسف نحن لا نملك حريتنا".

ويرى الشاعر السوري ياسر الأطرش، أن الأسعار مرتفعة جداً بالنسبة إلى الطلاب، وذوي الدخل المحدود، أو المتوسط. التفّ كثيرون من أصحاب المكتبات (غير الرسمية) بتأمين نسخ مزورة، وبأسعار زهيدة، ولكن هذا ليس حلاً دائماً، كما أن المعرض لن يحلّ المشكلة، لأن الأسعار لن تكون في متناول الجميع أيضاً، ولأنه لن يؤمّن الكثير من العناوين المطلوبة.

من جهته، برّر صاحب دار خطوة، محمد الملقي، ارتفاع الأسعار، بارتفاع سعر الدولار في تركيا، إذ إن سعر الكتاب ثابت في دار النشر، ومع انخفاض الليرة التركية ارتفع سعره، كأي سلعة أخرى في تركيا.

فيما يرى الكاتب المصري محمد عبد العزيز، في حديثه لرصيف22، إن المعرض بحد ذاته خطوة جيدة، على الرغم من أن أسعار الكتب أحياناً أعلى من المكتبات، "لكن أعود لأشير إلى أن تفاعل المقيمين في إسطنبول، وامتلاكهم لهذه الفعالية والندوات الموجودة، تعطي زخماً للمعرض، بحيث يكون هناك اتصال بين الجالية العربية وثقافتها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأطفال".

وخصص المعرض ركناً خاصاً لنشاطات الأطفال، تضمّن لعب الشطرنج، ومسابقات وفعاليات خاصة بهم، لتشجيع الأهالي على اصطحاب أطفالهم، بالإضافة إلى مشاركة العديد من دور النشر العربية المتخصصة في أدب الطفل.

 الأسعار مرتفعة جداً بالنسبة إلى الطلاب، وذوي الدخل المحدود، أو المتوسط. التفّ كثيرون من أصحاب المكتبات (غير الرسمية) بتأمين نسخ مزورة، وبأسعار زهيدة، ولكن هذا ليس حلاً دائماً، كما أن المعرض لن يحلّ المشكلة، لأن الأسعار لن تكون في متناول الجميع أيضاً

عن وجود الكتاب العربي في إسطنبول

تباينت آراء كتّاب عرب التقى بهم رصيف22، حول المعرض، وأهميته للتواصل بين العرب والأتراك، إذ قال الشاعر ياسر الأطرش في ما يتعلق بقدرة المعرض على بناء جسور للتواصل بين العرب والأتراك، إنه لا يعتقد أن المعرض مجدٍ على مستوى التفاعل الثقافي العربي-التركي، فهو نشاط عربي شبه خالص، ولا يبدو أن الأتراك معنيّون به، إلا لجهة التجارة التي يمكن أن تنشأ عن طبع الكتب العربية داخل تركيا. ويتابع: "ما زال العرب والأتراك في جزر ثقافية نائية، لم ينشأ تواصل معقول بينهم، على الرغم من تزايد الترجمات بين اللغتين، ولكن الغالب جداً هي الترجمة من التركية إلى العربية، وليس العكس، ما يضيف عجراً جديداً إلى ميزاننا الثقافي المختل أساساً".

ويرى الكاتب محمود الوهب أن المعرض "مهم جداً" في هذا الخصوص، مضيفاً أن المعرض، وهو واحد من الفعاليات التي يمكن أن تعمق التواصل القائم بين السوريين، الذين في اعتقاده "تجاوزوا فترة اللجوء، ما يعني أنهم صاروا أقرب إلى أبناء البلد الذي استقبلهم، من خلال وجودهم الطويل، وبناء علاقات بإخوتهم الأتراك، عبر الجيرة والتعامل المختلف الأشكال، وهذا لا يعني أبداً أنهم غير راغبين في العودة إلى وطنهم حين تتهيأ الظروف".

"ما زال العرب والأتراك في جزر ثقافية نائية، لم ينشأ تواصل معقول بينهم، على الرغم من تزايد الترجمات بين اللغتين، ولكن الغالب جداً هي الترجمة من التركية إلى العربية، وليس العكس، ما يضيف عجراً جديداً إلى ميزاننا الثقافي المختل أساساً"

ويأتي معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي، في ظل انتشار المكتبات العربية في مدينة إسطنبول، وخاصةً في منطقة الفاتح التي يسكنها آلاف السوريين والعرب، وفيها الكثير من أنشطتهم التجارية المتنوعة، وهو ما أدى إلى وجود واسع للكتاب العربي، لم يكن كذلك قبل سنوات قليلة.وتابع الوهب: "لكني أود تأكيد فكرة التواصل التي يعمّقها الكتاب، لما له من تأثير بالغ، وخاصةً إذا جرت ترجمات متبادلة، وعلاقات ثقافية... وهذا الأمر موجود، ويحتاج إلى دعم وتطوير، خاصةً أنه وقبل المعرض بأسابيع، كان ثمة لقاء بين مثقفين سوريين وأتراك في إسطنبول، وتبين أن الطرفين يتعلمان لغتَي بعضهما، ويرغبان في تطوير هذا الجانب".

وتعليقاً على انتشار الكتاب العربي في إسطنبول، أشار الكاتب محمد عبد العزيز إلى أن الكتاب العربي موجود في تركيا، مع افتتاح السوريين لعشرات المكتبات، العديد منها في منطقة الفاتح على سبيل المثال، وعليه الكتاب العربي موجود، والشحن مستمر من لبنان، وهو أمر جيد في حد ذاته.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard