شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"يفكّك خوفنا وينمّي شجاعتنا"... "السيناپتيك" يطلق ألبومه الجديد من بيروت

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 13 أكتوبر 202104:05 م

على ضفاف نهر بيروت "المقتول"، وسط "الكرنتينا"، وبيوت العمّال الأجانب المنكوبة بشدّة، جرّاء تفجير الرابع من آب/ أغسطس، غير المسبوق في مدينة الحروب المتتالية، يطفو بناء KED المكوّن من ثلاثة طوابق، كفضاء عاموديّ يشبه إلى حدّ ما شباب المدينة المُبتكر، من حيث التّجريد، من أجل تقديم عروض إبداعيّة خارجة عن القالب النّمطي.

ليلة السبت 9 تشرين الأول/ أكتوبر، أي قُبيل أيّام من الذّكرى السّنويّة الثّانية لانطلاق ثورة 17 تشرين الأول/ أكتوبر، فُتح سطح عمارة الباطون، ليطلق مغنّي الراپ الفلسطيني-الأردني ليث الحسيني، المعروف باسم "السيناپتيك" (The Synaptik)، ألبومه "القمر والمحيط"، في موجته الخامسة، بعد نفاد بطاقات الحفلات السّابقة كلها.

احتشد جمهور تتراوح أعماره بين منتصف العشرينات ومنتصف الثلاثينات، وفي صفوفه وجوه بدت معروفة في المظاهرات إثر انتقادها اللاذع لحكّام البلد، إلّا أنّ المفارقة كمنت في أنّ أحداً من هؤلاء "المتمردين/ ات"، لم يتأفف لتأخّر المغنّي أكثر من ساعة؛ بل على العكس، طغت عليهم/ نّ الحماسة، مع مرور الوقت، هذا وقد تجمّع بعضهم/ نّ حول الحلبة، يرددون/ ن الأغاني، رافعين شعار الإبهام والسّبابة، كما لو كان نجمهم/ نّ موجوداً فيها بالفعل.

من هو "السيناپتيك" صاحب الصوت العالي؟

تتجلّى "التيما" الذهنيّة، اشتقاقاً من الإسم المسرحي الذي اتّخذه لنفسه ابن ما دون العقد الثالث من العمر، إذ شكّل اضطراب فرط الحركة، ونقص الانتباه (ADHD)، جزءاً يسيراً من هويّة ليث الحسيني الذي ينتمي إلى عائلة متوسطة الحال، نزحت من فلسطين إلى الأردن، بحثاً عن حياة عادية.

ليلة السبت 9 تشرين الأول/ أكتوبر، أي قُبيل أيّام من الذّكرى السّنويّة الثّانية لانطلاق ثورة 17 تشرين الأول/ أكتوبر، فُتح سطح عمارة الباطون، ليطلق مغنّي الراپ الفلسطيني-الأردني ليث الحسيني، المعروف باسم "السيناپتيك" (The Synaptik)، ألبومه "القمر والمحيط"، في موجته الخامسة، بعد نفاد بطاقات الحفلات السّابقة كلها

افتتن نجم موسيقى الراب بتشابك ناقلات الجهاز العصبيّ (synapse)، "المكان الذي تحدث فيه الأشياء"، حسب تعبيره، فانسحبت "التيما" على أشكال مخزونه الموسيقي اليافع ومضامينه، وفيه بالانتقاء الكرونولوجي:

- مش صاحيلك (2018)، ومنها: "فاض القلق من الريتالين وعمالي شتتو [...] للمظاهر ما في وقت قالو عني منطوي".

- لا شيء يزعجني (2020)، ومنها: "ذنبي ع جنبي، لأشد براغي المخ، اللي براسي اللي مغلبني مصعب حالتي" وقد حصدت الأغنية أكثر من مليون و700 ألف مشاهدة حتى كتابة هذه السطور.

- مع الشوك (2021)، ومنها: أعمل طوفان ب البوم [...] هاد مش راب هاد طوب.

هذه الأعمال وغيرها، طاف بها "السيناپتيك"، عبر حفلات، في بلدان العالم العربي وأوروبا، صانعاً منها حرفة سمعيّة-بصريّة، للتّمرد على الظّلم، وأيضاً ذات خاصيّة لذوّاقة النّوع.

القمر والمحيط

"القمر والمحيط"، هو ألبوم ذاتي بامتياز: يصهر "السيناپتيك" داخل أتونه مسارات (tracks)، تجاربه الجيّدة والسيئة على حدّ سواء: بدءاً من العلاقات العاطفيّة المؤلمة، مروراً بالطريق المهني عبر "رام الله"، تقاطعاً مع تركه اختصاصه الطويل في الطب في عمّان، وصولاً إلى حلم التّفرغ للراݒ، كأداة لتطهير النفس، والارتقاء بها نحو فضاءات الحرية الخالصة.

وفي هذا الألبوم، أصدر مغنّي الراب أغنية جديدة بعنوان "حلمي"، من إنتاج وارنر ميوزك الشرق الأوسط، وهي أغنية بدت مفعمةً بالذكريات والنوستالجيا، وكأن النجم أراد من خلالها اصطحابنا في رحلة مشواره، كاشفاً عن قصته الشخصية، ومسار حياته.

وعلى الرغم من أنّ تفاعل المتابعين/ ات يظهر حتّى الآن حيويّاً للغاية، مع فيديو الألبوم ذي الطابع الرقميّ، وصيغة السهل الممتنع على حساب اليوتيوب الخاص بـ"السيناپتيك"، يبقى جديراً انتظار نضوج الرؤية من الجوانب كافة، مع الإشارة إلى أنّ المواد المسجلة بدت أهمّ حتى من المشاهدة المباشرة.

اختلاجات وخواطر من تلك الأمسية

تعرّف "زينة عيّاد" بنفسها، بأنّها واحدة من المعجبات جداً بـ"السيناپتيك"، مع غيره من الراپرز الذين يثيرون دوماً القضايا الاجتماعية الشائكة، عبر أعمالهم الهادفة إلى التغيير النوعي أولاً.

تكشف زينة أنّ هذه هي المرة الأولى التي تخرج فيها إلى تجمّع كبير، منذ انتشار جائحة كورونا، مشيرةً إلى أنها تفاجأت بحجم الحضور الكبير نسبياً، في حين أنّ عدده لم يكن ليتجاوز العشرين شخصاً قبل نحو أربع سنوات، حسب تعبير المغنّي نفسه، ورفاقه.

وتوضح عيّاد أنّ قلبها امتلأ حبّاً، عند اكتشافها كيف يحفظ أغانيه البنات والشّبان الذين أتوا من مختلف المناطق اللبنانية.

ومع علمها بأنّ كلمات أغاني نجم الراب تتحدث بالتحديد عن الصّراع الفلسطيني-الإسرائيلي، تضيف عيّاد أنّها تدرك كيف باستطاعة أيّ مناضل في وجه أيّ سلطة غاشمة، حول العالم، أن يسقطها على قضيته العادلة، فيفكك خوفه، وينمّي شجاعته.

وانطلاقاً من كونها ابنة الجنوب، تعرف زينة معنى العيش مع العائلة، والأحبة، تحت نير الاحتلال، وتسرّ بأنها تعمدت ارتداء الكوفية، من أجل الحفل، فربما يميّزها "السيناپتيك"، ولو من بعيد، فيعلم أنها لا تناصر أفكاره فحسب، بل أنّه -مع أمثاله- يمدّونها بالقوة، ويحثّونها على الصمود.

يصهر "السيناپتيك" داخل أتونه مسارات، تجاربه الجيّدة والسيئة على حدّ سواء: بدءاً من العلاقات العاطفيّة المؤلمة، مروراً بالطريق المهني عبر "رام الله"، تقاطعاً مع تركه اختصاصه الطويل في الطب في عمّان، وصولاً إلى حلم التّفرغ للراݒ، كأداة لتطهير النفس، والارتقاء بها نحو فضاءات الحرية الخالصة

في أثناء السهرة الطافحة بالمشاعر الحلوة، كما تصفها، تجري ريم مروة اتصالاً مصوّراً مع صديقتها التي أضحت في حلب منذ فترة.

تقول مروّة إنّ صديقتها، هي واحدة من شلّة الذين عرّفوها على "السيناپتيك"، فكيف لا تشاركها مثل هذه اللحظات المكثّفة بطاقة التواصل العالي؟

في مقاربتها، تأخذ هذه الأغاني منحى فردياً، كونها ترتبط بأمسيات الماضي القريب، على إحدى الشرفات في شارع الحمرا العابق بالمتع، مع زملاء لها من الجامعة.

وهناك، تخيّلت المشهديّات في راݒ ليث الحسيني الذي لامس قلبها بالمعاني والتّقنيّات، أكثر من غيره من "شبيبة" جيله، وفنّهم.

تغوص ريم مروّة في خصوصيّة ارتباطها مع الأغاني ذاتها، فتروي أنها راجت في عزّ مرحلة انقطاع كهرباء الدولة والمولدات في لبنان، وتبوح بأنها ما كانت لتتحمل مشقّة الصعود على أقدامها إلى بيتها في الطابق التاسع، من دون سماعات الرأس، يحفّزها من خلالها "السيناپتيك".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard