شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"صحتك بتسوى كل 'الإيميج' يا ماجدة"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الجمعة 24 سبتمبر 202101:12 م

اعتذرت عن البقاء متأخرة في سهرة جمعتني مع صديقة لي من لبنان، جاءت لزيارة عمل إلى عمّان، وأخبرتها بأنني يجب أن أسلّم مقالاً، باكراً، سأكتب فيه عن ماجدة الرومي. ودّعت صديقتي، وركبت سيارتي، وشغّلت الراديو، وتفاجأت بأغنية "أنا عم بحلم". ضحكت... وقلت حاضر يا ستي.

جاءت الـ"حاضر" تلك، في حوار متخيّل جمعني بماجدة الرومي، وأنا "أسوق" عائدةً إلى المنزل، قبل أن أستعد لكتابة المقال. فالنية المسبقة لتراتبية كتابتي، كانت الحديث عمّا حدث معها خلال حفل لها أحيته في أول أيام مهرجان "جرش"، يوم الأربعاء الماضي، عندما كادت أن تسقط على المسرح، بسبب انخفاض مفاجئ للسكري، مروراً بعلاقتها بالأردن، وتفاصيل ربما ليست معروفة للجميع، عن تلك العلاقة، وختاماً الحديث عن تجربتي مع أغانيها. لكن "أنا عم بحلم"، التي فاجأتني وأنا أقود سيارتي، غيّرت الترتيب قليلاً!

فيروزية الهوى والذوق؛ هذه هي العلامة التجارية المعروفة عني، فأنا من عشاق السيدة فيروز، لكن في الوقت ذاته، عندما أتحدث عمن أميل إليهم في الغناء، لا أضع فيروز في سباق تراتبي معهم. هي وحدها الجالسة على عرش ذوقي، لكن إذا ما وضعنا ترتيباً للمغنيات اللواتي أحبّهن، فماجدة الرومي تحتل مرتبة عالية، تشبه طبقات صوتها في أغنيتها "أحبك جداً"، التي خذلتها في حفلها الأخير، وأخفضت مستوى السكري لديها.

 لا أدري ما إذا كان هناك أحد مثلي، استاء عند انتشار خبر عودتها إلى المسرح، لاستكمال الغناء في الحفل، بعد استراحة قصيرة. عندما قرأت الخبر، كنت وحدي، وصرخت وكأن عشرة أشخاص حولي: "ليش؟؟"

أول حفلة حضرتها "لايف" لماجدة الرومي، كانت في العام 2014. أذكر أنني كنت أحسب أيام قدوم الحفل، بشوق وحرارة، مع كل مرور لي في الشارع الذي كان يتزين بصورها، تحت عبارة "أعود وكلي حنين أعود". وأذكر أنني نشرت صورة لي خلال الحفل، وكتبت فوقها: "أنا مش عم بحلم".

لا توجد ذكرى معينة تربطني بأغنية "أنا عم بحلم"، لكنها من الأغاني التي أحب خفة كلماتها. تلك الخفة التي تشبه إلى حد كبير صورتها الموجودة على واحدة من روابط الأغنية، على "يوتيوب"، وهي ترتدي فيها قميصاً كله مربعات، وبنطال جينز بملامح "سوفت"، بريئة وقريبة إلى القلب.


أحب المقطع الذي تقول فيه: "أنا عم بحلم ليلية… أنت وغافي بعيني". ولم أكن أتوقع أن يأتي يوم، وأستبدله بمقطع "أنا حتى بالمنام طيفك رح يبعد عنّي"، من أغنية "اعتزلت الغرام.


بالمناسبة، وفي سياق الحديث عن الغرام والقلب الذي "جافى هالمحبة"، قال لي أحدهم، ذات مرة: "أنا كيف بدي أنساكِ، وأغاني ماجدة الرومي دايماً على الراديو؟". هو الشخص ذاته الذي كان يبالغ في إهدائي الورود، ليس حباً بالورد، بل شوقاً منه، كما اعتاد أن أهديه: "أنا لما بورد تمسيني... بشوف الدنيا بعينيك".


فشل فضولي أمام قراري بألا أشاهد الفيديو الذي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، لحظة أوشكت ماجدة الرومي على السقوط على المسرح، في حفلها في "جرش"، إذ كان، وما يزال، يصعب عليّ أن أراها في ذلك المشهد. أي نعم، هو مشهد قاسٍ عليّ، وعلى محبيها كلهم، لكنه لم يخدش وصفي لها بـ"الماجدة"، كما أحب أن أناديها، وذلك حتى لو سقطت. ومن يتابع الفيديو، سيفهم قصدي. كانت ستسقط واقفةً شامخةً، كما هي دائماً.

 

مثلي مثل بقية محبيها، "زعلنا" على ذلك المشهد، لكن لا أدري ما إذا كان هناك أحد مثلي، استاء عند انتشار خبر عودتها إلى المسرح، لاستكمال الغناء في الحفل، بعد استراحة قصيرة. عندما قرأت الخبر، كنت وحدي، وصرخت وكأن عشرة أشخاص حولي: "ليش؟؟".

قلتها بصوت عالٍ وغاضب، ولم أكتفِ، على الرغم من عدم وجود أحد معي، وأكملت الحديث: "مش مطلوب منها، حقها ترتاح... مش عيب ترتاح!". نعم، تمنيت لو أنها منحت جسدها أولوية على وعدها لجمهورها باستكمال الحفل. كانت ستزداد مجداً في نظري، "لأنه جد مش عيب ترتاح".

"طز بالصحافة"، أكملت حديثي "المعصّب" مع نفسي، وأنا أحاول أن أبحث عن تبرير واحد مقنع، يجعلها تعود لاستكمال الحفل. وضعت التبريرات كلها أمامي: "حديث الصحافة، واحترام المسافة الطويلة التي قطعها الجمهور للوصول إلى محافظة جرش، وعقد الحفل وشروطه المملة"، لكني رفضت أن أضع تبرير حرصها على الحفاظ على صورتها أمام الجمهور. سأرفضه. فهي تعلم أن من يحبها بصدق، لا يكترث بهوس الـ"إيميج"، ذلك أن "صحتك بتسوى كل الإيميج يا ماجدة".

تربطنا، في الأردن، علاقة حب من نوع آخر مع ماجدة الرومي، فهي "حبيبة قلب" الراحل الملك حسين بن طلال، حتى أنها، وفي حفل لها في البحر الميت، في العام 2015، قالت: "لن أنسى سنين العز في الأردن"، في إشارة منها إلى علاقتها المقربة من العائلة الهاشمية، والتي كانت "في عزّها"، في فترة الراحل الحسين الذي استقبلها في قصره أكثر من مرة. وقبل أعوام، استقبلتها زوجته الملكة نور الحسين، كولاء منها لذكرى زوجها الذي يحب الماجدة.

تربطنا، في الأردن، علاقة حب من نوع آخر مع ماجدة الرومي، فهي "حبيبة قلب" الراحل الملك حسين بن طلال، حتى أنها، وفي حفل لها في البحر الميت، في العام 2015، قالت: "لن أنسى سنين العز في الأردن"

وانتقل ذلك الولاء الهاشمي في حب ماجدة الرومي، إلى حفل زفاف الأمير حمزة بن الحسين، ابن الملكة نور الحسين، حيث كانت أغنية افتتاحية الزفاف: "طلي بالأبيض طلي"، التي غنتها الرومي خصيصاً للمناسبة، وباتت حتى اليوم افتتاحية أعراس، في الأردن.


في يوم حفلها في جرش، تذكّرت من كان يمسّيني بوردة، ويستصعب نسياني، بسبب أغاني ماجدة الرومي على الراديو، وكتبت "بوستاً"، ثم محوته، وها أنا أخطه هنا: "معدودة هي المرات التي أخفقت فيها في توقعاتك، حول ماذا سأقول، أو ماذا سأفعل، كون أنك كنت قارئاً مجتهداً لأفكاري... أضف مرة جديدة: لا لم أذهب إلى حفل ماجدة الرومي اليوم"، فأنا أكيدة أنه ظن أنني ذهبت إلى الحفل.

ختاماً: ما بين الصراع بين "أنا عم بحلم ليلية... أنت وغافي بعيني"، من أغنية "أنا عم بحلم"، وبين "أنا حتى بالمنام طيفك رح يبعد عني"، من أغنية "اعتزلت الغرام"، الانتصار دائماً للأقوى: "يخبرني أني تحفته، وأساوي آلاف النجمات...".



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard